الوسطية في نقد الإنفجار الكبير بلغة القرآن والعلم الحديث
مع أن القرآن الكريم كتاب هداية وإرشاد للعباد، إلا أنه لا يخلو من الإشارة إلى بعض الحقائق الكونية التي نستدل بها على وجود خالق قدير، ومن ذلك آية (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلا يُؤْمِنُونَ)، فأخبرنا الله أن السماوات و الأرض كانتا رتقا، أي ملتصقتين ثم صدعهما الله وفرج بينهما، أي فصل بينهما، وهو قول كثير من المفسرين، ومع أنه قد يكون قول مرجوح عند بعض المفسرين مثل الطبري، إلا أن الآية تحتمله بشدة من الناحية اللغوية، ونقله لنا كثير من الصحابة، وكون البعض لم يستطع تخيل هذا التفسير في زمانه، إلا أننا ندركه جيدا في زماننا، ولله الحمد القرآن نزل بالعطاء الوفير لكل زمان، وتبقى الدلالة اللغوية لمصطلحات القرآن هي الفيصل في فهم مراد الله، طالما لم يعارض هذا الفهم نص صحيح وصريح، ولم يشذ عن سياق الآيات.
@وسطية الإعجاز العلمي في مقابلة مفهوم فتق الرتق بما هو قطعي و ظني في نظرية الإنفجار الكبير@
تقول نظرية الانفجار الكبير (big bang) بأن السموات والأرض كانتا في بداية نشأة الكون ملتصقتين في كتلة واحدة يكاد يقترب حجمها من الصفر و كتلتها تصل إلى ما لا نهاية و ذات ضغط كبير و حرارة عالية جدا، وأشاروا إلى هذه البداية بالذرة أو البيضة الكونية أو المتفردة (Singularity)، ثم حدث شيء ما لا يفهمه العلم أدى لانفجار هذه الكتلة أو تمددها بسرعة كبيرة لينشأ المكان والزمان (الزمكان)، والكون كان في البداية ساخن جدا، ثم مع الإتساع، وانخفاض حرارة الكون بدأت تتكون الجسيمات تحت الذرية، والتي اتحدت مع بعضها لتكون الذرات الخفيفة مثل الهيدروجين، ثم النجوم البدائية، ثم نجوم اكثر تعقيدا لها القدرة على انتاج العناصر الثقيلة، ومن ثم مجرات عديدة منها مجرتنا والتي نشأت فيها المجموعة الشمسية بما فيها الأرض. مع ملاحظة أن النظرية تقول أنه قبل الانفجار كان لا يوجد زمكان ولا يمكننا فهم من أين جاءت المتفردة ولا كيف نشأ الكون منها، ولا معرفة السبب المحرك لكل هذه الأحداث.
وهنا أيها المسلمون وسطية منهج الإعجاز العلمي تحتم علينا التوقف أمام هذه النظرية بعقل مستنير يفهم لغة القرآن قبل أن يفهم لغة العلم، فلا ينبغي أبدا أن نأخذ الظني من النظرية و نقارنه بكتاب الله، والذي نؤمن به إيماناً قاطعاً أن وصف القرآن هو أدق وصف لأنه من عند الله تعالى خالق الكون الذي قال عن نفسه {وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ).
ولبيان عدم توافق بعض بنود نظرية الانفجار الكبير مع آية فتق الرتق، دعونا نناقش النقاط التالية:
أولاً:
لماذا الإصرار على تفسير الرتق بالعدم مع أن اللغة العربية لا تجيز ذلك؟ فهل استطاع العلم فعلا أن يثبت أن عالمنا كله كان متمركزًا في السابق في نقطة واحدة تكاد تؤول إلى الصفر؟.
