صفحة 1 من 6 123 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 80

الموضوع: من حق الإسلام أن تكون له دولة

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي من حق الإسلام أن تكون له دولة

    مما يُصِرُّ العلمانيون عليه -على اختلاف ألوانهم وانتماءاتهم- أن لا تكون للإسلام دولة، تتحدث باسمه، وترفع رايته في الأرض، وتطبق أحكام شريعته على المؤمنين به، وتبلغ رسالته إلى العالمين، وتدافع عن أرضه وأمته في مواجهة الغزاة والمعتدين.

    فالإسلام – في نظرهم – مجرد رسالة روحية؛ لا تتعدى العلاقة بين المرء وربه، ساحتها: ضمير الفرد، أو نفسه التي بين جنبيه، ولا صلة لها بإصلاح المجتمع، أو بتوجيه الدولة، أو بمعاقبة الجريمة، أو بتنظيم المال، أو بغير ذلك من شؤون الحياة.

    على حين يعتبر الإسلاميون – على اختلاف مذاهبهم ومدارسهم – أن الإسلام: عقيدة وشريعة، عبادة ومعاملة، دين وسياسة، دعوة ودولة.

    والإسلاميون يرون: أن الدولة في الإسلام: فريضة وضرورة. فريضة دينية، وضرورة حيوية.

    ... الدين لا ينفصل عن السياسة، و.. السياسة لا تنفصل عن الدين، و من أبرز وأهم تجليات السياسة: هو قيام الدولة التي تمكن للدين، وتحقق تعاليمه في الأرض.

    ولم يعرف المسلمون طوال تاريخهم الطويل هذا الانفصال -أو الفصام- بين الدِّين والدنيا، أو بين الدِّين والسياسة، أو بين الدِّين والدولة.

    لقد كان النبي صلى الله عليه وسلم جامعا للسلطتين: الدِّينيـة والدنيويـة، ولهذا قسم الفقهاء تصرفاته بوصفه نبيا مبلغا عن الله، وبوصفه قاضيا يفصل بين الناس، وبوصفه إماما يتصرف في قضايا الأمة.

    وكذلك كان الخلفاء الراشدون والأُمويون والعباسيون والعثمانيون وغيرهم، إلى أن ألغيت الخلافة في سنة 1924م.

    ورأينا العلماء يعرفون الخلافة بأنها: النيابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حراسة الدِّين وسياسة الدنيا به.

    ورأينا كل خليفة أو أمير أو سلطان طوال التاريخ الإسلامي: يرى نفسه مسؤولا عن التمكين للدين في الأرض، والدفاع عنه. وهذا ما قرَّره القرآن بجلاء، حين قال: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَر [الحج:41]، ولهذا كان هؤلاء الخلفاء والسلاطين يُبايَعون من الأمة على كتاب الله، وعلى سنة رسول الله.

    وكان هؤلاء الخلفاء والأمراء لا يفرقون بين الدِّين والدنيا، أو بين الدِّين والسياسة، كما يقولون اليوم.

    مدح الشاعر عبد الله بن أبي السمط: الخليفة المأمون بقصيدة كان فيها بيت يقول:

    أضحى إمام الهُدى المأمون مشتغلا *** بالدِّين والناس بالدنيا مشاغيل!

    فأعرض عنه المأمون، ونظر إليه نظرا شزرا، وكان الشاعر معتزا ببيته هذا، فشكا إلى شاعر آخر (عُمارة حفيد جَرير): أن أمير المؤمنين لا يعرف الشعر! وأنشد له البيت، فقال له عُمارة: والله، لقد حلم عليك إذ لم يؤدبك عليه، ويلك! وإذا لم يشتغل بالدنيا، فمن يدبر أمرها؟ ألا قلتَ كما قال جدي في عبد العزيز بن مروان:

    فلا هو في الدنيا مضيع نصيبه*** ولا عرض الدنيا عن الدِّين شاغله!

    قال: الآن علمت أني أخطأت[.

    فهكذا كانوا ينظرون إلى امتزاج الدِّين بالدنيا، ومنها السياسة.

    أولى محاولات العلمانية لاقتحام الأزهر:

    ومن بدهيات التاريخ الإسلامي: أنه لم يعرف يوما دولة بلا دين، ولا دينا بلا دولة. ولم يدر هذا الخاطر في فكر أحد من أبنائه، حتى ظهر علي عبد الرازق بكتابه أو كُتيّبه العجيب في آخر الربع الأول للقرن العشرين الميلادي (1925م) الذي ادَّعى فيه دعاوى شاذة عن مسار الأمة وعن عقيدتها وشريعتها ووجهتها العامة، وزعم أن الرسول لم يؤسس دولة، وأن الإسلام لا شأن له بالدولة والحكم والسياسة، وأنه مجرد رسالة روحية، وهو ما رد عليه الراسخون من علماء الأمة بالأدلة الشرعية القاطعة، وسقط الكتاب من الناحية العلمية. وإن كان الخصوم الدِّينيون والفكريون والسياسيون قد رحبوا بالكتاب أبلغ ترحيب، وفتحوا له صدورهم وأذرعتهم. وجعلوه سلاحا في أيديهم في معركتهم ضد الإسلام وأمته.

    وكانت هذه أول مرة تحاول العلمانية فيها: أن تقتحم على الأزهر داره، وتغزو فكر أحد علمائه، ولكن الأزهر رفض ذلك بقوة، وفند دعوى الرجل علميا، وجرده من نسبه الأزهري، وأخرجه من زمرة العلماء.

    وإن كان الشيخ علي بعد ذلك لم يحاول نشر الكتاب، أو ترويجه أو الحديث عنه طوال حياته، بل حتى ورثته من بعده.

    دعوى علي عبد الرازق منقوضة:

    زعم الشيخ علي عبد الرازق: أنه لا يجد دليلا على أن الإسلام يدعو إلى تأسيس دولة أو إقامة حكومة. وأنه ليس إلا دعوة دينية خالصة، لا صلة لها بالمُلك الذي هو من أمور الدنيا، المضادة للدين.

    ونحن هنا سنبين الأدلة على أن (إقامة الدولة) من صميم الإسلام، وأن القول بخلاف ذلك، إنما هو قول مُحْدث، لم يعرفه المسلمون خلال تاريخهم الطويل.

    الأدلة على أن الدولة من صميم الإسلام:

    وسنختار أدلة ثلاثة أساسية: من نصوص الإسلام، ومن تاريخه، ومن طبيعته.

    1. الدليل من نصوص الإسلام:

    أما نصوص الإسلام، فحسبنا منها آيتان من سورة النساء: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَمَانَاتِ إِلَى أَهْلِهَا وَإِذَا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ سَمِيعاً بَصِيراً * يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ [النساء:59،58].

    فالخطاب في الآية الأولى للولاة والحكام: أن يراعوا الأمانات ويحكموا بالعدل، فإن إضاعة الأمانة والعدل نذير بهلاك الأمة وخراب الديار. ففي الصحيح: "إذا ضُيِّعَتِ الأمانة فانتظر الساعة".

    والخطاب في الآية الثانية للرعية المؤمنين: أن يطيعوا وَأُولِي الْأَمْرِ بشرط أن يكونوا (منهم) وجعل هذه الطاعة بعد طاعة الله وطاعة الرسول، وأمر عند التنازع برد الخلاف إلى الله ورسوله، أي الكتاب والسنة. وهذا يفترض أن يكون للمسلمين دولة تُهَيْمِن وتُطاع، وإلا لكان هذا الأمر عبثا.

    وفي ضوء هاتين الآيتين المذكورتين ألَّف شيخ الإسلام ابن تيمية كتابه المعروف (السياسة الشرعية في إصلاح الراعي والرعية) والكتاب مبني على الآيتين الكريمتين.

    وفي القرآن آيات كثيرة تتعلَّق بشؤون الاجتماع والاقتصاد والجهاد والسياسة، معروفة مدروسة فيما عرف باسم (آيات الأحكام) وعنى بها العلماء الذين ألفوا في (أحكام القرآن) مثل الرازي الجصاص الحنفي (ت370هـ) وابن العربي المالكي (ت453هـ).

    وإذا ذهبنا إلى السنة، رأينا الرسول يقول: "من مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية". ولا ريب أن من المحرَّم على المسلم أن يبايع أي حاكم لا يلتزم بالإسلام. فالبيعة التي تنجيه من الإثم أن يبايع مَن يحكم بما أنزل الله ... فإذا لم يوجد فالمسلمون آثمون حتى يتحقق الحكم الإسلامي، وتتحقق البيعة المطلوبة. ولا ينجي المسلم من هذا الإثم إلا أمران:

    الإنكار - ولو بالقلب- على هذا الوضع المنحرف المخالف لشريعة الإسلام.

    والسعي الدائب لاستئناف حياة إسلامية قويمة، يوجهها حكم إسلامي رشيد.

    وجاءت عشرات الأحاديث الصحيحة -إن لم تكن مئاتها- في دواوين السنة المختلفة، عن الخلافة والإمارة والقضاء والأئمة وصفاتهم وحقوقهم من الموالاة والمعاونة على البر، والنصيحة لهم وطاعتهم في المنشط والمكره، والصبر عليهم، وحدود هذه الطاعة وهذا الصبر، وتحديد واجباتهم من إقامة حدود الله ورعاية حقوق الناس، ومشاورة أهل الرأي، وتولية الأقوياء الأمناء، واتخاذ البطانة الصالحة، وإقامة الصلاة وإيتاء الزكاة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ... إلى غير ذلك من أمور الدولة وشؤون الحكم والإدارة والسياسة.

    ولهذا رأينا شؤون الإمامة والخلافة تُذكر في كتب تفسير القرآن الكريم، وفي شروح الحديث الشريف، وكذلك تذكر في كتب العقائد وأصول الدِّين، كما رأيناها تُذكر في كتب الفقه، كما رأينا كُتُبا خاصة بشؤون الدولة الدستورية والإدارية والمالية والسياسية، كالأحكام السلطانية للماوردي، ومثله لأبي يعلى، والغياثي لإمام الحرمين، والسياسة الشرعية لابن تيمية، وغيرها، مما سبق الإشارة إليها.

    2. الدليل من تاريخ الإسلام:

    أما تاريخ الإسلام، فينبئنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سعى بكل ما استطاع من قوة وفكر -مؤيدا بهداية الوحي- إلى إقامة دولة الإسلام، ووطن لدعوته، خالص لأهله، ليس لأحد عليهم فيه سلطان، إلا سلطان الشريعة. ولهذا كان يعرض نفسه على القبائل ليؤمنوا به ويمنعوه ويحموا دعوته، حتى وفق الله قبيلتي الأوس والخزرج إلى الإيمان برسالته، فبعث إليهم مصعب بن عمير يتلو عليهم القرآن ويعلمهم الإسلام، فلما انتشر فيهم الإسلام جاء وفد منهم إلى موسم الحج مكون من ثلاثة وسبعين رجلا وامرأتين، فبايعوه صلى الله عليه وسلم على أن يمنعوه مما يمنعون أنفسهم وأزواجهم وأبناءهم، وعلى السمع والطاعة، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ... إلخ، فبايعوه على ذلك ... وكانت الهجرة إلى المدينة ليست إلا سعيا لإقامة المجتمع المسلم المتميِّز، تشرف عليه دولة متميزة.

    كانت (المدينة) هي (دار الإسلام) وقاعدة الدولة الإسلامية الجديدة، التي كان يرأسها رسول الله صلى الله عليه وسلم فهو قائد المسلمين وإمامهم، كما أنه نبيهم ورسول الله إليهم. ولهذا جعل الفقهاء من أنواع تصرفات الرسول: تصرفه بمقتضى الإمامة أو الرئاسة للدولة، وذكروا ما يترتب على ذلك من أحكام.

