صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 23

الموضوع: موضوع أحب أن أستفسر عنه ..

  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    70
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي موضوع أحب أن أستفسر عنه ..

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته .

    أحبتي في الله ، هناك آيات في القرآن الكريم أصابني طول الفكر فيها بالحيرة ، حتى توقفت فيها على أشياء وآثرت أن أستشير أخوتي الأفاضل ـ حفظهم الله ـ لعلي أجد جوابا .
    الآيات ( في سورة البقرة ابتداءا من الآية 30 وقوله جل شأنه : {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة ...} إلى آخر الآيات .

    فهل من الإخوة الأفاضل من لديه بعض الوقت ؟

    وجزاكم الله خيرا .
    هل في عيون الملحدين عماءُ ؟ *** أم في عقول الملحدين غباءُ ؟
    أيجوز عقلا أن عقلا مبدعـا *** قد أبدعته طبيعة بلهــاءُ ؟
    فإذا الطبيعة أدركت وتصرّفت*** قلنا الطبيعة والإله سواءُ!
    الله أحيا الكائنــات بسرّه *** وبسرّه تتفاعل الأشيــاءُ
    (أحمد الرصافي) .

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    وعليكم السلام ورحمة الله ...

    تفضل أخي الفاضل اطرح أسئلتك وكلٌّ سوف يُدلي بدلوه في الموضوع ،، عموما لقد وفقني الله للإجابة عن اعتراضات أحد المخالفين حول نفس الآية ، في مقال منشور على موقع سبيل الإسلام إليك مُقتطف منه:

    سورة البقرة 30-31
    وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون .وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين

    السؤال 2 : هنا يتكلم وكأن الله يستشير الملائكة في عملية خلق الإنسان وأن الملائكة اعترضوا عليه وأنهم يعلمون ما لا يعلم بأن الإنسان سيفسد الأرض ويسفك الدماء . وكأنهم يغالطون الله في ما يفعل . والله يجيبهم إني أعلم ما لا تعلمون , وكأن الله الخالق يدخل في مجادلة مع مخلوقاته . ثم يقول أن الله علم آدم الأسماء ولم يقل ما هي أو لمن ثم عرضها على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين . وهنا أيضا مجادلة للخالق مع المخلوق في موضوع الأسماء. وهل هم صادقين أكثر منه أم من آدم. كيف يكون هذا ؟؟؟


    الجواب: هنا يا فالح توجد اكثر من حكمة فخطاب الله لملائكته بأنه سيجعل في الأرض خليفة، ليس المقصود منه المشورة، وإنما خاطبهم بذلك من أجل ما ترتب عليه من سؤالهم عن وجه الحكمة من هذه الخلافة، وما أجيبوا به من بعد، و من أجل تعليم العباد المشاورة فى أمورهم قبل أن يقدموا عليها وعرضها على ثقاتهم ونصائحهم وإن كان هو - سبحانه - بعلمه وحكمته البالغة غنياً عن المشاورة. و الحكمة الثالثة هو تعظيم شأن المجهول، وإظهار فضله، بأن بشر بوجود سكان ملكوته، ونوه بعظيم شأن المجعول بذكره فى الملأ الأعلى قبل إيجاده، ولقبه بالخليفة.
    ثم حكى - سبحانه - إجابة الملائكة فقال:

    { قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ }.
    قولهم: { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا... } إلخ إنما صدر منهم على وجه استطلاع الحكمة فى خلق نوع من الكائنات يصدر منه الإِفساد فى الأرض وسفك الدماء. وقطعهم بحكمة الله فى كل ما يفعل لا ينافى تعجبهم من بعض أفعاله، لأن التعجب يصدر عن خفاء سبب الفعل، فمن تعجب من فعل شىء وأحب الاطلاع على الحكمة الباعثة على فعله لا يعد منكرا.

    والملائكة لا يعلمون الغيب، فلابد أن يكونوا قد علموا ماذا سيكون من الفساد فى الأرض وسفك الدماء بوجه من الوجوه التى يطلع الله بها على غيبه بعض المصطفين الأخبار من خلقه.

    قال الإِمام ابن كثير فى توضيح هذا المعنى: قوله - تعالى - { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ } أرادوا أن من هذا الجنس من يفعل ذلك وكأنهم علموا ذلك بعلم خاص، أو بما فهموه من الطبيعة البشرية، فإنه أخبرهم أنه يخلق هذا الصنف من صلصال من حمأ مسنون، أو فهموا من الخليفة أنه الذى يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم. ويردعهم عن المحارم والمآثم.. وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله ولا على وجه الحسد لبنى آدم كما قد يتوهمه البعض.. وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة فى ذلك، يقولون يا ربنا ما الحكمة فى خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد فى الأرض، ويسفك الدماء فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك، ولا يصدر منا شىء من ذلك فهلا وقع الاقتصار علينا؟.

    وقد رد الله - تعالى - على الملائكة بقوله: { قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }.

    أى: إنى أعلم من المصلحة الراجحة فى خلق هذا الصنف على المفاسد التى ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم، فإنى سأجعل فيهم الأنبياء، وأرسل فيهم الرسل ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد والزهاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء العاملون والمحبون له - تعالى - المتبعون رسله.
    فالجملة الكريمة إرشاد لهم إلى الأمر الذى من شأنه أن يقف بهم عند حدود الأدب اللائق بمقام الخالق - عز وجل - وتنبيه إلى أنه - تعالى - عالم بما لا يحيط به علم أحد من خلقه، فله أن يفعل ما يشاء ويأمر بما يشاء.

    وليس من أدب المؤمنين بأنه العليم الحكيم أن يسألوه حين يأمرهم بشىء، أو يعلمهم بأنه سيفعل شيئاً، عن حكمة ما أمر به أو ما سيفعله، بل شأنهم أن يتجهوا إلى استطلاع حكمة الأفعال والأوامر من أنفسهم، فإذا أدركوها فقد ظفروا بأمنيتهم، وان وقفت عقولهم دونها، ففى تسليمهم لقدر الله، وامتثالهم لأوامره الكفاية فى القيام بحق التكليف والفوز برضا الله، الذى هو الغاية من الإِيمان به والإِقبال على طاعته.

    قال بعض العلماء: " وفى هذه الآية الكريمة تسلية للنبى صلى الله عليه وسلم عن تكذيب بعض الناس له، لأنه إذا كان الملأ الأعلى قد مثلوا على أنهم يختصمون ويطلبون البيان والبرهان فيما لا يعلمون، فأجدر بالناس أن يكونوا معذورين - وبالأنبياء أن يعاملوهم كما عامل الله الملائكة المقربين، أى: فعليك يا محمد أن تصبر على هؤلاء المكذبين، وترشد المسترشدين، وتأتى أهل الدعوة بسلطان مبين.

    ثم أخذ - سبحانه - فى بيان جانب من حكمة خلق آدم، وجعله خليفة فى الأرض، بعد أن أجاب الملائكة على سؤالهم بالجواب المناسب الحكيم فقال - تعالى -: { وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ }.
    علم: من التعليم وهو التعريف بالشىء. وآدم: اسم لأبى البشر، قيل إنه عبرانى مشتق من أدمه، وهى لغة عبرانية معناها التراب، كما أن " حواء " كلمة عبرانية معناها " حى " وسميت بذلك لأنها تكون أم الأحياء.

    و { ٱلأَسْمَآءَ } جمع اسم، والاسم ما يكون علامة على الشىء، وتأكيد الأسماء بلفظ " كلها " فى أنه علمه أسماء كل ما خلق من المحدثات من إنسان وحيوان ودابة، وطير، وغير ذلك. ويصح حمل الأسماء على خواص الأشياء ومنافعها، فإن الخواص والمنافع علامات على ما تتعلق به من الحقائق.

    وقوله: { ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلاَئِكَةِ } عرض الشىء: إظهاره وإبانته والضمير فى { عَرَضَهُمْ } يعود على المسميات، وهى مفهومة من قوله: { ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا } إذ الأسماء لابد لها من مسميات، فإذا أجرى حديث عن الأسماء حضر فى ذهن السامع ما هو لازم لها، أعنى المسميات.
    والأمر فى قوله: { أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ } ، ليس من قبيل الأوامر التى يقصد بها التكليف، أى: طلب الإِِتيان بالمأمور به، وإنما هو وارد على جهة إفحام المخاطب بالحجة.
    والمعنى: أن الله - تعالى - ألهم آدم معرفة ذوات الأشياء التى خلقها فى الجنة، ومعرفة أسمائها ومنافعها، ثم عرض هذه المسميات على الملائكة. فقال لهم على سبيل التعجيز: { أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } فيما اختلج فى خواطركم من أنى لا أخلق خلقاً إلا وأنتم أعلم منه وأفضل.

    قال ابن جرير: " وفى هذه الآيات العبرة لمن اعتبر والذكرى لمن ذكر، والبيان لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، عما أودع الله فى هذا القرآن من لطائف الحكم التى تعجز عن أوصافها الألسن، وذلك أن الله - تعالى - احتج فيها لنبيه صلى الله عليه وسلم على من كان بين ظهرانيه من يهود بنى إسرائيل، بإطلاعه إياه من علوم الغيب التى لم يكن - تعالى - أطلع عليها من خلقه إلا خاصا، ولم يكن مدركا علمه إلا بالإِنباء والإِخبار ليقرر عندهم صدق نبوته، ويعلموا أن ما أتاهم به إنما هو من عند الله ".

    http://www.sbeelalislam.net/index.ph...1230&Itemid=36
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    70
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    تفضل أخي الفاضل اطرح أسئلتك وكلٌّ سوف يُدلي بدلوه في الموضوع
    جزيت خيرا د.فخر الدين المناظر ، وأعتذر عن التأخر في الرد ! وسأبدأ إن شاء المولى بطرح الموضوع
    سورة البقرة 30-31
    وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك قال إني أعلم ما لا تعلمون .وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين

    السؤال 2 : هنا يتكلم وكأن الله يستشير الملائكة في عملية خلق الإنسان وأن الملائكة اعترضوا عليه وأنهم يعلمون ما لا يعلم بأن الإنسان سيفسد الأرض ويسفك الدماء . وكأنهم يغالطون الله في ما يفعل . والله يجيبهم إني أعلم ما لا تعلمون , وكأن الله الخالق يدخل في مجادلة مع مخلوقاته . ثم يقول أن الله علم آدم الأسماء ولم يقل ما هي أو لمن ثم عرضها على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين . وهنا أيضا مجادلة للخالق مع المخلوق في موضوع الأسماء. وهل هم صادقين أكثر منه أم من آدم. كيف يكون هذا ؟؟؟

    الجواب: هنا يا فالح توجد اكثر من حكمة فخطاب الله لملائكته بأنه سيجعل في الأرض خليفة، ليس المقصود منه المشورة، وإنما خاطبهم بذلك من أجل ما ترتب عليه من سؤالهم عن وجه الحكمة من هذه الخلافة، وما أجيبوا به من بعد، و من أجل تعليم العباد المشاورة فى أمورهم قبل أن يقدموا عليها وعرضها على ثقاتهم ونصائحهم وإن كان هو - سبحانه - بعلمه وحكمته البالغة غنياً عن المشاورة. و الحكمة الثالثة هو تعظيم شأن المجهول، وإظهار فضله، بأن بشر بوجود سكان ملكوته، ونوه بعظيم شأن المجعول بذكره فى الملأ الأعلى قبل إيجاده، ولقبه بالخليفة.
    ثم حكى - سبحانه - إجابة الملائكة فقال:

    { قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ }.
    قولهم: { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا... } إلخ إنما صدر منهم على وجه استطلاع الحكمة فى خلق نوع من الكائنات يصدر منه الإِفساد فى الأرض وسفك الدماء. وقطعهم بحكمة الله فى كل ما يفعل لا ينافى تعجبهم من بعض أفعاله، لأن التعجب يصدر عن خفاء سبب الفعل، فمن تعجب من فعل شىء وأحب الاطلاع على الحكمة الباعثة على فعله لا يعد منكرا.

    والملائكة لا يعلمون الغيب، فلابد أن يكونوا قد علموا ماذا سيكون من الفساد فى الأرض وسفك الدماء بوجه من الوجوه التى يطلع الله بها على غيبه بعض المصطفين الأخبار من خلقه.

    قال الإِمام ابن كثير فى توضيح هذا المعنى: قوله - تعالى - { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ } أرادوا أن من هذا الجنس من يفعل ذلك وكأنهم علموا ذلك بعلم خاص، أو بما فهموه من الطبيعة البشرية، فإنه أخبرهم أنه يخلق هذا الصنف من صلصال من حمأ مسنون، أو فهموا من الخليفة أنه الذى يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم. ويردعهم عن المحارم والمآثم.. وقول الملائكة هذا ليس على وجه الاعتراض على الله ولا على وجه الحسد لبنى آدم كما قد يتوهمه البعض.. وإنما هو سؤال استعلام واستكشاف عن الحكمة فى ذلك، يقولون يا ربنا ما الحكمة فى خلق هؤلاء مع أن منهم من يفسد فى الأرض، ويسفك الدماء فإن كان المراد عبادتك فنحن نسبح بحمدك ونقدس لك، ولا يصدر منا شىء من ذلك فهلا وقع الاقتصار علينا؟.

    وقد رد الله - تعالى - على الملائكة بقوله: { قَالَ إِنِّيۤ أَعْلَمُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ }.

    أى: إنى أعلم من المصلحة الراجحة فى خلق هذا الصنف على المفاسد التى ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم، فإنى سأجعل فيهم الأنبياء، وأرسل فيهم الرسل ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد والزهاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء العاملون والمحبون له - تعالى - المتبعون رسله.
    فالجملة الكريمة إرشاد لهم إلى الأمر الذى من شأنه أن يقف بهم عند حدود الأدب اللائق بمقام الخالق - عز وجل - وتنبيه إلى أنه - تعالى - عالم بما لا يحيط به علم أحد من خلقه، فله أن يفعل ما يشاء ويأمر بما يشاء.

    وليس من أدب المؤمنين بأنه العليم الحكيم أن يسألوه حين يأمرهم بشىء، أو يعلمهم بأنه سيفعل شيئاً، عن حكمة ما أمر به أو ما سيفعله، بل شأنهم أن يتجهوا إلى استطلاع حكمة الأفعال والأوامر من أنفسهم، فإذا أدركوها فقد ظفروا بأمنيتهم، وان وقفت عقولهم دونها، ففى تسليمهم لقدر الله، وامتثالهم لأوامره الكفاية فى القيام بحق التكليف والفوز برضا الله، الذى هو الغاية من الإِيمان به والإِقبال على طاعته.

