يُجادل بعض المتشككين فى نسب العقل للقلب كما ورد فى آيات القرآن الكريم ، والسنة النبوية الصحيحة ، فيدعَون أن الاشخاص الذين اِستبدلوا قلوبهم بقلوب أخرى سواء بيولوجية أو صناعية ، لا يزال لديهم القدرة على التعقل والتفكر وفى هذا منافاة لما ورد فى القرآن والسنة.
اقول وبالله التوفيق ،
بالرغم من اِثبات العلم أن الدماغ له صلة وثيقة بالقلب، وان القلب يمتلك دماغ وخلايا عصبية تؤثر على التناسق القلبى العقلى ، لكن دعنا من كل هذا سنتطرق الى لب الموضوع
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كما فى الحديث " إن أحدكم يجمع خلقه في بطن أمه أربعين يوما ثم يكون في ذلك علقة مثل ذلك ثم يكون في ذلك مضغة مثل ذلك ثم يرسل الملك فينفخ فيه الروح ويؤمر بأربع كلمات بكتب رزقه وأجله وعمله وشقي أو سعيد"
كما قال صلى الله عليه وسلم " «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب»
دلالة كلمة " مضغة" هنا ، والتى تتناظر مع أطوار الجنين حيث يكون من النطفة إلى العلقة إلى المضغة
المفاجئة الكبرى وباجماع العلم الحديث
أول عضو يتكون في الجنين هو القلب.
يبدأ القلب في التكوّن خلال الأسبوع الثالث من الحمل تقريباً، حيث يظهر أنبوب القلب البدائي (primitive heart tube) الذي يتطور لاحقاً إلى القلب الفعلي. يبدأ القلب بالنبض حوالي الأسبوع الخامس أو السادس من الحمل، مما يجعله أول عضو وظيفي في الجنين.
اذن من منظور تطوري/نمائي: قلب الجنين يبدأ بالنبض مبكرًا (الأسابيع الأولى من الحمل) ليؤمن البيئة الميكروية المطلوبة لنمو الأنسجة، بما فيها الجهاز العصبي؛ أي أن القلب هو العامل الأولي الذي يمهّد لظهور الدماغ ووظيفته لاحقًا
الدماغ لا يستطيع العمل من دون مورداته، وهذه الموارد لا تصل إليه إلا عن طريق القلب
المنطق الطبي والفيزيولوجي واضح ومباشر:
القلب هو المضخة التي توصل الدم المشبع بالأكسجين والغلوكوز والمواد البنائية إلى الخلايا العصبية. هذه المواد هي المواد الخام لصناعة الناقلات العصبية (مثل التيروزين→دوبامين، التربتوفان→سيروتونين) ولتأمين الطاقة اللازمة لنشاط الشبكات العصبية.
انقطاع الضخ الدموي يوقف امداد الأكسجين خلال دقائق، فتنهار وظيفة الخلايا العصبية ويتوقف إنتاج الناقلات — لذلك نقول طبياً إن «توقف القلب يؤدي إلى موت الدماغ» إذا طال انقطاع التروية.
إذن العلاقة بين القلب والدماغ ليست علاقة تساوٍ أو تعريف بالمطلق، بل علاقة شرطية وسببية :
الدماغ هو المصدر الوظيفي للإنتاج العصبي ، لكن القلب هو المصدر التجريدى الاول الذى بنى وأسس وأنتج جميع الخلايا العصبية والذهنية ،ووجوده ضروري لاستمرارية هذا الإنتاج .
القلب هو المزود والشرط المادي لوجود الدماغ القادر على الإنتاج. من دون القلب — حتى لو بقي «مصدر» الإنتاج نظريًا في الدماغ — فإن القدرة الفعلية على الإنتاج تتوقف فورًا.
وللتشبيه: كما أن وجود الماء شرط لزراعة تنبت منه ثمار الشمس والكلوروفيل، فوجود القلب شرط لعمل «مصنع الدماغ»؛ المصانع تختلف باختلاف ما تنتجه، لكن كلها تتطلب طاقة ومواد خام يوفّرها القلب عبر الدم. بالاضافة أن القلب اصلا هو مصدر وجود النواقل العصبية والدماغ كله ،
فلا عجب أن نجد القرآن يجعل القلب هو مصدر العقل ، وهو لبنة الاساس للعقل والفطرة.
فلا يضيرنا لو الشخص بدل قلبه او استعمله ، لأن اللَبِنَه الاولى قد وُضعت منذ النفخة الاولى ، والعمل/ الفكر العقلى القلبى قد سُطر منذ النبضة الاولى ، فلا وعى الا بنبضة القلب الاولى . فهو المصدر التجريدى ، وهو المصدر الاستمرارى
بأيِّ شيءٍ تحرِّكُ شفَتَيكَ يا أبا أمامةَ ؟ . فقلتُ : أذكرُ اللهَ يا رسولَ اللهِ ! فقال : ألا أُخبرُكَ بأكثرَ وأفضلَ من ذِكرِك باللَّيلِ والنَّهارِ ؟ . قلتُ : بلى يا رسولَ اللهِ ! قال : تقولُ : ( سبحان اللهِ عدَدَ ما خلق ، سبحان اللهِ مِلْءَ ما خلَق ، سبحان اللهِ عدَدَ ما في الأرضِ [والسماءِ] سبحان اللهِ مِلْءَ ما في الأرضِ والسماءِ ، سبحان اللهِ عدَدَ ما أحصى كتابُه ، سبحان اللهِ مِلْءَ ما أحصى كتابُه ، سبحان اللهِ عددَ كلِّ شيءٍ ، سبحانَ اللهِ مِلْءَ كلِّ شيءٍ ، والحمدُ للهِ مثل ذلك ) . صحيح
Bookmarks