النتائج 1 إلى 2 من 2

الموضوع: إثبات الصفات لا يعني التجسيم

  1. افتراضي إثبات الصفات لا يعني التجسيم

    رد موجز على دعوى أن إثبات الصفات على طريقة السلف يلزم منه التجسيم

    اليد والعين ونحوهما من الصفات الثابتة بالنص لا يلزم منها التركيب. كما لا يلزم من اثبات العلم والحياة والسمع والبصر تركيب. فالجوارح في الآدمي ونحوه تركيب حسي أما الأعراض كالحياة والسمع والبصر هي تركيب معنوي. لأن الآدمي قد يكون بلا سمع ولا بصر مثلا فهو مركب من ذات وأعراض. فالبعض ما جاز انفصاله عن الجملة سواءا كان عرضا أو جارحة. ولذا فالسمع والبصر إن قالوا لا نثبتها بكيفية تجوز معها أن تنفصل عن الذات فكذلك يقال لهم وكذلك اليد والعين ونحوهما لا يثبتها السلف بكيفية تجوز معها أن تنفصل عن الذات. فإن زعموا أن اليد والعين ونحوهما لا تعقل إلا أبعاضا فكذلك يقال لهم والأعراض كالحياة والعلم لا تُعقل إلا زائدة على الذات.
    فالسلف لا يقولون أن صفة اليد التي يثبتونها هي عضو أو بعض لكن لفظ اليد يطلق على الصفة التي يثبتونها لله من باب المشكك اللفظي وهو كما قال الجرجاني: الكلي الذي لم يتساوَ صدقه على جميع أفراده، بل كان حصوله في بعضها أولى، أو أقدم، أو أشد من البعض الآخر كالوجود؛ فإنه في الواجب أولى وأقدم وأشد مما في الممكن.
    فالسمع على سبيل المثال في الآدمي يكون بانتقال التذبذبات في الهواء واصطدامها بطبلة الأذن ومن ثم انتقالها إلى مكونات الأذن الوسطى فالداخلية حتى تصل إلى الأعصاب السمعية فيترجم المخ ذلك إلى إحساس بالصوت. لكن الله سبحانه وتعالى سمعه ليس بهذه الكيفية ولا يصح أن يقال أن السمع لديه هو إحساس ينتقل عبر تذبذبات في وسط ما. لكن في النهاية الصفة القائمة بذات الله التي أطلقنا عليها اسم السمع تشترك في المعنى العام مع حاسة السمع لدى الإنسان لكنها تختلف في كيفيتها على قدر الفارق بين الخالق والمخلوق. لكن المعنى العام هو أن الله يدرك الصوت كما يدرك الصور على النحو الأكمل لكنها صفات متباينة. فكذلك اليد فاليد في الآدمي يقبض بها الأشياء ويخط ويصور بها فكذلك أيضا صفة اليد فالله يقبض (كقبضه للأرض يوم القيامة) ويصور (كما صور آدم بيديه) ويخط (كما خط التوارة في الألواح) - ولله المثل الأعلى – بصفة قائمة بذاته تسمى اليد لكن ليس بالكيفية التي يقبض ويصور ويخط بها الآدمي. فكما أن السمع لديه لا يقتضى وجود جوارح، هي أبعاض كما في الآدمي، فكذلك القبض والتصوير والخط لا يقتضى وجود يد جارحة. لكن ما يقبض ويصور ويخط به هي صفة قائمة بذاته وهي غير صفة السمع والبصر مثلما أن القبض والتصوير والخط يختلف عن السمع والبصر في الآدمي فتلك صفات متباينة.
    والزعم أن الأصل في اليد والعين ونحوهما من الألفاظ التي تستخدم في الدلالة على الجوارح في الآدمي ونحوه أنها تعني الجوارح، فهذا مما ينازع فيه السلفيون، فلفظ اليد لا يختص عندهم لغة بالجارحة.
    وشيخ الإسلام ابن تيمية لديه نظرية في اللغة شرحها في كتابه "درء التعارض" وغيره ويمكن مرجعة الملامح العامة لتلك النظرية في دراسة للباحث "كارل شريف الطوبجي" عن كتاب "درء التعارض".
    وغاية السلف ومن حذا حذوهم من الخلف هو تجنب المحظور الذي وقع فيه النفاة والمعطلة الذين قالوا أن الصفات هي عين الذات وأن الصفات ليست في حقيقتها أشياءا متبانة ظنا منهم أنهم يفرون بذلك من القول بالتركيب أو تعدد القدماء. فيقولون أن السمع هو عين البصر هو عين العلم هو عين الذات فتصير تلك الصفات عند التحقيق بلا مدلول على زعمهم هذا.
    والسلف لا يؤلون الصفات إن قصد بالتأويل تحريف المعنى أو استعمال اللفظ في معنى لم يوضع له في لغة العرب، لأنهم يقولون أن الألفاظ الدالة على الجوارح لا تختص بها لغة كما تقدم. لكن الجوارح تشترك مع غيرها في تلك الألفاظ من باب المشكك اللفظي والذي تقدم بيان المقصود به.
    والأحاديث الصحيحة التي فيها أن لله يدين ( وهذا وارد في القرآن) وأن احدى يديه توصف بأنها يمين فقط تثبت يدين لله لا أن لله يمين وشمال. فهناك فرق بين ظاهر النص والفهم السطحي. فلو أخذنا بالفهم السطحي الذي يظنه البعض ظاهر النص، فالنص يقول: يَطوي اللَّهُ السَّماواتِ يومَ القيامةِ ، ثمَّ يأخذُهُنَّ بيدِهِ اليُمنى ، ثمَّ يقولُ: أَنا الملِكُ، أينَ الجبَّارونَ ؟ أينَ المتَكَبِّرونَ ؟ ثمَّ يطوي الأرضينَ، ثمَّ يأخذُهُنَّ بيدِهِ الأُخرى، ثمَّ يقولُ: أَنا الملِكُ، أينَ الجبَّارونَ ؟ أينَ المتَكَبِّرونَ ؟. وأيضا: إنَّ المقسطينَ عندَ اللهِ على منابِرَ مِن نُورٍ، عن يَمِينِ الرَّحمنِ عزَّ وجلَّ، وكِلتا يَديهِ يَمِينٌ.
    فعلى هذا كلتا يديه في جهة اليمين! ولا معنى لليسار بالنسبة إليه. لكن المقصود أن يديه بنفس القدرة بلا تفاوت. والروايات التي فيها " يأخذهن بشماله" فقد حكم الشيخ الألباني بنكارة لفظ "بشماله" فهو لا يصح. وهذا هو مذهب الإمام أحمد بن حنبل وابن خزيمة والبيهقي والألباني رحمهم الله فقالوا أن كلتا يدي الله يمين لا شمال فيها ولا يسار.
    وهذا هو عين الصواب وهو الاقتصار على إثبات اليدين وأنهما لا تتفاوتان.
    لو كان المقصود باليمين الجهة وكلتا يداه في جهة اليمين لما سمى إحدى يديه يمين وسمى الثانية بالأخرى كما في الرواية الصحيحة وكذلك في الحديث الآخر وفيه: يَمِينُ اللهِ ملْأى، لا يَغيضُها نَفَقةٌ... وبيَدِه الأُخرى الفَيْضُ أو القَبضُ، يَرفعُ ويَخفِضُ.
    لكن اليمين يقصد بها اليد ذات القوة وذات البركة فمن معاني اليمين القوة وكذلك البركة ولإزالة الوهم كي لا يُتصور أن احدى يديه أكمل أو أقوى من الأخرى قال وكلتا يديه يمين.
    ولله يدان كصفة لأنه يفعل بإحداهما مالا يفعله بالأخرى مثلما أن ما يفعله بصفة السمع غير الذي يفعله بصفة البصر. فهو يطوي السماء بيمينه ويقبض الأرض بالأخرى. لكنها مع ذلك هي صفات قائمة بذاته وليست جوارح.
    وكما تقدم من معاني اليمين لغة القوة والبركة ومن ذلك قوله تعالى: قَالُوا إِنَّكُمْ كُنتُمْ تَأْتُونَنَا عَنِ الْيَمِينِ. وقوله: لأخذنا منه باليمين. وكذلك قول الشماخ بن ضرار في عرابة بن أوس:إذَا مــا رَايــةٌ رُفِعــتْ لمَجْــدٍ
    تَلقَّاهــــا عَرَابـــةٌ بـــالْيَمِين. لكن العرب استخدمت لفظ اليمين في عدة معاني وهذا من باب المشترك اللفظي في مقابل المشكك.
    فاليمين لغة يطلق على تلك المعاني حقيقة. وقد تكون هناك مناسبة لاطلاق اللفظ على المعنى كقولهم إن اليمين يطلق على القسم أو الحلف لانهم كانوا في الجاهلية اذا حلفوا يضرب أحدهم يمينه على يمين الآخر. لكن مادام العرب قد وضعوا هذا اللفظ لهذا المعنى أو ذاك صار اللفظ دالا على تلك المعاني حقيقة.