    قال بعض العلماء: " وفى هذه الآية الكريمة تسلية للنبى صلى الله عليه وسلم عن تكذيب بعض الناس له، لأنه إذا كان الملأ الأعلى قد مثلوا على أنهم يختصمون ويطلبون البيان والبرهان فيما لا يعلمون، فأجدر بالناس أن يكونوا معذورين - وبالأنبياء أن يعاملوهم كما عامل الله الملائكة المقربين، أى: فعليك يا محمد أن تصبر على هؤلاء المكذبين، وترشد المسترشدين، وتأتى أهل الدعوة بسلطان مبين.

    ثم أخذ - سبحانه - فى بيان جانب من حكمة خلق آدم، وجعله خليفة فى الأرض، بعد أن أجاب الملائكة على سؤالهم بالجواب المناسب الحكيم فقال - تعالى -: { وَعَلَّمَ ءَادَمَ ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلاَئِكَةِ فَقَالَ أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ }.
    علم: من التعليم وهو التعريف بالشىء. وآدم: اسم لأبى البشر، قيل إنه عبرانى مشتق من أدمه، وهى لغة عبرانية معناها التراب، كما أن " حواء " كلمة عبرانية معناها " حى " وسميت بذلك لأنها تكون أم الأحياء.

    و { ٱلأَسْمَآءَ } جمع اسم، والاسم ما يكون علامة على الشىء، وتأكيد الأسماء بلفظ " كلها " فى أنه علمه أسماء كل ما خلق من المحدثات من إنسان وحيوان ودابة، وطير، وغير ذلك. ويصح حمل الأسماء على خواص الأشياء ومنافعها، فإن الخواص والمنافع علامات على ما تتعلق به من الحقائق.

    وقوله: { ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى ٱلْمَلاَئِكَةِ } عرض الشىء: إظهاره وإبانته والضمير فى { عَرَضَهُمْ } يعود على المسميات، وهى مفهومة من قوله: { ٱلأَسْمَآءَ كُلَّهَا } إذ الأسماء لابد لها من مسميات، فإذا أجرى حديث عن الأسماء حضر فى ذهن السامع ما هو لازم لها، أعنى المسميات.
    والأمر فى قوله: { أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ } ، ليس من قبيل الأوامر التى يقصد بها التكليف، أى: طلب الإِِتيان بالمأمور به، وإنما هو وارد على جهة إفحام المخاطب بالحجة.
    والمعنى: أن الله - تعالى - ألهم آدم معرفة ذوات الأشياء التى خلقها فى الجنة، ومعرفة أسمائها ومنافعها، ثم عرض هذه المسميات على الملائكة. فقال لهم على سبيل التعجيز: { أَنْبِئُونِي بِأَسْمَآءِ هَـٰؤُلاۤءِ إِن كُنْتُمْ صَادِقِينَ } فيما اختلج فى خواطركم من أنى لا أخلق خلقاً إلا وأنتم أعلم منه وأفضل.

    قال ابن جرير: " وفى هذه الآيات العبرة لمن اعتبر والذكرى لمن ذكر، والبيان لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد، عما أودع الله فى هذا القرآن من لطائف الحكم التى تعجز عن أوصافها الألسن، وذلك أن الله - تعالى - احتج فيها لنبيه صلى الله عليه وسلم على من كان بين ظهرانيه من يهود بنى إسرائيل، بإطلاعه إياه من علوم الغيب التى لم يكن - تعالى - أطلع عليها من خلقه إلا خاصا، ولم يكن مدركا علمه إلا بالإِنباء والإِخبار ليقرر عندهم صدق نبوته، ويعلموا أن ما أتاهم به إنما هو من عند الله ".
    بوركت أخي الكريم ، وموفق في طرحك ، إلا أن أسئلتي ليس لها علاقة لامن قريب ولا من بعيد بما يطرحه هذا الجاهل الذي تفضلت مشكورا بالرد عليه ، فالرب عنده يستشير الملائكة وهذه صفة نقص تعالى الله عن ذلك ، فالله تعالى يقول إني جاعل أي فاعل ذلك ولا معقب فهذا إخبار بحكمه جل جلاله ، من جنس قوله تعالى : {ولا تقولن لشيئ إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء الله} فإذا قال العبد منا إني فاعل .. كإني مسافر غدا ... فهو يعني أنه عازم على ذلك لا يثنيه شيئ ، فكيف بالرب جل شأنه عندما يقول إني جاعل في الأرض خليفة !
    إنما أسئلتي تدور حول المقصود بلفظ الخليفة في الآية ، ورد الملائكة عليهم السلام ...

    جزاك الله خيرا أخي الفاضل ، وسأحاول أن أطرح أسئلتي في القريب العاجل إن شاء الله طبعا بعد ترتيبها .
    هل في عيون الملحدين عماءُ ؟ *** أم في عقول الملحدين غباءُ ؟
    أيجوز عقلا أن عقلا مبدعـا *** قد أبدعته طبيعة بلهــاءُ ؟
    فإذا الطبيعة أدركت وتصرّفت*** قلنا الطبيعة والإله سواءُ!
    الله أحيا الكائنــات بسرّه *** وبسرّه تتفاعل الأشيــاءُ
    (أحمد الرصافي) .

  4. افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخى أبو العلاء اهلاً بك وسهلاً. موضوعك جميل.
    اسمح لى وليسمح لى أخى الدكتور فخر الدين المناظر أن أشارك معكم فى هذا الحوار المثمر ، وإن وجد أخى فخر الدين قصوراً فىكلامى فأرجو منه التوجيه وهذا حقى عليه كأخ مسلم.
    إن لفظ خليفة الوارد فى هذه الآية الكريمة يقصد به والله أعلى وأعلم : أنهم يخلف بعضهم بعضاً. فهم خلفاء لبعضهم البعض.
    يؤكد هذا الفهم قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ ) [ الأنعام : 165 ]
    وقوله تعالى : (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) ) [يونس]
    وقوه تعالى فى نفس السورة : (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) )
    وقوه تعالى هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا (39) ) [فاطر]
    وقوله تعالى : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ ) [ الأعراف : 169]
    وقوله تعالى : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) ) [مريم]
    ودلالات الآيات واضحةبحول الله وقوته ولا تحتاج لتوضيح.
    أما ما هو مشهور عند العامة من مقولة أن الإنسان خليفة الله فى الأرض. فهذا كلام باطل ولا يجوز فى حق الله.
    فالخليفة لغةً هو من ينوب عن غائب. فأبو بكر الصديق رضى الله عنه خلف النبى بعد وفاته. فهل الله غائب ليخلفه الإنسان!؟
    هذا والله أعلم بالحق.
    ( فاعلم أنه لا إله إلا الله )
    أنصار | أذكار | الموقع | نجاح | متقين | السنة | جامع | معرفة | اعرف | معلومة

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    70
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    مرحبا أبا جهاد ، وجودك في الموضوع اخي الفاضل هو الأجمل ..
    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
    أخى أبو العلاء اهلاً بك وسهلاً. موضوعك جميل.
    اسمح لى وليسمح لى أخى الدكتور فخر الدين المناظر أن أشارك معكم فى هذا الحوار المثمر ، وإن وجد أخى فخر الدين قصوراً فىكلامى فأرجو منه التوجيه وهذا حقى عليه كأخ مسلم.
    إن لفظ خليفة الوارد فى هذه الآية الكريمة يقصد به والله أعلى وأعلم : أنهم يخلف بعضهم بعضاً. فهم خلفاء لبعضهم البعض.
    يؤكد هذا الفهم قوله تعالى : ( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ الْأَرْضِ ) [ الأنعام : 165 ]
    وقوله تعالى : (ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (14) ) [يونس]
    وقوه تعالى فى نفس السورة : (فَكَذَّبُوهُ فَنَجَّيْنَاهُ وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وَجَعَلْنَاهُمْ خَلَائِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآَيَاتِنَا فَانْظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنْذَرِينَ (73) )
    وقوه تعالى هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتًا وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَارًا (39) ) [فاطر]
    وقوله تعالى : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ وَرِثُوا الْكِتَابَ ) [ الأعراف : 169]
    وقوله تعالى : (فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا (59) ) [مريم]
    ودلالات الآيات واضحةبحول الله وقوته ولا تحتاج لتوضيح.
    أما ما هو مشهور عند العامة من مقولة أن الإنسان خليفة الله فى الأرض. فهذا كلام باطل ولا يجوز فى حق الله.
    فالخليفة لغةً هو من ينوب عن غائب. فأبو بكر الصديق رضى الله عنه خلف النبى بعد وفاته. فهل الله غائب ليخلفه الإنسان!؟
    هذا والله أعلم بالحق.
    في الحقيقة هذا ما أميل إليه جزاك الله عني خيرا ، وما جعلني أراجع ما أعتقده هو ما ذكرته هنا :
    أما ما هو مشهور عند العامة من مقولة أن الإنسان خليفة الله فى الأرض. فهذا كلام باطل ولا يجوز فى حق الله.
    فالخليفة لغةً هو من ينوب عن غائب. فأبو بكر الصديق رضى الله عنه خلف النبى بعد وفاته. فهل الله غائب ليخلفه الإنسان!؟
    هذا والله أعلم بالحق.
    كون الخليفة في اللغة يأتي للدلالة على من يخلف من كان قبله ويقوم مقامه ! وهذا يجعلنا نعيد النظر لأنه إن سلمنا أنا المقصود هو آدم عليه السلام فإما أن يكون خليفة الله ! وهذا فيه ما فيه ، أو أن خلقا آخر كانوا يعمرون اللأرض قبل آدم ...
    لكن قبل الدخول في الموضوع الرئيسي أحب أن أستفسر عن شيئ أولا :
    هل يدخل هذا الموضوع في أمور العقيدة ، أقصد هل من يقول أن المراد بلفظ خليفة في الآية ليس آدم عينا ، هل يؤثر هذا على اعتقاده يعني هل ينكر معلوما من الدين بالضرورة لأني سمعت نحو هذا وأحب أن أطمئن إلى ما انا به الآن .
    وجزاك الله خيرا أخي الفاضل .
    التعديل الأخير تم 06-01-2007 الساعة 01:28 AM
    هل في عيون الملحدين عماءُ ؟ *** أم في عقول الملحدين غباءُ ؟
    أيجوز عقلا أن عقلا مبدعـا *** قد أبدعته طبيعة بلهــاءُ ؟
    فإذا الطبيعة أدركت وتصرّفت*** قلنا الطبيعة والإله سواءُ!
    الله أحيا الكائنــات بسرّه *** وبسرّه تتفاعل الأشيــاءُ
    (أحمد الرصافي) .

  6. افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو العلاء مشاهدة المشاركة
    لكن قبل الدخول في الموضوع الرئيسي أحب أن أستفسر عن شيئ أولا :
    هل يدخل هذا الموضوع في أمور العقيدة ، أقصد هل من يقول أن المراد بلفظ خليفة في الآية ليس آدم عينا ، هل يؤثر هذا على اعتقاده يعني هل ينكر معلوما من الدين بالضرورة لأني سمعت نحو هذا وأحب أن أطمئن إلى ما انا به الآن .
    وجزاك الله خيرا أخي الفاضل .
    ومن قال أن هذا ضمنالمعلوممن الدين بالضرورة. أرى أن هذا بعيد إلى حد ما.
    والله أعلم فإن قوله تعالى إنى جاعل فى الأرض خليفة ) هذا لفظ خاص أريد به العموم ، فليس المقصود به شخص آدم وحده بل هم آدم وبنوه من بعده. يدلل على هذا رد الملائكة : ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) وهذه أمور لا يقوم بها شخص واحد بل أفعال جمع.
    فخليفة هنا اسم جنس عام كإنسان تدلان على جمع.
    ( فاعلم أنه لا إله إلا الله )
    أنصار | أذكار | الموقع | نجاح | متقين | السنة | جامع | معرفة | اعرف | معلومة

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    70
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    ومن قال أن هذا ضمنالمعلوممن الدين بالضرورة. أرى أن هذا بعيد إلى حد ما.
    والله أعلم فإن قوله تعالى إنى جاعل فى الأرض خليفة ) هذا لفظ خاص أريد به العموم ، فليس المقصود به شخص آدم وحده بل هم آدم وبنوه من بعده. يدلل على هذا رد الملائكة : ( قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ) وهذه أمور لا يقوم بها شخص واحد بل أفعال جمع.
    فخليفة هنا اسم جنس عام كإنسان تدلان على جمع.
    جزيت خيرا أبا جهاد .
    **************************************************
    بسم الله الرحمان الرحيم والصلاة والسلام على سيدنا محمد اشرف المبعوثين :

    قال تعالى في كتابه الحكيم : {وإذ قال ربك للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة} قال العلامة ابن كثير رحمه الله تعالى : يُخْبِر تَعَالَى بِامْتِنَانِهِ عَلَى بَنِي آدَم بِتَنْوِيهِهِ بِذِكْرِهِمْ فِي الْمَلأ الْأَعْلَى قَبْل إِيجَادهمْ فَقَالَ تَعَالَى " وَإِذْ قَالَ رَبُّك لِلْمَلَائِكَةِ" أَيْ وَاذْكُرْ يَا مُحَمَّد إِذْ قَالَ رَبّك لِلْمَلَائِكَةِ وَاقْصُصْ عَلَى قَوْمك ذَلِكَ ... إِنِّي جَاعِل فِي الْأَرْض خَلِيفَة " أَيْ قَوْمًا يَخْلُف بَعْضهمْ بَعْضًا قَرْنًا بَعْد قَرْن وَجِيلًا بَعْد جِيل كَمَا قَالَ تَعَالَى " هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِف الْأَرْض " وَقَالَ " وَيَجْعَلكُمْ خُلَفَاء الْأَرْض" وَقَالَ " وَلَوْ نَشَاء لَجَعَلْنَا مِنْكُمْ مَلَائِكَة فِي الْأَرْض يَخْلُفُونَ " وَقَالَ " فَخَلَفَ مِنْ بعدهم خَلف " إنتهى .
    جاعل : فاعل ذلك كقوله تعالى : { وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِل ذَلِكَ غَدًا } قال أبو جعفر الطبري في تفسير هذه الآية : وَهَذَا تَأْدِيب مِنْ اللَّه عَزَّ ذِكْره لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَهِدَ إِلَيْهِ أَنْ لا يَجْزِم عَلَى مَا يَحْدُث مِنْ الْأُمُور أَنَّهُ كَائِن لَا مَحَالَة , إِلا أَنْ يَصِلهُ بِمَشِيئَةِ اللَّه , لأَنَّهُ لا يَكُون شَيْء إِلا بِمَشِيئَةِ اللَّه . انتهى كلامه . ووجه الإستدلال في الآية يكمن في قوله تعالى لعبده : {ولا تقولن لشيئ إني فاعل ذلك غدا} فإذا قال العبد منا إني فاعل .. نحو إني ذاهب ، إني مسافر غدا... فهو يعني أنه عازم على ذلك لا يثنيه شيئ ، إلا مشيئة الله تعالى ، فكيف بالرب جل شأنه عندما يقول إني جاعل في الأرض خليفة ! وعليه يجب أن لايفهم من الآية الكريمة أن الله استشار الملائكة بل أخبرهم وأعلمهم بأمره ، فهذا ما يدل عليه ظاهر الآية ، ويؤيد هذا قوله تعالى : {إني أعلم ما لا تعلمون} فهذا الأمر سابق في علم الله وبالتالي لا يجوز القول أن الله استشار الملائكة لما فيه من إيهام النقص لعلم الله تعالى الكامل .
    {خليفة} اختلف أهل التاويل في تفسيرها فمنهم من قال أن المقصود بلفظ خليفة آدم عليه السلام وهذا القول يلزم عنه أشياء فإما يكون خليفة الله وهذا بعيد بل باطل كما سيأتي بيانه إن شاء الله ، أو خليفة بمعنى من يخلف غيره ويلزم عنه أن خلقا آخر كان يعمر الأرض قبل آدم عليه السلام ، فيكون بذلك هذا الخلق إما الجان لأنهم خلقوا قبلنا ، قال تعالى : {ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم} أو الملائكة عليهم السلام وقد كان الله يخاطبهم آنذاك ويعلمهم بأمره ، وربما خلق آخر لا نعلمه ، هذا وارد أيضا ، لكن نكتفي بما أخبرنا الله به في القرآن الكريم وما جاء في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم .
    وهناك احتمال ثالث هو أن يكون المقصود بلفظ "خليفة" قوم يخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل وهو الأرجح إن شاء الله تعالى ، وقد قال به عدد من المفسرين المشهود لهم بالعلم والتقوى ، ويؤيد هذا آيات كثيرة من القرآن الكريم .
    أما منع إطلاق خليفة الله إذا أريد به هذا آدم عليه السلام أبو البشر والإنسان ، فذلك لأسباب منها :
    أن لفظ " خليفة " إذا أطلق في اللغة يراد به من يخلف من كان قبله ويقوم مقامه . جاء في الصحاح للجوهري : خلف فلان فلانا إذا كان خليفته ومنه قوله تعالى :{وقال موسى لأخيه هارون اخلفني في قومي} وخلفته أيضا إذا جئت بعده . انتهى كلامه
    وهذا لايكون إلا بغيبة أو عدم المستخلف.. وهو ممتنع في حق الله تعالى .
    قال العلامة الأباني رحمه الله العلامة الشيخ ناصر الدين الألباني - رحمه الله تعالى - في ( سلسلة الأحاديث الضعيفة ) : ( رقم 85 ) ، مبينا نكارة هذا القول : وهذه الزيادة : ( خليفة الله ) ليس لها طريق ثابت ، و لا ما يصلح أن يكون شاهدا لها ، فهي منكرة كما يفيده كلام الذهبي السابق ، و من نكارتها أنه لا يجوز في الشرع أن يقال : فلان خليفة الله ، لما فيه من إيهام ما لا يليق بالله تعالى من النقص و العجز ، و قد بين ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى ، فقال في " الفتاوى " ( 2 / 461 ) : و قد ظن بعض القائلين الغالطين كابن عربي ، أن الخليفة هو الخليفة عن الله ، مثل نائب الله ، و الله تعالى لا يجوز له خليفة ، و لهذا قالوا لأبي بكر : يا خليفة الله ، فقال : لست بخليفة الله ، و لكن خليفة رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حسبي ذلك بل هو سبحانه يكون خليفة لغيره ، قال النبي صلى الله عليه وسلم : " اللهم أنت الصاحب في السفر ، و الخليفة في الأهل ، اللهم اصحبنا في سفرنا ، و اخلفنا في أهلنا " ، و ذلك لأن الله حي شهيد مهيمن قيوم رقيب حفيظ غني عن العالمين ، ليس له شريك و لا ظهير ، و لا يشفع أحد عنده إلا بإذنه ، والخليفة إنما يكون عند عدم المستخلف بموت أو غيبة ، و يكون لحاجة المستخلف ، و سمي خليفة ، لأنه خلف عن الغزو و هو قائم خلفه ، و كل هذه المعاني منتفية في حق الله تعالى ، و هو منزه عنها ، فإنه حي قيوم شهيد لا يموت و لا يغيب ... و لا يجوز أن يكون أحد خلفا منه و لا يقوم مقامه ، إنه لا سمي له ولا كفء ، فمن جعل له خليفة فهو مشرك به . انتهى .
    أما من يستشهد بقوله تعالى :{ ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض} أقول أين وجه الدلالة في الآية على هذا المعنى ؟ وهل هناك ما يشير إلى أن داود خليفة عن الله تعالى ؟ فالمعنى واضح لا يحتمل هذا التأويل البتة ، قال أبو جعفر في تفسير الآية : وَقَوْله : { يَا دَاوُد إِنَّا جَعَلْنَاك خَلِيفَة فِي الْأَرْض } يَقُول تَعَالَى ذِكْره : وَقُلْنَا لِدَاوُدَ : يَا دَاوُد إِنَّا اِسْتَخْلَفْنَاك فِي الْأَرْض مِنْ بَعْد مَنْ كَانَ قَبْلك مِنْ رُسُلنَا حَكَمًا بَيْنَ أَهْلهَا , كَمَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّد , قَالَ : ثنا أَحْمَد , قَالَ : ثنا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ { إِنَّا جَعَلْنَاك خَلِيفَة } مُلْكه فِي الْأَرْض . انتهى . فما الداعي لهذا القول ؟ وعموما فقوله تعالى : {إني جاعل في الأرض خليفة} و {ياداود إنا جعلناك خليفة في الأرض} ليس فيهما ما يدل على أن لفظ " خليفة " يعني خليفة الله !؟
    وفيما يلي أسئلة خطرت ببالي لها علاقة بالآية الكريمة وهي مجرد استنتاج واجتهاد شخصي فإن كان خيرا فمن الله ، وإن شرا فمني ومن الشيطان ، وأرجو من الإخوة الأفاضل المشاركة والتصويب :
    عندما كان الله تعالى يخاطب الملائكة عليهم السلام {إني جاعل في الأرض خليفة} هل كان آدم موجودا حينئذ أم لا ؟
    إذا سلمنا أن المقصود بالآية هو آدم عينا فظاهر الآية يدل على أنه لم يوجد بعد ، وذلك لأن الجعل في القرآن الكريم قد يأتي أحيانا بمعنى الخلق ، كقوله تعالى : {الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تاكلون} [غافر: 79] ، { هو الذي مد الأرض وجعل فيها رواسي وأنهارا ومن كل الثمرات جعل فيها زوجين اثنين} [الرعد : 3] ، {الذي أحسن كل شيئ خلقه وبدأ خلق الإنسان من طين ثم جعل نسله من سلالة من ماء مهين} [السجدة:7] ، فإذا وضعنا في الإعتبار هذا الإحتمال يصبح معنى الجعل في الآية يحتمل الخلق والإيجاد ، و لعل قائلا يقول وما علاقة هذا بآدم عليه السلام وبتأويل الآية ؟ أقول إذا كان الجعل هنا يحتمل الخلق سيخرج تأويل من قال أن المعني بلفظ " خليفة " هو آدم عليه السلام عينا دون ذريته ، وهذا لأن آدم كما هو معلوم ما خلق في الأرض بل من مادتها وهذا يختلف لأن آدم أهبط إلى الأرض بعد ارتكابه المحذور ! قال تعالى : {وقلنا يا آدم إن هذا عدو لك ولزوجك فلا يخرجنكما من الجنة فتشقى إن لك ألا تجوع فيها ولا تعرى وانك لا تظمأ فيها ولا تضحى فوسوس إليه الشيطان قال يا آدم هل ادلك على شجرة الخلد وملك لا يبلى فأكلا منها وبدت لهما سوءاتهما فطفقا يخصفان عليهما من ورق الجنة وعصى آدم ربه فغوى }[طه : 117 / 121] ، { ولقد عهدنا إلى آدم من قبل فنسي ولم نجد له عزما }[طه :115] وأتكلم هنا من منطلق أن آدم عليه السلام لم يخلق في الأرض كما أخبرنا القرآن الكريم : { وقلنا يا آدم اسكن أنت وزوجك الجنة وكلا منها رغدا حيث شئتما ولا تقربا هذه الشجرة فتكونا من الخاسرين} { يا بني آدم ليفتننكم الشيطان كما أخرج أبويكم من الجنة ...} [الأعراف : 27 ] ، على أن هناك من يقول خلاف هذا إلا أنه لا يعنينا هنا قوله إلا من هذا الوجه ، أيضا نقول : نستدل بقول الملائكة عليهم السلام : { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ...} ـ رغم أن فهم المراد من لفظ خليفة لا يتوقف على جواب الملائكة عليهم السلام إلا أنه يلزم عنه أشياء سنأتي على ذكرها إن شاء المولى ـ فهل عنت الملائكة عليهم السلام بقولها هذا آدم طبعا هذا قول بعيد فآدم عليه السلام لم يفسد في الأرض ولم يسفك الدماء ، وبالتالي قول الملائكة عليهم السلام مضاف إلى ذريته لا إليه هو ، وبالتالي يصبح هذا التأويل لقوله تعالى {إني جاعل في الأرض خليفة} لا يمت إلى آدم عليه السلام بصلة ، اللهم باعتباره أبو البشر أهبطه الله إلى الأرض مع زوجه عليهما السلام فشاء الله أن يجعل منهما ذرية يخلفون أباهم آدم عليه السلام ويخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل إلى ما شاء الله ، قال تعالى : {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا ...}[النساء : 1] وكقوله تعالى : {هو الذي جعلكم خلائف في الأرض} [فاطر : 39] ، { ثم جعلناكم خلائف الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون}[يونس : 14] {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} [مريم : 69] {فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب ياخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيُغفر لنا} [الأعراف : 169]... فمنهم المؤمن والكافر والعاصي والتائب والصالح والطالح ... هكذا اقتضت حكمة الله عز وجل ولا معقب لأمره ، وعموما الآيات في هذا كثيرة وكلها فيها ما يؤيد صحة هذا التاويل والله تعالى أعلم وأحكم . وأرى والله أعلم أنه إذا كان آدم عليه السلام موجودا حينئذ ، وكان لفظ الجعل في الآية يحتمل معنى الخلق فإنه لا معنى لأن يقال أن خليفة أريد بها آدم عليه السلام ، لأن القصد إلى إيجاد الموجود محال !

    يتبع إن شاء الله .
    التعديل الأخير تم 06-01-2007 الساعة 06:50 PM
    هل في عيون الملحدين عماءُ ؟ *** أم في عقول الملحدين غباءُ ؟
    أيجوز عقلا أن عقلا مبدعـا *** قد أبدعته طبيعة بلهــاءُ ؟
    فإذا الطبيعة أدركت وتصرّفت*** قلنا الطبيعة والإله سواءُ!
    الله أحيا الكائنــات بسرّه *** وبسرّه تتفاعل الأشيــاءُ
    (أحمد الرصافي) .

  8. افتراضي

    استمر بارك الله فيك.
    ( فاعلم أنه لا إله إلا الله )
    أنصار | أذكار | الموقع | نجاح | متقين | السنة | جامع | معرفة | اعرف | معلومة

  9. #9
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    70
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    Post

    استمر بارك الله فيك.
    وفيك بارك أخي الكريم .

    ************************************************** *
    تبين مما سبق أن اعتراضنا على أصحاب هذا التأويل ـ آدم خيفة الله أو عن الله ـ ليس لأجل الإعتراض ، بل يدعمه الدليل ، وتأويلهم هذا لا يثبت من أي وجه أمام النقد و التمحيص بل لا دليل عليه يصدقه أصلا ! لا من الكتاب ولا السنة المطهرة بل فيهما ما يناقضه كما بينا !
    وهذا حال من يعتقد شيئا ثم يسعى بعد ذلك لإثباته في أي أمر من الأمور ، فدع عنك أمور الشرع ! التي يجب أن يستدل عليها من داخل الشرع نفسه وبالإعتماد على النصوص والقواعد التي أصلها جهابذة الأمة في مختلف العلوم الشرعية وأفنوا فيها اعمارهم ، وخلاصة القول أن ما يتم ادعاؤه بغير دليل ينفى بغير دليل أصلا ، وقد أوردنا ولله الحمد والمنة عددا من الأدلة الكافية الشافية لكل متأمل ، يبطل بها هذا التأويل من كل وجه .

    ولنتابع معا تأويل من قال أن المقصود بلفظ " خليفة " آدم عليه السلام إلا أنه ليس خليفة عن الله تعالى ولكن خليفة لمن كان قبله وهذا مقبول عقلا ونقلا ولا غبار عليه ، وهم في هذا على قولين :
    قسم يرى أنهم الجان ، وفي هذا ما يؤيده من القرآن الكريم ، قال تعالى : {ولقد خلقنا الإنسان من صلصال من حمأ مسنون والجان خلقناه من قبل من نار السموم} ، لكن البعض وعلى سبيل الشغب اعترض على أصحاب هذا التأويل معتمدا على قول الملائكة عليهم السلام : { أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ } لأنه و حسب ما يلزم عن هذا التأويل : آدم عليه السلام خليفة لمن كان قبله ، وعليه فإن خلقا آخر كان يعمر الأرض قبل بني آدم ، وبما أنكم قلتم أنهم الجان بدليل سبقهم في الوجود على بني آدم ، فهل ورد أن للجن دماءا أصلا حتى تتذهبوا إلى هذا القول ؟
    وخلاصة قولهم أنهم ينفون صفة القتل عن طريق سفك الدماء بالنسبة للجان لأنها لايجب أن تحتمل غير معنى الدماء الذي نعرفه ـ دماء بني آدم ـ فهم بهذا و انطلاقا من معرفتهم المعلوم ـ بني البشر وصفاتهم ـ يقيسون عليه المجهول . إلا أنه إذا تحرينا الأمر نجد أنه ليس هنالك ما ينفي هذا ولا ما يؤكده من الشرع ـ على حد علمي ـ فاعتراض هؤلاء ناجم عن تصورهم لمفهوم القتل عند الجان الذي تختلف صفاته الذاتية عن صفاتنا ، وفهمم لمعنى قول الملائكة عليهم السلام {يسفك الدماء} كونهم أي الملائكة ـ في نظر المعترضين ـ لا يمكن أن يعنوا بهذا إلا دماء من جنس دماء بني آدم لا الجان ! لكن هذا التصور في حد ذاته لا يمكن أن ينفي ولا أن يثبت شيئا كما قلت ، فصحيح أن الجان خلقوا من مادة غير مادتنا التي خلقنا منها إلا أننا نجد القرآن الكريم يصفهم بصفات مشابهة لصفات البشر : يقول تعالى في سورة [ الأعراف الآية :179]{وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالإِنْسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لا يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لا يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لا يَسْمَعُونَ بِهَا أُولَئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُولَئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ } هنا الأمر يختلف حيث أن القائل الخالق العليم جل جلاله وليس الملائكة ، فعندما يقول : لهم قلوب لا يفقهون بها ولهم أعين لا يبصرون بها ... فقوله تعالى لايحتمل غير هذا المعنى لأنه يخبرنا هنا عن صفاة لمخلوقات هو خالقها.
    خلاصة القول أنه لايوجد ما ينفي هذا التاويل ولاما يثبته ، ويبقى الأمر محتملا ، وأعتقد ـ والله أعلم ـ أنه مجرد افتراض لزم عن مقدمة يقينية ألزم بها أصحاب هذا التأويل أنفسهم : كون " خليفة " في الآية الكريمة هو آدم عليه السلام ، وهو خليفة لمن كان قبله في الأرض بدليل وجود الجن .. لهذا نجد المفسرين من السلف الصالح رضي الله عنهم يحاولون أثناء تتطرقهم للآيات أن يقدموا افتراضات ناجمة عن فهمهم للآيات الكريمة مستخدمين في ذلك ما توفر لهم من قرائن من داخل النص القرآني أو من السنة النبوية ، وعندما يشكل الأمر عليهم يجتهدون ، وذلك لتقريب هذه الآيات إلى أذهان الناس ، فمثلا نجد في تفسير الطبري عندما يتطرق للآية الكريمة : { وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ الْمَنّ وَالسَّلْوَى } يقول : الْقَوْل فِي تَأْوِيل قَوْله تَعَالَى : {وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ الْمَنّ وَالسَّلْوَى }اخْتَلَفَ أَهْل التَّأْوِيل فِي صِفَة الْمَنّ . فَقَالَ بَعْضهمْ بِمَا : حَدَّثَنِي بِهِ مُحَمَّد بْن عَمْرو , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِم , قَالَ : حَدَّثَنَا عِيسَى ,عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح ,عَنْ مُجَاهِد فِي قَوْل اللَّه عَزَّ وَجَلَّ : { وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ الْمَنّ } قَالَ : الْمَنّ : صَمْغَة .* حَدَّثَنَا الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو حُذَيْفَة , قَالَ : حَدَّثَنَا شِبْل ,عَنْ ابْن أَبِي نَجِيح , عَنْ مُجَاهِد , مِثْله . حَدَّثَنَا الْحَسَن بْن يَحْيَى , قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْد الرَّزَّاق , قَالَ : حَدَّثَنَا مَعْمَر ,عَنْ قَتَادَةَ فِي قَوْله : { وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ الْمَنّ وَالسَّلْوَى } يَقُول : كَانَ الْمَنّ يَنْزِل عَلَيْهِمْ مِثْل الثَّلْج . وَقَالَ آخَرُونَ : هُوَ شَرَاب . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنَا إسْحَاق , قَالَ : حَدَّثَنَا ابْن أَبِي جَعْفَر , عَنْ أَبِيهِ , عَنْ الرَّبِيع بْن أَنَس , قَالَ : الْمَنّ : شَرَاب كَانَ يَنْزِل عَلَيْهِمْ مِثْل الْعَسَل , فَيَمْزُجُونَهُ بِالْمَاءِ , ثُمَّ يَشْرَبُونَهُ . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمَنّ : عَسَل . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : حَدَّثَنَا يُونُس بْن عَبْد الْأَعْلَى , أَخْبَرَنَا ابْن وَهْب , قَالَ : قَالَ ابْن زَيْد : الْمَنّ : عَسَل كَانَ يَنْزِل لَهُمْ مِنْ السَّمَاء . حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن إسْحَاق , قَالَ : حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَد , قَالَ : حَدَّثَنَا إسْرَائِيل , عَنْ جَابِر , عَنْ عَامِر , قَالَ : عَسَلكُمْ هَذَا جُزْء مِنْ سَبْعِينَ جُزْءًا مِنْ الْمَنّ وَقَالَ آخَرُونَ : الْمَنّ : خَبَز الرُّقَاق . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : حَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنَا إسْحَاق , قَالَ : حَدَّثَنَا إسْمَاعِيل بْن عَبْد الْكَرِيم , قَالَ : حَدَّثَنِي عَبْد الصَّمَد , قَالَ : سَمِعْت وَهْبًا وَسُئِلَ مَا الْمَنّ , قَالَ : خُبْز الرُّقَاق , مِثْل الذُّرَة , وَمِثْل النَّقِيّ . وَقَالَ آخَرُونَ : الْمَنّ : الترنجبين . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : حَدَّثَنِي مُوسَى بْن هَارُونَ , قَالَ : حَدَّثَنَا عَمْرو بْن حَمَّاد , قَالَ : حَدَّثَنَا أَسْبَاط , عَنْ السُّدِّيّ : الْمَنّ كَانَ يَسْقُط عَلَى شَجَر الترنجبين . وَقَالَ آخَرُونَ الْمَنّ هُوَ الَّذِي يَسْقُط عَلَى الشَّجَر الَّذِي تَأْكُلهُ النَّاس . ذِكْر مَنْ قَالَ ذَلِكَ : حَدَّثَنِي الْقَاسِم , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُسَيْن , قَالَ : حَدَّثَنِي حَجَّاج , عَنْ ابْن جُرَيْجٍ , قَالَ : قَالَ ابْن عَبَّاس : كَانَ الْمَنّ يَنْزِل عَلَى شَجَرهمْ فَيَغْدُونَ عَلَيْهِ فَيَأْكُلُونَ مِنْهُ مَا شَاءُوا . وَحَدَّثَنِي الْمُثَنَّى , قَالَ : حَدَّثَنَا الْحُمَّانِيّ , قَالَ : حَدَّثَنَا شَرِيك , عَنْ مَجَالِد . عَنْ عَامِر فِي قَوْله : { وَأَنْزَلْنَا عَلَيْكُمْ الْمَنّ } قَالَ : الْمَنّ : الَّذِي يَقَع عَلَى الشَّجَر ... انتهى .
    ومعلوم أنه لا أحد رأى هذه الأشياء فهي غيب محض ، فالمن والسلوى أنزل على بني إسرائيل وبيننا وبينهم زمن طويل ، وعليه فإن الخوض في تفسير الآية إذن هو من باب تقريب هذه الأشياء لذهن العامة ولا حرج في ذلك البتة ، لأن ذلك لن ينفي معلوما من الدين .. كذلك تأويل الآية الكريمة التي بين أيدينا فليس في هذا التأويل ما يخشى منه من الناحية العقدية ، فهذا مما لم يتعبد به لله أحد ، وهو من العلم الذي لا يضر الجهل به ولا ينفع العلم به أيضا ، أقصد من الناحية العملية ، فديننا كما هو معلوم دين علم وعمل ، إلا أن هناك قوما طبعوا على ا لخوض في الأشياء بغير علم و الإعتراض على هذا والطعن في قول ذاك .. مما ليس وراءه طائل ، اللهم لأجل افتعال الشغب والسفسطة الفارغة من المعنى والإكثار من الجدل العقيم ... أوبهدف التشكيك في الغالب الأهم !
    ونحن عندما تعرضنا للموضوع كان الدافع وراء ذلك تصحيح مفاهيم فاسدة ذاعت بين الناس والتي هي من المشهورات التي لا أصل لها في الشرع البتة ، أيضا لما لها من الخطورة من الناحية العقدية عند المسلم من حيث لا يعلم ! هذا والله أعلم وأحكم وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم .

    يتبع إن شاء الله تعالى
    التعديل الأخير تم 06-04-2007 الساعة 05:45 AM
    هل في عيون الملحدين عماءُ ؟ *** أم في عقول الملحدين غباءُ ؟
    أيجوز عقلا أن عقلا مبدعـا *** قد أبدعته طبيعة بلهــاءُ ؟
    فإذا الطبيعة أدركت وتصرّفت*** قلنا الطبيعة والإله سواءُ!
    الله أحيا الكائنــات بسرّه *** وبسرّه تتفاعل الأشيــاءُ
    (أحمد الرصافي) .

  10. #10
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    عندما كان الله تعالى يخاطب الملائكة عليهم السلام {إني جاعل في الأرض خليفة} هل كان آدم موجودا حينئذ أم لا ؟
    إذا سلمنا أن المقصود بالآية هو آدم عينا فظاهر الآية يدل على أنه لم يوجد بعد ، وذلك لأن الجعل في القرآن الكريم قد يأتي أحيانا بمعنى الخلق ، كقوله تعالى : {الذي جعل لكم الأنعام لتركبوا منها ومنها تاكلون} [غافر: 79]
    المقصود بالآية هو آدم وذريته وليس ادم عينا ... وهناك عدة أدلة وشواهد على ذلك :

    1- لان ادم ليس مخلدا .. مثل كل وسائر المخلوقات , وبالتالي فلا يمكن ان يكون خليفة في الارض حتى نهاية وجود الارض ونهاية وجود ادم ..وهذا يعني ان الخليفة هو آدم ونسله وذريته سواء من عاش معه منهم على الارض بعد الهبوط ومن سيوجد ويعيش فيها وعليها من بعده .

    2- والجعل هنا تعبير وبيان عن ان هذا الجعل العملي لا بد وان يسبقه خلق ادم عمليا .. وان كان الجعل النظري تعبير عن ارادة الله التي سبقت خلق ادم عمليا
    يعني إني جاعل في الأرض خليفة ولذلك ساخلق آدم ليكون هو الخليفة ..مع ذريته .

    3 - ولا علاقة بين هذا التسليم بأن المقصود بالآية هو آدم عينا , وبين كونه ليس مخلوقا بعد ... فلا يدل هذا التسليم ولا اتيان معنى الجعل هو الخلق , على ان ادم لم يوجد ولم يخلق بعد , وذلك لوجود معنى لغوي لتعبير - إني جاعلُ - بالتنوين , بما يدل على ان الحدث لم يوجد بعد , وان الحدث سيحدث وسيكون في المستقبل .. سواء في المستقبل القريب او البعيد
    بدليل الاية الكريمة يقول الحق سبحانه وتعالى في سورة الكهف: {ولا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا، إلا أن يشاء الله }
    والمراد بالغد: ما يستقبل من الزمان، ويدخل فيه كل يوم قادم
    فالتنوين هنا دلالة على الأمور المستقبلة
    فيقول الرجل : إني ذاهب - بالتنوين - فيفهم على انه سيذهب وان الذهاب سيكون في المستقبل
    ومن هنا يسهل فهم الاية .. اكثر
    بالنسبة لمعنى الجعل فيكون معناه الارادة والمشيئة وليس معناها خلق ادم لان ادم لم يخلق بعد عندما قال الله للملائكة انه جاعل في الارض خليفة
    وايضا نفهم ان ادم لم يخلق بعد عندما قال الله للملائكة انه جاعل في الارض خليفة

    4- كذلك نلاحظ تنكير كلمة: (خليفة) لتشمل كل كائن وليس كائناً واحداً محدداً، فعندما اراد الله جعل ادم خليفة في الأرض لم يقل إني: (جاعل آدم خليفة) وإنما قال: (إني جاعل في الأرض خليفة) .


    فظاهر الآية يدل على أنه لم يوجد بعد ، وذلك لأن الجعل في القرآن الكريم قد يأتي أحيانا بمعنى الخلق ، فإذا وضعنا في الإعتبار هذا الإحتمال يصبح معنى الجعل في الآية يحتمل الخلق والإيجاد ولعل قائلا يقول وما علاقة هذا بآدم عليه السلام وبتأويل الآية ؟ أقول إذا كان الجعل هنا يحتمل الخلق سيخرج تأويل من قال أن المعني بلفظ " خليفة " هو آدم عليه السلام عينا دون ذريته
    نعم ..
    والاخذ بالمعنى اللغوي المذكور يؤكد هذا الامر .. اي أنه لم يوجد بعد


    أيضا نقول : نستدل بقول الملائكة عليهم السلام : { أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ...} فهل عنت الملائكة عليهم السلام بقولها هذا آدم
    طبعا هذا قول بعيد فآدم عليه السلام لم يفسد في الأرض ولم يسفك الدماء ، وبالتالي قول الملائكة عليهم السلام مضاف إلى ذريته لا إليه هو ، وبالتالي يصبح هذا التأويل لقوله تعالى {إني جاعل في الأرض خليفة} لا يمت إلى آدم عليه السلام بصلة ، اللهم باعتباره أبو البشر أهبطه الله إلى الأرض مع زوجه عليهما السلام فشاء الله أن يجعل منهما ذرية يخلفون أباهم آدم عليه السلام ويخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل إلى ما شاء الله ، وعموما الآيات في هذا كثيرة وكلها فيها ما يؤيد صحة هذا التاويل والله تعالى أعلم وأحكم .
    نعم .. وهذا ايضا يضاف كدليل الى الادلة السابقة لتصير خمسة ادلة

    وأرى والله أعلم أنه إذا كان آدم عليه السلام موجودا حينئذ ، وكان لفظ الجعل في الآية يحتمل معنى الخلق فإنه لا معنى لأن يقال أن خليفة أريد بها آدم عليه السلام ، لأن القصد إلى إيجاد الموجود محال !
    نعم .. وهذا ايضا يضاف كدليل الى الادلة السابقة لتصير ستة ادلة

    وبالله التوفيق
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  11. #11
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    70
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    نعم ماقلت أخي الكريم ، على أني قد أختلف معك في بعض استدلالاتك ، إما لقصور في فهمي أو لأنها تحتاج منك إلى توضيح اكثر .

    المقصود بالآية هو آدم وذريته وليس ادم عينا ... وهناك عدة أدلة وشواهد على ذلك :
    نعم ، ليس آدم عينا ، لكني أقول أن المقصود ذرية آدم عليه السلام لا آدم وذريته ، وهناك فرق .

    1- لان ادم ليس مخلدا .. مثل كل وسائر المخلوقات , وبالتالي فلا يمكن ان يكون خليفة في الارض حتى نهاية وجود الارض ونهاية وجود ادم ..وهذا يعني ان الخليفة هو آدم ونسله وذريته سواء من عاش معه منهم على الارض بعد الهبوط ومن سيوجد ويعيش فيها وعليها من بعده .
    هذا ما قصدت تحديدا فأنت مثلا أخي الفاضل وكما هو ملاحظ من تعقيبك بنيت تفسيرك للآية الكريمة على أساس أن آدم عليه السلام هو المعني بلفظ "خليفة" في الآية الكريمة ، وهذه مقدمة تسلمتها من خلال دراستك لكتب التفسير التي تضم تأويلات السلف الصالح ـ رضي الله عنهم ـ المختلفة للآية الكريمة ، ومنهم من يقول أن " خليفة" تعني آدم عليه السلام وذريته ، إلا أني على رأي من يقول منهم أن المراد ذرية آدم عليه السلام وهذا يختلف عن التأويل الأول .

