روى الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: لا تَقُومُ السَّاعَةُ حتَّى يَكْثُرَ المالُ ويَفِيضَ، حتَّى يَخْرُجَ الرَّجُلُ بزَكاةِ مالِهِ فلا يَجِدُ أحَدًا يَقْبَلُها منه، وحتَّى تَعُودَ أرْضُ العَرَبِ مُرُوجًا وأَنْهارًا.
وقوله صلى الله عليه وسلم " تَعُودَ" هو بمعنى ترجع. فالأصل في الفعل "عاد" أنه فعل تام بمعنى رجع وقد يأتي كفعل ناقص بمعنى صار. قال ابن منظور في لسان العرب: تقول: عاد الشيءُ يعودُ عَوْداً ومَعاداً أَي رجع، وقد يرد بمعنى صار؛ ومنه حديث معاذ: قال له النبي، صلى الله عليه وسلم: أَعُدْت فَتَّاناً يا مُعاذُ أَي صِرتَ.
ومن الباب الأول قوله تعالى: قَالَ خُذْهَا وَلَا تَخَفْ سَنُعِيدُهَا سِيرَتَهَا الْأُولَى. أي سنعيدها إلى سيرتها الأولى التي كانت قبل أن تنقلب حيّة ، أي سنعيدها عصاً كما كانت أول مرة (التحرير والتنوير)
يقال لكل من كان على أمر فتركه، وتحوّل عنه ثم راجعه: عاد فلان سيرته الأولى (تفسير الطبري)
وقوله صلى الله عليه وسلم " مُرُوجًا وأَنْهارًا" هو منصوب على الحال و "أنهار" معطوف على منصوب.
وقد أسفرت العديد من الدراسات على أنه في عصور ماقبل التاريخ كانت الجزيرة العربية بها أنهار وبحيرات عذبة دائمة فضلا عن المروج أو الأراضي العشبية ومنها هذه الدارسة التي نشرت في مجلة الطبيعة Nature بتاريخ الأول من سبتمبر عام 2021 حيث ذكرت فضلا عن ذلك العثور على بقايا حيوان فرس النهر في قيعان تلك البحيرات العتيقة.
أما ما يُحتج به من أن هيرودوت أو بطليموس ذكرا أنه كان بجزيرة العرب أنهارا على عهدهما وأن العهد بتلك الأنهار قريب ما يجعل من الممكن أن تتناقلها الذاكرة الشعبية فالصواب في ذلك أن ما ذكره هؤلاء ليست أنهارا دائمة بل أودية تجري مع تساقط الأمطار والسيول مثلما سماه بطليموس بنهر بتيوس Betius River وقد وضع بطليموس مصبه عند دائرة عرض 20 تقريبا وجعل منابعه عند دائرة عرض 24 بمعنى أنه فى الجملة يجري من منابعه إلى مصبه من من جهة الشمال الشرقي إلى الجنوب الغربي. فعلى الارجح هذا النهر هو وادي الليث و الذى يجري على نفس النحو ويفيض بمياه السيول فينبع من الحجاز و يصب فى البحر الأحمر و يقع إلى الجنوب من مكة بحوالي 150 كيلو متر و يقع مصبه جنوب جدة بحوالي 200 كيلومتر. وهذه الأودية كانت على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولا تزال إلى عصرنا هذا فعلم من ذلك أن هذا ليس هو المقصود بالأنهار في قوله مروجا وأنهارا بل الأنهار الدائمة كما كان عليه الحال في عصور ما قبل التاريخ.