صفحة 2 من 7 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة
النتائج 16 إلى 30 من 98

الموضوع: حوار مع منكر للسنة حول صحة اعتبار الأحاديث الصحيحة وحيا من الله

  1. #16
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الدولة
    مــصــر
    المشاركات
    292
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أولا اود ان أذكر ان رأيك ربما يكون صحيحا بالنسبة للآيه

    {مَّا أَفَاء اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ وَلِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاء مِنكُمْ وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ }الحشر7

    ولكن ذلك لا يثبت صحه موقفك .

    أولا انت لم تجب على أول سؤال وهو الأهم في وجهه نظري .

    أولا :- هل قرأت الموضوع جيدا ؟
    إذا كانت الإجابه نعم فلتذكر مواطن الضعف فيه .
    وإذا كانت لا فلتقرأه ثم تكلم .
    ثانيا انت تفسر القرآن الكريم حسب هواك ولا تلتفت إلى تفاسير كبار العلماء الذين درسوا الدين جيدا وتفقهوا وبحثوا وسألوا ثم فسروا ، فسروا على ضوء السنه النبويه .

    الم تقرا يوما كتاب من كتب أسباب النزول ؟ الم توضح لك ما قد غاب بالتأكيد عن ذهنك من فهم الآيات ؟

    الم تقرأ يوما في السيره لتعرف تاريخ هذه الدعوه ؟

    الم تتخيل يوما انه ان كان القرآن هو المصدر الوحيد للأستدلال والتشريع كيف كان سيكون حالنا الآن ؟

    مستحيل منطقيا الا يتناقل أصحاب الرسول ما سمعوه من الرسول الكريم ومن المستحيل الا ينقلوه للتابعين الصالحين ومن المستحيل الا يدونه أيضا هؤلاء التابعين الا يدونوه للحفاظ عليه ومن ثم تصل إلينا السنه والسيره .

    هذا ما أراه منطقيا ولذلك فأنا مؤمن بالسنه أيمانا كاملا ومؤمن بكل ما جاء فيها مما صح عن رسول الله .

    ولا توجد آيه واحده مما ذكرت تتعارض مع السنه أو تنكرها .

    نعم الرسول يتبع ما أوحى اليه من ربه ولا يحيد عنه مطلقا ، ولكن السنه هي من وحى الله تبارك وتعالى إليه .

    هل تصلي ؟ كيف تصلي ؟

    {أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ إِلَى غَسَقِ اللَّيْلِ وَقُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كَانَ مَشْهُوداً }الإسراء78

    هلا فسرت إلي هذه الآيه ؟

    والآن انتظر منك ردا كاملا على كل ما ذكرت ، إذا سمحت .

    ولا تنسى ان كنت قرآت الموضوع فلتذكر مواطن الضعف فيه .

    ونصيحه ، لا تتمسك برأيك لمجرد العناد واثبات قدرتك على الجدال وإلا فانت كالملحدين تماما ، اللهم لا تجعلنا من القوم الظالمين .
    التعديل الأخير تم 07-05-2007 الساعة 04:37 PM
    {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } فاطر8

    {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً }النساء27

  2. #17
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    81
    المذهب أو العقيدة
    منكر للسنة

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    رويدك ياأخي وحلمك علي كما يقول المصريون

    لمادا هدا التهجم على...وارجوك لا تقول اني افسر القرأن على هواي

    مادكرت الا كلام الله سبحانه وتعالى

    انا اسالك الان قل لي من قال من العلماء الدين تثق في علمهم ان الاحاديث المروية في كتب البخاري او مسلم او غيره

    هي وحي من عند الله

    من من العلماء قال دلك؟

    ثانيا: أنا لم افهم ماتريد بالسؤال الاول

    ارجوا منك التوضيح حتى اجيبك على السؤال

  3. #18
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الدولة
    مــصــر
    المشاركات
    292
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته ..

    أولا انا أثق في ابن كثير ثقه شديده .

    حيث انه يذكر كل الروايات ويصح ما صح منها ويضعف ما هو ضعيف وما هو حسن وما إلى ذلك .

    وفي النهايه يذكر ما هو راجح والسبب .

    ويستدل بصحيح البخاري ومسلم وهما كتابان عظيمان في رأيي .

    وانا لا أنكر التفاسير الأخرى ولكني أقول ان ابن كثير هو المرجع الأساسي بالنسبه لي .

    أما بالنسبه لسؤالي فهو بسيط .

    هل قرأت الموضوع الأساسي ؟

    إذا كنت قرأته فلتذكر مواطن الضعف فيه ولماذا لا تقتنع بها ، مع العلم ان ما لن تذكره يعتبر صحيح وانت مقتنع به .

    وإن لم تكن قرأته فلتقرأه ثم تعلق عليه .

    ولا تنسى عزيزي ان تجيب عن باقي مداخلتي .

    {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } فاطر8

    {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً }النساء27

  4. #19
    تاريخ التسجيل
    Sep 2004
    المشاركات
    4,556
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    الأخ صادق أرجو أن تنسق فى الردود من الأخ الدكتور فخر الدين المناظر فهؤلاء القوم لا يصلح معهم ما يصلح فى الحوار مع غيرهم هم كثيرو الكلام يركزون على ما يشاؤون من نقاط ويتركون الباقى وينتعشون فى الأجواء الغوغائية .
    قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِن رَّحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنصَرُونَ وَاتَّبِعُوا أَحْسَنَ مَا أُنزِلَ إِلَيْكُم مِّن رَّبِّكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَكُمُ العَذَابُ بَغْتَةً وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ

  5. #20
    تاريخ التسجيل
    Oct 2006
    الدولة
    مــصــر
    المشاركات
    292
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    المعذره فقد أخذتني الحماسه مندفعا فلم أنتبه ، معذره أخي د.فخر الدين المناظر وأتركك تكمل ما بدأت فأنت أقدر مني على ذلك.

    وهداك الله أخي عبد الجبار إلى الحق .

    التعديل الأخير تم 07-05-2007 الساعة 06:50 PM
    {أَفَمَن زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ فَرَآهُ حَسَناً فَإِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَن يَشَاءُ وَيَهْدِي مَن يَشَاءُ فَلَا تَذْهَبْ نَفْسُكَ عَلَيْهِمْ حَسَرَاتٍ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } فاطر8

    {وَاللّهُ يُرِيدُ أَن يَتُوبَ عَلَيْكُمْ وَيُرِيدُ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الشَّهَوَاتِ أَن تَمِيلُواْ مَيْلاً عَظِيماً }النساء27

  6. #21
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    81
    المذهب أو العقيدة
    منكر للسنة

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة Sa[D]eK مشاهدة المشاركة
    المعذره فقد أخذتني الحماسه مندفعا فلم أنتبه ، معذره أخي د.فخر الدين المناظر وأتركك تكمل ما بدأت فأنت أقدر مني على ذلك.

    وهداك الله أخي عبد الجبار إلى الحق .

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    اولا:هداني الله واياكم الى الحق


    ثانيا: سوف انقل لك والى الدكتور المناظر معنى الحكمة من امهات الكتب هده المرة


    الحكمة كما عرفها بعض العلماء


    هناك عدة تعريفات للحكمة ومن ذلك:
    1- قيل: هي وضع الشيء في موضعه (1) .
    2- وقال ابن القيم : وأحسن ما قيل في الحكمة قول مجاهد ومالك، إنها: معرفة الحق والعمل به، والإصابة في القول والعمل، وهذا لا يكون إلا بفهم القرآن، والفقه في شرائع الإسلام، وحقائق الإيمان (2) .
    3- وقال رشيد رضا : الحكمة: العلم الصحيح، الذي يبعث الإرادة إلى العمل النافع الذي هو الخير (3) .
    4- قال الرازي : حكم الحكمة والعقل، هو الحكم الصادق المبرأ من الزيغ والخلل، وحكم الحسن والشهوة والنفس توقع الإنسان في البلاء والمحنة (4) .
    .
    _________
    (1) معجم لغة الفقهاء ص 184، والحكمة في الدعوة إلى الله ص 29.
    (2) التفسير القيم ص 226.
    (3) المنار 3 / 77.
    (4) تفسير الرازي 7 / 67.
    (5) والقول فعل.


    الحكمة في القرآن الكريم
    ورد لفظ الحكمة في القرآن الكريم عشرين مرة، في تسع عشرة آية، في اثنتي عشرة سورة، وقد ورد لعدة معان، وتفصيل ذلك كما يلي: اختلف المفسرون في تفسير الآيات الواردة بلفظ الحكمة، فنجد مقاتل -كما ذكر الرازي - يقول: تفسير الحكمة في القرآن على أربعة أوجه:
    أحدها: مواعظ القرآن، قال -تعالى- في سورة البقرة، الآية : 231: { وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ } (البقرة: من الآية 231) ومثلها في آل عمران.
    وثانيهما: الحكمة بمعنى: الفهم والعلم، ومنه قوله - تعالى -: { وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا } (مريم: من الآية 12)، وفي سورة لقمان (الآية: 12) { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ } (لقمان: من الآية 12) يعني: الفهم والعلم، وفي (الأنعام الآية : 89): { أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ } (الأنعام: من الآية 89).


    ثالثها: الحكمة بمعنى النبوة، ففي النساء 54: { فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } (النساء: من الآية 54)، وفي (ص 20) { وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ } (ص: من الآية 20) وفي البقرة: { وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ } (البقرة: من الآية 251).

    ورابعها: القرآن بما فيه من عجائب الأسرار، ففي النحل 125 { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ } (النحل: من الآية 125)، وفي (البقرة 269) { وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } (البقرة: من الآية 269) (1) .
    ويقول الفيروزآبادي : وردت -الحكمة- في القرآن على ستة أوجه:
    الأول: بمعنى النبوة والرسالة، { وَيُعَلِّمُهُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } (آل عمران: من الآية 48). { وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ } (صّ: من الآية 20) { وَآتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ وَالْحِكْمَةَ } (البقرة: من الآية 251). أي: النبوة.
    الثاني: بمعنى القرآن والتفسير والتأويل، وإصابة القول فيه: { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُؤْتَ الْحِكْمَةَ فَقَدْ أُوتِيَ خَيْرًا كَثِيرًا } (البقرة: من الآية 269).

    لثالث: بمعنى فهم الدقائق والفقه في الدين { وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا } (مريم: من الآية 12).
    الرابع: بمعنى: الوعظ والتذكير { فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ } (النساء: من الآية 54). أي: المواعظ الحسنة، { أُولَئِكَ الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ } (الأنعام: من الآية 89).
    الخامس: آيات القرآن وأوامره ونواهيه { ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ } (النحل: من الآية 125).
    السادس: بمعنى حجة العقل على وفق أحكام الشريعة، { وَلَقَدْ آتَيْنَا لُقْمَانَ الْحِكْمَةَ } (لقمان: من الآية 12) أي: قولًا يوافق العقل والشرع (1) .


