الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعـد:

فإن الزيادة من الثقة التي ليس فيها خلاف لما روى الثقات مقبولة عند أهل العلم، وأما الشذوذ فهو مخالفة الثقة للثقات، كما نص عليه أهل المصطلح.

قال الناظم: وذو الشذوذ ما يخالف الثقة * فيه الملا والشافعي حققه

قال الإمام ابن الصلاح: "فالحديث المعلل هو الحديث الذي اطلع فيه على علة تقدح في صحته، مع أن الظاهر السلامة منها"، ويتطرق ذلك إلى الإسناد الذي رجاله ثقات، ويستعان على إدراكها بتفرد الراوي، وبمخالفة غيره له مع قرائن تنضم إلى ذلك، تنبه العارف بهذا الشأن إلى إرسال في الموصول، أو وقف في المرفوع، أو دخول حديث في حديث، أو وهم واهم بغير ذلك، بحيث يغلب على ظنه ذلك، فيحكم به أو يتردد فيتوقف فيه، فالمخالفة بين الرواة تكون في صور؛ كوصل المرسَل، أو رفع الموقوف، فإن زاد الثقة راوياً أو كلمة أسقطها غيره من الرواة، أصبحت مسألة زيادة الثقة داخلة في نوع العلة، فحكم الحديث الذي يتفرد به الراوي الثقة أو يخالف فيه غيره من الثقات يدور مع القرائن المحيطة به، فإذا دلت القرينة على أن الثقة حين زاد تلك الكلمة كان واهماً أو ناسياً، فتعد هذه الزيادة معلولة، أما إذا لم تدل القرينة على ذلك فتكون الزيادة صحيحة أو حسنة؛ تبعاً لدلالة القرائن المحيطة بالرواية، من حيث قوتها ووضوحها لدى النقاد.

فإذا انفرد الراوي بشيء نُظر فيه: فإن كان مخالفاً لما رواه من هو أولى منه بالحفظ وأضبط، كان ما انفرد به شاذاً مردوداً، وإن لم تكن فيه مخالفة لما رواه غيره، وإنما هو أمر رواه هو ولم يروه غيره فيُنظر في هذا الراوي المنفرد: فإن كان عدلاً حافظاً موثوقاً بإتقانه وضبطه قُبل ما انفرد به، ولم يقدح الانفراد فيه، فإن كان المنفرد به غير بعيد من درجة الحافظ الضابط المقبول تفرده؛ استحسنا حديثه ذلك، ولم نحطه إلى قبيل الحديث الضعيف، وإن كان بعيداً من ذلك رددنا ما انفرد به، وكان من قبيل الشاذ المنكر.

قال الحافظ العلائي: "أما الشيخ ابن الصلاح فإنه توسط بين أهل الحديث وأئمة الأصول، وقسم الزيادة إلى ثلاثة أقسام، ففي ضوء ما بينه ابن الصلاح في مبحث زيادة الثقة؛ فالحديث المخالف لا يردُّ إلا إذا كان منافياً لما رواه سائر الناس، وبهذا أصبحت المنافاة مقياساً لرد الحديث المخالف لما رواه الناس، وبالتالي فإن رد الحديث المخالف متوقف على مخالفته لمن هو أضبط وأحفظ، وإن لم يكن منافياً لما رواه هذا الأضبط، وبين هذين المقياسين لرد الحديث المخالف فرق واضح، إلا إذا قلنا: إن المخالفة المذكورة في نوعي الشاذ والمنكر ليست على إطلاقها، وإنما بمعنى المنافاة، حيث سوى ابن الصلاح بين هذا القسم الأول وبين ما وقع في الشاذ والمنكر في سبب رد الحديث".


اسلام ويب بتصرف