    2- والجعل هنا تعبير وبيان عن ان هذا الجعل العملي لا بد وان يسبقه خلق ادم عمليا .. وان كان الجعل النظري تعبير عن ارادة الله التي سبقت خلق ادم عمليا
    يعني إني جاعل في الأرض خليفة ولذلك ساخلق آدم ليكون هو الخليفة ..مع ذريته .
    نعم أخي الفاضل فالجعل المذكور في الآية يمكن أن يتضمن الخلق ، أو يلزم عنه الخلق حسب إرادة ومشيئة الله عز وجل .، لكن اعتراضي الوحيد على آخر تعبير ليكون هو الخليفة ..مع ذريته .


    3 - ولا علاقة بين هذا التسليم بأن المقصود بالآية هو آدم عينا , وبين كونه ليس مخلوقا بعد ... فلا يدل هذا التسليم ولا اتيان معنى الجعل هو الخلق , على ان ادم لم يوجد ولم يخلق بعد , وذلك لوجود معنى لغوي لتعبير - إني جاعلُ - بالتنوين , بما يدل على ان الحدث لم يوجد بعد , وان الحدث سيحدث وسيكون في المستقبل .. سواء في المستقبل القريب او البعيد
    أخي الكريم هذا ألزم به من يدعي أن آدم عليه السلام هو بعينه المقصود من الآية ، فهم يرون أن كل خليفة للمسلمين هو خليفة الله المباشر في الأرض، ويلزمون الخصوم بأن كل إنسان بما هو إنسان هو خليفة الله في أرضه ، بالوراثة يعني .. ويستشهدون عل صحة قولهم بآيات مثلا : { يَا دَاوُد إِنَّا جَعَلْنَاك خَلِيفَة فِي الْأَرْض فاحكم بين الناس بالحق...} ، ويبنون على هذا أصولا .. لا كما يقول السلف أنه خليفة لمن كان قبله .. أو خليفة : قوم يخلف بعضهم بعض أي ذرية آدم عليه السلام وليس آدم عينا ، أرجو أن أكون قد وفقت في توضيح كلامي .

    بالنسبة لمعنى الجعل فيكون معناه الارادة والمشيئة وليس معناها خلق ادم لان ادم لم يخلق بعد عندما قال الله للملائكة انه جاعل في الارض خليفة وايضا نفهم ان ادم لم يخلق بعد عندما قال الله للملائكة انه جاعل في الارض خليفة
    أخي الكريم بالرجوع إلى كلامك :
    والجعل هنا تعبير وبيان عن ان هذا الجعل العملي لا بد وان يسبقه خلق ادم عمليا .. وان كان الجعل النظري تعبير عن ارادة الله التي سبقت خلق ادم عمليا
    يعني إني جاعل في الأرض خليفة ولذلك ساخلق آدم ليكون هو الخليفة ..مع ذريته
    نفهم أن لفظ الجعل يمكن أن يتضمن الخلق ، أو يلزم عنه الخلق حسب إرادة ومشيئة الله عز وجل
    لكنك تعود لتنفي هذا ، وهذا نتاقض ، وبالنسبة لي لا يمكن حمله إلا على أنك تفهم أن المراد من لفظ "خليفة" في الآية هو آدم عينا وهذا واضح من قولك :
    بالنسبة لمعنى الجعل فيكون معناه الارادة والمشيئة وليس معناها خلق ادم لان ادم لم يخلق بعد عندما قال الله للملائكة انه جاعل في الارض خليفة
    وايضا نفهم ان ادم لم يخلق بعد عندما قال الله للملائكة انه جاعل في الارض خليفة
    هذا ياأخي لا دليل عليه البتة ، فمن يستطيع أن يثبت بالدليل أنه كان موجودا أو غير موجود أصلا حينها ؟ إلا أن تكون معتقدا اعتقادا جازما أن المقصود بلفظ "خليفة " هو آدم عليه السلام عينا ، وعليه فكلامك التالي مبني على ما ألزمت به نفسك وعلى ما افترضته .
    وللتوضيح ، الغاية من قولي أن لفظ الجعل يمكن أن يتضمن أو يعني الخلق بوجه من الوجوه هوأن ألزم به من قال أن المقصود بلفظ " خليفة " في الآية هو آدم بعينه ، لأوضح له أنه لا دليل على كلامه بل هي مجرد دعوى عارية من الصحة :
    ـ فبفرض أن المقصود هو آدم عليه السلام عينا ، فهو لم يوجد بعد {جاعل في الأرض} زيادة على ذلك هو لم يخلق في الأرض أصلا {جاعل في الأرض}!
    ـ باعتبار قول الملائكة عليهم السلام {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ..} آدم مارتكب ذنبا في الأرض قط ، فضلا عن أن يفسد فيها ويسفك الدماء !
    ـ هذا الفعل الفساد وسفك الدماء لا يصدر عن واحد بل جماعة !
    ـ من يعتقد أن آدم عليه السلام هو المقصود بلفظ " خليفة " عليه أن يضع في الحسبان هذه الأدلة ، وآخرها أنه لو كان آدم عليه السلام موجودا حينها ـ أي عند قوله تعالى {إني جاعل في الأرض خليفة}ـ وهذا وارد جدا ، سيبطل هذا التأويل من كل وجه لأن القصد إلى إيجاد الموجود محال ، وبناءا على ما سبق يصبح هذا التأويل عبارة عن دعوى لا دليل عليها .
    هذا مختصر كلامي .
    وجزاك الله خيرا ، وأنتظر التوضيح أو التصويب .
    وفقكم الله .
    التعديل الأخير تم 06-04-2007 الساعة 12:22 PM
    هل في عيون الملحدين عماءُ ؟ *** أم في عقول الملحدين غباءُ ؟
    أيجوز عقلا أن عقلا مبدعـا *** قد أبدعته طبيعة بلهــاءُ ؟
    فإذا الطبيعة أدركت وتصرّفت*** قلنا الطبيعة والإله سواءُ!
    الله أحيا الكائنــات بسرّه *** وبسرّه تتفاعل الأشيــاءُ
    (أحمد الرصافي) .

  12. افتراضي

    اللفظ قد يطلق ويرا به الخصوص ، وقد يطلق ويراد به العموم ، ويرجح عن طريق السياق ، وأمور أخرى.
    ( فاعلم أنه لا إله إلا الله )
    أنصار | أذكار | الموقع | نجاح | متقين | السنة | جامع | معرفة | اعرف | معلومة

  13. #13
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو العلاء مشاهدة المشاركة
    نعم ماقلت أخي الكريم ، على أني قد أختلف معك في بعض استدلالاتك ، إما لقصور في فهمي أو لأنها تحتاج منك إلى توضيح اكثر ..
    نعم , والخلاف وارد , والجزم لا بد له من دليل .. فما كان له دليل جزمنا به في هذه المسالة , والدليل قد يكون نصيا وقد يكون لغويا ..
    وانا ذكرت اكثر من مرة ان للتنوين دلالة على المستقبل .. لكنك لم تشر الى هذه النقطة المهمة ..
    وقد ورد اسم الفاعل (جاعل) بتنوين الضم في الآية ليدل على الاستقبال غير المنقطع مما يوحي بأن الذي سيجعله خليفة ليس فرداً وكفى (آدم فقط ) وإنما هو ونسله لذلك لم يقل: (سأخلق) وإنما قال: (خالق)
    وتنوين الضم يدل على الاستقبال , فالغالب انه سيدنا ادم لم يخلق بعد حين قال الله للملائكة بانه سيجعل في الارض خليفة


    نعم ، ليس آدم عينا ، لكني أقول أن المقصود ذرية آدم عليه السلام لا آدم وذريته ، وهناك فرق .
    نعم .. هناك فرق ..
    وانت اخي الفاضل أخرجت سيدنا آدم من موضوع الخلافة والاستخلاف , رغم عدم وجود نص على الاستثناء - على استثنائه .
    وسبب الخلاف واضح , وهو انك نظرت الى الاية الكريمة تقول { قالوا أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء} وقلت تبعا لذلك :
    آدم مارتكب ذنبا في الأرض قط ، فضلا عن أن يفسد فيها ويسفك الدماء
    نعم ..
    ولكن هذا ليس دليلا للاستثناء ..
    ألا ترى معي وجود ملايين البشر لم يفسدوا في الارض ولم يسفكوا الدماء , وهم من ذرية سيدنا ادم , فهل نستثنيهم - بحسب هذه النظرة وبالقياس عليها - فهل نستثنيهم من الخلافة ؟
    طبعا لا ..
    فهذا القول من الملائكة ليس دليلا , ولذلك قال الله تعالى لهم ,{قال إني أعلم ما لا تعلمون }
    وبذلك لا يكون ما توقعه الملائكة بسبب جبلته وتكوينه , بأن نسل آدم سيفسدون في الأرض، ويسفكون الدماء , صحيحا كلية او عاما شاملا .

    وهنا نعود الى المقصود بالخلافة والخليفة في الارض .. حتى نرى هل ادم من ضمن ذلك ان ذريته فقط ..
    لا يكون مخلوق خليفة للخالق ..كون الخالق ازلي وحي وقيوم وكون المخلوق محدود عمرا وقوة ..
    وقوله تعالى { يا داود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق} ...
    يعني الخلافة السياسية والحكم وتدبر أمر الناس . .. وليس خلافة الله في الارض .

    لا يقال عن أحد إنه خليفة الله
    سؤال:
    قرأت في بعض الكتب عبارة : ‏(‏ وأنتم أيها المسلمون خلفاء الله في أرضه ‏)‏ فما حكم هذه العبارة ؟.
    الجواب:
    الحمد لله
    "هذا التعبير غير صحيح من جهة معناه ؛ لأن الله تعالى هو الخالق لكل شيء ‏,‏ المالك له ‏,‏ ولم يغب عن خلقه وملكه ‏,‏ حتى يتخذ خليفة عنه في أرضه ‏,‏ وإنما يجعل الله بعض الناس خلفاء لبعض في الأرض ‏,‏ فكلما هلك فرد أو جماعة أو أمة جعل غيرها خليفة منها يخلفها في عمارة الأرض ‏,‏ كما قال تعالى‏ :‏ ‏( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ) . وقال تعالى‏:‏ ( قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) . وقال : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) .‏ أي ‏:‏ نوعا من الخلق يخلف من كان قبلهم من مخلوقاته" اهـ
    من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/33) .
    وقال النووي رحمه الله في كتابه "الأذكار" :
    بابٌ في ألفاظٍ يُكرهُ استعمالُها .
    ينبغي أن لا يُقال للقائم بأمر المسلمين خليفة اللّه ، بل يُقال الخليفة ، وخليفةُ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأميرُ المؤمنين . . .
    وعن ابن أبي مُليكة أن رجلاً قال لأبي بكر الصديق رضي اللّه عنه : يا خليفة اللّه! فقال : أنا خليفة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وأنا راضٍ بذلك .
    وقال رجلٌ لعمرَ بن الخطاب رضي اللّه عنه : يا خليفة اللّه! فقال : ويلَك لقد تناولتَ تناولاً بعيداً ، إن أُمّي سمّتني عمر ، فلو دعوتني بهذا الاسم قبلتُ ، ثم كَبِرتُ فكُنِّيتُ أبا حفص ، فلو دعوتني به قبلتُ ، ثم وليتموني أمورَكم فسمَّيتُوني أمَير المؤمنين ، فلو دعوتني بذاك كفاك .
    وذكر الإِمام أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي البصري الفقيه الشافعي في كتابه "الأحكام السلطانية" أن الإِمامَ سُمِّيَ خليفةً ؛ لأنه خلفَ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أُمته ، قال : فيجوز أن يُقال الخليفة على الإِطلاق ، ويجوز خليفة رسول اللّه .
    قال : واختلفوا في جواز قولنا خليفة اللّه ، فجوّزه بعضُهم لقيامه بحقوقه في خلقه ، ولقوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ في الأرْضِ ) فاطر / 39 . وامتنع جمهورُ العلماء من ذلك ونسبُوا قائلَه إلى الفجور، هذا كلام الماوردي . انتهى كلام النووي رحمه الله .
    والله تعالى أعلم .
    الإسلام سؤال وجواب

    والتمكين في الارض قوة والتّمكين من الاستخلاف , قال تعالى : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.}
    { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى }
    فالإنسان هو الخليفة في الأرض
    ولولا وجود ادم وحواء والزواج لما وجدت الخلافة ولما استمرت هذه الخلافة
    وادم وحواء بشر , فهما من ضمن المستخلفين في الارض وبالتالي يحق وصفهم من ضمن الخلفاء في الارض ..

    هذا ما قصدت تحديدا فأنت مثلا أخي الفاضل وكما هو ملاحظ من تعقيبك بنيت تفسيرك للآية الكريمة على أساس أن آدم عليه السلام هو المعني بلفظ "خليفة" في الآية الكريمة ، وهذه مقدمة تسلمتها من خلال دراستك لكتب التفسير التي تضم تأويلات السلف الصالح ـ رضي الله عنهم ـ المختلفة للآية الكريمة ، ومنهم من يقول أن " خليفة" تعني آدم عليه السلام وذريته ، إلا أني على رأي من يقول منهم أن المراد ذرية آدم عليه السلام وهذا يختلف عن التأويل الأول .
    نعم
    وانا لم اقل ان آدم عليه السلام - فقط - هو المعني بلفظ "خليفة" في الآية الكريمة , بل آدم عليه السلام وذريته , ولا استثني احدا منهم .. - لا استثني آدم عليه السلام ولا حواء - لعدم وجود دليل على الاستثاء , بل وعدم وجود ما يرجح الاستثناء .
    وقول الله لآدم: {أنبئهم بأسمائهم} دليل على انه مشمول بالخلافة , بل هو الاساس فيها ..
    {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين * قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم * قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون }


    نعم أخي الفاضل فالجعل المذكور في الآية يمكن أن يتضمن الخلق ، أو يلزم عنه الخلق حسب إرادة ومشيئة الله عز وجل .، لكن اعتراضي الوحيد على آخر تعبير ليكون هو الخليفة ..مع ذريته .
    نعم



    أخي الكريم هذا ألزم به من يدعي أن آدم عليه السلام هو بعينه المقصود من الآية ، فهم يرون أن كل خليفة للمسلمين هو خليفة الله المباشر في الأرض، ويلزمون الخصوم بأن كل إنسان بما هو إنسان هو خليفة الله في أرضه ، بالوراثة يعني .. ويستشهدون عل صحة قولهم بآيات مثلا : { يَا دَاوُد إِنَّا جَعَلْنَاك خَلِيفَة فِي الْأَرْض فاحكم بين الناس بالحق...} ، ويبنون على هذا أصولا .. لا كما يقول السلف أنه خليفة لمن كان قبله .. أو خليفة : قوم يخلف بعضهم بعض أي ذرية آدم عليه السلام وليس آدم عينا ، أرجو أن أكون قد وفقت في توضيح كلامي .
    كلامك واضح أخي الكريم
    وهناك فرق بين مفهوم الخلافة في الارض ومفهوم الخلافة السياسي ..
    وانت أخي الكريم ترى ان الراجح هو قول ان الخلافة هي في ذرية آدم عليه السلام وليس آدم عينا , بدليل معنى الخلافة , لكن الاوضح اكثر ان معنى الخلافة يضم كل المستخلفين - بالكسر - والمستخلفين - بالفتح - ...
    فادم خليفة خلف من كان قبله واستخلف من بعده ..


    أخي الكريم بالرجوع إلى كلامك :
    نفهم أن لفظ الجعل يمكن أن يتضمن الخلق ، أو يلزم عنه الخلق حسب إرادة ومشيئة الله عز وجل
    لكنك تعود لتنفي هذا ، وهذا نتاقض ، وبالنسبة لي لا يمكن حمله إلا على أنك تفهم أن المراد من لفظ "خليفة" في الآية هو آدم عينا وهذا واضح من قولك : بالنسبة لمعنى الجعل فيكون معناه الارادة والمشيئة وليس معناها خلق ادم لان ادم لم يخلق بعد عندما قال الله للملائكة انه جاعل في الارض خليفة
    وايضا نفهم ان ادم لم يخلق بعد عندما قال الله للملائكة انه جاعل في الارض خليفة

    هذا ياأخي لا دليل عليه البتة ، فمن يستطيع أن يثبت بالدليل أنه كان موجودا أو غير موجود أصلا حينها ؟ إلا أن تكون معتقدا اعتقادا جازما أن المقصود بلفظ "خليفة " هو آدم عليه السلام عينا ، وعليه فكلامك التالي مبني على ما ألزمت به نفسك وعلى ما افترضته .
    الدليل هو المعنى اللغوي , فقد جاء اسم الفاعل (جاعل) بتنوين الضم في الآية ليدل على المستقبل ..
    فقد قرر الله وقضى وشاء واراد ان يجعل خليفة في الارض .. وقال الله ذلك للملائكة .وذلك قبل ان يخلق ادم ..
    والدليل انه قال لهم بعد ذلك { وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين }
    فالامر بالسجود لادم جاء قبل خلقه
    وبعد خلقه مباشرة { فسجد الملائكة كلهم أجمعون }


    وللتوضيح ، الغاية من قولي أن لفظ الجعل يمكن أن يتضمن أو يعني الخلق بوجه من الوجوه هوأن ألزم به من قال أن المقصود بلفظ " خليفة " في الآية هو آدم بعينه ، لأوضح له أنه لا دليل على كلامه بل هي مجرد دعوى عارية من الصحة :
    ـ فبفرض أن المقصود هو آدم عليه السلام عينا ، فهو لم يوجد بعد {جاعل في الأرض} زيادة على ذلك هو لم يخلق في الأرض أصلا {جاعل في الأرض}!
    ـ باعتبار قول الملائكة عليهم السلام {أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ..} آدم مارتكب ذنبا في الأرض قط ، فضلا عن أن يفسد فيها ويسفك الدماء !
    ـ هذا الفعل الفساد وسفك الدماء لا يصدر عن واحد بل جماعة !
    ـ من يعتقد أن آدم عليه السلام هو المقصود بلفظ " خليفة " عليه أن يضع في الحسبان هذه الأدلة ، وآخرها أنه لو كان آدم عليه السلام موجودا حينها ـ أي عند قوله تعالى {إني جاعل في الأرض خليفة}ـ وهذا وارد جدا ، سيبطل هذا التأويل من كل وجه لأن القصد إلى إيجاد الموجود محال ، وبناءا على ما سبق يصبح هذا التأويل عبارة عن دعوى لا دليل عليها .
    هذا مختصر كلامي .
    وجزاك الله خيرا ، وأنتظر التوضيح أو التصويب .
    وفقكم الله
    نعم
    وقد وضحت وارجو ان يكون كلامي واضحا لك
    فقد أخبر تعالى أنه خاطب الملائكة قائلاً لهم : " إني جاعل في الأرض خليفة " أعلمهم بما يريد أن يخلق من آدم وذريته الذين يخلف بعضهم بعضاً كما قال : " وهو الذي جعلكم خلائف الأرض " وقال تعالى : " ويجعلكم خلفاء الأرض " فأخبرهم بذلك على سبيل التنويه بخلق آدم وذريته ، كما يخبر بالأمر العظيم قبل كونه ، فقالت الملائكة سائلين على وجه الإستكشاف والإستعلام عن وجه الحكمة ، لا على وجه الإعتراض والتنقص لبني آدم والحسد لهم ، كما قد يتوهمه بعض جهلة المفسرين ، قالوا : " أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء " .
    وقيل علموا أن ذلك كائن بما رأوا ممن كان قبل آدم من الجن والبن ، قاله قتادة .وقال عبد الله بن عمر : كانت الجن قبل آدم بألفي عام فسفكوا الدماء ، فبعث الله إليهم جنداً من الملائكة فطردوهم إلى جزائر البحور .وعن ابن عباس نحوه . وعن الحسن ألهموا ذلك .وقيل : لأنهم علموا أن الأرض لا يخلق منها إلا من يكون بهذه المثابة غالباً .
    " ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك " أي نعبدك دائماً لا يعصيك منا أحد ، فإن كان المراد بخلق هؤلاء أن يعبدوك فها نحن أولاء لا نفتر ليلاً ولا نهاراً .
    " قال إني أعلم ما لا تعلمون " أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق خلق هؤلاء ما لا تعلمون ، أي سيوجد منهم الأنبياء والمرسلون والصديقون والشهداء الصالحون .
    ثم بين لهم شرف آدم عليهم في العلم فقال : " وعلم آدم الأسماء كلها " علمه أسماء الذوات وأفعالها مكبرها ومصغرها ، كما أشار إليه ابن عباس رضي الله عنهما .
    " ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين " .
    قالوا : " سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم " أي سبحانك أن يحيط أحد بشيء من علمك من غير تعليمك ، كما قال : " ولا يحيطون بشيء من علمه إلا بما شاء " .
    " قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون " أي أعلم السر كما أعلم العلانية .
    ---
    واذ قال ربك للملائكة انى جاعل فى الأرض خليفة
    • تفسير الطبرى
    جاعل بمعنى خالق. أى مستخلف فى الأرضخليفة ومصير فيها خلقا.
    وخليفة بمعنى ساكنا وعامرا، ويعمرها خلقا ليس منكم.
    وقيل خليفة أى خلفا يخلف بعضهم وهم ولد آدم يخلفون أباهم آدم ويخلف كل قرن منهم القرن الذى خلف.
    وقيل أريد أن أخلق فى الأرض خلقا واجعل فيها خليفة، وليس لله يومئذ خلق الا الملائكة، والأرض ليس فيها خلق.
    وخليفة بمعنى يخلف الله فى الحكم فى الأرض بما أنزل الله، وهو آدم
    • تفسير القرطبى
    خليفة(فاعل) بمعنى يخلف من كان قبله من الملائكة أو غير الملائكة فى الأرض.
    خليفة(مفعول) أى مخلف. والخلف(بفتح اللام) من الصالحين، و(بتسكين اللام) من الطالحين.
    والمعنى بالخليفة هو آدم، وهو خليفة الله فى امضاء أحكامه وأوامره،لأنه أول رسول الى الأرض.
    وقيل أن الآية أصل فى نصب امام وخليفة يسمع له ويطاع لتجتمع به الكلمة وتنفذ به الأحكام
    قال تعالى: ياداود انا جعلناك خليفة فى الأرض. وقوله: وعد الله الذين ءامنوا منكم وعملوا الصالحات ليستخلفنهم فى الأرض.
    • صفوة التفاسير
    أى خالق فى الأرض ومتخذ فيها خليفة وهو آدم.أو قوما يخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن.
    قال تعالى: وهو الذى جعلكم خلائف الأرض

    الله تعالى حين قرر خلق آدم، حدث ملائكته من باب إعلامهم كي يسجدوا له
    وبداية الخلافة الأصل هي خلق آدم عليه السلام ثم خلق الزوجة منه، فكانت أسرة من زوجين ثم بث منها رجالًا كثيرًا ونساءً.
    ونجد ذلك واضحًا في أول سورة النساء، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء))[النساء : 1] .
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

  14. #14
    تاريخ التسجيل
    Feb 2007
    الدولة
    المغرب
    المشاركات
    70
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اللفظ قد يطلق ويرا به الخصوص ، وقد يطلق ويراد به العموم ، ويرجح عن طريق السياق ، وأمور أخرى.
    صحيح اخي الكريم بارك الله فيك .

    اللأخ الكريم ناصر التوحيد السلام عليكم ورحمة الله
    نعم , والخلاف وارد , والجزم لا بد له من دليل .. فما كان له دليل جزمنا به في هذه المسالة , والدليل قد يكون نصيا وقد يكون لغويا ..
    كلامك هذا صحيح ولا غبار عليه .
    وانا ذكرت اكثر من مرة ان للتنوين دلالة على المستقبل .. لكنك لم تشر الى هذه النقطة المهمة ..
    وقد ورد اسم الفاعل (جاعل) بتنوين الضم في الآية ليدل على الاستقبال غير المنقطع مما يوحي بأن الذي سيجعله خليفة ليس فرداً وكفى (آدم فقط ) وإنما هو ونسله لذلك لم يقل: (سأخلق) وإنما قال: (خالق)
    نعم أخي ، وعدم ردي على هذه النقطة ليس تجاهلا ، إنما لكونها لا تعني لي شيئا ، فأنا لا ألزم نفسي أن المعني بلفظ "خليفة" هو آدم عليه السلام ، للأنه لا تتوفر لدي الدلائل الكافية على هذا وأيضا قد يكون مخلوقا حينئذ أو العكس ، والحال هذه يصبح الدليل اللغوي لا يرجح شيئا عندي لأن احتمال أن يكون آدم عليه السلام مخلوقا حين قال الله تعالى مخاطبا ملائكته : {إني جاعل في الأرض خليفة} ، وارد جدا .
    نعم .. هناك فرق ..
    وانت اخي الفاضل أخرجت سيدنا آدم من موضوع الخلافة والاستخلاف , رغم عدم وجود نص على الاستثناء - على استثنائه .
    لكن يا أخي ناصر هل هناك ما يوجب إدخاله أيضا في موضوع الخلافة ، المسألة باقية في حيز الإحتمال ، فمن يرى أن المعني آدم وذريته ملزم بأن يدخله في مسألة الخلافة ، كونه خليفة لمن كان يعمر الأرض قبله ، وأما من يرى أنه المعني باللفظ "خليفة" قوم يخلف بعضهم بعضا .. فهو غير ملزم بإدخال آدم في مسألة الخلافة البتة ، فآدم هو الأصل وذريته الفرع أقصد معنى قوله تعالى "خليفة " ، وهذا القول لا يلزم عنه أن آدم خليفة لمن كان قبله أبدا بل هو أول خلق من جنس بني آدم فجعل الله ذريته خلفا عنه .
    لكن إدخاله او إخراجه ليس بشيئ ولا يترتب عليه شيئ إلا ما قلت آنفا أي لوازم التأويل .
    آدم مارتكب ذنبا في الأرض قط ، فضلا عن أن يفسد فيها ويسفك الدماء

    نعم ..
    ولكن هذا ليس دليلا للاستثناء ..
    ألا ترى معي وجود ملايين البشر لم يفسدوا في الارض ولم يسفكوا الدماء , وهم من ذرية سيدنا ادم , فهل نستثنيهم - بحسب هذه النظرة وبالقياس عليها - فهل نستثنيهم من الخلافة ؟
    طبعا لا ..
    صحيح قولك ، لكني قلت لك مرارا أن هذا القول ألزم به من خالف من أهل الضلال ممن يقولون أن المقصود آدم بعينه دون ذريته ، أرجو أن تتأمل هذا أخي الفاضل ، لأن هناك فرقا كبيرا بين ما تقوله أنت وبين ما يقوله هؤلاء المنحرفون .

    فهذا القول من الملائكة ليس دليلا , ولذلك قال الله تعالى لهم ,{قال إني أعلم ما لا تعلمون }
    وبذلك لا يكون ما توقعه الملائكة بسبب جبلته وتكوينه , بأن نسل آدم سيفسدون في الأرض، ويسفكون الدماء , صحيحا كلية او عاما شاملا .
    هذا صحيح وأنا لا أعتبره دليلا البتة ، وهاك كلامي :
    ـ رغم أن فهم المراد من لفظ خليفة لا يتوقف على جواب الملائكة عليهم السلام إلا أنه يلزم عنه أشياء سنأتي على ذكرها إن شاء المولى ـ
    ومرة أخرى اكرر أنا ألزم بهذا المخالفين الحلولية أتباع الإنسان خليفة الله في الأرض ...
    وهنا نعود الى المقصود بالخلافة والخليفة في الارض .. حتى نرى هل ادم من ضمن ذلك ان ذريته فقط ..
    لا يكون مخلوق خليفة للخالق ..كون الخالق ازلي وحي وقيوم وكون المخلوق محدود عمرا وقوة ..
    وقوله تعالى { يا داود انا جعلناك خليفة في الارض فاحكم بين الناس بالحق} ...
    يعني الخلافة السياسية والحكم وتدبر أمر الناس . .. وليس خلافة الله في الارض .

    لا يقال عن أحد إنه خليفة الله
    سؤال:
    قرأت في بعض الكتب عبارة : ‏(‏ وأنتم أيها المسلمون خلفاء الله في أرضه ‏)‏ فما حكم هذه العبارة ؟.
    الجواب:
    الحمد لله
    "هذا التعبير غير صحيح من جهة معناه ؛ لأن الله تعالى هو الخالق لكل شيء ‏,‏ المالك له ‏,‏ ولم يغب عن خلقه وملكه ‏,‏ حتى يتخذ خليفة عنه في أرضه ‏,‏ وإنما يجعل الله بعض الناس خلفاء لبعض في الأرض ‏,‏ فكلما هلك فرد أو جماعة أو أمة جعل غيرها خليفة منها يخلفها في عمارة الأرض ‏,‏ كما قال تعالى‏ :‏ ‏( وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ الأَرْضِ وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَبْلُوَكُمْ فِي مَا آتَاكُمْ ) . وقال تعالى‏:‏ ( قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ ) . وقال : ( وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً ) .‏ أي ‏:‏ نوعا من الخلق يخلف من كان قبلهم من مخلوقاته" اهـ
    من "فتاوى اللجنة الدائمة" (1/33) .
    وقال النووي رحمه الله في كتابه "الأذكار" :
    بابٌ في ألفاظٍ يُكرهُ استعمالُها .
    ينبغي أن لا يُقال للقائم بأمر المسلمين خليفة اللّه ، بل يُقال الخليفة ، وخليفةُ رسولِ اللّه صلى اللّه عليه وسلم وأميرُ المؤمنين . . .
    وعن ابن أبي مُليكة أن رجلاً قال لأبي بكر الصديق رضي اللّه عنه : يا خليفة اللّه! فقال : أنا خليفة محمد صلى اللّه عليه وسلم ، وأنا راضٍ بذلك .
    وقال رجلٌ لعمرَ بن الخطاب رضي اللّه عنه : يا خليفة اللّه! فقال : ويلَك لقد تناولتَ تناولاً بعيداً ، إن أُمّي سمّتني عمر ، فلو دعوتني بهذا الاسم قبلتُ ، ثم كَبِرتُ فكُنِّيتُ أبا حفص ، فلو دعوتني به قبلتُ ، ثم وليتموني أمورَكم فسمَّيتُوني أمَير المؤمنين ، فلو دعوتني بذاك كفاك .
    وذكر الإِمام أقضى القضاة أبو الحسن الماوردي البصري الفقيه الشافعي في كتابه "الأحكام السلطانية" أن الإِمامَ سُمِّيَ خليفةً ؛ لأنه خلفَ رسولَ اللّه صلى اللّه عليه وسلم في أُمته ، قال : فيجوز أن يُقال الخليفة على الإِطلاق ، ويجوز خليفة رسول اللّه .
    قال : واختلفوا في جواز قولنا خليفة اللّه ، فجوّزه بعضُهم لقيامه بحقوقه في خلقه ، ولقوله تعالى : ( هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلائِفَ في الأرْضِ ) فاطر / 39 . وامتنع جمهورُ العلماء من ذلك ونسبُوا قائلَه إلى الفجور، هذا كلام الماوردي . انتهى كلام النووي رحمه الله .
    والله تعالى أعلم .
    الإسلام سؤال وجواب

    والتمكين في الارض قوة والتّمكين من الاستخلاف , قال تعالى : { وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ.}.
    بارك الله فيك ، لكنهم يرون أن العبد رب والرب عبد ... إلى آخر هذا الهراء .
    { يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَى }
    فالإنسان هو الخليفة في الأرض
    ولولا وجود ادم وحواء والزواج لما وجدت الخلافة ولما استمرت هذه الخلافة
    وادم وحواء بشر , فهما من ضمن المستخلفين في الارض وبالتالي يحق وصفهم من ضمن الخلفاء في الارض ..
    كلامك صحيح يا أخي وأنا لم ولن أشرع في ضحضه أبدا ، لكل تأويل لوازمه ، فأنت ترى مثلا أن "خليفة" هو آدم وذريته ، وبالتالي آدم خليفة لمن كان قبله من أهل الفساد وعدم الإستقامة سواءا كانوا بشرا أو جانا او أي خلق آخر ، بينما أنا أقول أن "خليفة" هي قوم يخلف بعضهم بعضا ـ يتناسلون ، يموت هذا ويخلفه هذا ويقوم مقامه ـ وعليه فهم يخلفون أباهم آدم عليه السلام ، لا من كان يعمر الأرض من أهل الفساد ... هنا يكمن الإختلاف .

    وانا لم اقل ان آدم عليه السلام - فقط - هو المعني بلفظ "خليفة" في الآية الكريمة , بل آدم عليه السلام وذريته , ولا استثني احدا منهم .. - لا استثني آدم عليه السلام ولا حواء - لعدم وجود دليل على الاستثاء , بل وعدم وجود ما يرجح الاستثناء .
    وقول الله لآدم: {أنبئهم بأسمائهم} دليل على انه مشمول بالخلافة , بل هو الاساس فيها ..
    {وعلم آدم الأسماء كلها ثم عرضهم على الملائكة فقال أنبئوني بأسماء هؤلاء إن كنتم صادقين * قالوا سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم * قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون }
    قولك واضح بارك الله فيك ، هذا ما تراه وهو عندي صحيح لكنه غير راجح .
    فمثلا قوله تعالى : {أنبئهم بأسمائهم} لا أرى فيه دليلا .
    كلامك واضح أخي الكريم
    وهناك فرق بين مفهوم الخلافة في الارض ومفهوم الخلافة السياسي ..
    وانت أخي الكريم ترى ان الراجح هو قول ان الخلافة هي في ذرية آدم عليه السلام وليس آدم عينا , بدليل معنى الخلافة , لكن الاوضح اكثر ان معنى الخلافة يضم كل المستخلفين - بالكسر - والمستخلفين - بالفتح - ...
    فادم خليفة خلف من كان قبله واستخلف من بعده ..
    جيد أنك فرقت بين مفهوم الإستخلاف السياسي وبين الإستخلاف بغرض التناسل وإعمار الأرض والتمكين ... وعلى هذا تأويلك صحيح لأنك ترى أن آدم وذريته هو المعني بالآية وقد خلفوا من كان قبلهم ..
    الدليل هو المعنى اللغوي , فقد جاء اسم الفاعل (جاعل) بتنوين الضم في الآية ليدل على المستقبل ..
    فقد قرر الله وقضى وشاء واراد ان يجعل خليفة في الارض .. وقال الله ذلك للملائكة .وذلك قبل ان يخلق ادم ..
    والدليل انه قال لهم بعد ذلك { وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين }
    فالامر بالسجود لادم جاء قبل خلقه
    وبعد خلقه مباشرة { فسجد الملائكة كلهم أجمعون }
    نعم هذا صحيح ، لكن لأني لا آخذ بهذا التأويل فهذا غير ملزم لي فأنا لا أعلم هل كان آدم موجودا أم لا ، أي عندما قال الله تعالى :{ ني جاعل في الأرض خليفة}
    أما استشهادك بالآية الكريمة : {وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} فلا معنى له أصلا ، فنحن نتكلم في سورة البقرة والتي ورد فيها :
    وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ للمَلائِكةِ إنّي جَاعَلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً ، قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ، وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ...}
    تأمل بين قوله تعالى {إني أعلم ما لاتعلمون } ، وقوله : {وعلم آدم الأسماء...} فظاهر الآية يوحي بأنه ـ أعني آدم ـ كان موجودا ،لأن الله تعالى لم يقل بعد {إني أعلم ما لاتعلمون}: {إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} ، فهذا في سورة أخرى ، بينما هنا الله تعالى يذكر أنه علمه أولا ، التعليم حصل قبل الأمر بالسجود لآدم ، لكن إن شئت إقحام الآية فلا بأس بذلك على أنها لا تعد دليلا أبدا تستطيع أن تلزم به أي أحد ، فالإحتمال لا يزال قائما ، فربما كان آدم مخلوقا موجودا حين قال الله تعالى للملائكة {إني جاعل في الأرض خليفة} ، ثم علمه الله الأسماء وأمر الملائكة بالسجود له ...، أولم يكن مخلوقا ، فخلقه الله تعالى ثم علمه الأسماء وبعدها أمر الملائكة بالسجود له ، وهذا وارد أيضا ، فالظاهر يدل على أنه كان مخلوقا لكن هذا لا يمكن الجزم به أو ترجيحه إلا بدليل .
    الله تعالى حين قرر خلق آدم، حدث ملائكته من باب إعلامهم كي يسجدوا له
    وبداية الخلافة الأصل هي خلق آدم عليه السلام ثم خلق الزوجة منه، فكانت أسرة من زوجين ثم بث منها رجالًا كثيرًا ونساءً.
    ونجد ذلك واضحًا في أول سورة النساء، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء))[النساء : 1] .
    على تأويلك نعم ، لكن إليك ما اعتقده :
    وبالتالي يصبح هذا التأويل لقوله تعالى {إني جاعل في الأرض خليفة} لا يمت إلى آدم عليه السلام بصلة ، اللهم باعتباره أبو البشر أهبطه الله إلى الأرض مع زوجه عليهما السلام فشاء الله أن يجعل منهما ذرية يخلفون أباهم آدم عليه السلام ويخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل إلى ما شاء الله ، قال تعالى : {يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساءا ...}[النساء : 1] وكقوله تعالى : {هو الذي جعلكم خلائف في الأرض} [فاطر : 39] ، { ثم جعلناكم خلائف الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون}[يونس : 14] {فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيا} [مريم : 69] {فخلف من بعدهم خلف ورثوا الكتاب ياخذون عرض هذا الأدنى ويقولون سيُغفر لنا} [الأعراف : 169]... فمنهم المؤمن والكافر والعاصي والتائب والصالح والطالح ... هكذا اقتضت حكمة الله عز وجل ولا معقب لأمره ، وعموما الآيات في هذا كثيرة وكلها فيها ما يؤيد صحة هذا التاويل والله تعالى أعلم وأحكم .
    أرجو أن يكون كلامي واضحا ، وبصراحة أنا لا أرى أي داع للجدال فكلا التاويلين صحيح ، الفرق فقط فيما يلزم عنهما .
    وفقكم الله .
    التعديل الأخير تم 06-05-2007 الساعة 06:08 PM
    هل في عيون الملحدين عماءُ ؟ *** أم في عقول الملحدين غباءُ ؟
    أيجوز عقلا أن عقلا مبدعـا *** قد أبدعته طبيعة بلهــاءُ ؟
    فإذا الطبيعة أدركت وتصرّفت*** قلنا الطبيعة والإله سواءُ!
    الله أحيا الكائنــات بسرّه *** وبسرّه تتفاعل الأشيــاءُ
    (أحمد الرصافي) .

  15. #15
    تاريخ التسجيل
    Nov 2005
    المشاركات
    5,513
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أبو العلاء مشاهدة المشاركة
    اللأخ الكريم ناصر التوحيد السلام عليكم ورحمة الله .
    عليكم السلام ورحمة الله

    اقتباس:
    وانا ذكرت اكثر من مرة ان للتنوين دلالة على المستقبل .. لكنك لم تشر الى هذه النقطة المهمة ..
    وقد ورد اسم الفاعل (جاعل) بتنوين الضم في الآية ليدل على الاستقبال غير المنقطع مما يوحي بأن الذي سيجعله خليفة ليس فرداً وكفى (آدم فقط ) وإنما هو ونسله لذلك لم يقل: (سأخلق) وإنما قال: (خالق)
    نعم أخي ، وعدم ردي على هذه النقطة ليس تجاهلا ، إنما لكونها لا تعني لي شيئا ، فأنا لا ألزم نفسي أن المعني بلفظ "خليفة" هو آدم عليه السلام ، للأنه لا تتوفر لدي الدلائل الكافية على هذا وأيضا قد يكون مخلوقا حينئذ أو العكس ، والحال هذه يصبح الدليل اللغوي لا يرجح شيئا عندي لأن احتمال أن يكون آدم عليه السلام مخلوقا حين قال الله تعالى مخاطبا ملائكته : {إني جاعل في الأرض خليفة} ، وارد جدا .
    لكونها لا تعني لي شيئا
    لا ..
    صحة التطبيق دليل صحة ما نؤمن به
    والداعي إلى ذكر اللغة هنا : لكونها من الأمور المستمد منها هذا العلم , وذلك أنه لما كان الاستدلال من الكتاب والسنة , وكانا أفصح الكلام العربي : احتيج إلى معرفة لغة العرب , لتوقف الاستدلال منهما عليها
    والتفسير لاي كلمة في القران يكون بنص يفسرها وباللغة العربية التي نزل بها القران الكريم
    والتعبير بكلمة مغينة أكيد ان لها معناها الواضح لمن يسمعها
    فالتنوين علامة على المستقبل
    عندما يقول الله {إني جاعلُ في الأرض خليفة}
    فمفهوم بوضوح ان الله لم يكن قد خلق ادم بعد
    ولذلك فان احتمال أن يكون آدم عليه السلام مخلوقا حين قال الله تعالى مخاطبا ملائكته : {إني جاعل في الأرض خليفة} ، غير وارد ابدا .. لانه يخالف المفهوم اللغوي ..
    وايض يخالف المفهوم العقلي , فغير معقول ان يكون الله قد خلق ادم حين اخبر الملائكة بانه جاعلُ في الأرض خليفة . الله اخبرهم بما شاء وقدر وقرر .. قبل خلق ادم .فاستمر اخبارهم بما يتعلق بهذا الامر , ولم يخلق الله ادم خفية ولا خلقه وخبأه عن انظارهم .
    ويخالف النصوص التي تقول بان الملائكة كانت تنظر الى عملية خلق ادم ..

    فأنا لا ألزم نفسي أن المعني بلفظ "خليفة" هو آدم عليه السلام
    عليك ان تلزمها بما التزم به الفهم وبما تبينه اللغة وبما يقول به التفسير

    لأنه لا تتوفر لدي الدلائل الكافية على هذا
    الدلائل اقرانية تبين تسلسل ما حدث منذ ذكر الله مشيئته للملائكة الى ان خلقه وسجدوا له حسب أمر الله لهم ومن ثم تعليمه ادم الاسماء كلها ..
    كما ان اللغة والمعنى اللغوي له دلالته الملزمة

    وأيضا قد يكون مخلوقا حينئذ أو العكس
    لا
    المؤكد انه لم يكن مخلوقا حينئذ


    اقتباس:
    نعم .. هناك فرق ..
    وانت اخي الفاضل أخرجت سيدنا آدم من موضوع الخلافة والاستخلاف , رغم عدم وجود نص على الاستثناء - على استثنائه .
    لكن يا أخي ناصر هل هناك ما يوجب إدخاله أيضا في موضوع الخلافة ، المسألة باقية في حيز الإحتمال ، فمن يرى أن المعني آدم وذريته ملزم بأن يدخله في مسألة الخلافة ، كونه خليفة لمن كان يعمر الأرض قبله ، وأما من يرى أنه المعني باللفظ "خليفة" قوم يخلف بعضهم بعضا .. فهو غير ملزم بإدخال آدم في مسألة الخلافة البتة ، فآدم هو الأصل وذريته الفرع أقصد معنى قوله تعالى "خليفة " ، وهذا القول لا يلزم عنه أن آدم خليفة لمن كان قبله أبدا بل هو أول خلق من جنس بني آدم فجعل الله ذريته خلفا عنه . لكن إدخاله او إخراجه ليس بشيئ ولا يترتب عليه شيئ إلا ما قلت آنفا أي لوازم التأويل .
    نعم
    هناك ما يوجب إدخاله في موضوع الخلافة
    فهو عليه السلام الاساس الذي اسس هذه الخلافة , فكيف يكون خارجها !!
    المسألة باقية في حيز الإحتمال
    أي احتمال والاية صريحة :
    {إني جاعلُ في الأرض خليفة}
    أي احتمال ومفهوم ان الخليفة المقصود جعله هو ادم .. لذلك خلقه لانه هو المقصود بها
    وطبعا ذريته معه ومن بعده


    فمن يرى أن المعني آدم وذريته ملزم بأن يدخله في مسألة الخلافة ، كونه خليفة لمن كان يعمر الأرض قبله ، وأما من يرى أنه المعني باللفظ "خليفة" قوم يخلف بعضهم بعضا .. فهو غير ملزم بإدخال آدم في مسألة الخلافة البتة
    انت هنا تنطق بالمنطق المعكوس ..
    من قال بكونه خليفة قال ذلك لان الله قال ذلك
    ومن هنا قالوا عنه خليفة لمن سبقه ممن سكن الارض وقالوا ان من جاء بعده يخلفه ومن جاء بعد من خلفه يخلف من جاء قبله .. وهكذا
    فهم الزموا انفسهم اصلا بفهمهم التام والصحيح لكلام الله ... من أن ادم خليفة ..
    ثم حاولوا بيان لماذا هو خليفة ..