    قال ابن كثير :
    قال علي بن طلحة عن ابن عباس : يعني المعرفة بالقرآن، ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه، وأمثاله (2) .
    وقال -أيضًا-: روي عن ابن عباس مرفوعًا: الحكمة القرآن، يعني تفسيره.
    وقال ليث بن أبي سليم عن مجاهد : { يُؤْتِي الْحِكْمَةَ مَنْ يَشَاءُ } (البقرة: من الآية 269). ليست بالنبوة، ولكنه العلم والفقه والقرآن.
    وقال إبراهيم النخعي : الحكمة: الفهم.

    1) بصائر ذوي التمييز في لطائف الكتاب العزيز 2 / 490 والحكمة في الدعوة إلى الله ص18.
    (2) تفسير ابن كثير 1 / 322.
    ===================================

    وقال أبو مالك : الحكمة: السنة.
    وقال زيد بن أسلم : الحكمة: العقل.
    وقال مالك : وإنه ليقع في قلبي أن الحكمة هي: الفقه في الله، وأمر يدخله الله في القلوب من رحمته وفضله.
    قال السدي : الحكمة: النبوة.
    وهذه الأقوال ذكرها ابن كثير ثم عقب قائلًا: والصحيح أن الحكمة -كما قال الجمهور- لا تختص بالنبوة، بل هي أعم منها، وأعلاها النبوة، والرسالة أخص (1) ولكن لأتباع الأنبياء حظ من الخير على سبيل التبع، كما جاء في بعض الأحاديث (2) .
    وقال عبد الرحمن السعدي مفسرًا الحكمة:

    الحكمة، هي: العلوم النافعة والمعارف الصائبة، والعقول المسددة، والألباب الرزينة، وإصابة الصواب في الأقوال والأفعال، ثم قال: وجميع الأمور لا تصلح إلا بالحكمة، التي هي: وضع الأشياء مواضعها، وتنزيل الأمور منازلها، والإقدام في محل الإقدام، والإحجام في موضع الإحجام (3) .
    وقال القاسمي في تفسير الحكمة:
    قال كثيرون: الحكمة: إتقان العلم والعمل، وبعبارة أخرى: معرفة الحق والعمل به (4) .
    وقال الرازي : والمراد بالحكمة: إما العلم، وإما فعل الصواب (5) .
    (1) لأن كل رسول نبي ولا عكس.
    (2) انظر: تفسير ابن كثير 1 / 322.
    (3) انظر: تفسير ابن سعدي 1 / 332.
    (4) انظر: تفسير القاسمي 1 / 245.
    (5) انظر: تفسير الرازي 7 / 67.
    ======================================

    ونواصل الحديث عن (الحكمة) في كتاب الله كما بينها المفسرون.
    فقد قال رشيد رضا مفسرًا:
    _________
    الحكمة: التمييز بين ما يقع في النفس من الإلهام الإلهي والوسواس الشيطاني (1) .
    قال الألوسي : وفي (البحر): إن فيها تسعة وعشرين قولًا لأهل العلم، قريب بعضها من بعض، وعد بعضهم الأكثر منها اصطلاحًا واقتصارًا على ما رآه القائل فردًا مهمًا من الحكمة، وإلا فهي في الأصل: مصدر من الإحكام، وهو الإتقان في علم أو عمل أو قول أو فيها كلها (2) .
    أما ابن عاشور فقد قال:
    وفسرت الحكمة بأنها معرفة حقائق الأشياء على ما هي عليه بما تبلغه الطاقة، أي: بحيث لا تلتبس الحقائق المتشابهة بعضها مع بعض، ولا يغلط في العلل والأسباب (3) .
    ونختم أقوال المفسرين في الحكمة بما ذكره سيد قطب -رحمه الله- حيث فسر الحكمة بأنها:
    القصد والاعتدال، وإدراك العلل والغايات، والبصيرة المستنيرة التي تهديه للصالح الصائب من الحركات والأعمال (4) .

    هذه خلاصة لأهم أقوال المفسرين في تفسير معنى الحكمة في كتاب الله، ونستطيع أن نقول: إن المفسرين فسروا الحكمة بتفسيرين:

    لأول: النبوة.
    الثاني: العلم والإتقان، والتوفيق، والبصيرة، والعمل الصائب، ومنع الظلم، ووضع الشيء في موضعه، وكلها معان متقاربة.


    (1) المنار 3 / 75.
    (2) روح المعاني 2 / 41.
    (3) التحرير والتنوير 3 / 61.
    (4) في ظلال القرآن 1 / 312.
    =============================

    الحكمة كما وردت في الاحاديث

    السنة هي المفسرة للقرآن، ولذا سأذكر بعض الأحاديث التي وردت في الحكمة مع الاختصار في ذلك:

    وقد وردت بعض الأحاديث الصحيحة، وكثير من الأحاديث الضعيفة.
    وسأقتصر على أهم الأحاديث الصحيحة في هذا الباب، مع ذكر بعض الأحاديث الضعيفة، وبخاصة المشتهر منها على الألسنة.
    أولًا: الأحاديث الصحيحة:
    1- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: « ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صدره، وقال: " اللهم علمه الحكمة » (1) رواه البخاري .
    قال البخاري : الحكمة: الإصابة في غير النبوة.
    قال ابن حجر : واختلف المراد بالحكمة هنا:
    فقيل: الإصابة في القول.
    وقيل: الفهم عن الله.




    1- عن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: « ضمني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صدره، وقال: " اللهم علمه الحكمة » (1) رواه البخاري .

    وقيل: ما يشهد العقل بصحته.
    وقيل: نور يفرق به بين الإلهام والوسواس.
    وقيل: سرعة الجواب بالصواب.
    ومنهم من فسر الحكمة هنا بالقرآن (2) .
    2- عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: كان أبو ذر يحدث أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: « فرج عن سقف بيتي وأنا بمكة فنزل جبريل ففرج صدري ثم غسله بماء زمزم، ثم جاء بطست من ذهب ممتلئ حكمة وإيمانًا فأفرغه في صدري ثم أطبقه » رواه البخاري (3) .

    1) البخاري (3756).
    (2) انظر: فتح الباري 7 / 100 والحكمة في الدعوة إلى الله ص 23.
    (3) البخاري (349)، ومسلم (163).

    ===========================


    - وعن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : « لا حسد إلا في اثنتين، رجل آتاه الله مالًا فسلطه على هلكته في الحق، وآخر آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها » (1) . رواه البخاري


    قال ابن الصلاح :
    إن المراد بالحكمة: العلم المشتمل على المعرفة بالله (2) .
    ومعاني الحكمة في هذه الأحاديث قريبة من المعاني التي ذكرتها عند بيان الحكمة في كتاب الله.
    _________
    (1) البخاري (73)، ومسلم (816).
    (2) فتح الباري 6 / 532، والحكمة في الدعوة إلى الله ص 24
    ====================


    أقسام الحكمة
    قال ابن القيم : والحكمة، حكمتان: علمية، وعملية. فالعلمية: الاطلاع على بواطن الأشياء، ومعرفة ارتباط الأسباب بمسبباتها، خلقا وأمرا، قدرا وشرعا. والعملية، كما قال صاحب المنازل: وضع الشيء في موضعه.
    قال: وهي على ثلاث درجات:
    الدرجة الأولى: أن تعطي كل شيء حقه، ولا تعديه حده، ولا تعجله عن وقته، ولا تؤخره عنه.
    الدرجة الثانية: أن تشهد نظر الله في وعده، وتعرف عدله في حكمه، وتلحظ بره في منعه. ومن معاني هذه الدرجة قول أهل الإثبات والسنة: إنها -أي الحكمة- الغايات المحمودة المطلوبة له -سبحانه- بخلقه وأمره، التي أمر لأجلها، وقدر وخلق لأجلها.
    الدرجة الثالثة: أن تبلغ في استدلالك البصيرة، وفي إرشادك الحقيقة، وفي إشاراتك الغاية. قال ابن القيم : يريد أن تصل باستدلالك إلى أعلى درجات العلم، وهي البصيرة التي تكون نسبة العلوم فيها إلى القلب كنسبة المرئي إلى البصر، وهذه هي الخصيصة التي اختص بها الصحابة على سائر الأمة، وهي أعلى درجات العلماء (1) .
    _________

    1) انظر: مدارج السالكين، منزلة الحكمة 2 / 478

    ========================

    العلم الشرعي
    والعلم من أهم قواعد الحكمة ودعائمها، فكما أن الجهل مانع من موانعها، فإن العلم سبب من أسبابها، وركن من أركانها.
    ولهذا قال -سبحانه-: { إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ } (فاطر: من الآية 28). وخشية الله من الحكمة، وقال تعالى-: { هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ } (الزمر: من الآية 9). لا يستوون في أشياء كثيرة، ومنها إدراك الحكمة.
    وقرن الله بين الحكم -وهي الحكمة- والعلم في عدة آيات من كتاب الله، فيقول -سبحانه- عن لوط : { وَلُوطًا آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } (الأنبياء: من الآية 74). ويقول عن يوسف : { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا وَكَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ } (يوسف: 22). ويقول عن داود وسليمان : { وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا } (الأنبياء: من الآية 79). وقال عن موسى : { وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوَى آتَيْنَاهُ حُكْمًا وَعِلْمًا } (القصص: من الآية 14).

    ========================

    المعنى اللغوي للحكمة
    قال ابن فارس : الحاء والكاف والميم أصل واحد، وهو: المنع، وأول ذلك الحكم، وهو المنع من الظلم، وسميت حكمة الدابة؛ لأنها تمنعها.
    والحكمة هذا قياسها؛ لأنها تمنع من الجهل، والمحكم: المجرب المنسوب إلى الحكمة، قال طرفة :

    ليت المحكم والموعوظ صوتكما ... تحت التراب إذا ما الباطل انكشفا

    أراد بالمحكم الشيخ المنسوب إلى الحكمة (1) .
    وقال ابن منظور :
    قيل: الحكيم:
    ذو الحكمة، والحكمة عبارة عن معرفة أفضل الأشياء بأفضل العلوم، ويقال لمن يحسن دقائق الصناعات ويتقنها: حكيم (2) .
    وقال الجوهري :
    الحكم: الحكمة من العلم.
    وصاحب الحكمة: المتقن للأمور.
    وقد حكم- بضم الكاف، أي: صار حكيما، قال النمر بن تولب :

    وأبغض بغيضك بغضا رويدا ... إذا أنت حاولت أن تحكما

    قال الأصمعي : أي: إذا حاولت أن تكون حكيما، والمحكم -بفتح الكاف- هو الشيخ المجرب، المنسوب إلى الحكمة (3) .

    وقال في (تاج العروس):
    والحكمة -بالكسر- العدل في القضاء كالحكم، والحكمة العلم بحقائق الأشياء على ما هي عليه، والعمل بمقتضاها، ولهذا انقسمت إلى علمية وعملية، ويقال: هي هيئة القوة العقلية العلمية.
    وقيل: الحكمة: إصابة الحق بالعلم والعمل.
    _________
    (1) معجم مقاييس اللغة لابن فارس مادة (حكم) جـ 2 / 91.
    (2) لسان العرب مادة (حكم) 15 / 30 .
    (3) الصحاح مادة (حكم) 5 / 1901.


    وللحديث بقية ان شاء الله
    التعديل الأخير تم 07-05-2007 الساعة 10:02 PM

  7. #22
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    عجبا لأمرك ...
    أنت الآن تحصر النقاش حول آية واحدة وكأن تلك الآية هي وحدها من تقرر حجية السنة ،، ثم تستشهد بأقوال من عند بعض المفسرين وتبتر أقوالا أخرى -وهذا ا سوف نرجع إليه في وقت لاحق- وتنسى بأن هؤلاء المفسرين أجمعوا أن السنة وحي وأنها هي المصدر الثاني في التشريع ، بل أجمع على ذلك جمهور الصحابة والعلماء في كل العصور ...

    إذن عليك :

    1- أن ترد على كل الآيات والأحاديث التي وردت في كل المداخلات بما في ذلك الموضوع الذي نقلته الأخت فجر ... هذا ناهيك عن أحاديث أخرى سوف تأتي ...

    2- أن تأتي لنا بعلماء من أهل السنة والجماعة من الثقات قالوا أن السنة ليست مصدرا من مصادر التشريع وأنها ليست وحيا ...

    3- في القرآن مجمل كثير كالصلاة، والزكاة، والحج، وغير ذلك .. فكيف السبيل إلى معرفة أركانها وكيفياتها والرسول لا يتلقى وحيا آخر غير القرآن الكريم ؟؟؟

    ولنا عودة إن شاء الله في مداخلة شاملة تقضي على الشبه المثارة .

    ملحوظة : أرجوا من الأخ المراقب إلزام المخالف بالجواب بدون لف ولا دوران حتى لا يضيع الوقت هباءا منثورا .
    التعديل الأخير تم 07-06-2007 الساعة 04:17 AM
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  8. #23
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    استشهد أعداء السنة المطهرة بعدة آيات ورد بعضها في مداخلات أحدهم والبعض في مصنفاتهم و فهموا أن المراد من الكتاب مثلا فى قوله تعالى[مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ] القرآن، ولكن مجموع الآيات التي استشهدوا بها ابتداء ونهاية ، يفيد أن المراد بالكتاب هنا هو اللوح المحفوظ الذى حوى كل شئ، واشتمل على جميع أحوال المخلوقات كبيرها وصغيرها، جليلها ودقيقها، ماضيها وحاضرها ومستقبلها، على التفصيل التام كما جاء فى الحديث عن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضى الله عنهما - قال : سمعت رسول الله يقول : "كتب الله مقادير الخلائق قبل أن يخلق السماوات والأرض بخمسين ألف سنة قال : وعرشه على الماء"

    وهذا هو المناسب لذكر هذه الجملة عقب قوله تعالى : [وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ وَلَا طَائِرٍ يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ إِلَّا أُمَمٌ أَمْثَالُكُمْ] والمثلية فى الآية ترشح هذا المعنى؛ لأن القرآن الكريم لم ينظم للطير حياة كما نظمها للبشر، وإنما الذى حوى كل شئ للطير والبشر، وتضمن ابتداءً ونهاية للجميع هو اللوح المحفوظ يقول الحافظ ابن كثير : أى الجميع علمهم عند الله، لا ينسى واحداً من جميعها، من رزقه وتدبيره سواء كان برياً أو بحرياً؛ كقوله تعالى: [وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ] أى مفصح بأسمائها وأعدادها ومظانها وحاصر لحركاتها وسكناتها" والآية نظير قوله تعالى : [ وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ] وقوله تعالى : [عَالِمِ الْغَيْبِ لَا يَعْزُبُ عَنْهُ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ فِي السَّمَوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَلَا أَصْغَرُ مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْبَرُ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ]

    وعلى هذا الأساس، ففهم أن المراد بالكتاب فى قوله تعالى : [مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ] هو القرآن غير دقيق، ويأباه السياق العام للآية وربطها بما قبلها، وبغيرها من الآيات التى فى معناها وسبق ذكرها

    ومن المعلوم بداهة أن الكلمة فى اللغة العربية يكون لها أكثر من معنى، ويتحدد المعنى المراد منها من خلال سياق الكلام الذى وردت فيه، وكلمة "الكتاب" تجئ فى القرآن بمعنى الفرض، والحكم، والقدر فبمعنى القدر قوله تعالى : [وَمَا كَانَ لِنَفْسٍ أَنْ تَمُوتَ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ كِتَابًا مُؤَجَّلًا]

    يقول الحافظ ابن كثير : أى لا يموت أحد إلا بقدر الله، وحتى يستوفى المدة التى ضربها الله له، ولهذا قال تعالى : [كتاباً مؤجلاً] وكقوله تعالى[وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ إِلَّا فِي كِتَاب] وكقوله تعالى : [الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ طِينٍ ثُمَّ قَضَى أَجَلًا وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ]

    وبمعنى الفرض قوله تعالى : [الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا] قال ابن عباس أى مفروضاً، والكتاب يأتى فى القرآن الكريم تارة مراداً به اللوح المحفوظ كما سبق وأن بينا، وتارة أخرى يأتى مراداً به القرآن الكريم كما فى قوله تعالى : [الر كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ لِتُخْرِجَ النَّاسَ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِ رَبِّهِمْ إِلَى صِرَاطِ الْعَزِيزِ الْحَمِيد ] إلى غير ذلك من الآيات الكريمة

    ومع هذا فنحن نسلم لكم أن المراد من الكتاب "القرآن"، ولكننا نقول لكم : إن هذا العموم غير تام، بل هو مخصص بقول الله تعالى :[وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُون ] والذى يجعلنا نذهب إلى تخصيص هذا العام أمران :
    1- لتتفق آيات القرآن ولا تتعارض فى ظاهرها؛ فإن القرآن ملئ بالآيات التى فوض الله نبيه فى شرح أحكامها
    2- إن كثيراً من الأمور الجزئية فى حياة المجتمع تحتاج إلى حكم، وليس فى القرآن إلا قواعده الكلية العامة وعلى هذا فلا بأس أن يكون الكتاب فى الآية الكريمة هو القرآن الكريم

    ونقول لكم : نعم لم يفرط ربنا فى كتابه فى شئ من أمور الدين على سبيل الإجمال، ومن بين ما لم يفرط فى بيانه وتفصيله إجمالاً بيان حجية السنة وجوب اتباعها والرجوع والتحاكم إليها؛ فالقرآن جامع - دون تفريط - كل القواعد الكبرى للشريعة التى تنظم للناس شئون دينهم ودنياهم، والسنة النبوية هى المبينة لجزئياتها وتفاصيلها وهى المنيرة للناس طريق الحياة، وتنسجم هذه الآية مع الآيات الأخرى التى تؤكد بالنص أهمية السنة تجاه ما فى الكتاب من القواعد التى تحتاج إلى تخصيص أو تقييد أو توضيح أو تبيين ... إلخ

    وهنا نأتى للرد على الآيات الأخرى التى استدلوا بها على أن القرآن أنزل مفصلاً وتبياناً لكل شئ، فلا يحتاج بعد هذا البيان إلى السنة المطهرة أما قوله تعالى : [وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتَابَ مُفَصَّلًا] وقوله تعالى : ٍوَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ]

    فالمراد بالتفصيل والبيان هنا : تفصيل وبيان كل شئ من أحكام هذا الدين كقواعد كلية مجملة، أما تفاصيل تلك القواعد وما أشكل منها؛ فالبيان فيها راجع إلى السنة النبوية قال تعالى :[وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ] فقاعدة وجوب اتباع الرسول والتحاكم إلى سنته المطهرة من القواعد الكلية المجملة لهذا الدين، وفصلها ربنا فى كتابه العزيز كما فى الآية السابقة وقوله تعالى : [وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ] يقول ابن كثير فى تفسير قوله تعالى[ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ]عن ابن مسعود قال : قد بين لنا فى هذا القرآن كل علم وكل شئ وقال مجاهد : كل حلال وحرام، وقول ابن مسعود أعم وأشمل؛ فإن القرآن اشتمل على كل علم نافع من خبر ما سبق، وعلم ما سيأتى، وكل حلال وحرام، وما الناس إليه محتاجون فى أمر دنياهم ودينهم ومعاشهم ومعادهم - وقال الأوزاعى : "تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ" أى بالسنة

    ولا تعارض بين القولين - ابن مسعود والأوزاعى - فابن مسعود يقصد العلم الإجمالى الشامل، والأوزاعى يقصد تفصيل وبيان السنة لهذا العلم الإجمالى

    ومن هنا؛ فالقول بأن القرآن الكريم تبيانٌ لكل شئ قول صحيح فى ذاته بالمعنى الإجمالى السابق ولكن الفساد فيما بنوه عليه من الاستغناء عن السنة والاكتفاء بالقرآن ليؤولوه حسب أهوائهم وإلا فرب العزة هو القائل فى نفس سورة النحل وقبل هذه الآية قال تعالى : [وَأَقْسَمُوا بِاللَّهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ لَا يَبْعَثُ اللَّهُ مَنْ يَمُوتُ بَلَى وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ(38)لِيُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي يَخْتَلِفُونَ فِيهِ وَلِيَعْلَمَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ كَانُوا كَاذِبِينَ]

    وقال تعالى : [وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ] وقال تعالى :[أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ] فتلك ثلاث آيات كريمات فى نفس سورة النحل وسابقة لآية[وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ] والثلاث آيات تسند صراحة مهمة البيان والتفصيل إلى النبى صاحب السنة المطهرة، فهل يعقل بعد ذلك أن يسلب الله عز وجل هذه المهمة - البيان، التى هى من مهام الرسل جميعاً كما قال [أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إِلَّا بِلِسَانِ قَوْمِهِ لِيُبَيِّنَ لَهُمْ] وقال : [وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ] ويوقع التناقض بآية [الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ]

    إن كل الرافضين لحجية السنة، لابد أن يلتزموا بهذه النتيجة التى تعود بالنقض على الإيمان بالكتاب، وبمن أنزل الكتاب جل جلاله، سواء أقروا بلسانهم بهذا النقض أم لا، وتنبهوا إلى ذلك أم لا؟!!

    ويجدر بنا أن نشير إلى نصوص لبعض العلماء تؤكد الذى قلناه فى معنى البيان الوارد فى الآية التى استشهدوا بها يقول الإمام الشاطبي: "تعريف القرآن بالأحكام الشرعية أكثره كلى لا جزئى، وحيث جاء جزئياً فمأخذه على الكلية، إما بالاعتبار أو بمعنى الأصل، إلا ما خصه الدليل مثل خصائص النبى ويدل على هذا المعنى - بعد الاستقراء المعتبر - أنه محتاج إلى كثير من البيان، فإن السنة على كثرتها وكثرة مسائلها إنما هى بيان للكتاب كما سيأتى شرحه إن شاء الله تعالى
    وقد قال الله تعالى :[وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ] وإذا كان الأمر كذلك فالقرآن على اختصاره جامع، ولا يكون جامعاً إلا والمجموع فيه أمور كليات لأن الشريعة تمت بتمام نزوله؛ لقوله تعالى :[الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا] وأنت تعلم أن الصلاة والزكاة والجهاد وأشباه ذلك لم يتبين جميع أحكامها فى القرآن، إنما بينتها السنة، وكذا تفاصيل الشريعة من الأنكحة والعقود والقصاص والحدود، وغير ذلك

    فعلى هذا لا ينبغى فى الاستنباط من القرآن الاقتصار عليه دون النظر فى شرحه وبيانه وهو السنة؛ لأنه إذا كان كلياً وفيه أمور كلية كما فى شأن الصلاة والزكاة والحج والصوم ونحوها فلا محيص عن النظر فى بيانه، وبعد ذلك ينظر فى تفسير السلف الصالح له إن أعوزته السنة، فإنهم أعرف به من غيرهم، وإلا فمطلق الفهم العربى لمن حصله يكفى فيما أعوز من ذلك،فبيان الرسول بيان صحيح لا إشكال فى صحته؛لأنه لذلك بعث،قال تعالى: [وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ ]ولا خلاف فى هذا البيان النبوى

    ويقول الدكتور إبراهيم محمد الخولى : "التبيين" هنا غير "التبليغ" الذى هو الوظيفة الأولى للنبى قال تعالى :[يَاأَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ]، و"التبيين" و "التبليغ" وظيفتان موضوعهما واحد هو "القرآن العظيم" عبر عنه فى آية "التبليغ" بهذا اللفظ : "ما أنزل إليك" وعبر عنه فى آية التبيين بلفظ مختلف : "ما نزل إليهم" وبينهما فروق لها دلالتها، مردها إلى الفروق بين الوظيفتين "فالتبليغ" تأدية النص؛ تأدية "ما أنزل" كما "أنزل" دون تغيير ما على الإطلاق، لا زيادة ولا نقصان، ولا تقديم ولا تأخير …
    و "التبيين" إيضاح، وتفسير، وكشف لمراد الله من خطابه لعباده، كى يتسنى لهم إدراكه، وتطبيقه، والعمل به على وجه صحيح
    و "التبليغ" مسئولية "المبلغ" وهو المؤتمن عليها، وهذا سر التعبير : "وأنزلنا إليك" حيث عدى الفعل "أنزل" بـ "إلى" إلى ضمير النبي ، المخاطب

    و "التبيين" : مهمة، فرضتها حاجة الناس لفهم ما خوطبوا به، وبُلَّغوه، وإدراك دلالته الصحيحة، ليطبقوه تطبيقاً صحيحاً

    ومن هنا كانت المخالفة فى العبارة … "ونزل إليهم" … حيث عدى الفعل "نزل" بـ (إلى) مضافاً إلى الضمير "هم" … أى الناس، وعُدِّى الفعل "لتبين" إلى الناس بـ "اللام" أن كانت حاجتهم إلى "التبيين" هى السبب والحكمة من ورائه، وهى توحى بقوة أن رسول الله ، ليس بحاجة إلى ما احتاج إليه الناس من هذا التبيين، ولعمرى إنه لكذلك…، فقد أوحى إليه بيانه وألهمه، فالتقى فى نفسه "البيان" و "المبين" معاً، وأصبح مؤهلاً لأن يقوم بالوظيفتين : وظيفة البلاغ، ووظيفة التبيين على سواء …، واختلاف الناس فى فهم القرآن ما بين مصيب ومخطئ واختلافهم فى فهم درجات الإصابة، ودركات الخطأ … برهان بين على حاجتهم إلى "تبيين" لكتاب ربهم، ينهض به إمام الموقعين عن رب العالمين

    ويقول الإمام الشافعى : "والبيان اسم جامع لمعان مجتمعة الأصول متشعبة الفروع : فجماع ما أبان الله لخلقه فى كتابه، مما تعبدهم به، لما مضى من حكمه جل ثناؤه من وجوه :
    1- منها ما أبانه لخلقه نصاً مثل إجمال فرائضه فى أن عليهم صلاة، وزكاة، وحجاً، وصوماً، وأنه حرم الفواحش ما ظهر منها وما بطن، ونص على الزنا، والخمر، وأكل الميتة، والدم، ولحم الخنزير، وبين لهم كيف فرض الوضوء،مع غير ذلك مما بين نصاً "إجمالياً"
    2- ومنها ما أحكم فرضه بكتابه، وبين كيف هو على لسان نبيه مثل عدد الصلاة، والزكاة ووقتها، إلى غير ذلك من فرائضه التى أنزلها فى كتابه عز وجل
    3- ومنها ما سن رسول الله مما ليس لله فيه نص محكم، وقد فرض الله فى كتابه طاعة رسوله ، والانتهاء إلى حكمه فمن قبل عن رسول الله فبفرض الله قبل

    مما سبق من قول الإمامين الشاطبى والشافعى يتأكد ما ذكرناه فى أن المراد من معنى البيان والتفصيل الوارد فى الآيات التى استشهد بها أعداء السنة المطهرة؛ بيان وتفصيل القرآن لكل شئ من أحكام هذا الدين كقواعد كلية مجملة، ومن بين تلك القواعد التى فصلها وبينها ربنا عز وجل؛ وجوب اتباع نبيه، والتحاكم إلى سنته المطهرة، ففى تلك السنة المطهرة إيضاح هذه القواعد وتفصيلها، فجاءت السنة موافقة ومؤكدة للقرآن، ومخصصة لعامه، ومقيدة لمطلقه، ومفصله لمجمله، وموضحة لمشكله، ومستقلة بتشريع أحكام دون سابق ذكر لها فى كتاب الله كما سيأتى مفصلاً فى المبحث الثالث

    يقول الإمام الشاطبى : "القرآن فيه بيان كل شئ على ذلك الترتيب المتقدم؛ فالعالم به على التحقيق عالم بجملة الشريعة ولا يعوزه منها شئ؛ فهو أساس التشريع، وإليه ترجع جميع أحكام الشريعة الإسلامية، والتى منها السنة النبوية، فهى حاصلة فيه فى الجملة، والدليل على ذلك أمور :
    1- منها : النصوص القرآنية، كقوله تعالى : [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا] وقوله تعالى : [وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ] وقوله تعالى : [مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ] وقوله تعالى: [إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ] وأشباه ذلك من الآيات الدالة على أنه هدى وشفاء لما فى الصدور،ولا يكون شفاء لجميع ما فى الصدور إلا وفيه تبيان كل شئ

    2- ومنها : ما جاء فى الأحاديث والآثار المؤذنة بذلك كقوله : "وقد تركت فيكم ما لن تضلوا بعده إن اعتصمتم به كتاب الله" وعن ابن عباس - رضى الله عنهما - قال : لما حضر رسول الله - وفى البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب؛ فقال النبى : "هَلْمَّ أكتب لكم كتاباً لا تضلون بعده" فقال عمر : إن رسول الله قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله، وأشباه هذا مما روى مرفوعاً وموقوفاً بالاقتصار على القرآن فقط

    يقول الحافظ ابن حجر - رحمه الله تعالى - الاقتصار على الوصية بكتاب الله؛ لكونه أعظم وأهم؛ ولأن فيه تبيان كل شئ إما بطريق النص، وإما بطريق الاستنباط، فإذا اتبع الناس ما فى الكتاب عملوا بكل ما أمرهم النبى به لقوله تعالى : [ءَاتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا ]

    وكلام الحافظ ابن حجر السابق نقله مبتوراً جمال البنا في أحد مؤلفاته فقال : "التمسك بالقرآن والعمل بمقتضاه إشارة إلى قوله : "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا كتاب الله" وترك جمال البنا، بيان أن العمل بالقرآن الكريم يقتضى العمل بالسنة المطهرة كما صرح ابن حجر

    وهذا ما فعله أيضاً الدكتور أحمد صبحى منصور فى كتابه "حد الردة" نقل كلام الحافظ بن حجر الذى نقلناه، وبتر منه لفظة النبى فصارت العبارة : "فإذا اتبع الناس ما فى الكتاب عملوا بكل ما أمرهم به" اهـ …

    وفى هذا الجواب الأخير تعلم الجواب عن باقى الآيات التى استشهد بها أعداء السنة على الاكتفاء بالقرآن، وعدم حجية السنة، للاقتصار على ذكر القرآن فقط، والوصية به كقوله تعالى:[الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ] وقوله تعالى:[وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّك ] وقوله تعالى : [وَالَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتَابِ] وقوله تعالى :[أَوَلَمْ يَكْفِهِمْ أَنَّا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ] وقوله تعالى [وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْءَانُ لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ] وأشباه هذه الآيات الكريمة التى ورد الاقتصار فيها على الوصية بكتاب الله، وما ذلك إلا كما علمنا، أن القرآن هو الأصل المرجوع إليه فى الشرائع والأحكام واتباعه، والعمل بما فيه عمل بالسنة النبوية المستمدة حجيتها ومصدرتيها التشريعية منه فهى من الوحى الغير متلو، والوحى ذكر، والذكر محفوظ بنص القرآن فى قوله تعالى : [نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ] وهذا ما أنكره أعداء السنة ومنهم عبد الجبار وجوابنا عنهم كالتالي :

    مما لا شك فيه أن منشأ هذه الشبهة فى كلمة (الذكر) حيث اقتصر فهم المنكرين لحجية السنة المطهرة على أن المراد بكلمة الذكر فى الآية هو "القرآن الكريم" وحده دون السنة، وأن الضمير فى قوله تعالى "لـه" عائد على القرآن، وأن الآية فيها حصر بتقديم الجار والمجرور وهذا الحصر يفيد عندهم قصر الحفظ على القرآن وحده دون ما عداه

    ونقول رداً على ذلك : إن رب العزة قد تكفل بحفظ ما صح من حديث رسوله ، ويدل على ذلك الكتاب الكريم، والسنة النبوية الصحيحة، والعقل، والتاريخ

    أولاً : أما الدليل من كتاب الله على تكفل الله بحفظ السنة كما تكفل بحفظ كتابه الكريم :
    1- قوله تعالى : [وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ]، يقول فضيلة الأستاذ الدكتور محمد السيد ندا فى الآية الكريمة إخبار من الله تعالى : بأن السنة مبينة للقرآن، وقد تكفل الله بحفظه فى قوله تعالى : [نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ] فيلزم من هذا أن يكون قد تكفل أيضاً بحفظ السنة؛ لأن حفظ المبين يستلزم حفظ البيان للترابط بينهما
    2- وقال تعالى : [عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْءَانَهُ ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ] فإنه نص صريح يدل على أن الله قد تكفل بحفظ السنة على وجه الأصالة والاستقلال لا على طريق اللزوم والتتبع؛ لأنه تكفل فيه ببيان القرآن فى قوله تعالى : [ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ] أى بيان القرآن، والبيان كما يكون للنبى يكون لأمته من بعده وهو يكون للنبى بالإيحاء به إليه ليبلغه للناس، وهو المراد فى الآية السابقة : [وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ] وقوله تعالى : [أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ] فالسنة النبوية على هذا منزلة من عند الله تعالى (بوحى غير متلو) وفى هذا رد على ما زعمه الدكتور إسماعيل منصور؛ بأن البيان للذكر لم ينزل مع الذكر (القرآن) وإلا لكان النص على نحو : "وأنزلنا إليك الذكر وبيانه" ويكون البيان للأمة من بعده بحفظ السنة التى بلغهم النبى إياها

    ولو شغب مشاغب بأن هذا الخطاب:"عَلَيْنَا بَيَانَهُ" متوجه إلى الله فقط دون الأمة وإلا قال تعالى:"عليكم بيانه" لما أمكنه هذا الشغب فى قوله تعالى : [عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْءَانَهُ] فمن الذى جمع القرآن الكريم؟! الله بذاته المقدسة؟ أم قيض لذلك رجالاً من خلقه وعلى رأسهم من أنزل عليه وصحابته الكرام فمن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين؟!