الجواب
في الحقيقة لا يوجد أي دليل مادي على أن عالمنا بدأ بنقطة تكاد تؤول إلى الصفر، وهذا القول ما هو إلا محض فرضية عقلية استندت في ذلك إلى أنه طالما أن عالمنا في اتساع مستمر، فمن المؤكد أننا إذا عدنا إلى الوراء بالزمن فإننا سوف نجد حجم العالم يقل حتى يكاد يصل إلى الصفر. وهذه الفرضية هي التي جعلت علماء المسلمين يقولون بأن عالمنا جاء من العدم، و لو صح ذلك فلماذا لم يقل رب العزة (أولم يرى الذين كفروا أن السموات و الأرض كانتا عدما ففتقناهما) أو يقول (لم تكونا شيئا ففتقناهما)، و هل يتصور أن يتم فتق إلا في كتلة مرتوقة (كانتا رتقا ففتقناهما).
وقبل أن يتوهم أحد أنني أنفى حقيقة الإيجاد من عدم (من لا شيء)، فأقول و بالله التوفيق إن الله قادر على إيجاد أي شيء من عدم أو من شيء آخر، قال تعالى {إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ}، فتعلق أمر الله بالشيء المراد إيجاده بغض النظر عن كيفية الإيجاد، فالله قادر لا يعجزه شيء {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَيْءٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً}.
ونحن هنا لا نناقش قدرة الله على الإيجاد من شيء أو من عدم، بل نناقش حقيقة إيجاد السموات و الأرض كما هي مذكورة في القرآن و السنة لا كما قد نتخيل أو نتوهم، فالله قال أنه خلق آدم من تراب الأرض، فهل يعقل أن نقول أن الله أوجده من عدم؟!!!.
وبالمثل قال الله أن السموات و الأرض قبل الفتق كانتا رتقا، فمن أين لنا أن نجزم بأن حجم و كتلة الرتق للسموات والأرض كان صفر أو عدم إلا إذا كنا قد أتينا بدليل من القرآن أو السنة، أو شاهدنا عملية الإيجاد، وهو ما نفاه رب العالمين فقال {مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً }.
والمتأمل في قول الله (كانتا رتقا) يجد أنه يدل على الكينونة والوجود في حالة معينة قبل الفتق وهي التي سماها الله بالرتق، وعند الرجوع إلى المعاجم اللغوية لا نجد أبدا ما يفيد بأن الرتق يعنى العدم أو الصفر، ففي لسان العرب و تاج العروس و مختار الصحاح، نجد أن (الرّتْقُ ضدّ الفتْق وقد رتق الفتْق فارتق أي الْتأم، وفتق الشيء شقّه والفتق هو الفصْلُ بين المُتّصِلين). وهذه المعاني تدل على أن الرتق هو حالة اتصال وتراكم لمادتي السموات والأرض غلى بعضهما البعض قبل الانفصال، وحتما لا يعني العدم طالما أن الشيئين لهما وجود.
وبالعودة إلى فهم المفسرين للآية نجد أنه يندر من يقول بأن الرتق يعنى العدم والفتق يعنى الإيجاد، بينما غالبية المفسرين على أن الرتق يشير إلى شيء موجود، قال الطبري نقلا عن ابن عباس والضحاك والحسن وقتادة (كانتا ملتصقتين ففصل الله بينهما)، ونقل الطبري عن مجاهد وأبي صالح والسدي (كانت السموات مؤتلفة طبقة ففتقها الله فجعلها سبع سموات وكذلك الأراضين كانت مرتوقة طبقة واحدة ففتقها فجعلها سبعا)، و في هذا إشارة صريحة إلى أن الفصل تم بين شيئين موجودين، و ليس عدم كما يتوهم البعض.
أيضا عندما نقول بأن البداية للسموات و الأرض عدم (صفر)، يتعارض ذلك مع قول النبي صلى الله عليه و سلم لأبي هريرة لما سأله (أنبئني عن كل شيء قال كل شيء خلق من ماء) رواه أحمد فى مسنده، و صححه الألبانى والعلامة أحمد شاكر.