    اما كون ذريته اقوام يخلف بعضهم بعضا , فهذا لا اخالفك عليه . فهم خلفوا من سبقهم ...ومن اتى بعدهم خلفهم ..وهكذا

    فجعل الله ذريته خلفا عنه
    خلفا عنه في ماذا ؟
    في الخلافة طبعا

    لكن إدخاله او إخراجه ليس بشيئ ولا يترتب عليه شيئ إلا ما قلت آنفا أي لوازم التأويل
    هو شيء مهم ..فهو المقصود اساسا بالخلافة ..وذريته لاحقة وتابعة له بهذا الوصف
    وكيف لا يترتب عليه شيئ , وهو اصل هذا الشيء .. !!


    اقتباس:
    آدم مارتكب ذنبا في الأرض قط ، فضلا عن أن يفسد فيها ويسفك الدماء
    نعم .. ولكن هذا ليس دليلا للاستثناء .. ألا ترى معي وجود ملايين البشر لم يفسدوا في الارض ولم يسفكوا الدماء , وهم من ذرية سيدنا ادم , فهل نستثنيهم - بحسب هذه النظرة وبالقياس عليها - فهل نستثنيهم من الخلافة ؟طبعا لا ..
    صحيح قولك ، لكني قلت لك مرارا أن هذا القول ألزم به من خالف من أهل الضلال ممن يقولون أن المقصود آدم بعينه دون ذريته ، أرجو أن تتأمل هذا أخي الفاضل ، لأن هناك فرقا كبيرا بين ما تقوله أنت وبين ما يقوله هؤلاء المنحرفون .
    انا اقول المقصود آدم وذريته ..وهذا بحسب النصوص
    فمن قال آدم بعينه دون ذريته فقد غلط لانه خالف النصوص والواقع والحقيقة وما عليه كل المسلمين
    ومن اخرج ادم منها فهو غلط ايضا لانه خالف النصوص والواقع والحقيقة وما عليه كل المسلمين

    اقتباس:
    فهذا القول من الملائكة ليس دليلا , ولذلك قال الله تعالى لهم ,{قال إني أعلم ما لا تعلمون } وبذلك لا يكون ما توقعه الملائكة بسبب جبلته وتكوينه , بأن نسل آدم سيفسدون في الأرض، ويسفكون الدماء , صحيحا كلية او عاما شاملا .
    هذا صحيح وأنا لا أعتبره دليلا البتة ، وهاك كلامي :
    اقتباس:
    ـ رغم أن فهم المراد من لفظ خليفة لا يتوقف على جواب الملائكة عليهم السلام إلا أنه يلزم عنه أشياء سنأتي على ذكرها إن شاء المولى ـ
    ومرة أخرى اكرر أنا ألزم بهذا المخالفين الحلولية أتباع الإنسان خليفة الله في الأرض .
    مالنا وما يدعيه الحلولية أن الإنسان خليفة الله في الأرض ..
    فقد ذكرنا عدم جواز قول هذا الكلام :
    لا يقال عن أحد إنه خليفة الله [/U]

    بارك الله فيك ، لكنهم يرون أن العبد رب والرب عبد ... إلى آخر هذا الهراء .
    وبارك الله فيك
    وانت تعلم يا اخي ان الاتحاد والحلول نظرية فلسفية ليست من الاسلام ولا يوافق عليها الاسلام



    كلامك صحيح يا أخي وأنا لم ولن أشرع في ضحضه أبدا ، لكل تأويل لوازمه ، فأنت ترى مثلا أن "خليفة" هو آدم وذريته ، وبالتالي آدم خليفة لمن كان قبله من أهل الفساد وعدم الإستقامة سواءا كانوا بشرا أو جانا او أي خلق آخر ، بينما أنا أقول أن "خليفة" هي قوم يخلف بعضهم بعضا ـ يتناسلون ، يموت هذا ويخلفه هذا ويقوم مقامه ـ وعليه فهم يخلفون أباهم آدم عليه السلام ، لا من كان يعمر الأرض من أهل الفساد ... هنا يكمن الإختلاف .
    لا اخالفك في الشق الاخير من كلامك
    اما الشق الاول منه فهو قول الملائكة وبين الله لهم انه هو العالم .. واثبت لهم ان ادم ليس كما يتوقعونه .. وان ذريته ليست كذلك ايضا .. الا من خالف الاوامر وعصى ربه




    اقتباس:
    الدليل هو المعنى اللغوي , فقد جاء اسم الفاعل (جاعل) بتنوين الضم في الآية ليدل على المستقبل ..
    فقد قرر الله وقضى وشاء واراد ان يجعل خليفة في الارض .. وقال الله ذلك للملائكة .وذلك قبل ان يخلق ادم ..
    والدليل انه قال لهم بعد ذلك { وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين }
    فالامر بالسجود لادم جاء قبل خلقه
    وبعد خلقه مباشرة { فسجد الملائكة كلهم أجمعون }
    نعم هذا صحيح ، لكن لأني لا آخذ بهذا التأويل فهذا غير ملزم لي فأنا لا أعلم هل كان آدم موجودا أم لا ، أي عندما قال الله تعالى :{ إني جاعل في الأرض خليفة} أما استشهادك بالآية الكريمة : {وإذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} فلا معنى له أصلا ، فنحن نتكلم في سورة البقرة والتي ورد فيها : وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ للمَلائِكةِ إنّي جَاعَلٌ فِي الأرْضِ خَلِيفَةً ، قَالُواْ أَتَجْعَلُ فِيهَا مَن يُفْسِدُ فِيهَا وَيَسْفِكُ ٱلدِّمَآءَ وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ وَنُقَدِّسُ لَكَ قَالَ إِنِّي أَعْلَمُ مَا لَا تَعْلَمُونَ ، وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ كُلَّهَا ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى الْمَلَائِكَةِ ...} تأمل بين قوله تعالى {إني أعلم ما لاتعلمون } ، وقوله : {وعلم آدم الأسماء...} فظاهر الآية يوحي بأنه ـ أعني آدم ـ كان موجودا ،لأن الله تعالى لم يقل بعد {إني أعلم ما لاتعلمون}: {إني خالق بشرا من صلصال من حمإ مسنون * فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين} ، فهذا في سورة أخرى ، بينما هنا الله تعالى يذكر أنه علمه أولا ، التعليم حصل قبل الأمر بالسجود لآدم ، لكن إن شئت إقحام الآية فلا بأس بذلك على أنها لا تعد دليلا أبدا تستطيع أن تلزم به أي أحد ، فالإحتمال لا يزال قائما ، فربما كان آدم مخلوقا موجودا حين قال الله تعالى للملائكة {إني جاعل في الأرض خليفة} ، ثم علمه الله الأسماء وأمر الملائكة بالسجود له ...، أولم يكن مخلوقا ، فخلقه الله تعالى ثم علمه الأسماء وبعدها أمر الملائكة بالسجود له ، وهذا وارد أيضا ، فالظاهر يدل على أنه كان مخلوقا لكن هذا لا يمكن الجزم به أو ترجيحه إلا بدليل .

    تفسير ابن كثير
    هذا مقام ذكر الله تعالى فيه شرف آدم على الملائكة بما اختصه من علم أسماء كل شيء دونهم وهذا كان بعد سجودهم له وإنما قدم هذا الفصل على ذاك لمناسبة ما بين هذا المقام وعدم علمهم بحكمة خلق الخليفة حين سألوا عن ذلك فأخبرهم تعالى بأنه يعلم ما لا يعلمون ولهذا ذكر الله هذا المقام عقيب هذا ليبين لهم شرف آدم بما فضل به عليهم في العلم فقال تعالى "وعلم آدم الأسماء كلها"
    قوله تعالى "قال يا آدم أنبئهم بأسمائهم فلما أنبأهم بأسمائهم قال ألم أقل لكم إني أعلم غيب السماوات والأرض وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون
    ولهذا قالوا "سبحانك لا علم لنا إلا ما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم" أي العليم بكل شيء الحكيم في خلقك وأمرك


    واختصر منه ما يلي , فيما يخص الموضوع :

    يخبر تعالى بامتنانه على بني آدم بتنويهه بذكرهم في الملأ الأعلى قبل إيجادهم فقال تعالى "وإذ قال ربك للملائكة" أي واذكر يا محمد إذ قال ربك للملائكة واقصص على قومك ذلك "إني جاعل في الأرض خليفة" أي قوما يخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل كما قال تعالى "هو الذي جعلكم خلائف الأرض" وقال "ويجعلكم خلفاء الأرض" وقال "ولو نشاء لجعلنا منكم ملائكة في الأرض يخلفون" وقال "فخلف من بعدهم خلف" وليس المراد هاهنا بالخليفة آدم عليه السلام فقط كما يقوله طائفة من المفسرين وفي ذلك نظر بل الخلاف في ذلك كثير والظاهر أنه لم يرد آدم عينا إذ لو كان ذلك لما حسن قول الملائكة "أتجعل فيها من يفسد فيها ويفسك الدماء" فإنهم أرادوا أن من هذا الجنس من يفعل ذلك وكأنهم علموا ذلك بعلم خاص أو بما فهموه من الطبيعة البشرية فإنه أخبرهم أنه يخلق هذا الصنف من صلصال من حمإ مسنون أو فهموا من الخليفة أنه الذي يفصل بين الناس ما يقع بينهم من المظالم ويردعهم عن المحارم والمآثم قاله القرطبي أو أنهم قاسوهم على من سبق وقال الملائكة "أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء" قال الله تعالى مجيبا لهم عن هذا السؤال "إني أعلم ما لا تعلمون" أي أعلم من المصلحة الراجحة في خلق هذا الصنف على المفاسد التي ذكرتموها ما لا تعلمون أنتم فإني سأجعل فيهم الأنبياء وأرسل فيهم الرسل ويوجد منهم الصديقون والشهداء والصالحون والعباد والزهاد والأولياء والأبرار والمقربون والعلماء العاملون والخاشعون والمحبون له تبارك وتعالى المتبعون رسله صلوات الله وسلامه عليهم . قال ابن جرير: قال الله للملائكة إني جاعل في الأرض خليفة قال لهم إني فاعل هذا ومعناه أنه أخبرهم بذلك . قالوا: ربنا وما يكون ذاك الخليفة؟ قال: يكون له ذرية يفسدون في الأرض ويتحاسدون ويقتل بعضهم بعضا. معنى الخلافة التي ذكرها إنما هي خلافة قرن منهم قرنا. قال: والخليفة الفعلية من قولك خلف فلان فلانا في هذا الأثر إذا قام مقامه فيه بعده كما قال تعالى "ثم جعلناكم خلائف في الأرض من بعدهم لننظر كيف تعملون" ومن ذلك قيل للسلطان الأعظم خليفة لأنه خلف الذي كان قبله فقام بالأمر فكان منه خلفا قال: وكان محمد بن إسحاق يقول في قوله تعالى "إني جاعل في الأرض خليفة" يقول ساكنا وعامرا يعمرها ويسكنها خلفا ليس منكم: قال ابن حرير: وقد تقدم ما رواه السدي عن ابن عباس وابن مسعود وغيرهما من الصحابة أن الله أعلم الملائكة بما تفعله ذرية آدم فقالت الملائكة ذلك فقاسوا هؤلاء بأولئك. قال: إني أعلم ما لا تعلمون. (انتهى)

    { إذ قال ربك للملائكة إني خالق بشرا من طين* فإذا سويته ونفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين* }
    فالله اخبرهم انه سيخلقه من طين ..
    وامرهم بالسجود له بعد ان يخلقه من الطين وينفخ فيه الروح
    ولما تم ذلك سجدت الملائكة كما امرها الله
    { فسجد الملائكة كلهم أجمعون }

    اقتباس:
    الله تعالى حين قرر خلق آدم، حدث ملائكته من باب إعلامهم كي يسجدوا له
    وبداية الخلافة الأصل هي خلق آدم عليه السلام ثم خلق الزوجة منه، فكانت أسرة من زوجين ثم بث منها رجالًا كثيرًا ونساءً.
    ونجد ذلك واضحًا في أول سورة النساء، قال تعالى: ((يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاء))[النساء : 1] .
    على تأويلك نعم ، لكن إليك ما اعتقده :
    اقتباس:
    وبالتالي يصبح هذا التأويل لقوله تعالى {إني جاعل في الأرض خليفة} لا يمت إلى آدم عليه السلام بصلة ، اللهم باعتباره أبو البشر أهبطه الله إلى الأرض مع زوجه عليهما السلام فشاء الله أن يجعل منهما ذرية يخلفون أباهم آدم عليه السلام ويخلف بعضهم بعضا قرنا بعد قرن وجيلا بعد جيل إلى ما شاء الله ... فمنهم المؤمن والكافر والعاصي والتائب والصالح والطالح ... هكذا اقتضت حكمة الله عز وجل ولا معقب لأمره ، وعموما الآيات في هذا كثيرة وكلها فيها ما يؤيد صحة هذا التاويل والله تعالى أعلم وأحكم .أرجو أن يكون كلامي واضحا ، وبصراحة أنا لا أرى أي داع للجدال فكلا التاويلين صحيح ، الفرق فقط فيما يلزم عنهما . وفقكم الله .
    نعم
    فيما يلزم

    وانا معك في :
    نفي قول خليفة الله نفيا تاما
    لم يخطئ آدم على الأرض
    نفي وصف ادم بخليفة لنفي ان يكون من ضمن المفسدين في الارض وسافكي الدماء

    طيب
    ولكن هذه امور مفهومة ومدركة وقيلت من السابقين واللاحقين
    ومع ذلك قالوا ان ادم خليفة في الارض
    فلا موجب لاخراج ادم من هذا الوصف .. ووصفه لذريته فقط


    ملاحظة : اعطني اقوالا او تاويلات من غيرك تقول بما تقول به .. حتى يستأنس بها .. وتعطينا دليلا على هذا التاويل الذي ذهبت اليه ..
    فان وجد ..
    سنتبع قواعد الترجيح لمعرفة الراي الراجح
    وان لم يوجد فلنتبع من سبقنا ..
    للحق وجه واحد
    ومذهبنا صواب لا يحتمل الخطأ ومذهب مخالفنا خطأ لا يحتمل الصواب
    "بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ"

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. موضوع هام
    بواسطة علي المهاجر في المنتدى قسم العقيدة والتوحيد
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 07-15-2008, 12:06 AM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء