إثبات صفة الكلام لله

عقيدة أهل السنة والجماعة:
أن الله يتكلم بكلام حقيقي، متى شاء وكيف شاء، بما شاء، بحرف وصوت، لا يماثل أصوات المخلوقين[1].

وعلى هذا، فصفة الكلام صفة ذات، وهي أيضًا صفة فعل، فهي باعتبار أصله صفة ذات؛ لأن الله لم يزل ولا يزال متكلمًا، وباعتبار آحاده فهي صفة فعل؛ لأنه يتكلم بما شاء متى شاء.

والأدلة على الصفة كثيرة، منها:
قوله تعالى: ﴿ وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا ﴾ [النساء: 164]، وقوله تعالى: ﴿ وَلَمَّا جَاءَ مُوسَى لِمِيقَاتِنَا وَكَلَّمَهُ رَبُّهُ ﴾ [الأعراف: 143].

وفي الحديث عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يقول الله تعالى: يا آدم، فيقول: لبيك وسعديك، فينادي بصوت: إن الله يأمرك أن تُخرِج من أمتك بعثًا إلى النار))[2].

القرآن كلام الله:
عقيدة أهل السنة والجماعة: أن القرآن كلام الله، تكلم به حقيقة، غير مخلوق، منه بدا وإليه يعود.

قال تعالى: ﴿ وَإِنْ أَحَدٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ اسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّى يَسْمَعَ كَلَامَ اللَّهِ ﴾ [التوبة: 6].

والمقصود بقولهم: (منه بدا)؛ أي: إنه المتكلم به سبحانه وتعالى، وأما قولهم: (إليه يعود) فيحتمل معنيين:
الأول: أنه يرفع؛ كما ورد في بعض الآثار أنه يُسرَى عليه في ليلة، فيصبح الناس ليس بين أيديهم قرآن، ولا في صدورهم، ولا في مصاحفهم، يرفعه الله.

الثاني: أنه يعود إلى الله وصفًا؛ أي: إنه لا يوصف به أحد سوى الله، فيكون المتكلم بالقرآن هو الله، وهو الموصوف به.

(أورد هذين المعنيين الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، ثم قال: ولا مانع من أن نقول: إن المعنيين كلاهما صحيح).

قال الطحاوي - رحمه الله - وهو يبين عقيدة أهل السنة والجماعة:
(وأن القرآن كلام الله، منه بدأ بلا كيفية قولًا، وأنزله على رسوله وحيًا، وصدقه المؤمنون على ذلك حقًّا، وأيقنوا أنه كلام الله تعالى بالحقيقة، ليس بمخلوق مثل كلام البرية، فمن سمعه فزعم أنه كلام البشر، فقد كفر، وقد ذمه الله وعابه وأوعده بسقر؛ حيث قال تعالى: ﴿ سَأُصْلِيهِ سَقَرَ ﴾ [المدثر: 26]، فلما أوعد الله بسَقَرَ لمن قال: ﴿ إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ ﴾ [المدثر: 25] علمنا وأيقنا أنه قول خالق البشر، ومن وصف الله بمعنًى من معاني البشر فقد كفر، فمن أبصر هذا اعتبر، وعن مثل قول الكفار انزجر، وعلم أنه بصفاته ليس كالبشر)[3].

________________________________________
[1] انظر: شرح الواسطية لابن عثيمين (1/ 419).
[2] رواه البخاري (4741)، (7483)، ومسلم (222)، وأحمد (1/ 388).
[3] العقيدة الطحاوية (1/ 24).

منقول موقع الوكة
اليكم أقول العلماء رحمهم الله على ان الله يتكلم متى شاء
قال شارح الطحاوية رحمه الله
وتاسعها : أنه تعالى لم يزل متكلما إذا شاء ومتى شاء وكيف شاء ، وهو يتكلم به بصوت يسمع ، وأن نوع الكلام قديم وإن لم يكن الصوت المعين قديما ، وهذا المأثور عن أئمة الحديث والسنة .
الحافظ ابن حجر رحمه الله اعترف بمذهب البخاري في مكان آخر فقال: ((والذي أقول إن غرضه في هذا الباب إثبات ما ذهب إليه أن الله يتكلم متى شاء))13/496
وقال رحمه الله
(( والخامس : أنه كلام الله غير مخلوق ، أنه لم يزل يتكلم إذا شاء ،نص على ذلك أحمد في كتاب الرد على الجهمية ، وافترق أصحابه فرقتين : منهم من قال هو لازم لذاته والحروف والأصوات مقترنة لا متعاقبة ويسمع كلامه من شاء ،وأكثرهم قالوا إنه متكلم بما شاء متى شاء ، وأنه نادى موسى عليه السلام حين كلمه ولم يكن ناداه من قبل))




وفي بيان الصّبغي لعقيدته الذي عرضه على ابن خزيمة قال : "وأنه ينزل تعالى إلى السماء الدنيا فيقول: "هل من داع فأجيبه". فمن زعم أن علمه تنزّل أو أمره, ضلّ, ويكلّم عباده بلا كيف. {الرحمن على العرش استوى} لا كما قالت الجهمية : إنه على الملك احتوى, ولا استولى, وأنّ الله يخاطب عباده عودا وبدءاً, ويعيد عليهم قصصه وأمره ونهيه, ومن زعم غير ذلك فهو ضال مبتدع".اهـ.


نقله الذهبي – عن الحاكم في "تاريخ نيسابور" – في سير أعلام النبلاء (14/381).
قال الامام ابن خزيمة رحمه الله
"زعم بعض جهلة هؤلاء الذين نبغوا في سنيننا هذه : أن الله لا يكرر الكلام فهم لا يفهمون كتاب الله ؛ إن الله قد أخبر في نص الكتاب في مواضع أنه خلق آدم وأنه أمر الملائكة بالسجود له ؛ فكرر هذا الذكر في غير موضع وكرر ذكر كلامه لموسى مرة ""بعد"" أخرى وكرر ذكر عيسى ابن مريم في مواضع وحمد نفسه في مواضع إلخ"))
قال الحاكم: (سمعت أبا عبد الرحمن بن أحمد المقري يقول: سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق يقول: الذي أقول به أن القرآن كلام الله ووحيه وتنزيله، غير مخلوق، ومن قال: إن القرآن أو شيئاً منه ومن وحيه وتنزيله مخلوق، أو يقول: إن الله لا يتكلم بعد ما كان تكلم به في الأزل، أو يقول: إن أفعال الله مخلوقة، أو يقول: إن القرآن محدث، أو يقول: إن شيئاً من صفات الله - صفات الذات - أو اسماً من أسماء الله مخلوق، فهو عندي جهمي يستتاب، فإن تاب، وإلا ضربت عنقه، هذا مذهبي ومذهب من رأيت من أهل الأثر في الشرق والغرب من أهل العلم، ومن حكى عني خلاف هذا فهو كاذب باهت، ومن نظر في كتبي المصنفة ظهر له وبان أن الكلابية كذبة فيما يحكون عني مما هو خلاف أصلي وديانتي) .
قال الحاكم : سمعت أبا عبد الرحمن بن أحمد المقري يقول : سمعت أبا بكر محمد بن إسحاق يقول : الذي أقول به أن القرآن كلام الله ووحيه وتنزيله غير مخلوق ومن قال : إن القرآن أو شيئا منه ومن وحيه وتنزيله مخلوق أو يقول : إن الله لا يتكلم بعد ما كان تكلم به في الأزل أو يقول : إن أفعال الله مخلوقة أو يقول : إن القرآن محدث أو يقول : إن شيئا من صفات الله - صفات الذات - أو اسما من أسماء الله مخلوق فهو عندي جهمي يستتاب فإن تاب وإلا ضربت عنقه هذا مذهبي ومذهب من رأيت من أهل الأثر في الشرق والغرب من أهل العلم ومن حكى عني خلاف هذا فهو كاذب باهت .
درء التعارض (1|276)