    فإن أجاب بالأولى، استغنى بجهله هذا عن مناظرته، وإن أجاب الثانية؛ بطل قوله بأن بيان الكتاب متوجه إلى الله فى كتابه فقط وليس إلى نبيه وإلى الأمة من بعده وفى ذلك رد على ما زعمه الدكتور إسماعيل منصور بأن حفظ الرجال للسنة يجعلهم يتساوون مع الله فى القدرة بحفظه كتابه ، فتستوى بذلك قدرة الله وقدرة المخلوقين

    يقول فضيلة الدكتور محمد السيد ندا : "فهذان دليلان على أن الله تكفل بحفظ السنة كما تكفل بحفظ القرآن، وتحقيقاً لهذا الوعد الكريم من الله هيأ الأسباب لحفظها، والذود عن حياضها؛ فأثار فى نفوس المسلمين عوامل المحافظة عليها، والدفاع عنها؛ فكانت موضع اهتمامهم ومحل تقديرهم ورعايتهم منذ أن أشرقت شمسها إلى يومنا هذا، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها
    3- ويذكر الإمام ابن حزم دليلاً ثالثاً من كتاب الله على تكفله جل علاه بحفظ السنة فى قوله تعالى : [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا]

    يقول الإمام ابن حزم : "هذه الآية الكريمة جامعة لجميع الشرائع أولها عن آخرها، وذكرت أصولاً ثلاثة وهى قوله تعالى : [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ] فهذا أصل وهو القرآن،ثم قال تعالى:[وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ] فهذا ثان وهو الخبر عن رسول الله ، ثم قال تعالى:[وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ] فهذا ثالث وهو الإجماع المنقول إلى رسول الله حكمه، وصح لنا بنص القرآن، أن الأخبار هى أحد الأصلين المرجوع إليهما عند التنازع، قال تعالى : [فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ] والبرهان على أن المراد بهذا الرد؛ إنما هو إلى القرآن،والخبر عن رسول الله ؛ لأن الأمة مجمعة على أن هذا الخطاب متوجه إلينا، وإلى كل من يخلق ويركب روحه فى جسده إلى يوم القيامة من الجنة والناس؛ كتوجهه إلى من كان على عهد رسول الله وكل من أتى بعده عليه السلام وقبلنا ولا فرق، وقد علمنا علم ضرورة أنه لا سبيل لنا إلى رسول الله وحتى لو شغب مشاغب بأن هذا الخطاب إنما هو متوجه إلى من يمكنه لقاء رسول الله ، لما أمكنه هذا الشغب فى الله ، إذ لا سبيل لأحد إلى مكالمته تعالى؛ فبطل هذا الظن، وصح أن المراد بالرد المذكور فى الآية التى نصصنا إنما هو إلى كلام الله تعالى، وهو القرآن وإلى كلام نبيه المنقول على مرور الدهر إلينا جيلاً بعد جيل، وأيضاً فليس فى الآية المذكورة ذكر للقاء ولا مشافهة أصلاً، ولا دليل عليه، وإنما فيه الأمر بالرد فقط، ومعلوم بالضرورة؛ أن هذا الرد إنما هو تحكيم أوامر الله تعالى وأوامر رسوله دون تكلف تأويل ولا مخالفة ظاهر

    والقرآن والخبر الصحيح بعض من بعض وهما شئ واحد فى أنهما من عند الله تعالى، وحكمها حكم واحد فى باب وجوب الطاعة لهما للآية المذكورة وقوله تعالى : [يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَوَلَّوْا عَنْهُ وَأَنْتُمْ تَسْمَعُونَ(20)وَلَا تَكُونُوا كَالَّذِينَ قَالُوا سَمِعْنَا وَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ]

    وكلام النبى كله وحى لقوله تعالى : [وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى] والوحى ذكر بإجماع الأمة كلها، والذكر محفوظ بالنص قال تعالى : [إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ]فصح أن كلام رسول الله كله فى الدين وحى من عند الله ؛ لا شك فى ذلك، ولا خلاف بين أحد من أهل اللغة والشريعة فى أن كل وحى نزل من عند الله تعالى فهو ذكر منزل فالوحى كله محفوظ بحفظ الله تعالى له بيقين، وكل ما تكفل الله بحفظه؛ فمضمون ألا يضيع منه، وألا يحرفٍ منه شئ، أبداً تحريفاً لا يتأتى البيان ببطلانه، إذ لو جاز غير ذلك؛ لكان كلام الله تعالى كذباً وضمانه خائساً، وهذا لا يخطر ببال ذى مسكة عقل، فوجب أن الدين الذى أتانا به محمد عليه الصلاة والسلام محفوظ بتولى الله تعالى حفظه، مبلغ كما هو إلى كل ما طلبه مما يأتى أبداً إلى انقضاء الدنيا قال تعالى : [لِأُنْذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ] فإذا كان ذلك كذلك؛ فبالضرورى نتيقن أنه لا سبيل ألبته إلى ضياع شئ قاله رسول الله فى الدين، ولا سبيل البتة إلى أن يختلط به باطل موضوع اختلاطاً لا يتميز عند أحد من الناس بيقين، إذ لو جاز ذلك؛ لكان الذكر غير محفوظ، ولكان قول الله تعالى:[إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُون] كذباً ووعداً مخلفاً،وهذا لا يقوله مسلم

    فإن قال قائل : "إنما عنى تعالى بذلك القرآن وحده، فهو الذى ضمن تعالى حفظه دون سائر الوحى الذى ليس قرآناً قلنا له وبالله تعالى التوفيق : "هذه دعوى كاذبة مجردة من البرهان، وتخصيص للذكر بلا دليل، وما كان هكذا فهو باطل لقوله تعالى : [قُلْ هَاتُوا بُرْهَانَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ] فصح أنه لا برهان له على دعواه، فليس بصادق فيها، والذكر اسم واقع على كل ما أنزل الله على نبيه من قرآن أو من سنة وحياً يبين بها القرآن، وأيضاً فإن الله تعالى يقول : [وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ] فصح أنه عليه الصلاة والسلام مأمور ببيان القرآن للناس

    وفى القرآن مجمل كثير؛ كالصلاة، والزكاة، والحج، وغير ذلك مما لا نعلم ما ألزمنا الله تعالى فيه بلفظه، ولكن بين لنا رسول الله ، فإذا كان بيانه – عليه الصلاة والسلام – لذلك المجمل غير محفوظ ولا مضمون سلامته مما ليس منه؛ فقد بطل الانتفاع بنص القرآن، فبطلت أكثر الشرائع المفترضة علينا فيه، لم ندر صحيح مراد الله تعالى منها، وما أخطأ فيه المخطئ أو تعمد فيه الكذب الكاذب، ومعاذ الله من هذا

    4- ويذكر الإمام ابن قيم الجوزية : دليلاً رابعاً من كتاب الله على تكفله -جل جلاله- بحفظ السنة فى قوله تعالى : [الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا]وقال تعالى : [وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ] وقال تعالى : [الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ]
    يقول ابن قيم الجوزية : فنقول لمن جوز أن يكون ما أمر الله به نبيه من بيان شرائع الإسلام غير محفوظ، وأنه يجوز فيه، التبديل، وأن يختلط بالكذب الموضوع اختلاطاً لا يتميز أبداً، أخبرونا عن إكمال الله تعالى لنا ديننا، ورضاه الإسلام لنا ديناً، ومنعه من قبول كل دين سوى الإسلام أكل ذلك باق علينا ولنا وإلى يوم القيامة؟ أم إنما كان ذلك للصحابة فقط؟ أولا للصحابة ولا لنا؟ ولابد من أحد هذه الوجوه

    فإن قالوا : لا للصحابة ولا لنا؛ كان قائل هذا القول كافراً لتكذيبه الله جهاراً، وهذا لا يقوله مسلم0 وإن قالوا : بل كل ذلك لنا وعلينا وإلى يوم القيامة؛ صاروا إلى قولنا ضرورةً، وصح أن شرائع الإسلام كلها كاملة والنعمة بذلك علينا تامة
    وهذا برهان ضرورى وقاطع على أن كل ما قاله رسول الله فى الدين، وفى بيان ما يلزمنا محفوظ لا يختلط به ما ليس منه أبداً

    وإن قالوا : بل كان ذلك للصحابة فقط، قالوا : الباطل، وخصصوا خطاب الله بدعوى كاذبة، إذ خطابه تعالى بالآيات الكريمة التى ذكرها عموم لكل مسلم فى الأبد، ولزمهم مع هذه العظيمة أن دين الإسلام غير كامل عندنا، والله تعالى رضى لنا منه ما لم يحفظه علينا وألزمنا منه ما لا ندرى أين نجده، وافترض علينا اتباع ما كذبه الزنادقة0 ووضعوه على لسان رسوله ، أو وهم فيه الواهمون مما لم يقله نبيهم - وهذا بيقين ليس هو دين الإسلام، بل هو إبطال لدين الإسلام جهاراً، ولو كان هذا - ومعاذ الله أن يكون - لكان ديننا؛ كدين اليهود والنصارى الذين أخبر الله تعالى أنهم كتبوا الكتاب بأيديهم وقالوا : هذا من عند الله، وما هو من عند الله

    ونحن قد أيقنا بأن الله تعالى هو الصادق فى قوله : [فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ ءَامَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ وأنه تعالى قد هدانا للحق، فصح يقيناً أن كل ما قاله رسول الله ، هدانا الله تعالى له، وأنه حق مقطوع به حفظه الله تعالى، وقد قال تعالى :[فَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَحْوِيلًا]

    وقال تعالى : [تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ] فلو جاز أن يكون ما نقله الثقات الذين افترض الله علينا قبول نقلهم والعمل به والقول بأنه سنة الله وبيان نبيه يمكن فى شئ منه التحويل أو التبديل؛ لكان إخبار الله تعالى بأنه لا يوجد لها تبديل ولا تحويل كذباً، وهذا لا يجيزه مسلم أصلاً؛ فصح يقيناً لا شك فيه أن كل سنة سنها الله لرسوله، وسنها رسوله لأمته، لا يمكن فى شئ منها تبديل ولا تحويل أبداً، وهذا يوجب أن نقل الثقات فى الدين؛ يوجب العلم بأنه حق كما هو من عند الله ]

    ثانياً : أما الدليل من السنة النبوية الصحيحة على تكفل الله بحفظ سنة نبيه قوله عليه الصلاة والسلام "أوصيكم بتقوى الله، والسمع والطاعة، وإن عبداً حبشياً، فإنه من يعش منكم بعدى فسيرى اختلافاً كثيراً، فعليكم بسنتى وسنة الخلفاء المهديين الراشدين، تمسكوا بها، وعضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" وقوله "تركت فيكم شيئين لن تضلوا بعدهما؛ كتاب الله وسنتى، ولن يتفرقا حتى يردا على الحوض"

    ففى هذه الأحاديث وغيرها - مما سيأتى غدا يخبر النبى ؛ أن له سنة مطهرة تركها لأمته، وحثهم على التمسك بها، والعض عليها بالنواجذ؛ ففى اتباعها الهداية، وفى تركها الغواية، فلو كانت سنته المطهرة غير محفوظة، أو يمكن أن يلحقها التحريف والتبديل؛ فلا يتميز صحيحها من سقيمها، ما طالب أمته بالتمسك بها من بعده، فيكون قوله مخالفٌ للواقع، وهذا محال فى حقه فأمره بالتمسك بها، يدل على أنها ستكون محفوظة تأكيداً لقوله تعالى : [إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ] فدل ذلك على إخبار بالغيب صادق فى الواقع

    ثالثاً : الدليل العقلى على تكفل رب العزة بحفظ سنة نبيه :
    يقول الدكتور رءوف شلبى : "ليس بلازم فى الاحتمالات العقلية أن يكون المراد من الذكر القرآن الكريم وحده، لأمرين :
    1- أنه لو كان المراد من الذكر القرآن الكريم وحده؛ لصرح المولى به باللفظ، كما صرح به فى كثير من الموضوعات كما فى قوله تعالى : [إِنَّ هَذَا الْقُرْءَانَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ] وقوله تعالى : [هُوَ قُرْءَانٌ مَجِيدٌ فِي لَوْحٍ مَحْفُوظٍ] وقوله تعالى : [وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْءَانَ لِلذِّكْرِ]
    2- لو كان المراد بالذكر القرآن لعبر عنه بالضمير إنا نحن نزلناه إذ افتتاح السورة فيه نص وذكر للقرآن[تِلْكَ ءَايَاتُ الْكِتَابِ وَقُرْءَانٍ مُبِينٍ] والتعبير بالضمير فى نظر اللغة أجود؛ لأن العلم فى المرتبة الثانية من الضمير، إذ هو أعرف المعارف، وهو عمل يتفق مع منزلة القرآن، وتعتمده الصناعة الإعرابية

    وإذن : فليس بالحتم أمام فهم العقل أن يكون المراد من الذكر هو القرآن فقط دون غيره، بل إن تفسير الذكر بالقرآن فقط احتمال بعيد فى نظر العقل؛ لعدم وجود مرشح لهذا التفسير يقوى على مواجهة الأمرين السالفين اللذين يقويان بالمنزلة والعرف النحوي

    وإنه لأقرب من هذا التفسير أحد الاحتمالين :
    الأول : أن يكون المراد من الذكر الرسالة والشرف الذى استحقه الرسول واتصف به بنزول النبوة والقرآن عليه، ويقوى عندنا هذا الاحتمال أمام نظر العقل افتتاحة سورة "الحجر" حيث صورت مقالات الكافرين المعتدين على النبوة بأوصاف مفتراه ذكرها رب العزة فى كتابه حكاية على لسانهم[وَقَالُوا يَاأَيُّهَا الَّذِي نُزِّلَ عَلَيْهِ الذِّكْرُ إِنَّكَ لَمَجْنُونٌ(6)لَوْ مَا تَأْتِينَا بِالْمَلَائِكَةِ إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ(7)مَا نُنَزِّلُ الْمَلَائِكَةَ إِلَّا بِالْحَقِّ وَمَا كَانُوا إِذًا مُنْظَرِينَ(8)إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ]

    فالآيتان الأوليان تصوران اتهامات الكافرين الكاذبة، والآيتان التاليتان ترد على هذه الاتهامات، وتعد بحفظ الرسالة والشرف الذى نزل على رسول الله

    ويرشح لهذا الاحتمال قوله تعالى : [وَإِنَّهُ لَذِكْرٌ لَكَ وَلِقَوْمِكَ وَسَوْفَ تُسْأَلُونَ] فعود الضمير فى الآية "إنـه" على ما ذكر قبلاً فى قوله تعالى : [فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ] دليل على أن التصريح به مراد الشرف، لا سيما ومن قبل ذلك قال تعالى : [وَقَالُوا لَوْلَا نُزِّلَ هَذَا الْقُرْءانُ عَلَى رَجُلٍ مِنَ الْقَرْيَتَيْنِ عَظِيمٍ] فذكر القرآن بالنص أولاً، وذكره بالوحى ثانياً، ووصف ذلك بأنه ذكر للنبى ولقومه، مما يقوى الاحتمال العقلى، أن المراد من الذكر فى سورة الحجر هو الرسالة والشرف

    الثانى : أن يكون المراد من الذكر الشريعة مطلقاً، ويرشح لهذا الاحتمال ما تناولته السورة بعد الآية التى معنا فى ذكر موقف الأمم السابقة مع رسلهم، يقول الله تعالى : [وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ فِي شِيَعِ الْأَوَّلِينَ وَمَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ كَذَلِكَ نَسْلُكُهُ فِي قُلُوبِ الْمُجْرِمِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهِ وَقَدْ خَلَتْ سُنَّةُ الْأَوَّلِينَ]

    والأنبياء يكلفون الأمم بالشرائع، والشريعة : كتاب الله وسنة نبيه ، والذى يستعرض حالات الأمم مع الأنبياء يقف أن محاجاة الكافرين مع الرسل، تدور كلها حول التكليف الذى مصدره ما ينزله الله بالوحى المعبر عنهما بالكتاب والسنة؛ فالسنة ليست من المسائل الخاصة بالنبى ، كما سنبينه فى المبحث الثالث إن شاء الله تعالى

    وتكون الآية التى معنا قد نبهت على أمر خطير : هو أنه إذا كان الأمر فى الأمم السالفة ينتهى إلى إلغاء الشريعة بعد معارك عنيفة بين الرسل وأممهم؛ فإن هذه الشريعة قرآناً وسنة سيحفظها رب العزة إلى قيام الساعة من كيد أعدائه وأعداء دينه كما وعد فى قوله تعالى: [إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ]

    وعلى ذلك فإن الذكر فى الآية مراد به الشريعة، ويكون الضمير فى قوله "لـه" عائد على الشريعة بمصدريها الأساسين القرآن الكريم، والسنة المطهرة
    قلت : ومما يرشح لهذا الاحتمال الثانى : تفسير الإمام الشاطبى للحفظ المضمون فى الآية الكريمة؛ بأنه حفظ أصول الشريعة وفروعها فيقول : "من العلم ما هو من صلب العلم، ومنه ما هو ملح العلم لا من صلبه، ومنه ما ليس من صلبه ولا ملحه0 فهذه ثلاثة أقسام :
    القسم الأول : هو الأصل والمعتمد، والذى عليه مدار الطلب، وإليه تنتهى مقاصد الراسخين وذلك ما كان قطيعاً أو راجعاً إلى أصل قطعى والشريعة المباركة المحمدية منزلة على هذا الوجه، ولذلك كانت محفوظة فى أصولها وفروعها؛ كما قال الله تعالى :[إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ]؛ لأنها ترجع إلى حفظ المقاصد التى بها يكون صلاح الدارين : وهى الضروريات والحاجيات، والتحسينات وما هو مكمل لها ومتمم لأطرافها وهى أصول الشريعة، وقد قام البرهان القطعى على اعتبارها، وسائر الفروع مستندة إليها، فلا إشكال فى أنها علم أصل، راسخ الأساس، ثابت الأركان

    يقول الدكتور رءوف شلبى : "لكن بقى أن يقال : كيف يعود الضمير على القرآن والسنة معاً، ولم يذكر إلا القرآن وحده؟ ولكننا نجد فى القرآن الكريم نفسه استعمالاً للضمير استناداً على ما يفهم من السياق، و مدلولات الحديث، يشهد لهذا قوله تعالى : [إِنَّا أَنْشَأْنَاهُنَّ إِنْشَاءً فَجَعَلْنَاهُنَّ أَبْكَارًا عُرُبًا أَتْرَابًا] فتلك صفات الحور العين مع أنه لم يجر لهم ذكر فى قسم أصحاب اليمين فى سورة الواقعة، ولكن السياق العام للسورة وما ذكر فى الأقسام السابقة يجعل الذهن يدرك أن الضمير عائد على أمر مفهوم الفحوى والسياق والأسلوب

    كذلك يقوى هذه الشهادة فى استعمال القرآن الضمير على ما يستند على الأسلوب النحوى، قوله تعالى : [فَقَالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ] ففى قوله : "تـوارت" ضمير فاعل يعود على الشمس مع أنه لم يجر لها ذكر فى السورة بالنص، ولكن السياق العام يجعل الذهن يدرك أن الضمير عائد على الشمس0 وما معنا فى آية الحجر من هذا القبيل والكل استعمال قرآنى تزكيه اللغة، ويقويه الإعراب القرآنى، فليس هناك وجه للاعتراض، وعليه يسلم تفسير الذكر بالشريعة قرآناً وسنة

    قلـت : وفيما سبق رد على ما زعمه كذباً الدكتور إسماعيل منصور بأنه : "لو كانت السنة من الذكر الذى نزله الله تعالى؛ للزم بيان ذلك الحكم صراحة، ولما صح إبهامه حتى يأتى من باب التأويل "الفاسد" الذى لا يصح بأى حال! فضلاً عن أن الذكر قد ورد صراحة فى القرآن الكريم، ليدل على أنه القرآن الكريم وحده دون منازع - كما فى قوله تعالى : [وَهَذَا ذِكْرٌ مُبَارَكٌ أَنْزَلْنَاهُ أَفَأَنْتُمْ لَهُ مُنْكِرُونَ] وقوله تعالى : [ذَلِكَ نَتْلُوهُ عَليْكَ مِنَ الْآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ] وغير ذلك من الآيات التى استدل بها على أن الذكر هو القرآن الكريم وحده

    ونسلم لكم أيها المعاندون لحجية السنة أن المراد بالذكر؛ هو القرآن الكريم وحده، وأن الضمير فى قوله تعالى : "لـه" عائد على القرآن المراد منه الذكر، ولكن الحصر الذى تستدلون به على أن السنة النبوية لم تدخل فى دائرة الحفظ لقصره على القرآن فقط، وترتبون على هذا الحصر عدم صحة الاحتجاج بالسنة، وأنها ليست مصدراً من مصادر التشريع

    هذا الحصر ليس حصراً حقيقياً؛ بل هو حصر إدعائى، والدليل على ذلك؛ أن رب العزة قد حفظ أشياء كثيرة مما عداه منها :
    1- حفظه جل جلاله للسماوات والأرض أن تزولا كما قال تعالى[إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا]
    2- حفظه جل جلاله لنبيه من القتل كما قال : [وَاللَّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاس] وإذا فسدت حقيقة القصر؛ فقد فسد المترتب عليها : وهو عدم الاعتراف بحجية السنة المطهرة

    يقول الدكتور عبد الغنى عبد الخالق : "والحصر الإضافى بالنسبة إلى شئ مخصوص، يحتاج إلى دليل وقرينة على هذا الشئ المخصوص، ولا دليل عليه سواء أكان سنة أم غيرها

    فتقديم الجار والمجرور ليس للحصر، وإنما هو لمناسبة رؤوس الآى بل:لو كان فى الآية حصر إضافى بالنسبة إلى شئ مخصوص: لما جاز أن يكون هذا الشئ هو السنة؛ لأن حفظ القرآن متوقف على حفظها،ومستلزم له بما أنها حصنه الحصين،ودرعه المتين، وحارسه الأمين، وشارحه المبين؛ تفصل مجمله، وتفسر مشكله، وتوضح مبهمه، وتقيد مطلقه، وتبسط مختصره، وتدفع عنه عبث العابثين، ولهو اللاهين، وتأويلهم إ ياه على حسب أهوائهم وأغراضهم، وما يمليه عليهم رؤساؤهم وشياطينهم فحفظها من أسباب حفظه، وصيانتها صيانة له

    ولقد حفظها الله تعالى كما حفظ القرآن فلم يذهب منها - ولله الحمد - شئ على الأمة؛ وإن لم يستوعبها كل فرد على حدة"

    رابعاً : الدليل التاريخى على تكفله جل جلاله بحفظ السنة كما تكفل بحفظ القرآن الكريم :
    أنه لو تتبع أعداء الإسلام الحوادث والتاريخ، وتتبعوا السيرة النبوية العطرة؛ لظهر لهم بكل جلاء ووضوح وبما لا يدع مجالاً للشك؛ أن سنة المصطفى نالت من العناية والاهتمام لدى المسلمين ما لم تنله سيرة أى عظيم من العظماء، ولا بطل من الأبطال، ولا رئيس من الرؤساء، ولا ملك من الملوك0 ذلك أن رسول الله  فى واقع الأمر ليس إنساناً عادياً، ولا رسولاً عادياً، ولا قائداً يشبه فى أخلاقه وصفاته الإنسانية أحداً، "فهو أفق وحده لا يدانيه أفق" ولذلك كان هو الأسوة، وهو النبراس المضئ

    أدرك هذه الحقيقة أصحابه وتابعوهم، والمسلمون من بعدهم فعكفوا على نقل، وتدوين وحفظ، وتطبيق كل ما صدر عن رسول الله من قول، أو فعل، أو تقرير، حتى الحركات والسكنات، وبالجملـة0 نقلت حياته برمتها وكلياتها وجزئياتها فى عباداته ومعاملاته، فى سلمه وحربه، وفى نومه ويقظته، فى أدق الأمور، وفيما نعده من أسرار حياتنا كمعاشرته، إلى غير ذلك بصورة لم تحظ بها سيرة أحد غيره من البشر

    وهذا يمثل إشارة قوية إلى أن الله تكفل بحفظ هذه السنة بما هيأ لها من رجال أفنوا أعمارهم فى ضبطها والسهر عليها، وتدوينها، وحفظها، وشرحها، وتمييز صحيحها من سقيمها؛ فنقشوها فى صفحات قلوبهم الأمينة، وفى كتبهم الواعية، فكان تكفله بحفظ كتابه فى قوله تعالى :[إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ] يشمل السنة النبوية حيث قيض الله لها من الرواة الثقات والأئمة الأعلام، ما قيض لكتابه العزيز من ثقات كل قرن، وإلى أن يرث الأرض ومن عليها

    ولولا إرادة المولى بحفظها، لاندثرت مع تعاقب الدهور لكثرة ما وجه إليها من طعون، ولكثرة ما صادفت من أعداء أضمروا لها شراً، وأرادوا بها سوءاً، فجعلهم الله الأخسرين بما قيض لها من الرجال الأوفياء فى كل عصر، وفى كل جيل، وفى كل مكان

    أما بيان حجية السنة من القرآن والسنة والإجماع وغيره فبعد صلاة الجمعة إن شاء الله تعالى ومعه ذكر المصادر المعتمدة في المداخلات ...

    ملحوظة : لا تقاطعني حتى أفرغ وبعدها خذ وقتك في الرد .
    التعديل الأخير تم 07-06-2007 الساعة 05:14 AM
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  9. #24
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    81
    المذهب أو العقيدة
    منكر للسنة

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أخي الدكتور المناظر

    انا لا اريد ان أطيل في الكلام

    انا لا اتكلم على ان السنة مصدر تشريع او حجية السنة النبوية

    لدى سؤال واحد فقط....

    هل هده الاحاديث المروية عن الرسول في كتب البخاري ومسلم وغيره

    هل هي وحي من الله

    وهل الله تكفل بحفظها

    وارجوك لا تخلط بين سنة النيي صلى الله عليه وسلم و بين الاحاديث الموجودة لدينا الان في كتب البخاري ومسلم وغيره

    اعتقد ان السؤال واضح....

    وأكرر .. هل هده الاحاديث الموجودة في كتب البخاري ومسلم وغيره من الكتب

    وحي من الله.... ومحفوظة.....

    وبعد اجابتك على سؤالي ... سوف ننظر في الامر

    والسلام عليكم

  10. افتراضي

    أريد ان افهم ما الفرق بين سنة النيي صلى الله عليه وسلم و بين الاحاديث الموجودة لدينا الان في كتب البخاري ومسلم ، أليست هذه الكتب التى تجمع السنة ؟ ما الفرق بين الاحاديث والسنة من وجهة نظرك؟

    اعتذر عن المقاطعة لم انتبه انها مناظرة
    التعديل الأخير تم 07-06-2007 الساعة 06:35 AM

  11. #26
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة لؤلؤة الاسلام مشاهدة المشاركة
    أريد ان افهم ما الفرق بين سنة النيي صلى الله عليه وسلم و بين الاحاديث الموجودة لدينا الان في كتب البخاري ومسلم ، أليست هذه الكتب التى تجمع السنة ؟ ما الفرق بين الاحاديث والسنة من وجهة نظرك؟

    اعتذر عن المقاطعة لم انتبه انها مناظرة
    حفظك الرحمان ، هذا مجرد حوار ولم نقرر أنها مناظرة في رابط مستقل وعليه فإن جميع الأعضاء لهم الحق في المشاركة ..


    أما بالنسبة لعبد الجبار حددنا ثلاث نقاط في ثلاث أسئلة عليك الإجابة عنها ... وهذه هي الأسئلة :

    1- أن ترد على كل الآيات والأحاديث التي وردت في كل المداخلات بما في ذلك الموضوع الذي نقلته الأخت فجر ... هذا ناهيك عن أحاديث أخرى سوف تأتي ...

    2- أن تأتي لنا بعلماء من أهل السنة والجماعة من الثقات قالوا أن السنة ليست مصدرا من مصادر التشريع وأنها ليست وحيا ...

    3- في القرآن مجمل كثير كالصلاة، والزكاة، والحج، وغير ذلك .. فكيف السبيل إلى معرفة أركانها وكيفياتها والرسول لا يتلقى وحيا آخر غير القرآن الكريم ؟؟؟
    هذا هو الأصل ، انتهينا من موضوع الإستشهادت التي تستشهد بها من القرآن الكريم والتي ترميها يمنة ويسرة بدون معرفة الشواهد ... وانتهينا من مسألة الذكر وقلنا أن السنة تكفل الله بحفظها ورأينا الطريقة لذلك ... بقي لنا أن نجيبك عن حجية السنة من السنة نفسها وعن إجماع العلماء أن السنة وحي ، وبعدها نتطرق للتدليسات التي تدلسها على المفسرين ونرى أقوال بعضهم في تفسير كلمة الحكمة ... ثم حينما نفرغ من هذا كله نناقش موضوع العصمة واجتهاد النبي لأن المؤمن كيس فطن كما قال رسول الله وأعلم أن في جعبتك شبهات حول المسألة الأخيرة والرد يسير عليها بإذن الرحمان ...

    لنا عودة بعض صلاة الجمعة بإذن الله .
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  12. #27
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    81
    المذهب أو العقيدة
    منكر للسنة

    افتراضي

    السلام عليك وحمة الله وبركاته

    اعتقد اننا يجب ان نتفق اولا

    اعتقد اننك تتكلم عن حجية السنة النبوية

    وقبل ان نسترسل في الحوار

    علينا ان نحدد اوللا

    هل هده الاحاديث الموجودة في كتب البخاري ومسلم هي وحي من عند الله وبالتالي هي السنة النبوية والمصدر التشريع الثاني لدين

    اريدك ان تجيب على هدا السؤال

    لانني اعتقد انا هناك سوؤ فهم مند البداية

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

  13. #28
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    أما الأحاديث الدالة على حجية السنة كثيرة جدا وبما أن موضوع الأخت فجر تطرق لحجية السنة من السنة فلن نطيل في هذا الباب ، و من الأدلة قوله : "ألا إنى أُوتيتُ القُرآن ومِثْلَهُ مَعَهُ ألا يُوشكُ رجُلُ شبعان على أريكته يقول : عليكم بهذا القرآن، فما وَجَدْتُمْ فيه من حَلاَلٍ فأحلُّوهُ، وما وجدتم فيه من حرام فَحرِّمُوهُ، ألا لا يَحلُّ لكم الحمار الأَهْلِى، ولا كُلُّ ذى ناب من السِّبَاع، ولا لُقَطَةُ مُعَاهِد، إلا أن يستغنى عنها صاحبها"

    وهذا الحديث صحيح ثابت لا مطعن فيه، لا من جهة النقل والرواية، ولا من جهة العقل والدراية
    أما النقل والرواية فالحديث صحيح رواه الأئمة أبو داود، والترمذى، وابن ماجة، والدارمى فى سننهم

    وأما العقل والدراية : فإن بناء الفعل للمجهول "أوتيت" يدل على أن الله تعالى أعطى لرسوله القرآن ومثله معه فما هو المماثل للقرآن الذى تلقاه الرسول عن ربه؟ لا يمكن أن يكون هذا المماثل شيئاً غير السنة الشريفة؛ لأن الرسول جاءنا بهذين الأصلين معاً القرآن والسنة – ولم يأتنا بشئ غيرهما – علماً بأن الحديث القدسى مندرج فى السنة الشريفة وقد دل على هذا الفهم القرآن الكريم، مما سبق ذكره من الآيات الكريمات الدالة على حجية السنة ودل على ذلك الفهم أيضاً الأحاديث المتكاثرة التى تؤيد هذا المعنى