  2. افتراضي

    أما كون المقسطين على منابر من نور عن يمين الرحمن يعني أن الله يعاملهم بفضله وينزلهم منزلة عالية فالفضل بيمينه والعدل باليد الأخرى فمن عامله بيمينه عامله بالفضل. ففي الحديث: يد الله ملأى لا يغيضها نفقة سحاء الليل والنهار أرأيتم ما أنفق منذ خلق السماوات والأرض فإنه لم يغض ما في يده. وقال: وعرشه على الماء، وبيده الأخرى الميزان، يخفض ويرفع.

    وهذا ما يفهم من كلام شيخ الإسلام بهذا الخصوص حيث قال: فبين صلى الله عليه و سلم أن الفضل بيده اليمنى و العدل بيده الأخرى و معلوم أنه مع أن كلتا يديه يمين فالفضل أعلى من العدل و هو سبحانه كل رحمة منه فضل و كل نقمة منه عدل و رحمته أفضل من نقمته و لهذ كان المقسطون على منابر من نور عن يمين الرحمن و لم يكونوا عن يده الأخرى و جعلهم عن يمين الرحمن تفضيل لهم كما فضل فى القرآن أهل اليمين و أهل الميمنة على أصحاب الشمال و أصحاب المشأمة و إن كانوا إنما عذبهم بعدله و كذلك الأحاديث و الآثار جاءت بأن أهل قبضة اليمين هم أهل السعادة و أهل القبضة الأخرى هم أهل الشقاوة.

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء