النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: دراسة في المنهج للشيخ د. عمر بن رفود السفياني

  1. افتراضي دراسة في المنهج للشيخ د. عمر بن رفود السفياني

    أولا: مدخل:

    الحمد الله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
    وبعد.
    فإن من أسمى مقاصد الشريعة الإسلامية رص الصفوف وجمع الشمل بين أبناء المسلمين، الذين تلمهم أخوة الدين، ويوحدهم توحيد الخالق سبحانه وتعالى، وقد سلك الإسلام في سبيل تحقيق هذا الهدف العظيم وسائل شتى وأساليب متنوعة؛
    ومن ضمن هذه الوسائل التي سلكها الإسلام لتحقيق هذه الغاية العظيمة: سد كل طريق يؤدي إلى الفرقة، أو يذكي أسباب الخلاف، ومن أجل ذلك شرع الإمامة وألزم الناس بطاعة الإمام في غير معصية الله، وحرم الخروج عليه ما لم يكن كفر بواح، وما ذلك إلا حرصاً على وحدة الصف وجمع الكلمة.
    ومن الأمور التي ثبت بالتجربة أنها تؤدي إلى قيام الخلاف أو تذكيته بين أبناء الصف الواحد: وجود مصطلحات (مطاطة) حمالة أوجه، تفسر على أكثر من معنى، وقد يفهمها بعض الناس بفهوم متضادة تجعل كل قوم ينزعون إلى فهمهم فيحصل التجاذب المذموم، يتبعه التهاجر والتدابر الذي نهى عنه الشارع الحكيم وحذر منه.

    ومن المصطلحات التي نشأت في الآونة الأخيرة مصطلح (منهج) فإنها كلمة تترد بكثرة على ألسنة كثيرة، وجهات متعددة، فنسمع مثلاً في مجال التعليم (مناهج التعليم) أو منهج الكلية، .. كذلك نسمع هذه الكلمة في مجال آخر كقولهم (منهج المؤلف، أو الباحث،) في كتابه أو رسالته العلمية.
    كذلك لو أن مؤسسة أو شركة من الشركات وضعت برامج أو أنظمة تحكمها وتوجه عملها بحيث تسير وفق بنودها يطلق عليها فيما بعد بمنهج الشركة أو ميثاق الشركة أو نظام الشركة.
    ونسمعها كذلك عند تقويم الفرق أو الطوائف والجماعات... فيقال مثلاً: منهج الأشاعرة، أو الماتوريدية، أو منهج أهل السنة والجماعة...

    وكذلك نسمع ما يعرف بالمنهج التجريبي والمقصود به ذلك المنهج الذي يعتمد بالأساس على التجربة العلمية مما يتيح فرصة عملية لمعرفة الحقائق وسن القوانين عن طريق التجارب.
    ناهيك عن انتشار هذه الكلمة على ألسنة كثير من الدعاة وطلاب العلم في الخطب والدروس والمحاضرات، والتأليف، بل ربما وجد من يعقد عليها مآزر الولاء والبراء!
    فيا ترى ماذا يقصد بهذه الكلمة؟ وهل هي ذات مدلول واحد عند هؤلاء المستخدمين؟ أم أنها ذات مدلولات مختلفة؟

    وإذا كانت مختلفة فهل اختلافها اختلاف تضاد أم تنوع؟ وإذا كان اختلاف تنوع فهل المتلقين له يفهمونها على هذا الأساس أم فهمهم له فهم تضاد؟
    إن هذه الأسئلة المطروحة وغيرها تبرز أهمية تحديد معنى هذا المصطلح عند مستخدميه، وبيان معالمه؛ شأنه شأن أي مصطلح آخر يحدث في حياة الناس أو علومهم مع تذكيرنا بأنه لا مشاحة في الاصطلاح طالما أنه قضية تسمية لمسمى فقط لا تتعدى لمعاني غير مرضية أو مقبولة.
    أما إذا لم تكن كذلك فإن العبرة حينئذٍ بالمضمون والجوهر لا بالألفاظ.

    ومن خلال هذه النافذة سنحاول تسليط الضوء على هذا المصطلح المعاصر بقدر الطاقة والجهد مستعيناً بالله وحده راجياً منه العون والسداد.
    كما أني لا استغنى عن توجيه أو إرشاد من أخ ناصح يفتح الله عليه، فقد أصيب وقد أخطئ، كما أن النقص من سمات المخلوق فرحم الله من رأى من أخيه نقصاً فأكمله، أو عيباً فستره، أو إحساناً فأظهره، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه.

    المنهج في اللغة:-
    عند الرجوع إلى أقدم كتاب في معاجم اللغة وهو كتاب ((العين)) للخليل بن أحمد نجده قال عن كلمة (نهج):
    طريقٌ نَهْجٌ واسِعٌ واضِحٌ وطُرُقٌ نَهْجةٌ، ونَهَجَ الأمرُ وأنْهَجَ لغتان أي وضح.
    ومِنْهَجُ الطّريقِ وَضَحُه والمِنْهاج الطّريقُ الواضِحُ قال:
    .( وأَنْ أفوزَ بنُور أَستضيءُ بهِ ... أَمضي على سُنّةٍ منهُ وِمنهاج)

    وقال ابن فارس:"النون والهاء والجيم أصلان متباينان: الأول النهج، الطريق؛
    ونهج الأمر: أوضحه، وهو مستقيم المنهاج. والمنهج الطريق أيضاً، والجمع المناهج.
    والآخر الانقطاع. وأتانا فلان ينهج، إذا أتى مبهوراً مقطوع النفس، وضربت فلاناً حتى أنهج أي: سقط".

    وقال في مختار الصحاح مادة[ نهج ]:
    النَّهْجُ بوزن الفَلْس و المَنْهَجُ بوزن المذهب و المِنْهاجُ الطريق الواضح و نَهَجَ الطريق أَبانه وأَوضحه و نَهَجَهُ أيضا سلكه وبابهما قطع.
    والنَّهَجُ بفتحتين البُهر وتتابع النَّفس وبابه طرِب وفي الحديث { أنه رأى رجلا يَنْهَجُ } أي يرنو من السِّمَنِ.
    ا.هـ

    وقال في المصباح المنير: (النَّهْجُ) مثل فلس؛ الطريق الواضح و ( المَنْهَجُ ) و ( المِنْهَاجُ ) مثله و ( نَهَجَ ) الطريق ( يَنْهَجُ ) بفتحتين ( نُهُوجًا ) وضح و استبان و ( أَنْهَجَ ) بالألف مثله و ( نَهَجْتُهُ ) و ( أَنْهَجْتُهُ ) أوضحته يستعملان لازمين و متعديين ا.هـ