و يدل ذلك الحديث على أن الماء أصل جميع المخلوقات ومادتها، والماء كائن وليس بعدم، قال تعالى (وهو الذي خلق السموات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء)، وفي صحيح البخاري ( كان الله و لم يكن شيء قبله و كان عرشه على الماء و كتب في الذكر كل شيء ثم خلق السموات و الأرض)، وفي صحيح مسلم (إن الله قدر مقادير الخلائق قبل أن يخلق السموات و الأرض بخمسين ألف سنة وكان عرشه على الماء)، وهذا كله يبين أن الماء والعرش قبل خلق السماوات والأرض، وفي نصوص أخرى القلم واللوح المحفوظ، فلم يكن هناك عدم سابق على السموات والأرض كما قد نظن أو كما تقول نظرية الإنفجار الكبير، فالذي نفهمه من النصوص السابقة أن (الزمكان) موجود من قبل خلق السماوات والأرض وليس مع بداية خلق السماوات والأرض، فقبلهما مادة الرتق.
ومن الناحية العلمية افتراض نشأة الزمكان مع الإنفجار الكبير بدأ يتهاوى عند كثير من علماء الكون في ظل المعطيات العلمية الحديثة، فمثلا نجد مقال في مجلة العلوم الأمريكية بعنوان (خرافة بداية الزمان)، ويستغرب كاتبه أن يكون الانفجار الكبير هو بظاية كل شيء، ولكن يعتبره ناتج حلة سابقة، أليس هذا عين ما قاله القرآن من أن بداية فتق الكون حالة سابقة اسمها الرتق؟!، وللإطلاع على المقال؛
The Myth Of The Beginning Of Time
https://www.scientificamerican.com/....yth-of-the.../
وللمزيد من المقالات العلمية التي تطعن في نشأة الزمكان مع الإنفجار الكبير أرجو البحث تحت عنوان
(was space time created with big bang?)
ولعلنا نفهم أصل مادة الرتق وأنها نشأت من ملك سابق لله عندما نفهم عملية فطر السماوات والأرض أو اسم الله فاطر، ويمكن مراجعة ذلك في مقال (اسم الله فاطر ونشأة الزمكان بين العلم والنص الإسلامي)، على الرابط التالي؛
https://m.facebook.com/story.php?sto...00001106033818
ثانياً:
هل هناك توافقات بين بعض ما جاءت به نظرية الانفجار الكبير وما قاله القرآن؟.
الجواب
مع أن هذه النظرية فيها أشياء لم تثبت بعد عند الباحثين فيها، إلا أنها جاءت بعدة حقائق قطعية الثبوت ومتفقة مع النص الإسلامي، منها:
١. أن السموات و الأرض كانتا ملتصقتين ثم تم الفصل بينهما بالفتق كما قال تعالى (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقاً فَفَتَقْنَاهُمَا).
٢. أن السماء في حالة اتساع مستمر كما قال تعالى {وَالسَّمَاء بَنَيْنَاهَا بِأَيْدٍ وَإِنَّا لَمُوسِعُونَ)، ولمن أراد فليقرأ المزيد عن ذلك في مقال (رد الشبهات واثبات الإعجاز في آية توسع السماء)، على الرابط التالي؛
https://m.facebook.com/story.php?sto...00001106033818.
٣. أن السماء عبارة عن بناء محكم لا توجد به فراغات أو تشققات {أَفَلَمْ يَنظُرُوا إِلَى السَّمَاء فَوْقَهُمْ كَيْفَ بَنَيْنَاهَا وَزَيَّنَّاهَا وَمَا لَهَا مِن فُرُوجٍ)، وقد يتعجب البعض من ذلك لأننا نرى مسافات هائلة بين الكواكب والمجرات، وكان يفترض أن تكون هذه المسافات عبارة عن فراغات لا مادة فيها، ولكن العلم الحديث اثبت أن الذي نبصره من السماء أقل بكثير من الذي لا نبصره، فالسماء لا فراغات فيها ولكن مملوءة بمادة مظلمة لا تراها العين، فقد لاحظ العلماء أن النجوم عند أطراف المجرات الحلزونية تدور بشكل سريع، و السرعة التي تسير بها كافية لكي تجعلها تهرب من المجرة، ولكن هذا لا يحدث، و معنى هذا أن الكتلة المرئية من المجرة لا تكفى لإحداث قوة جذب كافية لمنع النجوم السريعة عند الأطراف من الانفلات بعيدا عن المجرة، و لذا كان لابد من افتراض وجود مركب جديد غير مرئي أسماه العلماء بالمادة المظلمة (Dark matter) وهي التي تقوم بالجذب الكافي لمنع النجوم السريعة عند الأطراف من الانفلات بعيدا عن المجرة وهي أكثر شيوعا من المادة المرئية بعشرين مرة، ولا تزال مجهولة التركيب حتى الآن، ثم اكتشف العلماء حديثا أن هناك قوة تدفع الكون للتوسع المستمر بالرغم من قوة الجذب المبذولة من قبل المادة المرئية و المادة المظلمة، و قد سمى العلماء هذه القوة الدافعة للتوسع بالطاقة المعتمة و التي تمثل 70 % من حجم الكون، بينما تمثل المادة المرئية و المادة المعتمة 30 %، و صدق الله إذا يقول {فَلَا أُقْسِمُ بِمَا تُبْصِرُونَ. وَمَا لَا تُبْصِرُونَ}.
وقد ذُكرت هذه الحقائق السابقة في عدد مايو- يونيو 2009 من مجلة العلوم الأمريكية في مقالة بعنوان النشاط الجديد في الكوسمولوجيا (علم الكون) لكاتبها د. باتريك بيتر (Patrick peter)، مدير المعهد الوطني للأبحاث العلمية بفرنسا، و قد أبدع هذا الرجل في هذه المقالة في التفريق بين ما هو قطعي الثبوت وما هو ظني في تحليل علمي دقيق لنظرية الانفجار الكبير.
ثم أخذ كاتب المقال في مناقشة الأمور التي مازالت ظنية في النظرية و منها الحالة التي كان عليها الكون قبل الانفجار وهل نشأ من لا شيء أم انه كان يسبقه كون آخر اسماه بالكون السابق لنظرية الانفجار الأعظم. و قال د. باتريك (في الحقيقة لا يعتقد الفيزيائيون فعلا وجود لحظة من الماضي كان فيها حجم الكون معدوما، و لكننا نعيش في كون في حالة اتساع انطلاقا من حالة ابتدائية كان حجمه فيها صغيرا جدا). ثم بدأ د. باتريك يميل إلى رفض كلمة الانفجار و طرح بدلا منها سيناريو آخر و اعتبره أكثر احتمالا و هو أن الكون الذي نعيش فيه نشأ كمنطقة متجانسة و صغيرة جدا في كون آخر فائق الكثافة، ثم أخذت هذه المنطقة الصغيرة في الانتفاخ و التوسع. كما أن كاتب المقال لم يجزم بهذا النموذج الكوسمولوجى الجديد بل فتح الباب على مصراعيه لظهور نماذج أخرى ربما تكون أكثر علماً و دقة، و مما يحسب لهذا العالم أيضا أنه أكد على أن قوانين النسبية لا تنطبق على نقطة بداية خلق السموات و الأرض.
ثالثاً:
مما يؤكد على أن نظرية الانفجار الكبير ينقصها الأدلة العلمية، السعي الحثيث لمحاولة مشاهدة ما حدث مباشرة بعد الانفجار الكبير، وخصوصا تكون الذرات والنجوم الأولية، والحقبة المظلمة من عمر الكون، فهذه هي الأدلة الحقيقية على صدق النظرية، وبدون رصدها ستبقى هذه النظرية في أزمة حقيقية، ولذا تم اطلاق تليسكوب جيمس ويب، والذي تفوق قدرته قدرة تليسكوب هابل بحوالي ١٠٠ مرة، بهدف رصد الأحداث التي تلت الانفجار الكبير من خلال مراقبة المجرات الأولى التي تشكلت بعد بضع مئات الملايين من السنين فقط من الانفجار العظيم، والكواكب الخارجية، للتأكد من صحة نظرية الانفجار الكبير.
The initial goal of the project was to see the first stars and galaxies formed following the big bang, watching “the universe turn the lights on for the first time”.
https://www.google.com/.../james-webb.../index.html
بالنسبة لي المهمة الأساسية لهذا التليسكوب هي مجرد اختبار جودة جديد لما قاله القرآن حول نشأة الكون والذي لا يتفق كليا مع ما تقوله نظرية الإنفجار الكبير، قال الله (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافا كثيرا)،
ونحن في انتظار نتائج المهمة الأساسية لتليسكوب جيمس ويب.
رابعاً:
ما هو موقف الإسلام من نظرية الانفجار الكبير؟
أعتقد أنه بات واضحاً الآن أن العلم بدأ يقترب في تصوراته عن بداية السموات و الأرض من حقائق القرآن، فالاعتراف بوجود المكان و الزمان قبل الانفجار الكبير هو انتصار كبير لمصطلحات القرآن التي لو كانت من عند غير الله لخالفت العلوم المادية في تطوراتها المتلاحقة من أجل الوصول إلى الحقائق الكونية المطلقة لكيفية خلق السموات و الأرض.
و لكن و حتى يومنا هذا يبقى العلم مهما تقدم عاجزا عن أن يبين لنا كيف نشأت كتلة الرتق من هذا الكون السابق وما هو تركيب مادة الرتق وهل كانت تحتوى على ذرات حقيقة كالتي نعرفها أم أن الذرات نشأت فيها، وهل كان الماء موجودا فيها أم أن الماء نشأ بعد تكون الأرض، و غيرها الكثير من الأسئلة المحيرة التي لا إجابة لها عند العلم حتى الآن.
وأيضا يبقى العلم في عجزه و عجز أدواته وعجز عقول أهله لا يستطيع أن يفسر لنا ما هو هذا الكون الذي يسبق السموات و الأرض، ومن أوجده وكيف أوجده، وظهور العلم بهذا العجز الشديد بالرغم من كل ما يدعيه من التقدم و القدرة يؤكد يقينا على صدق القرآن، وصدق بلاغ النبي الأمين عن رب العالمين إذ يقول {مَا أَشْهَدتُّهُمْ خَلْقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَا خَلْقَ أَنفُسِهِمْ وَمَا كُنتُ مُتَّخِذَ الْمُضِلِّينَ عَضُداً }الكهف51.
ولعلى لا أكون مغالياً إذا قلت بأن نظرية الإنفجار الكبير في ثوبها الحالي و العلم عند الله إلحادية أكثر منها إسلامية وذلك للأسباب الآتية:
1. أنها تنسب الفعل إلى الطبيعة أو الصدفة أو القوانين الفيزيائية وتهمل الفاعل الحقيقي وهو الله.
2. استخدام كلمة الانفجار التي توحي بالصدفية والعشوائية بدلا من كلمة (ففتقناهما) التي توحي بوجود فاعل قدير أوجد بعلم وقدرة ودقة وإحكام.
3. استخدام كلمة الذرة أو البيضة الكونية أو نقطة التفرد (Singularity) للدلالة على أن الكون نشأ من شيء لا يكاد يذكر و ذلك على العكس من كلمة (الرتق) التي توحي بوجود شيء عظيم هو أصل مادة وذرات السموات السبع وما أظللن و أصل الأراضين السبع وما أقللن.
4. أنها تنفى وجود الزمان و المكان قبل حدوث الانفجار الكبير و معنى ذلك أنها تنفى وجود الله تعالى و تنفى أن يكون هناك ملك كبير لله خارج السموات و الأرض، و يدعى أو يظن بعض علماء الانفجار الكبير بأن كوننا مغلق لا شيء ورائه، وحتى الذين يظنون منهم أن كوننا مفتوح لا يقروا بأنه مفتوح على ملك الله الواسع.
اللهم ما كان من توفيق فمنك وحدك، وما كان من خطأ أو سهوٍ، أو زلل، أو نسيان، فمني ومن الشيطان، والله ورسوله منه براء.
د. محمود عبدالله نجا
أستاذ مساعد بكلية الطب بالقنفذة _ جامعة ام القرى
=============
https://www.facebook.com/mahmoud.nag...bFAQrQDmh9e4ql