وردت كلمة قدر في القران الكريم بعدة معان قال تعالى " وكان امر الله قدرا مقدورا" اي امرا مبرما او قضاءا محكما وقال " فقدر عليه رزقه" فضيق عليه رزقه وقال " فالتقى الماء على امر قد قدر" اي على حدث قد قدره الله في اللوح المحفوظ اي كتبه , وهو هلاك قوم نوح بالطوفان وقال"فقدر فيها اقواتها" اي جعل فيها انبات اقواتها اي خاصية الانبات وقال " انه فكر وقدر فقتل كيف قدر" اي فكر ماذا يقول في القرآن وقدّر في نفسه ما يقول وهيأه وقال" الذي خلق فسوى والذي قدّر فهدى" اي خلق كل شيء فسواه تسوية وقدّر لكل حيوان ما يصلحه فهداه اليه وعرّفه وجه الانتفاع به اي جعل في كل حيّ من انسان وحيوان حاجات تتطلب الاشباع وهداه الى اشباعها مثل قوله "وقدّر فيها اقواتها" وقال" وقدرنا فيها السير " اي جعلنا فيها سهولة السير وامنه وقال عليه السلام " لا تسأل المرأة طلاق أختها لتستفرغ صفحتها ولتنكح فان لها ما قدّر لها " اي ما قدّره الله في اللوح المحفوظ .
ويتبين من هذا كله ان كلمة القدر من الالفاظ المشتركة التي لها عدة معان منها التقدير والتدبير والوقت والتهيئة , وجعل في الشيء خاصية , ولكن على تعددها لم يرد فيها ان القدر معناه ان يفعل العبد الفعل جبرا عنه ولم يرد فيها ان القدر هو الحكم الكلي في الجزئيات وتفاصيله ولا ورد فيها ان القدر سر من اسرار الله وعلى هذا فلكلمة القدر معان لغوية استعملها القرآن بهذه المعان واستعملها الحديث بمهاني القرآن وهذه المعاني لغوية فلا دخل للعقل فيها واذا كان لم يرد لها أي معنى شرعي غير هذه المعاني فلا يقال عن معنى يصطلح عليه انه معنى شرعي , فلا يجوز للبشر ان يصطلحوا على معنى شرعى وانما يجوز لهم الاصطلاح على معنى اصطلاحي او معنى عرفي فهناك الفاظ في الاصل لها معان لغوية حولها الشرع واعطاها معان شرعية كالصلاة والصيام والحج والزكاة , ومن هنا فان المعاني التي استعملها القران ليست المعاني التي اختلف فيها المتكلمون فيما بعد , ولا شأن لها في "كلمة القضاء والقدر " التي وضعها المتكلمون اسما للمسمى الذي اخذوه عن فلاسفة اليونان ولم يسبق ان وضعت لهذا المعنى لا لغة ولا شرعا . وكلمة القضاء والقدر ككلمتين معا لمعنى واحد لم يجر استعمالها لا من الصحابة ولا من التابعين

اللقاء القادم "القضاء"