    وقال في القاموس المحيط: النَّهْجُ : الطَّريقُ الواضِحُ كالمَنْهَجِ والمِنْهاجِ وبالتحريك : البُهْرُ وتَتابُعُ النَّفَسِ والفِعْلُ : كفَرِحَ وضَرَبَ . وأنْهَجَ : وضَحَ وأوضح و الدَّابَّةَ : سارَ عليها حتى انْبَهَرَتْ و الثَّوْبَ : أخلَقَهُ كنَهَجَهُ كمَنَعَهُ . ونَهَجَ الثَّوْبُ مُثَلَّثَةَ الهاءِ : بَلِيَ كأَنْهَجَ . ونَهَجَ كمنَعَ : وضَحَ وأوْضَحَ و الطَّريقَ : سَلَكَهُ . واسْتَنْهَجَ الطَّريقُ : صارَ نَهْجاً كأَنْهَجَ و فُلانٌ سَبيلَ فلانٍ : سَلَكَ مَسْلَكَهُ .ا.هـ

    وقال في تاج العروس: قال يَزيدُ بن الحَذّاق العَبْديّ :
    ولقد أَضاءَ لك الطَّرِيقُ وأَنْهجَتْ ... سُبُلُ المَكارمِ والهُدَى تُعْدِي
    أَي تُعِينُ وتُقوِّي . أَنْهَجْتُ " الدَّابَّةَ " : إِذا " سارَ عليها حتى انْبَهَرَتْ " وأَعْيَتْ .
    وفي حديث عُمَرَ رضي الله عنه : " فضَرَبه حتى أُنْهِج " : أَي وَقَعَ عليه الرَّبْوُ . وأَفعَلَ متعدٍّ . يقال : فُلانٌ يَنْهَجُ في النَّفَس فما أَدرِي ما أَنْهَجَه . أَنْهَجَ البِلَى " الثَّوْبَ أَخْلَقَه كنَهَجَه كمَنَعَه " يَنْهَجُه نَهْجاً . " ونَهجَ الثَّوْبُ مثلَّثةَ الهاءِ : بَلِيَ كأَنْهَجَ " فهو نَهِجٌ . وأَنْهَجَ : بَلِيَ ولم يَتشقَّقْ . وأَنْهَجَه البِلَى فهو مُنْهَجٌ . وقال ابنُ الأَعرابيّ : أَنْهَجَ فيه البِلَى : اسْتَطارَ . وأَنشد :
    " كالثَّوْبِ " إِذْ أَنْهَجَ فيه البِلَى ... أَعْيَا علَى ذِي الحِيلَةِ الصَّانِع ا.هـ

    وقال في لسان العرب: طريقٌ نَهْجٌ بَيِّنٌ واضِحٌ وهو النَّهْجُ قال أَبو كبير:
    فأَجَزْتُه بأَفَلَّ تَحْسَبُ أَثْرَهُ ...... نَهْجاً أَبانَ بذي فَريغٍ مَخْرَفِ.
    والجمعُ نَهجاتٌ ونُهُجٌ ونُهوجٌ قال أَبو ذؤَيب به رُجُماتٌ بينهنَّ مَخارِمٌ نُهوجٌ كلَبَّاتِ الهَجائِنِ فِيحُ وطُرُقٌ نَهْجَةٌ وسبيلٌ مَنْهَجٌ كَنَهْجٍ ومَنْهَجُ الطريقِ وضَحُه والمِنهاجُ كالمَنْهَجِ وفي التنزيل [لكلٍّ جعلنا منكم شِرْعةً ومِنْهاجاً].

    وأَنهَجَ الطريقُ وضَحَ واسْتَبانَ وصار نَهْجاً واضِحاً بَيِّناً قال يزيدُ بنُ الخَذَّاقِ العبدي:
    ولقد أَضاءَ لك الطريقُ وأَنْهَجَتْ سُبُلُ ...... المَكارِمِ والهُدَى تُعْدِي أَي تُعِينُ وتُقَوِّي.
    والمِنهاجُ الطريقُ الواضِحُ واسْتَنْهَجَ الطريقُ صار نَهْجاً وفي حديث العباس: (لم يَمُتْ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم حتى تَرَكَكُم على طريقٍ ناهِجةٍ) أَي واضحةٍ بَيِّنَةٍ.

    ونَهَجْتُ الطريقَ أَبَنْتُه وأَوضَحتُه يقال: اعْمَلْ على ما نَهَجْتُه لك ونَهَجتُ الطريقَ سَلَكتُه وفلانٌ يَستَنهِجُ سبيلَ فلانٍ أَي يَسلُكُ مَسلَكَه والنَّهْجُ الطريقُ المستقيمُ ونَهَجَ الأَمْرُ وأَنهَجَ لُغتانِ إِذا وضَحَ والنَّهَجةُ الرَّبْوُ يَعْلو الإِنسانَ والدابَّةَ قال الليث ولم أَسمَعْ منه فِعلاً وقال غيره أَنهَجَ يُنْهِجُ إِنهاجاً ونَهَجْتُ أَنهِجُ نَهْجاً ونهِجَ الرجلُ نَهَجاً وأَنْهَجَ إِذا انْبَهَرَ حتى يقع عليه النَّفَسُ من البُهْرِ وأَنهَجَه غيرُه يقال فلانٌ يَنْهَجُ في النفَسِ فما أَدري ما أَنهَجَه وأَنهَجتُ الدابَّةَ سِرْت عليها حتى انْبَهَرَتْ >

    وفي حديث قُدومِ المُسْتَضعَفِينَ بمكة فنَهِجَ بين يَدَيْ رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى قَضى النَّهَجُ بالتحريك والنَّهِيجُ الرَّبْوُ وتواتُرُ النَّفَسِ من شدَّةِ الحركةِ وأَفعَلَ مُتَعَدٍّ وفي حديث عمر رضي الله عنه فضَرَبَه حتى أُنْهِجَ أَي وقع عليه الرَّبْوُ يعني عمر وفي حديث عائشة فقادني وإِني لأَنْهَجُ وفي الحديث أَنه رأَى رجلاً يَنْهَجُ أَي يَرْبو من السِّمَن ويَلْهَثُ وأَنْهَجَتِ الدابةُ صارتْ كذلك وضَرَبَه حتى أَنْهَجَ أَي انْبَسَط وقيل بَكى ونَهَجَ الثوبُ ونَهُجَ فهو نَهِجٌ وأَنهَجَ بَلِيَ ولم يَتَشَقَّقْ وأَنْهَجَه البِلى فهو مُنْهَجٌ وقال ابن الأَعرابي أَنْهَجَ فيه البِلى اسْتَطار وأَنشد:
    كالثوبِ أَنْهَجَ فيه البِلى ...... أَعْيا على ذي الحِيلَةِ الصانِع ا.هـ

    ومما سبق يتضح أن هذه الكلمة ومشتقاتها لها عدة مدلولات في اللغة:
    الأولى: الطريق أو الجادة التي يسلكها السالك في سيرة، فيقال طريقاً منهاجاً؛ موطؤة بالعادة لكثرة السالكين.