    نقول هذا رداً على المرجفين فى دين الله العاملين على هدم كيان السنة المطهرة، الطاعنين فى صحة الحديث، وفى معناه
    أما الأحاديث التى تؤيد المعنى السابق، وتؤكد حجية السنة المطهرة، قوله : "نضر الله امرءاً منا شيئاً، فبلغه كما سمعه، فرب مبلغ أوعى من سامع ووجه دلالة الحديث على حجية السنة كما يراها كبار العلماء : "أن رسول الله ندب إلى استماع مقالته وحفظها وأدائها … فدل على أنه لا يأمر أن يؤدى عنه، إلا ما تقوم به الحجة على من أدى إليه؛ لأنه إنما يؤدى عنه حلال يؤتى، وحرام يجتنب، وحد يقام، ومال يؤخذ ويعطى، ونصيحة فى دين ودنيا"

    وقال الإمام البيهقى : "لولا ثبوت الحجة بالسنة لما قال فى خطبته، بعد تعليم من شهده أمر دينهم : "ألا فليبلغ الشاهد منكم الغائب فرب مبلغ أوعى من سامع"

    وعن أبى هريرة قال:قال رسول الله :"ما نهيتكم عنه فاجتنبوه، وما أمرتكم به فافعلوا منه ما استطعتم" وهذا يؤكد قوله تعالى [فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ] وقال : "كل أمتى يدخلون الجنة إلا من أبى، قالوا ومن يأبى يا رسول الله؟ قال : "من أطاعنى؛ دخل الجنة، ومن عصانى؛ فقد أبى"

    وهذا يؤكد ما سبق ذكره من الآيات الدالة على أن طاعة رسول الله طاعة مستقلة والأحاديث غير ذلك كثيرة، مرت الإشارة إلى بعضها سابقا كحديث "عليكم بسنتى" وغيره ...وقول حسان بن عطية كان جبريل عليه السلام ينزل على النبي صلى الله عليه وآله وسلم بالسنة كما ينزل بالقرآن، فيعلمه إياها كما يعلمه القرآن.


    وقد أجمعت أمة الإسلام من الصحابة - رضى الله عنهم أجمعين -، والتابعين، والأئمة المجتهدين، وسائر علماء المسلمين من بعدهم إلى يومنا الحاضر، وإلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛ على حجية السنة النبوية، ووجوب التمسك بها، والعض عليها بالنواجذ، والتحاكم إليها، وضرورة تطبيقها، والسير على هديها فى كل جوانب حياة المسلمين، ولم يمار فى هذه الحقيقة الساطعة إلا نفر ممن لا يعتد بخروجهم على إجماع الأمة من الخوارج، والروافض، ومن أحيا مذاهبهم من دعاة الإلحاد فى عصرنا قال الإمام الشوكانى – رحمه الله - : "إن ثبوت حجية السنة المطهرة، واستقلالها بتشريع الأحكام ضرورة دينية، ولا يخالف فى ذلك إلا من لاحظَّ له فى دين الإسلام"

    فالكتب الإسلامية المعتمدة كلها، تزخر بشتى الأدلة التى تشهد، بأن علماء الأمة الأجلاَّء متفقون اتفاقاً يقينياً منذ عصر الرسول حتى يومنا هذا، على وجوب الاحتكام إلى السنة المطهرة، إن تعذَّر العثورُ على الدليل فى القرآن الكريم، وعدم تجاوزها أبداً إلى غيرها من الأدلة الأخرى التى أشار إليها القرآن إن وجد الدليل فيها، بل كان الواحد منهم يرجع عن اجتهاده فوراً وبدون أدنى تردد، حينما يجد حديثاً صحيحاً عن رسول الله يخالف ما أفتى به
    وعلى ذلك أيضاً تشهد كتب علم الكلام، وعلم الأصول : يقول الدكتور عبد الغنى عبدالخالق - رحمه الله - : "لا نجد فى كتب الغزالى، والآمدى، وفخر الدين الرازى، والجوينى، وأبى الحسين المعتزلى، والسرخسى، وجميع من اتبع طرقهم فى التأليف، : من الأصوليين تصريحاً ولا تلويحاً : بأن فى هذه المسألة خلافاً وهم الذين استقصوا كتب السابقين ومذاهبهم، وتتبعوا الاختلافات حتى الشاذة منهم، واعتنوا بالرد عليها أشد الاعتناء بل نجدهم - فى هذه المسألة - لا يهتمون بإقامة دليل عليها، وكأنهم قصدوا بعدم التصريح بإقامة دليل عليها : إكبارها وإجلالها، وإعظام شأنها عن أن ينازع فيها منازع، أو يتوقف فيها متوقف

    فصاحب المُسلم وشارحه يقولان : "إن حجية الكتاب، والسنة، والإجماع، والقياس، من علم الكلام، لكن تعرض الأصولى لحجية الإجماع، والقياس؛ لأنهما كثر فيهما الشغب من الحمقى؛ من الخوارج، والروافض : خذلهم الله تعالى

    وأما حجية الكتاب والسنة : فمتفق عليها عند الأمة : ممن يدعى التدين كافة فلا حاجة إلى الذكر "


    وأنقل بعض أقوال العلماء في من ينكر حجية السنة :

    قال محمد بن نصر المروزي عن المسح على الخفين : (( من أنكر ذلك لزمه إنكار جميع ما ذكرنا من السنن وغير ذلك مما لم نذكر ، وذلك خروج عن جماعة أهل الإسلام )) .
    قال الآجري : (( جميع فرائض الله التي فرضها في كتابه لا يعلم الحكم فيها إلا بسنن رسول الله .
    هذا قول علماء المسلمين ، من قال غير هذا خرج عن ملة الإسلام ودخل في ملة الملحدين )) .
    وقال ابن حزم : (( لو أن امرأً قال : لا نأخذ إلا ما وجدنا في القرآن لكان كافراً بإجماع الأمة ، ولكان لا يلزمه إلا ركعة ما بين دلوك الشمس إلى غسق الليل ، وأخرى عند الفجر ؛ لأن ذلك هو أقلّ ما يقع عليه اسم صلاة ولا حد للأكثر في ذلك ، وقائل هذا كافر مشرك حلال الدم والمال ، وإنما ذهب إلى هذا بعض غالية الرافضة ممن قد اجتمعت الأمة على كفرهم ))
    .
    وقال شيخ من شيوخ الإسلام وهو ابن تيمية : (( محمد صلى الله عليه وسلم مبعوث إلى الثقلين إنسهم وجنهم ، فمن اعتقد أنه يسوغ لأحد الخروج عن شريعته وطاعته فهو كافر يجب قتله )) .
    وعلّق ابن دقيق العيد على طعون بعض الزائغين على حديث الذباب بقوله : ((إن هذا وأمثاله مما تُرد به الأحاديث الصحيحة إن أراد به قائلها إبطالها بعد اعتقاد كون الرسول قالها كان كافراً مجاهراً ، وإن أراد إبطال نسبتها إلى الرسول بسبب يرجع إلى متنه فلا يكفر ، غير أنه مبطل لصحة الحديث)) .
    قال السيوطي : (( إن من أنكر كون حديث النبي قولاً كان أو فعلاً بشرطه المعروف في الأصول – حجة كفر ، وخرج عن دائرة الإسلام وحشر مع اليهود والنصارى أو مع من شاء الله من فرق الكفرة )) .
    وقال المعلمي : (( منكر وجوب العمل بالأحاديث مطلقاً تقام عليه الحجة، فإن أصرّ بان كفره . ومنكر وجوب العمل ببعض الأحاديث إن كان له عذر من الأعذار المعروفة بين أهل العلم وما في معناها فمعذور ، وإلا فهو عاص لله ورسوله ، والعاصي آثم فاسق . وقد يتفق ما يجعله في معنى منكر وجوب العمل بالأحاديث مطلقاً))

    وهذا فقط غيض من فيض ، لكي نقطع دابر شبهاتك وعلى ما تفوهت به في مداخلاتك السابقة...

    قائمة المصادر :
    -كتابات أعداء الإسلام للشربيني
    -المحصول للرازي
    -حجية السنة لعبد الغني ..
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  14. #29
    تاريخ التسجيل
    Mar 2006
    المشاركات
    1,636
    المذهب أو العقيدة
    مسلم

    افتراضي

    هل لك أن تعرف لي السنة مع بيان أقسامها ؟؟؟
    {بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْبَاطِلِ فَيَدْمَغُهُ فَإِذَا هُوَ زَاهِقٌ وَلَكُمُ الْوَيْلُ مِمَّا تَصِفُونَ}

    وكيف يعرف فرق ما بين حق الذمام وثواب الكفاية من لا يعرف طبقات الحق في مراتبه، ولا يفصل بين طبقات الباطل في منازله‏. [ الجاحظ ]

  15. #30
    تاريخ التسجيل
    Jul 2007
    المشاركات
    81
    المذهب أو العقيدة
    منكر للسنة

    افتراضي

    السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    اعتقد اننا يجب ان نتفق اولا حول الموضوع

    ونحدد المحاور

    السنة النبوية

    الاحاديث الموجودة في كتب البخاري ومسلم وغيره من الكتب

    وقبل ان نسترسل في الحوار

    علينا ان نحدد اولا

    هل هده الاحاديث الموجودة في كتب البخاري ومسلم هي وحي من عند الله وبالتالي هي السنة النبوية والمصدر التشريع الثاني للدين

    اريدك ان تجيب على هدا السؤال

    لانني اعتقد ان هناك سوء فهم مند البداية

    والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

    أَفَلَا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآَنَ وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلَافًا كَثِيرًا (82
    التعديل الأخير تم 07-06-2007 الساعة 06:38 PM

صفحة 2 من 7 الأولىالأولى 1234 ... الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الى كل منكر للسنة....!!!
    بواسطة نور الدين الدمشقي في المنتدى قسم السنة وعلومها
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 11-04-2011, 09:22 PM
  2. نظرة فى وصف أول منكر للسنة
    بواسطة ابن السنة في المنتدى قسم السنة وعلومها
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 08-10-2010, 07:11 PM
  3. الأحاديث الصحيحة والقران
    بواسطة قراني في المنتدى قسم السنة وعلومها
    مشاركات: 1
    آخر مشاركة: 01-19-2010, 08:34 PM
  4. صفة عيني المسيح الدجال ( حوار مع منكر للسنة)
    بواسطة samir1968 في المنتدى قسم السنة وعلومها
    مشاركات: 43
    آخر مشاركة: 03-03-2009, 01:31 PM
  5. شبهة من منكر للسنة
    بواسطة ماجد الحلاج في المنتدى قسم السنة وعلومها
    مشاركات: 23
    آخر مشاركة: 10-16-2008, 11:38 PM

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء