النظرية التى نالت قبولا واسعا فى تفسير نشوء القمر والتى تسمى Giant impact hypothesis تفترض أن القمر تكون نتيجة اصطدام كوكب فى حجم المريخ يسمى Theia بالأرض وهى لا تزال فى حالة بدائية أولية وهو ما نتج عنه تناثر حطام Debris جزء من الارض والكوكب المرتطم بها فى فلك الأرض ثم إن هذا الحطام المتناثر تكون منه القمر تدريجيا اضافة الى بعض الأجرام الفضائية التى أخذت ترتطم بهذا القمر الناشىء والذى كان فى حالة منصهرة ملتهبة ( بفعل طاقة ارتطام الكوكب بالأرض ) مغلفا من الخارج بطبقة يتراوح سمكها ما بين 500 كم الى نصف قطر القمر بأكلمة و تعرف بال Lunar Magma Ocean وهى طبقة منصهرة ملتهبة أخذت تبرد وتتصلب تدريجيا حيث كونت القشرة Crust والوشاح Mantle القمريين .
وهذا يعنى بجلاء أن القمر فى حقبة من الحقب كان مشعا مضيئا بذاته كالشمس لا أن ضوءه لم يزل يمثل انعكاسا لأشعة الشمس على سطحه البارد المتصلب. فضلا عن ذلك فقد كانت درجة سطوعه الظاهريه apparent brightness/magnitude - بالنظر إلى عاملين وهما حرارة سطحه و مسافته من الأرض - أضعافا مضاعفة.
فقد كانت حرارة سطحه في تلك المرحلة حوالي 1130 كلفن (سطح الشمس حوالي 5778 كلفن) مقارنة بـ 200 كلفن حاليا وكذلك كانت مسافته من الأرض في تلك المرحلة حوالي 22 ألف كم مقارنة بحوالي 400 ألف كم حاليا حيث ارتقى القمر في مدارة بمرور الوقت. (مسافة الشمس حوالى 150 مليون كم)
وبادخال تلك المعطيات في الحاسب الإلكتروني للسطوع الظاهرى نجد أن درجة سطوع القمر حاليا وفق مقياس السطوع هي حوالي -12.7مقارنة بـ -26.74 للشمس وهذا يعني أن الشمس أكثر سطوعا بـ 400 ألف مرة. ولكن بحساب هذه القيمة للقمر في تلك المرحلة المبكرة فقد كانت -19.59 لو كان عند وضعه الحالي من الأرض أي أكثر سطوعا بـ 627 مرة. ولكن بالنظر لأنه كان يتموضع عند 22 ألف كم فقط فهذه القيمة هي -25.8 أي كان أكثر سطوعا بحوالي 157 الف مرة. ودرجة سطوع الشمس مقارنة به في تلك المرحلة هي 2.51 مرة فقط!
ويجب أن يلاحط أن فارق بقيمة واحد في مقياس السطوح يعني أن درجة السطوع أشد بـ 2.51 مرة وفارق بقيمة 2 يعنى أن درجة السطوع أشد بـحوالي 6 مرات وفارق بقيمة 3 يعني أن درجة السطوع اشد بحوالي 16 مرة وفارق بقيمة 5 يعنى أن درجة السطوع أشد بـ حوالي 100 مرة إلخ.
قال تعالى فى سورة الإسراء : ( وجعلنا الليل والنهار آيتين فمحونا آية الليل وجعلنا آية النهار مبصرة لتبتغوا فضلا من ربكم ولتعلموا عدد السنين والحساب وكل شيء فصلناه تفصيلا ( 12 )
قال ابن كثير رحمه الله :

قال ابن جريج : قال ابن عباس : كان القمر يضيء كما تضيء الشمس ، والقمر آية الليل ، والشمس آية النهار ( فمحونا آية الليل ) السواد الذي في القمر . اهـ، ومحى أي طمس.
وهذا السواد الذى فى القمر والذى يسمى Maria أى البحار , وسمى بهذا تبعا لتصور قدامى الفلكيين أن هذا السواد مياه بحار على سطح القمر، والذى يشكل 16 % من سطح القمر ويوجد بشكل رئيسى على الجانب المضىء او القريب من القمر تكون نتيجة تدفق الحمم البركانية الى القيعان Craters التى تكونت نتيجة اصطدام أجرام سماوية بسطح القمر لتملأها ثم بردت وتصلبت وهى تعكس الضوء بشكل أقل من مرتفعات القمر Highlands ( و التى تشكل بياض القمر ) لأنها تحتوى على حديد أكثر ضمن مكوناتها ولذا تبدو داكنة.
ويعتبر ذلك بمثابة مرحلة تالية لتعتيم سطح القمر بعد المرحلة الاولى والتى خفتت وتصلبت فيها ما يسمى Lunar magma ocean وكذلك ارتقى القمر في مداره كما تقدم .


------------ --------- --------- ------
المصادر
Shearer, C.; et al. (2006). "Thermal and magmatic evolution of the Moon". Reviews in Mineralogy and Geochemistry 60: 365–518.