    قال ابن الأثير في النهاية: وفي حديث عبد اللّه بن سَلاَم رضي اللّه عنه [وإذا جَوادُّ مَنْهج عن يَمِيني] الجَوادُّ : الطُّرُق واحدها جادّة وهي سَواء الطريق ووسَطه . وقيل هي الطَّريق الأعظم التي تجْمع الطُّرُق ولا بُدّ من المرور عليها ا.هـ
    الثانية: الانقطاع أو السقوط، يقال: طَرَدْتُ الدَّابَّةَ حتى نَهَجَت.
    الثالثة: الوضوح والبيان يقال: طريق (نهج) أي بين واضح.
    الرابعة: البلى وتقادم العهد؛ يقال: أَنْهَجَ البِلَى " الثَّوْبَ أي أَخْلَقَه. قال أَبو عبيد المُنْهَج: الثوبُ الذي أَسرعَ فيه البِلَى.

    الخامسة: سلوك الطريق : نهجت الطريق: سلكته، وفلان يستنهج سبيل فلان أي يسلك مسلكه، والنهج الطريق المستقيم.

    المنهج في الكتاب والسنة:-
    لم ترد لفظة (منهج) في كلام الله ، وإنما وردت كلمة (منهاج)،
    قال تعالى: ((لكل جعلنا منكم شرعة ومنهاجاً)).
    قال ابن عباس و الحسن و مجاهد : أي سبيلا وسنة. فالشرعة والمنهاج الطريق الواضح. تفسير البغوي [1/65].
    وفي السنة النبوية:" تكون النبوة فيكم ما شاء الله أن تكون.....ثم تكون خلافة على منهاج النبوة" (رواه أحمد).
    وفي حديث الرؤيا التي عبرها أبو بكر رضي الله عنه :"ثم يكون من بعدك رجل على منهاجك"(رواه أحمد).

    وروى الدارمي عن العباس رضي الله عنه :"إن رسول الله صلى الله عليه وسلم والله ما مات حتى ترك السبيل نهجاً واضحاً: فأحل الحلال وحرم الحرام، ونكح وطلق، وحارب وسالم..."

    وفي حديث عبد الله بن سلام –رضي الله عنه- قال: بينا أنا نائم أتاني رجل فقال : قم فأخذ بيدي فانطلقت معه فإذا أنا بجواد عن شمالي فأخذت لآخذ فيها فقال لي : لا تأخذ فيها فإنها طرق أصحاب الشمال قال : وإذا جواد منهج عن يميني قال : لي : خذ ها هنا فأتى بي جبلا فقال لي : اصعد فوق هذا فجعلت إذا أردت أن أصعد خررت على إستي حتى فعلته مرارا ثم انطلق حتى أتى بي عمودا رأسه في السماء وأسفله في الأرض وأعلاه حلقة فقال لي : اصعد فوق هذا فقلت : كيف أصعد فوق هذا ورأسه في السماء ؟ فأخذ بيدي فزحل بي فإذا أنا متعلق بالحلقة ثم ضرب العمود فخر وبقيت متعلقا بالحلقة حتى أصبحت فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فقصصتها عليه فقال : ( أما الطريق الذي رأيت على يسارك فهي طريق أصحاب الشمال وأما الطريق الذي رأيت عن يمينك فهي طريق أصحاب اليمين والجبل هو منازل الشهداء ولن تناله وأما العمود فهو عمود الإسلام وأما العروة فهي عروة الإسلام ولن تزال مستمسكا بها حتى تموت ) صحيح ابن حبان (16/123).
    قال شعيب الأرنؤوط : إسناده صحيح على شرط مسلم.

    ويتضح لنا من هذا أن ورود المنهج أو النهج أو المنهاج في الكتاب والسنة لا يخرج عن المعنى اللغوي الذي ذكرناه سابقا


    http://www.soutulhaq.com/ar/derasat/...chiv.php?id=10

  2. افتراضي

    تعريف المنهج في الاصطلاح:
    تعريف المنهج من الناحية الاصطلاحية أمر يظهر فيه عسر، ومرجع ذلك لعدة عوامل:
    الأول: كون هذا المصطلح هو من المصطلحات العصرية الحديثة، فلم يورده أحد من المتقدمين حسب علمي.
    الثاني: كثرة المستعملين لهذا المصطلح مع اختلاف مشاربهم أو أغراضهم مما جعل كل قوم يعرفونه من منطلقهم الخاص.
    فمثلاً: التربيون يعرفون المنهج بأنه:
    عبارة عن مجموعة المواد الدراسية .
    أو أنه محتوى المقرر الذي يدرسه التلاميذ .
    وقد يتوسع بعضهم فيعرف المنهج على أنه جميع ما تقدمه المدرسة إلى تلاميذها تحقيقاً لرسالتها وأهدافها ووفق خطتها في تحقيق هذه الأهداف .
    [ انظر: http://www.ishraf.gotevot.edu.sa/reading/pep.htm].
    وهذا التعريف ينطلق من نظرة التربويين لمفهوم (المنهج) حيث يحصرونه ضمن مستوى ما دون الجامعة .
    ومع ارتقائنا قليلاً إلى المستوى الجامعي أو التعليم العالي نجدهم يعرفون المنهج بأنه:
    الطريق أو السبيل ، الذي يتبعة الباحث في حل المشكلة أما أن يكون تاريخي ، أو مسحي ، أو تجريبي ، أو دراسة حالة...
    وهذا التعريف يختلف عما ذكره التربيون بالنسبة لمراحل تعليم ما قبل الجامعة.
    وعند الخروج من أطار التعليم عامة وتعريفاتهم للمنهج نجد هناك من يعرف المنهج بأنه ذلك التّمشّي أو المسلكيّة المنظّمة التّي يقع اتّباعها و احترامها لأجل الوصول إلى الحقيقة سواء كانت فلسفيّة أو علميّة. ا.هـ
    المنهج في تعبير الدعاة وطلاب العلم المعاصرين:
    وهم الذين يعنوننا من بين هؤلاء المستخدمين لهذا المصطلح وقد سبق وأن أشرنا إلى أن اصطلاح (منهج) من المصطلحات الحديثة، التي انتشرت بين المعاصرين، وأصبحوا يرددونها كثيراً في طروحاتهم المختلفة.
    والحقيقة أن من يستعمل هذا المصطلح من العلماء أو طلبة العلم يقصدون به معنى معيناً ليس الذي يقصده التربوي أو الباحث العلمي.
    وحين تتبع مقالات لعلماء أو دعاة معاصرين يذكرون هذا المصطلح تجد لهم مقاصد متعددة، قد تختلف ، وقد تكون متقاربة في الجملة ومن ذلك:
    1 = إطلاقه على الدين الإسلامي عامة على اعتبار أنه منهج منزل من الله ليس فيه عيب ولا نقص. ولذلك نجد كثيراً من الدعاة والعلماء يتكلمون عن صفات المنهج الرباني وما يمتاز به من صفات لا توجد في غيره من المناهج الأرضية.
    وهذا استعمال واسع جداً عند شريحة كبيرة من الدعاة.
    2 = إطلاقه على المعنى العقدي خاصة. أي مرادف للعقيدة.
    فيقال مثلاً: منهج أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات إثبات ما أثبته الله لنفسه ... الخ
    وهذا الاستعمال يبدو أنه قليل ومحدود.
    3 = إطلاقه على الطرق والسبل التي تؤدي إلى التشبه بالسلف الصالح سواء في المعتقد أو التعامل مع القضايا والنوازل المختلفة.
    ويدخل في ذلك التعامل مع النصوص الشرعية من الكتاب والسنة من حيث النفي والإثبات، والتأويل والتعطيل...
    كقولهم: منهج أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات، أو في العقيدة. وقولهم منهج الأشاعرة في العقيدة، ... وهذا أوسع من الذي قبله كما يلاحظ.
    4 = إطلاقه على طرق الاستدلال ومصادر التلقي كقولهم: منهج أهل السنة في الاستدلال، أو منهج المبتدعة في الاستدلال.. ونحو ذلك.
    5 = إطلاقه وإرادة معاني محدودة كقولهم: منهج الإسلام في دعوة غير المسلمين، وكقولهم: منهج الأنبياء في الدعوة إلى الله، أو منهج العالم الفلاني أو الجماعة الفلانية في الدعوة إلى الله.
    وقولهم: منهج الإسلام في تربية الأسرة ... ويقصد أصحاب هذا الإطلاق: الطرق والسبل التي سلكها الإسلام في التعامل مع هذه القضايا لتحقيق المصالح أو درء المفاسد عنها أو هما معاً.
    وهذا الإطلاق أخص من الإطلاق الأول كما لا يخفى، لكنه أوسع من حيث الاستعمال.
    هذا مجمل ما وقفت عليه من استعمال لهذا المصطلح وقد يكون هناك غيرها فمن وجد أي استعمال لهذه الكلمة فلا بأس بذكره.
    ولابد من التذكير بأن كلمة المنهج (مفردة) لا تعطي مدلولا معينا فلابد حينئذ من إضافتها لتكتسب مدلولها من المضاف إليه، فعندما نقول: مناهج الدراسة، أو الكلية علم أننا نقصد تلك المقررات التي يدرسها الطالب في مدرسته أو كليته، وعندما نقول: منهج الباحث في رسالته؛ علم أننا نقصد الطريقة التي اتبعها ذلك الباحث في بحثه حتى خرج بصورته المقروءة ... وهكذا.
    وإذا قلنا: منهج أهل السنة والجماعة، أو منهج الأشاعرة ... فلابد أن ذكر بعده ما يفيده التعريف كما سبق فيقال: منهج أهل السنة والجماعة في الأسماء والصفات أوفي الدعوة إلى الله أوفي التعامل مع المخالف أو المتغيرات… الخ.
    التعريف المقترح:
    بعدما سبق ذكره سنحاول الوصول إلى تعريف مقترح يراعى فيه –بقدر الجهد- الشمول بحيث يصلح لعامة مستعملي هذه الكلمة أو غالبيتهم فنقول:
    المنهج: هو الكيفية التي يتعامل بها الشخص أو الجماعة مع مختلف القضايا التي تعرض له سواء كانت في أمور دينه أو دنياه.
    وأما عند ربطه بأهل السنة والجماعة فيقال:
    منهج أهل السنة: هو طريقهم وسبيلهم الذي يسلكونه في تعاملهم مع مختلف القضايا سواء كانت من الثوابت أو النوازل وفق ضوابط الشرع.
    أو يقال: الطرق الشرعية التي يسلكها أهل السنة والجماعة في التعامل مع مختلف القضايا سواء كانت من الثوابت أو النوازل.
    وهذا المسلك أو المنهج وثيق الصلة بمصادر التلقي عندهم التي أهمها الكتاب والسنة وإجماع الأمة.
    وهذا التعريف يحدد النظرة الصحيحة التي ينبغي أن يسلكها كل منتسب إلى أهل السنة والجماعة لمعرفة الحق في كل مسألة.
    لكن لابد من التأكيد على أن كثيراً من هذه الطرق والسبل هي مسائل اجتهادية خصوصاً التعامل مع النوازل فإن النظر يختلف حيالها من إنسان لآخر.
    الولاء والبراء على المنهج:
    لعل من أهم النقاط التي يجب تحريرها في مسألة المنهج هي قضية من قضايا العقيدة الجوهرية ألا وهي قضية الولاء والبراء.
    ولعل الحديث يأتي عن الولاء والبراء لا حقاً بشيء من التوسع لكن الذي يهمنا هنا علاقة هذه القضية بالمنهج، أي هل يصح أن يبنى الولاء والبراء على المنهج أم لا؟
    وحتى لا يطول الكلام نقول: إن هذه المسألة مبنية على تعريف المنهج من منظور قائله أو مطلقه، فإذا رجعنا قليلاً إلى إطلاقات هذه الكلمة التي سبق أن أشرنا إليها نلاحظ أنها بالمعاني الأربعة الأولى تعني أموراً جوهرية عند أهل السنة والجماعة؛ فإذا كان المقصود بالمنهج الدين الإسلامي، أو كان مرادفاً لتعريف العقيدة فلا شك أنه يبنى عليه الولاء والبراء ...، وأما إذا قصد به طرق التعامل مع القضايا والنوازل فإن غالب هذه الطرق هي طرق اجتهادية خاضعة للنظر وقابلة للأخذ والرد.
    فإن أكثر ما يشغل الساحة الدعوية في هذه الأيام: طرق التعامل مع النوازل والوقوف من المخالفين بشتى أنواعهم .
    وأهل العلم ينصون على أن قضايا الاجتهاد لا يجوز أن يبنى عليها ولاء ولا برءاً.
    الخلل في فهم المنهج:
    إنه بسبب غياب الفهم الصحيح لمصطلح (المنهج) من جانب، وبسبب الجهل بتطبيقه من جانب آخر حيال القضايا لدى شريحة كبيرة من الناس ممن ينتسبون إلى هذه الطائفة المباركة أدى إلى حصول نكبات كثيرة في مسيرة الصحوة، وأدى في أحايين كثيرة إلى تعثر السير، وانشغال الكثيرين بأمور ثانوية على حساب أمور أهم منها.
    بل وأدى في أحايين أخرى إلى انشغالهم بأمور تشرخ جدار الصحوة الإسلامية وتوقع فيها الخلل والبلبلة، وبعثرة الجهود وتسليط السهام على من لا يستحقها والظن بها عمن هو أحق بها.
    كذلك من القضايا التي غاب ضبطها في هذا المضمار التعامل مع المبتدع الذي ينتسب لأهل القبلة حيث نرى أن منهاج التعامل معه يجنح بين الإفراط والتفريط، وقلة أولئك الذين فقهوا الموقف الصحيح من أصحاب البدع.
    كل هذا يحدث بسبب غياب ضبط منهاج أهل السنة والجماعة من حيث الاصطلاح أو من حيث التطبيق العملي.
    ولعلنا نشير إلى بعض هذه السلبيات التي نحن بصدد الحديث عنها فمنها:
    = الإفراط في الجرح حتى أصبح وكأنه غاية وليس وسيلة.
    = الغلو في بعض الشخصيات حتى أصبح كل ما يقولونه أو يفعلونه هو الحق الذي لا محيد عنه وكل ما سواه فباطل.
    = إلغاء الجانب العلمي في كثير من القضايا العلمية وجعلها قضايا منهجية يتم من خلالها تصنيف الناس إلى ضال ومهتدي، وهذا خلاف المنهج الرباني الذي يحكم على الإنسان من خلال ما عنده من الحق أو الباطل، أو الهدى والضلالة.
    = غياب مبدأ القسط الذي أمر الله به عباده في القول والعمل، والحكم على الشخص من خلال أخطائه فقط دون النظر في حسناته مما يعني عدم صلاحيته لفعل الخير أو قوله البتة.
    = عدم التفريق بين القضايا التي توجب الولاء والبراء وبين القضايا التي لا توجب ذلك مما يعرف بالمسائل الاجتهادية.
    = عدم التفريق بين من أراد الحق ووقع في الخطأ وبين من أراد الباطل لذاته، وكذلك عدم التفريق بين المبتدع ومن وقع في البدعة إذ لا يلزم من كونه وقع فيها أن يكون مبتدعاً.
    = بيان الموقف الشرعي الصحيح من أصحاب البدعة، وأنه ليس ولاءً محضاً، ولا براءً محضاً، كما أنه يتأثر بحالتي الحرب والسلم.
    = عدم مراعاة المفاسد والمصالح، بل عدم اعتبارها عند كثير ممن ينسبون لطلب العلم، فربما أنكر أمراً مخالفا للسنة لكن وقع فيما هو أقبح منه وأشد.
    وفي الجانب الآخر نجد من أفرط في استعمال مصطلح المصلحة والمفسدة حتى جعله سدا في وجه النصوص الشرعية وباباً لتعطيلها.
    ومعلوم أن تغيير المنكر إذا تولد عنه منكر أعظم منه لم يكن حينئذ مأمورا به، بل منهي عنه، لأن الشريعة جاءت لتحقيق خير الخيرين إذا لم يمكن تحقيقهما معاً، ودفع شر الشرين إذا لم يمكن دفعهما معاً.
    وهذا باب واسع جدا لا يقوم به إلا من أوتي رسوخاً في العلم وبصيرة في الدين ومعرفة بمجريات الأحداث والوقائع.
    ولا ينبغي –بحال- أن يتصدى له من قل حظه من هذه الأمور.
    ومن الأمور ذات الصلة بالمنهج: الأسماء الشرعية كالإسلام والإيمان والكفر، والنفاق وشروط كل منها، ومثل تعريف البدعة والمبتدع، والولاء والبراء، والدعوة إلى الله.. وتوضيحها لمن خفي عليه شيء من جوانبها.
    حتى يكون المرء على بصيرة من أمره ومعرفة فيما يتعبد الله به من الأقوال والأفعال على منهج سوي قويم بعيدا عن الإفراط والتفريط.
    كما يحسن التعرض لبعض القضايا العلمية التي حصل بسببها نقاش وجدال طويل كالحكم بغير ما أنزل الله، والعذر بالجهل وموقف المسلم منها.
    أيضاً من الأمور ذات الصلة بهذا الجانب:
    = دراسة خصائص أهل السنة والجماعة وما امتازوا به عن غيرهم من الفرق.
    = بيان الموقف الحق من قضايا الخلاف داخل الصف الإسلامي بعامة والصف السني بخاصة، ومتى تتم الموافقة أو المفارقة.
    = موقف أهل السنة والجماعة من اعتداء الكافر على المسلم عموماً سواء كان هذا المسلم سنياً أو مخالفاً لأهل السنة.
    وقد تطرق كثير من الباحثين لكثير من هذه الأمور لكن في أبحاث متفرقة كما أن بعضها ينقصه الإضافة أو التوضيح وهي في الجملة أبحاث مفيدة، لكن لا زالت الحاجة ملحة في طلب المزيد وعسى أن يسخر الله لهذا الأمر من هو أهل له فيبين ويوضح معالمه وحدوده وما خفي منه.
    وقد بدا لي –ومن خلال ما وقفت عليه من مقالات، من داخل الشبكة وخارجها، وما قد ينقدح في الذهن- محاولة جمع ما تفرق من أبحاث حيال هذه القضايا في مكان واحد ليكون سهل التناول.
    وهي محاولة متواضعة بلا شك لكن ما لا يدرك جله لا يترك كله كما قيل. وقد استفدت كثيراً مما كتبه الشيخ عبد الرحمن عبد الخالق في رسالته (ملامح المنهج المعتدل وأثر وسطيته في حياة المسلمين).

    http://www.soutulhaq.com/ar/derasat/...chiv.php?id=11

  3. افتراضي

    المبحث الأول: الأسماء الشرعية

    إن من أهم ما يميز الأمة الإسلامية، والدين الإسلامي بعمومه ذلك الشمول والتكامل الذي استأثر به الإسلام دون باقي المناهج أو الأديان، ومن ذلك ضبطه لقضية يعتبر الإخلال بها باباً من أبواب الانحراف والذوبان الذي يفقد المسلم هويته ودينه؛
    إنها قضية الأسماء التي يتم بها معرفة الحق من الباطل والخير من الشر وبدونها تختلط المفاهيم وتختل القيم.

    وكي نعرف أهمية معرفة الأسماء وحقائقها نرى أن الله سبحانه وتعالى علمها أبانا آدم، وامتن بها عليه، وأظهره على الملائكة العظام قال تعالى [وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (البقرة:32)

    (قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (البقرة:33).
    في تفسير الطبري [ جزء 1 - صفحة 251 ] عن ابن عباس قال : علم الله آدم الأسماء كلها وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس : إنسان ودابة وأرض وسهل وبحر وجبل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها ا.هـ

    وكانت الملائكة قبل قالوا: [أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:30)].


    فلما أظهر الله فضله عليهم بتعليمه ما لم يعلموا من الأسماء أمرهم الله بالسجود له، ولم يأمرهم به قبل ذلك. والحقيقة أن باب الأسماء والمسميات من الأبواب الخطيرة التي غُزيَ أهل الإسلام من خلالها بغية تحطيم الهوية الإسلامية في نفوس المسلمين، وعزلهم عن أصلهم الذي يرتكزون عليه، والحيلولة بينهم وبين امتدادهم التاريخي الذي يصلهم بأسلافهم، ويشعرون من خلاله بالانتماء العقدي والأخلاقي، وهي مسألة جديرة بأن يهتم بها وينبه عليها كثيراً.

    والذي يهمنا هنا من هذه الأسماء هي الأسماء الشرعية خاصة التي يتعلق بها المدح والذم لا مجرد الأسماء التي تعرف بها الأشياء فقط، وذلك كالمؤمن والكافر والعالم والجاهل، والفاسق، والمنافق، والمبتدع، والمقتصد، والملحد، والولاء والبراء...

    حيث أن معرفة هذه الأسماء هي التي يمدح عليها الناس أو يذمون، ويعادون أو يوالون.
    مع التأكيد على أن أسماء الأشياء هي جزء من ثقافة الأمة، وبيان قوة شخصيتها، وكون الأمة تخل بها أو تتخلى عنها فلا شك أن ذلك يقدح في ماهيتها واستقلاليتها بين الأمم عوضاً عن ريادتها وسؤددها.
    ونحن هنا لا نملك القدرة على الحديث عن كل المسميات الشرعية وبحسبنا أن نذكر بعضاً منها يستدل به على ما لم يذكر والقصد هو التمثيل والتوضيح فحسب؛ ومن أهم هذه الأسماء:
    الإسلام، والإيمان، والكفر والنفاق، والبدعة، والسنة، والفسق، والمعصية والطاعة... وكل ما نرى أن له علاقة بموضوع المنهج الذي قررناه فيما سبق؛

    أولاً: الإسلام:
    وعلاقته بموضوع المنهج ظاهرة، وذلك أن من أصول المنهج كيفية التعامل مع المسلم وحتى وإن كان عاصياً.

    الإسلام في اللغة والاصطلاح
    - ذهب أهل العربية إلى أنه الاستسلام والخلوص، قال أبو بكر محمد بن بشار:
    " من قولهم سلّم الشيء لفلان، أي خلّصه".

    - وقال شيخ الإسلام: لفظ ‏[‏الإسلام‏]‏ يستعمل على وجهين‏:‏
    متعديا كقوله‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏125‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ‏}‏ الآية ‏[‏آل عمران‏:‏20‏]‏، وقوله في دعاء المنام‏.‏ ‏(‏أسلمت نفسي إليك‏)‏‏.‏

    ويستعمل لازمًا كقوله‏:‏ ‏{‏إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏131‏]‏، وقوله‏:‏‏{‏وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏83‏]‏، وقوله عن بلقيس‏:‏ ‏{‏وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏النمل‏:‏44‏]‏‏.‏ وهو يجمع معنيين‏:‏

    أحدهما‏:‏ الانقياد والاستسلام‏.‏

    والثاني‏:‏ إخلاص ذلك وإفراده، كقوله‏:‏ ‏{‏ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 29‏]‏، وعنوانه قول‏:‏ لا إله إلا الله‏.‏

    وله معنيان‏:‏
    أحدهما‏:‏ الدين المشترك، وهو عبادة الله وحده لا شريك له الذي بعث به جميع الأنبياء، كما دل على اتحاد دينهم نصوص الكتاب والسنة‏.‏
    والثاني‏:‏ ما اختص به محمد من الدين والشرعة والمنهاج ـ وهو الشريعة والطريقة والحقيقة ـ وله مرتبتان‏:‏

    أحدهما‏:‏ الظاهر من القول والعمل، وهي المباني الخمس‏.‏
    والثاني‏:‏ أن يكون ذلك الظاهر مطابقًا للباطن‏... ا.هـ [مجموع الفتاوى 7/635].
    ومن معاني الإسلام: الخضوع وقبول الشريعة، قال الأزهري:

    " الإسلام: إظهار الخضوع والقبول لما أتى به الرسول عليه السلام، وبه يحقن الدم".
    – وكذلك هو الانقياد والطاعة لله تعالى.. قاله ابن أبي العز الحنفي.
    وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك.
    - فهو يجمع معنيين كما ذكر شيخ الإسلام:

    الأول: الانقياد والاستسلام الله تعالى بالطاعة.
    والثاني: إخلاص ذلك وإفراده، كما قال تعالى:
    { ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل}.

    - وله ثلاثة معان من حيثية أخرى - كما ذكرها أيضاً شيخ الإسلام - هي:
    الأول: الدين المشترك، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، الذي بعث به جميع الأنبياء، كما دل على اتحاد دينهم نصوص الكتاب والسنة، مثل قوله تعالى:
    { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}..

    وقوله تعالى {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام}(آل عمران: من الآية19)
    المعنى الثاني: ما اختص به محمد -صلى الله عليه وسلم- من الدين والشريعة والمنهاج، وله مرتبتان:
    أحدهما: الظاهر من القول والعمل، وهي المباني الخمسة: الشهادة، الصلاة،
    الزكاة، الصيام، والحج.

    الثاني: أن يكون ذلك الظاهر مطابقا للباطن.. كقوله تعالى {)إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (آل عمران:19) )إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام )(آل عمران: من الآية19).

    وكقوله تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (البينة:5). وكما في حديث وفد عبد القيس.
    المعنى الثالث: من السلامة، أي المسلم هو من أسلم غيره، فجعله سالما منه، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:
    (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده). أخرجه البخاري برقم (10) ومسلم برقم (40).
    وقد عرفه النبي –صلى الله عليه وسلم- بأركانه الظاهرة كما في حديث ابن عمر عند البخاري رقم (8) ومسلم برقم (16) حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان).. لفظ البخاري

    وكما في حديثه الذي افتتح به مسلم صحيحه وما في معناهما من الأحاديث.
    فهو مختص بالأعمال الظاهرة على الجوارح واللسان، وأركانه هي الخمسة المذكورة.
    من هو المسلم:
    قيل: هو المنقاد للأحكام الشرعية.

    وقد عرفه النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الصحيح فقال (: المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه).
    لكن هذا التعريف قد يرد عليه إشكالان:
    الأول: أن هناك أناس غير مسلمين ومع ذلك فقد سلم المسلمون من ألسنتهم وأيديهم.
    الآخر: عكسه، وهو أن كثيرا من المسلمين لم يسلم منهم المسلمون فهل يعني أن أذية المسلم مخرجة من الإسلام؟!

    الجواب عن الأول:

    من وجهين:
    الأول: أن ذلك خرج مخرج الغالب، إذ أن الأصل في غير المسلم أذية المسلم بأي وسيلة.
    الآخر: أن يقال: لا نسلم بوجود كافر لا يؤذي المسلم إذ كفر الكافر أمر يحمله على أذية المسلم ولابد وعليه فلا يوجد كافر إلا وهو مؤذ للمسلمين بأي وسيلة ممكنة من يده أو لسانه وقلمه.
    بل مجرد كفره أذية لأن المسلم لا يرضى أن يكفر بالله سبحانه.
    وعن الإشكال الآخر:

    أن المقصود في الحديث المسلم الكامل الذي اتصف بجميع خصال الإسلام لأنه إذا قام بحقوق الخلق فمن باب أولى أن يقوم بحقوق الخالق.

    فيكون من باب التنبيه بالأدني على الأعلى.
    وقيل: إن تلك علامة يستدل بها على إسلامه. انظر الفتح (1/53).
    وقد يقال: إن الحديث على ظاهره لكنه مقيد بالأحاديث والنصوص الأخرى التي تدل على أن أذية المسلم وغيرها من الذنوب لا تخرج من الملة.
    وعلى أي حال فإن أهل القبلة لم يحصل بينهم خلاف في مسمى الإسلام، وإن اختلفوا في بقائه لمن تلبس ببعض الذنوب العظام.


    http://www.soutulhaq.com/ar/derasat/...chiv.php?id=12

  4. افتراضي

    المبحث الأول: الأسماء الشرعية

    إن من أهم ما يميز الأمة الإسلامية، والدين الإسلامي بعمومه ذلك الشمول والتكامل الذي استأثر به الإسلام دون باقي المناهج أو الأديان، ومن ذلك ضبطه لقضية يعتبر الإخلال بها باباً من أبواب الانحراف والذوبان الذي يفقد المسلم هويته ودينه؛
    إنها قضية الأسماء التي يتم بها معرفة الحق من الباطل والخير من الشر وبدونها تختلط المفاهيم وتختل القيم.

    وكي نعرف أهمية معرفة الأسماء وحقائقها نرى أن الله سبحانه وتعالى علمها أبانا آدم، وامتن بها عليه، وأظهره على الملائكة العظام قال تعالى [وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلائِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَاءِ هَؤُلاءِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ) (قَالُوا سُبْحَانَكَ لا عِلْمَ لَنَا إِلَّا مَا عَلَّمْتَنَا إِنَّكَ أَنْتَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ) (البقرة:32)

    (قَالَ يَا آدَمُ أَنْبِئْهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ فَلَمَّا أَنْبَأَهُمْ بِأَسْمَائِهِمْ قَالَ أَلَمْ أَقُلْ لَكُمْ إِنِّي أَعْلَمُ غَيْبَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَأَعْلَمُ مَا تُبْدُونَ وَمَا كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) (البقرة:33).
    في تفسير الطبري [ جزء 1 - صفحة 251 ] عن ابن عباس قال : علم الله آدم الأسماء كلها وهي هذه الأسماء التي يتعارف بها الناس : إنسان ودابة وأرض وسهل وبحر وجبل وحمار وأشباه ذلك من الأمم وغيرها ا.هـ

    وكانت الملائكة قبل قالوا: [أَتَجْعَلُ فِيهَا مَنْ يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ الدِّمَاءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لا تَعْلَمُونَ) (البقرة:30)].


    فلما أظهر الله فضله عليهم بتعليمه ما لم يعلموا من الأسماء أمرهم الله بالسجود له، ولم يأمرهم به قبل ذلك. والحقيقة أن باب الأسماء والمسميات من الأبواب الخطيرة التي غُزيَ أهل الإسلام من خلالها بغية تحطيم الهوية الإسلامية في نفوس المسلمين، وعزلهم عن أصلهم الذي يرتكزون عليه، والحيلولة بينهم وبين امتدادهم التاريخي الذي يصلهم بأسلافهم، ويشعرون من خلاله بالانتماء العقدي والأخلاقي، وهي مسألة جديرة بأن يهتم بها وينبه عليها كثيراً.

    والذي يهمنا هنا من هذه الأسماء هي الأسماء الشرعية خاصة التي يتعلق بها المدح والذم لا مجرد الأسماء التي تعرف بها الأشياء فقط، وذلك كالمؤمن والكافر والعالم والجاهل، والفاسق، والمنافق، والمبتدع، والمقتصد، والملحد، والولاء والبراء...

    حيث أن معرفة هذه الأسماء هي التي يمدح عليها الناس أو يذمون، ويعادون أو يوالون.
    مع التأكيد على أن أسماء الأشياء هي جزء من ثقافة الأمة، وبيان قوة شخصيتها، وكون الأمة تخل بها أو تتخلى عنها فلا شك أن ذلك يقدح في ماهيتها واستقلاليتها بين الأمم عوضاً عن ريادتها وسؤددها.
    ونحن هنا لا نملك القدرة على الحديث عن كل المسميات الشرعية وبحسبنا أن نذكر بعضاً منها يستدل به على ما لم يذكر والقصد هو التمثيل والتوضيح فحسب؛ ومن أهم هذه الأسماء:
    الإسلام، والإيمان، والكفر والنفاق، والبدعة، والسنة، والفسق، والمعصية والطاعة... وكل ما نرى أن له علاقة بموضوع المنهج الذي قررناه فيما سبق؛

    أولاً: الإسلام:
    وعلاقته بموضوع المنهج ظاهرة، وذلك أن من أصول المنهج كيفية التعامل مع المسلم وحتى وإن كان عاصياً.

    الإسلام في اللغة والاصطلاح
    - ذهب أهل العربية إلى أنه الاستسلام والخلوص، قال أبو بكر محمد بن بشار:
    " من قولهم سلّم الشيء لفلان، أي خلّصه".

    - وقال شيخ الإسلام: لفظ ‏[‏الإسلام‏]‏ يستعمل على وجهين‏:‏
    متعديا كقوله‏:‏ ‏{‏وَمَنْ أَحْسَنُ دِينًا مِّمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله وَهُوَ مُحْسِنٌ‏}‏ ‏[‏النساء‏:‏125‏]‏، وقوله‏:‏ ‏{‏فَقُلْ أَسْلَمْتُ وَجْهِيَ لِلّهِ وَمَنِ اتَّبَعَنِ وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ‏}‏ الآية ‏[‏آل عمران‏:‏20‏]‏، وقوله في دعاء المنام‏.‏ ‏(‏أسلمت نفسي إليك‏)‏‏.‏

    ويستعمل لازمًا كقوله‏:‏ ‏{‏إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏131‏]‏، وقوله‏:‏‏{‏وَلَهُ أَسْلَمَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ‏}‏ ‏[‏آل عمران‏:‏83‏]‏، وقوله عن بلقيس‏:‏ ‏{‏وَأَسْلَمْتُ مَعَ سُلَيْمَانَ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ‏}‏ ‏[‏النمل‏:‏44‏]‏‏.‏ وهو يجمع معنيين‏:‏

    أحدهما‏:‏ الانقياد والاستسلام‏.‏

    والثاني‏:‏ إخلاص ذلك وإفراده، كقوله‏:‏ ‏{‏ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا رَّجُلًا فِيهِ شُرَكَاء مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلًا سَلَمًا لِّرَجُلٍ‏}‏ ‏[‏الزمر‏:‏ 29‏]‏، وعنوانه قول‏:‏ لا إله إلا الله‏.‏

    وله معنيان‏:‏
    أحدهما‏:‏ الدين المشترك، وهو عبادة الله وحده لا شريك له الذي بعث به جميع الأنبياء، كما دل على اتحاد دينهم نصوص الكتاب والسنة‏.‏
    والثاني‏:‏ ما اختص به محمد من الدين والشرعة والمنهاج ـ وهو الشريعة والطريقة والحقيقة ـ وله مرتبتان‏:‏

    أحدهما‏:‏ الظاهر من القول والعمل، وهي المباني الخمس‏.‏
    والثاني‏:‏ أن يكون ذلك الظاهر مطابقًا للباطن‏... ا.هـ [مجموع الفتاوى 7/635].
    ومن معاني الإسلام: الخضوع وقبول الشريعة، قال الأزهري:

    " الإسلام: إظهار الخضوع والقبول لما أتى به الرسول عليه السلام، وبه يحقن الدم".
    – وكذلك هو الانقياد والطاعة لله تعالى.. قاله ابن أبي العز الحنفي.
    وقال الشيخ محمد بن عبد الوهاب: هو الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة والخلوص من الشرك.
    - فهو يجمع معنيين كما ذكر شيخ الإسلام:

    الأول: الانقياد والاستسلام الله تعالى بالطاعة.
    والثاني: إخلاص ذلك وإفراده، كما قال تعالى:
    { ضرب الله مثلا رجلا فيه شركاء متشاكسون ورجلا سلما لرجل}.

    - وله ثلاثة معان من حيثية أخرى - كما ذكرها أيضاً شيخ الإسلام - هي:
    الأول: الدين المشترك، وهو عبادة الله وحده لا شريك له، الذي بعث به جميع الأنبياء، كما دل على اتحاد دينهم نصوص الكتاب والسنة، مثل قوله تعالى:
    { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت}..

    وقوله تعالى {إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام}(آل عمران: من الآية19)
    المعنى الثاني: ما اختص به محمد -صلى الله عليه وسلم- من الدين والشريعة والمنهاج، وله مرتبتان:
    أحدهما: الظاهر من القول والعمل، وهي المباني الخمسة: الشهادة، الصلاة،
    الزكاة، الصيام، والحج.

    الثاني: أن يكون ذلك الظاهر مطابقا للباطن.. كقوله تعالى {)إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام وَمَا اخْتَلَفَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ وَمَنْ يَكْفُرْ بِآيَاتِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ) (آل عمران:19) )إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الإسلام )(آل عمران: من الآية19).

    وكقوله تعالى {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ} (البينة:5). وكما في حديث وفد عبد القيس.
    المعنى الثالث: من السلامة، أي المسلم هو من أسلم غيره، فجعله سالما منه، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:
    (المسلم من سلم المسلمون من لسانه ويده). أخرجه البخاري برقم (10) ومسلم برقم (40).
    وقد عرفه النبي –صلى الله عليه وسلم- بأركانه الظاهرة كما في حديث ابن عمر عند البخاري رقم (8) ومسلم برقم (16) حيث قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

    ( بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، والحج، وصوم رمضان).. لفظ البخاري

    وكما في حديثه الذي افتتح به مسلم صحيحه وما في معناهما من الأحاديث.
    فهو مختص بالأعمال الظاهرة على الجوارح واللسان، وأركانه هي الخمسة المذكورة.
    من هو المسلم:
    قيل: هو المنقاد للأحكام الشرعية.

    وقد عرفه النبي -صلى الله عليه وسلم- كما في الحديث الصحيح فقال (: المسلم من سلم المسلمون من يده ولسانه).
    لكن هذا التعريف قد يرد عليه إشكالان:
    الأول: أن هناك أناس غير مسلمين ومع ذلك فقد سلم المسلمون من ألسنتهم وأيديهم.
    الآخر: عكسه، وهو أن كثيرا من المسلمين لم يسلم منهم المسلمون فهل يعني أن أذية المسلم مخرجة من الإسلام؟!

    الجواب عن الأول:

    من وجهين:
    الأول: أن ذلك خرج مخرج الغالب، إذ أن الأصل في غير المسلم أذية المسلم بأي وسيلة.
    الآخر: أن يقال: لا نسلم بوجود كافر لا يؤذي المسلم إذ كفر الكافر أمر يحمله على أذية المسلم ولابد وعليه فلا يوجد كافر إلا وهو مؤذ للمسلمين بأي وسيلة ممكنة من يده أو لسانه وقلمه.
    بل مجرد كفره أذية لأن المسلم لا يرضى أن يكفر بالله سبحانه.
    وعن الإشكال الآخر:

    أن المقصود في الحديث المسلم الكامل الذي اتصف بجميع خصال الإسلام لأنه إذا قام بحقوق الخلق فمن باب أولى أن يقوم بحقوق الخالق.

    فيكون من باب التنبيه بالأدني على الأعلى.
    وقيل: إن تلك علامة يستدل بها على إسلامه. انظر الفتح (1/53).
    وقد يقال: إن الحديث على ظاهره لكنه مقيد بالأحاديث والنصوص الأخرى التي تدل على أن أذية المسلم وغيرها من الذنوب لا تخرج من الملة.
    وعلى أي حال فإن أهل القبلة لم يحصل بينهم خلاف في مسمى الإسلام، وإن اختلفوا في بقائه لمن تلبس ببعض الذنوب العظام.


    http://www.soutulhaq.com/ar/derasat/...chiv.php?id=12

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. حكم العمليات الاستشهادية للشيخ ياسر برهامي حفظه الله دراسة وتحليل
    بواسطة خادم السنة في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 11-07-2010, 12:21 PM
  2. منهجية دراسة الفقه , للشيخ محمد بن محمد المختار الشنقيطي
    بواسطة سمير السكندرى في المنتدى قسم السنة وعلومها
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 06-22-2008, 09:14 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء