تحية طيبة للاعضاء الكرام . يعتقد الغالبية من المسلمين ، علماؤهم و عامتهم أن كتب أهل الكتاب الموجودة حاليا هي كتب محرفة ، لكني بعد تفكير طويل توصلت إلى نتيجة مفادها أن هذه الكتب لم يطلها أي تحريف و سأقدم الأدلة على ذلك . لننطلق من هذا الزعم وهو أن الكتب المقدسة هي فعلا محرفة . هل هذه الكتب حرفت قبل نزول القرآن أم وقت نزوله أم بعد نزوله ؟ إن قلنا أنها حرفت قبل نزوله فإن القرآن ينفي ذلك . لماذا ؟ . يقول الله تعالى : ( وكيف يحكمونك وعندهم التوراة وفيها حكم الله ثم يتولى فريق منهم ) فالله في هذه الآية يعيب على اليهود عدم تحكيمهم للتوراة ، لكن كيف يجب أن يحكموها إذا كانت محرفة؟ ويصف التوراة التي لديهم بأن فيها حكم الله ، فكيف يكون ذلك إن كانت محرفة ؟ . يقول تعالى : ( قل يا أهل الكتاب لستم على شيء حتى تقيموا التوراة والإنجيل) كيف يدعوا الله اهل الكتاب بتطبيق ما في كتبهم إن كانت محرفة ؟ . يقول الله تعالى عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم : ( ومصدقا لما بين يدي من التوراةوالإنجيل) . كيف يكون مصدقا للكتب الموجودة في زمانه (لما بين يدي) إذا كانت محرفة ؟ كل هذا يثبت أن التوراة و الانجيل لم تحرف قبل نزول القرآن. لننظر الآن إلى الرأي القائل أن هذه الكتب حرفت وقت نزول القرآن أو بعد نزوله . من المعلوم تاريخيا أن اليهود والمسيحيين في القرن السابع الميلادي الذي هو وقت نزول القرآن كانوا منتشرين في مختلف مناطق العالم، فمثلا اليهود كانوا متواجدين في مصر والعراق وفلسطين واليمن وإسبانيا والمغرب وكل هؤلاء كانت لديهم دور للعبادة وكانوا يطبقون شعائرهم الدينية بما فيها تلاوة التوراة ، فكيف يمكن أن يتم تحريف كل نسخ التوراة المتواجدة في كل هذه المناطق ؟ وقس على ذلك المسيحيين فهم أيضا كانوا متواجدين في ذلك العصر في مختلف مناطق العالم ، في اليمن والحبشة ومصر والشام واليونان وروما بالإضافة إلى المسيحيين المنتشرين في بلاد العرب . فكيف يمكن أن يطال التحريف كل نسخ الانجيل المتواجدة في كل هذه المناطق ؟ كل هذا يثبت أن الكتب المقدسة يستحيل أن تحرف وقت نزول القرآن وبعد نزوله . هناك دليل آخر يدعم سلامة التوراة من التحريف ، وهو أن التوراة الموجودة عند اليهود هي نفسها التوراة المتضمنة في الانجيل ، فلو سلمنا جدلا ومكابرة للدليل الذي سقته أن اهل الكتاب حرفوا كتبهم بعد نزول القرآن ، فالتحريف الذي سيقوم به اليهود للتوراة سيكون مختلفا عن التحريف الذي سيقوم به المسيحيون للتوراة المتضمنة في الانجيل لأن كل فرقة من هؤلاء ستحرف التوراة بطريقتها و بالتالي سنجد أن التوراة الموجودة عند المسيحيين تختلف عن التوراة الموجودة عند اليهود ، وهذا مخالف للواقع ، فالتوراة التي نجدها عند اليهود هي نفسها المتضمنة في الانجيل عند المسيحيين . حسنا بعد كل هذه الأدلة القاطعة على سلامة الكتب السابقة من التحريف كيف نفهم قوله تعالى : ( ومن الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه وإن لم تؤتوه فاحذروا) و( فويل للذين يكتبون الكتاب بأيديهم ثم يقولون هو من عند الله ليشتروا به ثمنا قليلا ) ؟ الجواب على هذا السؤال هو أن الله لا يتحدث في هذه الآيات عن التوراة الموجودة عند جميع اليهود بل يتحدث فقط عن تلك الموجودة عند اليهود الذين كانوا متواجدين بالقرب من الرسول في المدينة الذين كانوا يحرفون بعض الصحاءف ليحتجوا بها على المسلمين . اما الانجيل فلم يشر القرآن إلى تحريفه ابدا .
Bookmarks