    وكان الانضمام إلى هذه الدولة، لشد أزرها، والعيش في ظلالها، والجهاد تحت لوائها: فريضة على كل داخل في دين الله حينذاك. فلا يتم إيمانه إلا بالهجرة إلى دار الإسلام، والخروج من دار الكفر والعداوة للإسلام، والانتظام في سلك الجماعة المؤمنة المجاهدة التي رماها العالَم عن قوس واحدة.

    يقول الله تعالى: وَالَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يُهَاجِرُوا مَا لَكُمْ مِنْ وَلَايَتِهِمْ مِنْ شَيْءٍ حَتَّى يُهَاجِرُوا [الأنفال:72]. ويقول في شأن قوم: فَلا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّى يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّه [النساء:79].

    كما نزل القرآن الكريم يندد أبلغ التنديد بأولئك الذين يعيشون مختارين في دار الكفر والحرب، دون أن يتمكنوا من إقامة دينهم وأداء واجباتهم وشعائرهم: إِنَّ الَّذِينَ تَوَفَّاهُمُ الْمَلائِكَةُ ظَالِمِي أَنْفُسِهِمْ قَالُوا فِيمَ كُنْتُمْ قَالُوا كُنَّا مُسْتَضْعَفِينَ فِي الْأَرْضِ قَالُوا أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللَّهِ وَاسِعَةً فَتُهَاجِرُوا فِيهَا فَأُولَئِكَ مَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَسَاءَتْ مَصِيراً * إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَالْوِلْدَانِ لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً * فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوّاً غَفُوراً [النساء:97-99].

    وعند وفاة النبي كان أول ما شغل أصحابه رضي الله عنهم: أن يختاروا (إماما) لهم، حتى إنهم قدَّموا ذلك على دفنه صلى الله عليه وسلم فبادروا إلى بيعة أبي بكر، وتسليم النظر إليه في أمورهم، وكذا في كل عصر من بعد ذلك. وبهذا الإجماع التاريخي ابتداءً من الصحابة والتابعين - مع ما ذكرنا من نصوص- استدل علماء الإسلام على وجوب نصب الإمام الذي هو رمز الدولة وعنوانها.

    ولم يعرف المسلمون في تاريخهم انفصالا بين الدِّين والدولة، إلا عندما نجم قرن العلمانية في هذا العصر، وهو ما حذَّر حديث الرسول منه، وأمر بمقاومته كما في حديث معاذ: "ألا إن رحى الإسلام دائرة، فدوروا مع الإسلام حيث دار، ألا إن القرآن والسلطان (أي الدِّين والدولة) سيفترقان فلا تفارقوا الكتاب، ألا إنه سيكون عليكم أمراء يقضون لأنفسهم ما لا يقضون لكم، فإن عصيتموهم قتلوكم، وإن أطعتموهم أضلوكم". قالوا: وماذا نصنع يا رسول الله؟ قال: "كما صنع أصحاب عيسى ابن مريم: نشروا بالمناشير، وحُمِلوا على الخُشب. موت في طاعة الله خير من حياة في معصية الله".

    لم يعرف تاريخنا دينا بلا دولة ولا دولة بلا دين:

    هنا أنقل كلمة المفكر المغربي المتزن (محمد عابد الجابري) عن علاقة الدِّين بالدولة من خلال مرجعيتنا التراثية، فيقول عن ثنائية الدِّين والدولة: (إنها إذا طرحت بمضمونها الأصلي، الأوربي الذي يفيد المطالبة بفصل الدِّين عن الدولة، إنها إذا طرحت بهذا المضمون في مرجعيتنا التراثية تلك، فإن هذا الطرح سيفهم حتمًا على أنه (اعتداء على الإسلام) ومحاولة مكشوفة لـ(القضاء) عليه.

    لماذ؟

    للجواب عن هذا السؤال، جوابا مثمرا، يجب تجنب الاتهامات المجانية من قبيل الرمي بالتعصب وضيق الأفق ... إلخ، فضررها أكثر من نفعها، فضلا عن كونها تنمُّ عن عدم فَهم، أو على الأقل عن عدم تفهُّم لمحددات تفكير من يصدر عن المرجعية التراثية.

    لننظر إذن إلى الكيفية التي تفهم بها عبارة (فصل الدِّين عن الدولة) داخل مرجعيتنا التراثية، المرجعية التي لا تحتمل هذه الثنائية (ثنائية دين / دولة) لأنه لم يكن هناك في التاريخ الإسلامي بمجمله (دين) متميز -أو يقبل التمييز والفصل- عن الدولة، كما لم يكن هناك قط (دولة) تقبل أن يفصل الدِّين عنها.

    فعلا كان هناك حكام اتهموا بالتساهل في أمر من أمور الدِّين كالجهاد أو مقاومة البدع ... إلخ، ولكن لا أحد من الحكام في التاريخ الإسلامي استغنى- أو كان في إمكانه أن يستغني- عن إعلان التمسك بالدِّين، لأنه لا أحد منهم كان يستطيع أن يلتمس الشرعية لحكمه خارج شرعية الإعلان عن خدمة الدِّين، والرفع من شأنه.

    هذا من جهة، ومن جهة أخرى لم يكن هناك في التاريخ الإسلامي، في أي فترة من فتراته، مؤسسة خاصة بالدِّين متميزة من الدولة، فلم يكن الفقهاء يشكلون مؤسسة، بل كانوا أفرادا يجتهدون في الدِّين ويفتون فيما يعرض عليهم من النوازل، أو تفرزه تطورات المجتمع من مشاكل.

    وإذن فعبارة (فصل الدِّين عن الدولة) أو (فصل الدولة عن الدِّين) ستعني بالضرورة -داخل المرجعية التراثية- أحد أمرين أو كليهما معا: إما إنشاء دولة ملحدة غير إسلامية، وإما حرمان الإسلام من (السلطة) التي يجب أن تتولى تنفيذ الأحكام.

    نعم يمكن أن تنجح في إقناع من يفكر من داخل المرجعية التراثية وحدها بأن الأمر لا يتعلَّق قط بإنشاء دولة ملحدة، ولا بنزع الصبغة الإسلامية عن المجتمع، يمكن أن تحلف له بأغلظ الأيمان بأن المقصود ليس هو هذا ولا ذاك، وسيكتفي بالقول: (الله أعلم) ويسكت. ولكنك لا تستطيع أبدا أن تقنعه بأن (فصل الدِّين عن الدولة) ليس معناه حرمان الإسلام من (السلطة) التي يجب أن تتولى تنفيذ الأحكام. وإذن فيجب البدء بالتمييز بين السلطة المنفذة للأحكام الشرعية وبين الهيئة الاجتماعية المسماة: الدولة.

    لماذا؟

    لأن الدِّين في نظره يشتمل على أحكام يجب أن تنفذ، وأن الدولة هي (السلطة) التي يجب أن تتولى التنفيذ).

    3. الدليل من طبيعة الإسلام:

    أما طبيعة الإسلام ورسالته، فذلك أنه دين عام، ومنهج حياة، وشريعة شاملة، فتستوعب شؤون الدنيا والآخرة، والفرد والمجتمع، وشريعة هذه طبيعتها لا بد أن تتغلغل في كل نواحي الحياة، لتصلحها وترقى بها، بالتوجيه والتشريع لها، والدولة إحدى الوسائل الهامة في ذلك، ولا يتصور أن تهمل شأن المجتمع والدولة، وتدع أمرها لمن لا يؤمن برسالة الدين في البناء والإصلاح. وربما كان من الذين يسعون إلى تنحية الدين من التشريع والتوجيه أصلا.

    كما أن هذا الدِّين يدعو إلى التنظيم وتحديد المسئولية، ويكره الاضطراب والفوضى في كل شيء، حتى رأينا الرسول صلى الله عليه وسلم يأمرنا في الصلاة أن نسوِّي الصفوف، وأن يؤمنا أعلمنا، وفي السفر يقول: "أَمِّرُوا أحدكم".

    يقول الإمام ابن تيمية في (السياسة الشرعية): (يجب أن يُعرف أن ولاية أمر الناس أمر من أعظم واجبات الدِّين، بل لا قيام للدين ولا للدنيا إلا بها فإنَّ بني آدم لا تتم مصلحتهم إلا بالاجتماع، لحاجة بعضهم إلى بعض، ولا بد عند الاجتماع من رأس. حتى قال النبي : "إذا خرج ثلاثة في سفر، فليؤمِّروا أحدهم"[13]. وروى الإمام أحمد عن عبد الله بن عمرو، أن النبي قال: "لا يحل لثلاثة أن يكونوا بفلاة من الأرض إلا أمَّروا عليهم أحدهم"، فأوجب تأمير الواحد في الاجتماع القليل العارض في السفر، تنبيها على سائر أنواع الاجتماع.

    ولأن الله تعالى أوجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ولا يتم ذلك إلا بقوة وإمارة، وكذلك سائر ما أوجبه الله من الجهاد والعدل، وإقامة الحج والجُمَع والأعياد، ونصرة المظلوم، وإقامة الحدود، لا تتم إلا بالقوة والإمارة. ولهذا رُوي: "إن السلطان ظل الله في الأرض". ولهذا كان السلف: كالفضيل بن عياض وأحمد ابن حنبل وغيرهما يقولون: لو كانت لنا دعوة مجابة، لدعونا بها للسلطان) اهـ. وذلك أن الله يُصلح بصلاحه خَلقا كثيرا.

    ثم إن طبيعة الإسلام باعتباره منهجا يريد أن يُوجه الحياة، ويحكم المجتمع، ويضبط سير البشر وفق أوامر الله: لا يُظن به أن يكتفي بالخطابة والتذكير والموعظة الحسنة، ولا أن يدع أحكامه ووصاياه وتعليماته في شتَّى المجالات إلى ضمائر الأفراد وحدها، فإذا سقمت هذه الضمائر أو ماتت، سقمت معها وماتت تلك الأحكام والتعاليم. وقد نقلنا عن الخليفة الثالث قوله: "إن الله ليَزع بالسلطان ما لا يَزع بالقرآن".

    فمن الناس مَن يهديه الكتاب والميزان، ومنهم مَن لا يردعه إلا الحديد والسنان. ولذا قال تعالى: لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ [الحديد:25].

    قال ابن تيمية: (فمن عَدَل عن الكتاب عُدِّل بالحديد، ولهذا كان قوام الدِّين بالمصحف والسيف).

    وقال الإمام الغزالي في (إحيائه): الدنيا مزرعة الآخرة، ولا يتم الدِّين إلا بالدنيا، والمُلك والدِّين توأمان، فالدِّين أصل، والسلطان حارس، وما لا أصل له فمهدوم، وما لا حارس له فضائع، ولا يتم المُلك والضبط إلا بالسلطان.

    إن نصوص الإسلام لو لم تجئ صريحة بوجوب إقامة دولة للإسلام، ولم يجئ تاريخ الرسول وأصحابه تطبيقا عمليا لما دعت إليه هذه النصوص، لكانت طبيعة الرسالة الإسلامية نفسها تحتم أن تقوم للإسلام دولة أو دار، يتميَّز فيها بعقائده وشعائره وتعاليمه ومفاهيمه، وأخلاقه وفضائله، وتقاليده وتشريعاته.

    فلا غنى للإسلام عن هذه الدولة المسئولة في أي عصر، ولكنه أحوج ما يكون إليها في هذا العصر خاصة. هذا العصر الذي برزت في (الدولة الأيديولوجية) وهي الدولة التي تتبنى فكرة، يقوم بناؤها كله على أساسها، من تعليم وثقافة وتشريع وقضاء واقتصاد، إلى غير ذلك من الشؤون الداخلية والسياسية الخارجية. كما نرى ذلك واضحا في الدولة الشيوعية والاشتراكية. وأصبح العلم الحديث بما وفره للدولة من تقدم تكنولوجي في خدمة الدولة، وأصبحت الدولة بذلك قادرة على التأثير في عقائد المجتمع وأفكاره وعواطفه وأذواقه وسلوكه بصورة فعَّالة، لم يُعرف لها مثيل من قبل. بل تستطيع الدولة بأجهزتها الحديثة الموجهة أن تغيِّر قِيَم المجتمع ومُثُله وأخلاقه رأسا على عقب، إذا لم تقم في سبيلها مقاومة أشد.

    إن دولة الإسلام دولة تقوم على عقيدة وفكرة ورسالة ومنهج، فليست مجرد (جهاز أمن) أو (دفاع) يحفظ الأمة من الاعتداء الداخلي أو الغزو الخارجي، بل إن وظيفتها لأعمق من ذلك وأكبر. وظيفتها تعليم الأمة وتربيتها على تعاليم ومبادئ الإسلام، وتهيئة الجو الإيجابي، والمناخ الملائم، لتحويل عقائد الإسلام وأفكاره وتعاليمه إلى واقع ملموس، يكون قدوة لكل مَن يلتمس الهُدى، وحجة على كل سالك سبيل الرَّدَى.

    ولهذا يُعرِّف ابن خلدون (الخلافة) بأنها: حمل الكافة على مقتضى النظر الشرعي في مصالحهم الأخروية والدنيوية الراجعة إليها، إذ أحوال الدنيا ترجع كلها عند الشارع إلى اعتبارها بمصالح الآخرة. فهي في الحقيقة خلافة عن صاحب الشرع في حراسة الدِّين وسياسة الدنيا به.

    ولهذا وصف الله المؤمنين حين يمكَّن لهم في الأرض، وبتعبير آخر حين تقوم لهم دولة، فقال: الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ [الحج:41].

    ثم إن هذه الدولة العقائدية ليست ذات صفة محلية، ولكنها دولة ذات رسالة عالمية، لأن الله حمَّل أمة الإسلام دعوة البشرية إلى ما لديها من هُدى ونور، وكلَّفها الشهادة على الناس، والهداية للأمم، فهي أمة لم تنشأ بنفسها ولا لنفسها فحسب، بل أخرجت للناس، أخرجها الله الذي جعلها خير أمة وخاطبها بقوله: وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ [البقرة:143].

    ومن هنا وجدنا النبي صلى الله عليه وسلم حين أتيحت له أول فرصة -بعد صلح الحديبية- كتب إلى ملوك وأمراء الأقطار في أركان الأرض يدعوهم إلى الله، والانضواء تحت راية التوحيد، وحمَّلهم إثم أنفسهم وإثم رعيتهم إذا تخلفوا عن ركب الإيمان، وكان يختم رسائله بهذه الآية: قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلَّا نَعْبُدَ إِلَّا اللَّهَ وَلا نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلا يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِنْ دُونِ اللَّهِ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَقُولُوا اشْهَدُوا بِأَنَّا مُسْلِمُونَ [آل عمران:64].

    إن شعار دولة الإسلام ما قاله ربعي بن عامر لرستم قائد الفرس: إنَّ الله ابتعثنا لنُخرج الناس من عبادة العباد إلى عبادة الله وحده، ومن ضيق الدنيا إلى سعتها، ومن جَور الأديان إلى عدل الإسلام.

    وإذا كانت هذه الأهمية كلها للدولة وقدراتها المعاصرة، فكيف يدعها الإسلام في يد العلمانين والشيوعيين وغيرهم، يوجهونها إلى ما يضاد عقيدة الأمة وشريعتها وقِيَمها، ويفرغها - بطول الزمن - من رسالتها التي هي أساس وجودها؟

    العلمانية تحاول اقتحام الأزهر مرة أخرى:

    ومن الوقائع الهامة التي ينبغي أن تسجل هنا: أن الأزهر -قلعة العلم والاسلام الكبرى- قد غزي في عقر داره مرتين، لا غزوا ماديا، كما فعل الفرنسيون حين ضربوه بالمدافع والقذائف، حتى تصدعت جدرانه، ثم دخلوا بخيلهم الأزهر، ودنَّسوا أرضه الطاهرة، وانتهكوا حرمة الإسلام وأهله.

    بل هو غزو معنوي أشد خطرا من اقتحام الخيل صحن الأزهر. وهو دخول الدعوى العلمانية المستوردة، التي خلاصتها فصل الدِّين عن الدولة، بل عن الحياة والمجتمع بصفة عامة. وبعبارة أخرى: عزل الله تعالى عن التشريع لخَلقه، والخضوع لأحكام وضعية من صنع البشر. وهو سبحانه القائل: أَفَغيرَ اللهِ أَبتَغِي حَكَمًا وهُو الَّذي أَنْزلَ إِلَيكُم الكِتابَ مُفصَّلاً [الأنعام:114]

    المرة الأولى: كانت على يد الشيخ علي عبد الرزاق وقد تحدثنا عن كتابه الصغير الحجم، الكبير الخطر سنة 1925م والذي هاجمه عليه علماء الأزهر، وسحبوا منه شهادة (العالمية) وأخرجوه من زمرة العلماء. ورد عليه كبارهم بردود علمية حاسمة. مثل رد علامة الفقه الشيخ محمد بخيت المطيعي مفتي مصر في ذلك الزمان، ورد العلامة الكبير الشيخ محمد خضر حسين، الذي أصبح بعد ذلك شيخا للأزهر.

    كما رد عليه كثيرون بعد ذلك منهم، الدكتور محمد ضياء الدِّين الريس، والدكتور محمد البهي، والدكتور محمد عمارة.

    والمرة الأخرى: كانت على يد الشيخ خالد محمد خالد، الذي ألف كتابه (من هنا نبدأ) في سنة 1950م، والذي رحبت به وروجت له دوائر شتى: صليبية وشيوعية وليبرالية وعلمانية، وقاومته كل الاتجاهات الإسلامية. وقد تصدى له كثيرون بالرد، أشهرهم شيخنا الشيخ محمد الغزالي - الذي كان صديقا للشيخ خالد- في كتابه (من هنا نعلم) الذي فند فيه مقولات الشيخ خالد بأسلوب علمي هادئ، لم يبق لباطله شبهة إلا دفعها بالحق، كما قال تعالى: بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ [الأنبياء:18]

    ومما يذكر هنا للشيخ خالد رحمه الله: أنه بعد مدة من الزمن تبين له خطأ ما ذهب إليه من قبل، وأنه تجاوز فيه الحقيقة، فما كان منه إلا أن أعلن في شجاعة رائعة ونادرة: رجوعه عن رأيه القديم، وتبنّيه للرأي المخالف، وأصدر في ذلك كتابا سماه (الدولة في الإسلام) قال في مقدمته:

    (في عام 1950م ظهر أول كتاب لي، وكان عنوانه: (من هنا نبدأ). وكان ينتظم أربعة فصول، كان ثالثها بعنوان: (قومية الحكم).

    وفي هذا الفصل ذهبت أقرِّر أن الإسلام دين لا دولة، وأنه ليس في حاجة إلى أن يكون دولة ... وأن الدِّين علامات تضيئ لنا الطريق إلى الله وليس قوة سياسية تتحكم في الناس، وتأخذهم بالقوة إلى سواء السبيل. ما على الدِّين إلا البلاغ وليس من حقه أن يقود بالعصا من يريد لهم الهُدى وحسن ثواب.

    وقلتُ: إن الدِّين حين يتحول إلى (حكومة)، فإن هذه الحكومة الدِّينية تتحول إلى عبء لا يطاق. وذهبت أعدد يومئذ ما أسميته: (غرائز الحكومة الدِّينية) وزعمت لنفسي القدرة على إقامة البراهين على أنها -أعني- الحكومة الدِّينية في تسع وتسعين في المائة من حالاتها جحيم وفوضى، وأنها إحدى المؤسسات التاريخية التي استنفذت أغراضها ولم يعد لها في التاريخ الحديث دور تؤديه.

    وكان خطئي أنني عممت الحديث حتى شمل الحكومة الإسلامية.

    وهكذا ذهبت أنعت وأهدم ما أسميته يومها بالحكومة الدِّينية! ولم أكن يومئذ أخدع نفسي ولا أزيف اقتناعي، فليس ذلك والحمد لله من طبيعتي. إنما كنت مقتنعا بما أكتب مؤمنا بصوابه.

    وحين أرجع بذاكرتي إلى الأيام التي سطرت فيها هذا الرأي وهذه الكلمات لا أخطئ التعرف إلى العوامل التي تغشتني بهذا التفكير ... والكاتب حين يحيا بفكر مفتوح بعيدا عن ظلام التعصب وغواشي العناد، فإنه يستطيع دائما أو غالبا أن يهتدي إلى الصواب ويقترب من الحقيقة ويعانقها في يقين جديد، وحبور أكيد، ونحن مطالبون بأن نفكر دائما، ونراجع أفكارنا، وننكر ذواتنا ونتخلى عن كبريائنا أمام الحقائق الوافدة ...

    وأود -أولا- أن أشير إلى أن تسمية (الحكومة الإسلامية) بالحكومة الدِّينية فيه تجنّ وخطأ. فعبارة (الحكومة الدِّينية) لها مدلول تاريخي يتمثل في كيان كهنوتي قام فعلا، وطال مكثه. وكان الدِّين المسيحي يستغل أبشع استغلال في دعمه وفي إخضاع الناس له.

    فالحكومة الدِّينية مؤسسة تاريخية نهضت على سلطان ديني بينما كانت أغراضها سياسية، وأَصلَت الناس سعيرا بسوء تصرفاتها وتحكمها ... وهي في المسيحية واضحة كل الوضوح، بينما الإسلام لم يشهد في فترات استغلاله ما شهدته وما تكبدته المسيحية، ولا سيما في العصور الوسطى، عصور الظلام!!

    ولعل أول خطأ تغشَّى منهجي الذي عالجت به قديما قضية الحكومة الدِّينية، كان تأثري الشديد بما قرأته عن الحكومات الدِّينية التي قامت في أوربا، والتي اتخذت من الدِّين المسيحي دثارا تغطي به عريها وعارها ...

    إلى هذا السبب الجوهري أرد خطئي فيما أصدرته -قديما- من حكم ضد الحكومة في الإسلام، هذه التي أسميتها بالحكومة الدِّينية).

    د.يوسف القرضاوي ----بتصرف بسيط ----
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ولم يعرف الاسلام ولم يطبق طوال تاريخه سوى نظام الخلافة ..
    ولم تحكم دولته بغير احكام الشريعة الاسلامية ...
    الى ان جاء الاستعمار الحديث ..
    فالغى نظام الخلافة على يد مصطفى كمال اتاتورك .الذي تدل سيرة حياته انه كان من يهود الدونمة وكان من الماسونيين وكان من عملاء الانجليز ..
    والغى الاستعمار القوانين الشرعية المطبقة في الدولة .. وقسمت دولة الاسلام الواحدة الى دويلات , وفرضت الدول المستعمرة قوانين الغرب الفرنسية والسويسرية على هذه الدويلات ..وجعلت اي دولة لا تتبعها ممنوعة من الانضمام الى هيئة الامم ...
    زاد الظلم والطغيان والعدوان الغربي , ليس على المسلمين فقط , وانما على كل البشر .. حتى ان اكبر الحروب الدموية والمدمرة قامت بين الغربيين انفسهم ..
    فقد آن الأوان لقيام الدولة الاسلامية واستئناف الحياة على المنهج الاسلامي .. من جديد .. حتى توقف هذا الطغيان والعدوان الغربي السافر
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    نعم أخي الفاضل ،، أما قول أن قوانين الدولة مرجعها الإسلام كما يُقال اليوم ،، فما هو إلا حبة مسكن للمسلمين ،، لا أُنكر أن هناك بعض القوانين مستنبطة من أحكام الشريعة ،، ولكن ولو ان جزءا صغيرا فقط يطبق من الشريعة إلا أنه يظل نظاما علمانيا ،، الصحوة الإسلامية في أولها وأسأل الله أن يأتي اليوم الذي تتحول فيه هذه الصحوة إلى ثورة إسلامية إن شاء الرحمان....
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  4. افتراضي

    بارك الله فيك دكتور فخر الدين المناظر وجزاك خيرا ..

  5. افتراضي

    اللهم عجل بدولة العدل والرحمة وتحرير مقدسات الإسلام وفي مقدمتها المسجد الأقصى .
    لا نهاية للكلام وللحديث بقية ما بقيّ في العمر بقية .

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    في الجنة
    المشاركات
    59
    المذهب أو العقيدة
    شيوعى

    افتراضي

    اللهم عجل بدولة العدل والرحمة وتحرير مقدسات الإسلام وفي مقدمتها المسجد الأقصى .

    ولما لا تعجلون انتم؟؟؟ ماذا تنتظرون؟؟؟
    أجراسُ العـَودةِ لن تـُقـرَع...مِن أينَ العودة، إخوتنا
    والعـودة تحتاجُ لإصبَع... ْوالإصبعُ يحتاجُ لكـفٍّ...
    والكـفُّ يحتاجُ لأذرُع ْ
    والأذرُعُ يَلزمُها جسمٌ...والجسمُ يلزمُهُ مَوقِـع ْ
    والمَوقِعُ يحتاجُ لشعـْب...والشعـبُ يحتاجُ لمَدفع ْ

  7. افتراضي

    ولما لا تعجلون انتم؟؟؟ ماذا تنتظرون؟؟؟
    أمثالكم هم من يُعيقوننا

    متى يبلغ البنيان يوما تمامه *** إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم

  8. #8
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    613
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    السلام عليكم و رحمة الله
    في بادئ ذي بدء مصطلح دولة لم يكن يعني فيما مضى ما نقصده في خطابنا.
    و ابن منظور الذي جاء بعد أن بلغت الحضارة الاسلامية أوجها ثم بدأت في الأفول يذكر في معجمه أن الدولة هي العقبة في المال و الحرب معا،و هي من الادالة أي الغلبة نقول اللهم أدلنا عليهم، ومنها قول الحجاج توشك الأرض أن تدال منا فتشرب من دمائنا كما شربنا من مياهها..أي يعاد لها الكرة.
    و أول استعمال لمفهوم الدولة بمعنى قريب لما يتبادر الى أذهاننا كان في حقبة الحكم العباسي حيث يقول أحد أنصار العباسيين هذه دولتنا أي نوبتنا في الحكم في مقابل نوبة دولة بني أمية،اذن اطلاق لفظ دولة على ما سبق من خلافات يوقعنا في خطأ يسمى anachronisme بمعنى استعمال مصطلح في زمان غير زمانه،فتنبه!
    ثم أود أن أصرح أني لست علمانيا و لا أؤيد المشروع العلماني ألبتة.
    لكن دعنا نصارح أنفسنا،فعلا الاسلام دين شامل و هو دين يصنع هوية الأمة بالزامها بأحكام معينة،لكنه لم يأتنا بمشروع سياسي و لا بنظريات في الاقتصاد،و طبعا هذا كان من "اللامفكر فيه" عند بعثة النبي صلى الله عليه و سلم،و ليس عيبا أن نعترف بذلك ففكارل ماركس نفسه يقول ان البشرية لا تطرح من الأسئلة الى ما تقدر على حلها،و لا شك أن حال العرب لم يكن يسمح لاقامة دولة حديثة بدساتير و نظم اقتصادية.
    ففي المجال السياسي مثلا الفتن و الأزمات التي كانت في "خلافة النبوة" كانت نتيجة خلل دستوري،و هل المشادة الكلامية التي كانت في السقيفة الا نتيجة غياب "بند" ينظم طريقة اختيار الحاكم أو الخليفة؟
    و ما يدل أن طريقة اختيار الحاكم كانت عشوائية في الخلافة الراشدة فسيفسائية طرق اختيار الخليفة ،فمن "الفلتة" كما يسميها عمر رضي الله عنه الى وصية أبي بكر رضي الله عنه لعمر،الى وصية عمر لستة من الصحابة..
    كما أنه لم يكن هناك تحديد للمدة التي يستغرقها حكم خليفة معين و هذا ناجم عن انحصار دور أمير المؤمنين في قيادة الحروب و ما أن تضع أوزارها حتى يعود كواحد من المسلمين العاديين،و هذا ما وعاه عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاستحسن لقب أمير المؤمنين،اذ هذا الأخير يعني قائد الحرب و من شاء أن يطلع على معنى أمير المؤمنين فليعد الى مقدمة بن خلدون.
    أما الاقتصاد العربي قبل و بعد الاسلام فملامحه بقيت هي هي،و هو الافتصاد القائم على الغزو كما يقول ابن خلدون،سواء غزو داخلي بفرض الضرائب أو غزو خارجي أي فتوحات،و ليس للعرب نظام اقتصادي البتة،كما أن العقلية العربية عقلية مستهلكة لا علاقة لها بالتدبير و ذلك راجع الى البيئة الصحراوية.. وهذا ما اعترف به أحد ملوك آل سعود حين قيل له ان المشروع الفلاني سيكون ناجحا بهد عشر سنوات،فأجاب باستغراب عشر سنوات؟نحن لا نخطط لما هو بعيد و انما عملنا آني أو كما قال.
    حياكم الله

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    لو لخصنا ما قاله المستشرقون الحقودون والمنصرون المفترون والجهلة لما بلغ الى ما بلغته انت من هذه السخافات والجهالات والمغالطات والافتراءات

    فاتق الله فيما تكتبه
    وتعلم ..فالعلم نور
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  10. #10

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة wa7ad_mn_alnas مشاهدة المشاركة
    ولما لا تعجلون انتم؟؟؟ ماذا تنتظرون؟؟؟
    نعم
    فالقضية هنا ليست مع المحلدين
    انما تتعلق بالمسلمين انفسهم
    قوله تعالى "إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ...

  11. افتراضي

    ما تقوله يا متعلم أمازيغي لا يقوله مُسلم يعلم أن الإسلام دين لكل مكان وكل زمان

    ألم أقل لك أن لا تكون كالإسفنج يشرب كل ما وقع عليه
    شربت كثيرا من أفكار العلمانيين ولست تملك أداة التمييز

    أطلب من الإدارة نقل مداخلة الأخ متعلم إلى مكانه الصحيح

  12. #12

    افتراضي

    والله يامتعلم امازيغي لقد حدت عن الصواب وجانبت الحق فيما قلت
    كيف ومن اين اتيت بهذه الافتراءات على الاسلام الكامل الشامل لكل نواحي الحياة؟؟
    كيف فاتك ان القرآن منهج حياة ودول وتطور وخلافة تامة في الأرض بكل متطلباتها ؟؟
    اما جزئيتك الأخيرة كاملة فوضعها سيئ اخي للغاية
    اسأل الله لك الصواب
    أعظَم مَن عُرِف عنه إنكار الصانع هو " فِرعون " ، ومع ذلك فإن ذلك الإنكار ليس حقيقيا ، فإن الله عزّ وَجَلّ قال عن آل فرعون :(وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا)
    وبُرهان ذلك أن فِرعون لَمّا أحسّ بالغَرَق أظْهَر مكنون نفسه ومخبوء فؤاده على لسانه ، فقال الله عزّ وَجَلّ عن فرعون : (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آَمَنْتُ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلا الَّذِي آَمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ)

  13. #13

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة متعلم أمازيغي مشاهدة المشاركة
    و ما يدل أن طريقة اختيار الحاكم كانت عشوائية في الخلافة الراشدة فسيفسائية طرق اختيار الخليفة ،فمن "الفلتة" كما يسميها عمر رضي الله عنه الى وصية أبي بكر رضي الله عنه لعمر،الى وصية عمر لستة من الصحابة..
    و ما يدل على أنك فقط مفتري و لست مطلع بما فيه من الكفاية أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعلمون تمام العلم بأن أبا بكر هو خليفة رسول الله و تمت له البيعة بالإجماع

    أما الوصية لعمر رضوان الله عليه فقد تمت بالشورى بين المهاجرين و الأنصار و لم يتفرد بهذا القرار أبو بكر وحده و إني لأعجب من مسلم يتفوه بهذه السخافات و الإفتراءت.

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    613
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    و ما يدل على أنك فقط مفتري و لست مطلع بما فيه من الكفاية أن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يعلمون تمام العلم بأن أبا بكر هو خليفة رسول الله و تمت له البيعة بالإجماع
    صح أن البيعة تمت بالاجماع الا صحابي واحد رضي الله عنه،لكن هل تنكر المشادة الكلامية التي كانت بين الأنصار و المهاجرين في السقيفة؟؟؟؟؟؟؟؟
    أين العيب فيما قلنا؟؟
    و هذا سبحان الله يذكره شيخ الاسلام في منهاج السنة و غيره
    أما الوصية لعمر رضوان الله عليه فقد تمت بالشورى بين المهاجرين و الأنصار و لم يتفرد بهذا القرار أبو بكر وحده
    تفرد بها أبو بكر رضي الله عنه و أرضاه ثم اتبعه الصحابة و اختاروه خليفة لهم
    و قولك هذا يدل على عدم وجود طريقة واحدة لاختيار الخليفة و هذا لا شك داخل في قول النبي صلى الله عليه و سلم أنتم أدرى بأمور دنياكم..ثم ألم تنقلب الخلافة الى ملك عضود مع الأمويين و العباسيين؟؟
    فمن أولى بتهمة الافتراء؟؟

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Jan 2009
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    613
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    والله يامتعلم امازيغي لقد حدت عن الصواب وجانبت الحق فيما قلت
    لا تتكلمي من منطلق عاطفي أختي الكريمة.
    أي الكلام بالضبط حدت فيه عن الصواب؟ و ما دليلك؟

صفحة 1 من 6 123 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. أهل الذمة في ظل دولة الإسلام، أحكاما وواقعا
    بواسطة حاتم ناصر الشرباتي في المنتدى قسم الحوار عن الإسلام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 03-20-2012, 08:34 AM
  2. آية قرانية» حولت قساً أميركياً من النصرانية إلى الإسلام
    بواسطة محمد المبارك في المنتدى قسم الاستراحة والمقترحات والإعلانات
    مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 02-16-2012, 11:08 AM
  3. سؤال: الحريات في دولة الإسلام؟؟؟
    بواسطة أحمد حمدي محمد في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 12-26-2011, 02:35 PM
  4. كتيبة النصرة الإعلامية : إعلام الأنام بقيام دولة الإسلام
    بواسطة كتيبة النصرة في المنتدى المكتبة
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-27-2008, 02:53 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء