هل وجود القبيح والمشوه خلقيا يقدح في عدل الله؟

#نص #الشبهة
إذا كان الله عادل ولا يظلم عباده، فلماذا خلق القبيح والمشوه خلقيا وهو الجميل الذي يحب الجمال؟
#الجواب
من يطرح مثل هذه الشبهات يريد بها أن يثبت أنه إذا كان الله بزعمه غير عادل فالغالب أنه ليس موجود.
ولو سألته كيف نشأ الانسان طالما أن الله ليس بموجود؟
فسيقول بالتطور عن طريق الطفرات والإنتخاب الطبيعي.
فلو سألته، لماذا لم يتخلص التطور والانتخاب من الشخص القبيح والمشوه خلقيا الى الآن؟؟؟؟؟
فمنطقيا الرجل لا يبحث عن قبيحة أو مشوهة ليتزوجها وأيضا المرأة لا تبحث عن قبيح أو مشوه لتتزوجه، وعليه فيفترض أنه مع مرور الوقت ومن خلال الانتخاب يختفي كل قبيح أو مشوه من الوجود ولا يبقى إلا من لهم حظ وافر من الجمال، ولكن المفاجأة الصادمة أن القبح والتشوه كما هما لم يختفيا بل وربما أكثر مما كانا عليه قديما بالرغم من أن الجميل يرفض التزاوج من القبيح أو المشوه !!!!
صدمة
أليس كذلك؟!
تعرف هذه الصدمة في علم التطور بمفارقة ليك Lek Paradox.
إذا الالحاد وانكار وجود الخالق يا صاحب الشبهة لم يحل المشكلة ولم يحقق لكم العدل المنشود على الأرض وسيعيش القبيح والمشوه حياة بائسة ثم موت يتبعه لا شيء لأن التطور قد حرمه الجمال دون مقابل.
أما في الإسلام فهناك قواعد تُسعدُ قلب القبيح والمشوه في الدنيا والآخرة وتثبت أن الله عادل وليس ظالم كما زعمتم، وأن الظلم منشأه البشر (إن الله لا يظلم الناس شيئا ولكن الناس أنفسهم يظلمون):
١. الله يبتلي العباد بما شاء ليختبر صدق دعوى الايمان عندهم
(ونبلوكم بالشر والخير فتنة)
(الم. أحسب الناس أن يقولوا آمنا وهم لا يفتنون)
٢. من رضي بقضاء الله وقدره فله العوض في الآخرة بجنات عرضها السماوات والأرض فينال نعيم خالد مقابل ألم دنيوي عابر عمره بضع سنوات.
٣. إذا كان القبح والتشوه بفعل فاعل فان من تسبب في أذى غيره يعاقب في الدنيا قبل الآخرة فان أفلت بعقوبته في الدنيا فلن يفلت في الآخرة، فبعض القبح والتشوه سببه اعتداء شخص على آخر كالتشويه بماء النار أو بالسلاح .....الخ
فالقبح الناشيء عن الاعتداء له أجره بالصبر عليه غير القصاص من الجاني في الدنيا والآخرة
وهذا من عدل الله
٤. وأخيرا هل فعلا خلق الله الإنسان قبيح أو مشوه؟
الجواب
إطلاقا، وأعلم أن جوابي هذا صادم لكل القراء ولكن بالأدلة تساق الإجابات كالتالي:
أولا
الله خلق الآنسان في أحسن تقويم
(لقد خلقنا الانسان في أحسن تقويم)، فهو أجمل خلق الله على الأرض من حيث انتصاب قامته وحسن هيئته وزينة عقله وملاءمة أطرافه لعمارة الأرض.
ثانيا
وصوره فأحسن صورته
(وصوركم فأحسن صوركم)
وعليه يفترض أن الزواج بين حسن التقويم وحسن الصورة يؤدي الى إنتاج ذرية حسنة التقويم والصورة ولكننا نرى الآن من هو قبيح أو مشوه بالرغم من أن كلا من أبويه حسن الصورة !!!
فما الذي حدث؟
علميا القبح والتشوه يفسران الآن بوجود طفرات عجز نظام الحمض النووي عن إصلاحها فأدت الى القبح أو تشوه الشكل، وهذا يثبت أن الأصل هو الجمال وأن القبح والتشوه شيء عارض. ومعروف علميا أن الحمض النووي به نظام قوي لمنع الطفرات وإصلاح عيوب الحمض النووي التي ربما تحدث عند حدوث الانقسامات الخلوية أو كناتج للتأثيرات البيئية الضارة. فإذا كانت التأثيرات الضارة أقوى من نظام الاصلاح فحتما ستنشأ الطفرات وبالتالي يحدث القبح والتشوه الخلقي.
السؤال المهم الآن
من المسؤول عن الطفرات؟
طبعا الانسان بكل تصرفاته الخطأ ومخالفته لأوامر ربه، فالطفرات تأتي من الاسراف في الطعام والشراب وترك الطيب من الطعام والشراب الى الخبيث منهما كالتدخين والمخدرات والخمور، ايضا افساد البيئة كان له دور كبير كعوادم مصانع وعوادم سيارت ورش المبيدات على الطعام وتعديله بالهندسة الوراثية وعلاجات كيميائية تصيب الحمض النووي في مقتل وغير ذلك من أسباب الفساد التي أدخلها الانسان على ببئته فأفسدها بعد أن كانت صالحة
قال تعالى
(ولا تفسدوا في الأرض بعد إصلاحها)
(ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا)
فهل التزمنا بأمر الله أم أن جشع البعض وحب المال جعل بعض البشر يتكسب بما فيه فساد وخسارة الآخرين، فهل نتهم الله بما فعله عباده من ظلم؟
تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا
فالله لم يظلم القبيح والمشوه ولكن ظلم نفسه وظلمه إخوانه من البشر.
ومعلوم أن الله لا يرضى بالظلم شرعا وان كان يأذن في حدوثه، وعدم منعه لجعله بلاء لكافة العباد للظالم والمظلوم والحساب عند الله فلن يفلت الظالم بفعلته ولن يترك المظلوم بلا تعويض. فالله لو أراد لنا حياة الجنة لمنع كل ظالم من ظلمه، ولكنه البلاء والاختبار.
والذي دل على أن القبح والتشوه لم يخرج عن مشيئة الله بالرغم من أنه لا يرضاه لعباده شرع قول الله تعالى:
١. هو الذي يصوركم في الارحام كيف يشاء
٢. في أي صورة ما شاء ركبك
فعلميا نحن صورة النطفة والتي يفترض انها صورة من الأبوين، فلو أب جميل تزوج أم جميلة فيفترض أن تكون الصورة المركبة للجنين (النطفة الأمشاج) جميلة وتترجم في الرحم لشخص جميل.
إذا لماذا أدخل الله المشيئة في تكوين الصورة المركبة (النطفة الأمشاج) وفي تصوير الأرحام؟؟؟
ليعلمنا الله أن هناك أسباب كثيرة قد تؤدي إلى تغير شكل الجنين عن المتوقع مما نراه في الأبوين أو ما نراه من التركيب الجيني للنطفة، وكل هذه الأسباب لن تخرج عن مشيئة الله الذي علم بما سيصيب النفس البشرية من قبل أن يبرأها، قال تعالى (ما أصاب من مصيبة في الأرض ولا في انفسكم إلا في كتاب من قبل أن نبرأها) أي من قبل أن نبرأ النفس أي من قبل أن يخترعها ويبدأ خلقها والله تعالى أعلى وأعلم.
د. محمود عبدالله نجا
استاذ مساعد بكلية طب القنفذة - جامعة أم القرى