بسم الله الحمد لله والصلاة والسلام على رسول وآله وصحبه
تنبيه مهم
مع اعتقادنا بأن الله سبحانه قديم بصفاته وأنه لا تحله الحوادث بمعنى أنه سبحانه منزه عن أن تحدث صفة متجددة لم تكن كما سبق بيانه فهذا لا يتنافى مع اثبات صفات الله الفعلية الاختيارية التي تثبت في القرآن والسنة كالنزول والإستواء والضحك والمجيء والرضا والمحبة وغيرها من صفات الله الثابتة في الكتاب والسنة فيجب مع تنزيهنا لله سبحانه عن حلول الحوداث أن نثبت لله هذه الصفات على ظاهرها ونفوض كيفيتها أي حقيقتها إلى الله فالله تقوم به الأفعال الاختيارية كما دلت عليه النصوص مع تنزيهنا لله عن حلول الحوادث ولا يتعارض ذلك مع ايماننا بجميع صفات الله الفعلية الثابتة كلها بلا تفريق ولا تجسيم ولاتشبيه ليس كمثله شيء

وإليكم أقوال العلماء رحمهم الله تعالى

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية: “وإذا قالوا: لا تحله الحوادث؛ أوهموا الناس أن مرادهم أنه لا يكون محلًّا للتغيرات والاستحالات، ونحو ذلك من الأحداث التي تحدث للمخلوقين فتحيلهم وتفسدهم، وهذا معنًى صحيح، ولكن مقصودهم بذلك أنه ليس له فعل اختياري يقوم بنفسه، ولا له كلام ولا فعل يقوم به يتعلق بمشيئته وقدرته، وأنه لا يقدر على استواء أو نزول أو إتيان أو مجيء، وأن المخلوقات التي خلقها لم يكن منه عند خلقها فعلٌ أصلًا، بل عين المخلوقات هي الفعل، ليس هناك فعل ومفعول، وخلق ومخلوق، بل المخلوق عينُ الخلق، والمفعول عين الفعلُ، ونحو ذلك”
ويقول ابن أبي العز: “حلول الحوادث بالرب تعالى المنفي في علم الكلام المذموم لم يرد نفيُه ولا إثباته في الكتاب ولا في السنة، وفيه إجمال، فإن أريد بالنفي أنه لا يحلّ في ذاته المقدسة شيء من مخلوقاته المحدثة أو لا يحدث له وصف متجدّد لم يكن فهذا نفي صحيح، وإن أريد به نفي الصفات الاختيارية من أنه لا يفعل ما يريد، ولا يتكلم بما شاء، ولا أنه يغضب ويرضى لا كأحد من الورى، ولا يوصف بما وصف به نفسه من النزول والاستواء والإتيان كما يليق بجلاله وعظمته، فهذا نفي باطل. وأهل الكلام المذموم يطلقون نفي حلول الحوادث، فيسلّم السني للمتكلم ذلك على أنه نفى عنه سبحانه ما لا يليق بجلاله، فإذا سلّم له هذا النفي ألزمه نفي الصفات الاختيارية وصفات الفعل، وهو غير لازم له، وإنما أتي هذا السني من تسليم هذا النفي المجمل، وإلا فلو استفسر واستفصل لم ينقطع معه