صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة
النتائج 1 إلى 15 من 27

الموضوع: اثبات وجود الخالق - (ابن الراوندى وناصر الشريعة)

  1. افتراضي اثبات وجود الخالق - (ابن الراوندى وناصر الشريعة)

    أهلا و سهلا

    أنا عضو جديد في هذا المنتدى

    و أود أن أخوض مناظرة مع أحد الأعضاء ، أقول واحد

    لا ألف

    و ذلك لكي لا يتشتت الموضوع و تغرقونه بالمداخلات الكثيرة فتضيع الفائدة

    أما الموضوع الذي سنتناقش فيه فهو يدور حول قدم العالم

    أنا لا أحب الثرثرة لذلك فسأسأل أسئلة معينة أرجو أن أجد عليها إجابات واضحة

    أما سبب اختياري لهذا الموضوع ، فهو لعلم الجميع أن إثبات وجود الخالق رهين إثبات حدوث العالم

    يعني إن أنا أثبت قدم العالم

    لم يعد العالم في حاجة إلى موجد ، و بالتالي بطل ما به تتعلقون

    أما سؤالي فهو :

    أنتم تقولون الله خلق العالم

    صح

    و العالم محدث

    و الله قديم

    فوجه تسائلي هو لا بد أن يخلق الله العالم بقدرة

    فهل هذه القدرة قديمة أم محدثة

    فأن قلتم قديمة أثبتم قدم العالم و كفيتم أنفسكم


    و إن قلتم أنها حادثة فكيف حدثت له : يعني هل كان عاجزا ثم حدثت له قدرة ؟؟؟؟؟

    أنتظر إجاباتكم

    و أذكر واحد فقط واحد فقط و الأفضل أن يكون من أهل الإختصاص لكي لا تضحكوا الناس عليكم

  2. #2

    افتراضي

    بسم الله الرحمن الرحيم

    بما أني أتوافق مع الزميل الملحد على كراهية الثرثرة وتضييع الفائدة والوقت أيضا ، وبما أنه جعل لجواب سؤاله نهاية يثبت بها وجود الله من عدمه في رأيه عنده ، فسوف يكون من المناسب أيضا أن :

    1- يغير العنوان إلى ما يعبر عن مضمون النقاش بعيدا عن الأسلوب الذي كتب به وهو ما تراجع عنه العضو كما وعد به فيما ذكر أعلاه ، وأقترح أن يكون العنوان : " مناقشة الاستدلال بحدوث العالم أو قدمه على وجود الخالق أو عدمه" ولم أتقصد السجع وإنما جاء هكذا عفو الخاطر.

    2- ينهى النقاش إن خرج إلى غير ما حدد له وفتح لأجله إلا أن يكون بتوافق الطرفين عليه ، أو صدر من الطرفين ما يعد خارجا عن أدب الحوار .

    كما أني سأكون حريصا على الرد في وقته قدر ما أستطيع إلا أن يشغلني عن ذلك شاغل لا مندوحة لي عنه ، وهذا تقدمة مني لعذري حتى يكون الزميل على بينة من ذلك .

  3. افتراضي

    أهلا و سهلا بك أيها العضو ناصر الشريعة
    أما بعد ، فشروطك أنت و الإدارة على العين و الرأس
    و لكن بخصوص هذا الشرط :
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    2- ينهى النقاش إن خرج إلى غير ما حدد له وفتح لأجله إلا أن يكون بتوافق الطرفين عليه ، أو صدر من الطرفين ما يعد خارجا عن أدب الحوار .
    فأنا كنت عازما على طرح مجموعة من الإلزامات
    أولها مسألة القدم و الحدوث
    فأنا طرحت الموضوع على أساس تحدي
    و لكن هذا شأنك و شأن الإدارة إن أردت المواصلة على بقية الإلزامات
    و لكن لن أنتقل من نقطة إلى أخرى إلا بعد إستيفائها
    و لنبدأ النقاش
    بداية سأسأل
    هل تلزمني بما طرحه العضو أحمد منصور
    إن كان كذلك فسأبدأ بالرد
    أم هل تريد البداية من جديد
    فتكون البداية من نصيبك
    و شكرا مرة أخرى على سعة صدر الإدارة و فتحها الموضوع
    و غيروا العنوان كما تريدون ، فقط أجيبوني

  4. #4

    افتراضي

    تأملت ما ذكره الزميل الملحد في سؤاله ، فوجدت فيه أمورا ضمنتها جوابي عليه ، وهذه هي مع الجواب على سؤاله:

    أما سبب اختياري لهذا الموضوع ، فهو لعلم الجميع أن إثبات وجود الخالق

    رهين إثبات حدوث العالم
    في هذه العبارة أمران :
    الأول : دعوى علم الجميع بتلك المقولة .
    الثاني : دعوى أن إثبات وجود الله رهين بإثبات حدوث العالم ، ومعنى الارتهان هنا هو التلازم عند الثبوت والتنافي ، فكما أن ثبوت حدوث العالم يثبت وجود الله ، فكذلك حسب هذه المقولة يكون نفي حدوث العالم نفيا لوجود الله .

    وكلا الأمرين خطأ محض ، يعرفه كل من له اختصاص ودراية بهذا الشأن ، فليس جميع من تكلم في هذه المسألة كان عنده أن وجود الخالق رهين بإثبات حدوث العالم ، إذ أنه قد اجتمع القول بقدم الخالق وقدم العالم عند بعض الفلاسفة كأرسطو والفارابي وابن سينا ونحوهم ممن يزعم قدم العالم وقدم صانعه بدعوى تلازم العلة والمعلول في القدم ، وهذا وإن كان خطأ بينا وضلالا بعيدا إلا أنه يبطل ما ادعاه الزميل الملحد من دعوى علم الجميع بمقولته التي قالها . وهذا يبطل أول سؤاله ويتبعه باقيه فيما يأتي .

    هذا فيما يتعلق بحكاية الإجماع أو ما يوهم الإجماع على العلم بمدعاه ، وأما المقولة نفسها فإنها باطلة من حيث دعوى الحصر التي تضمنتها ، فإن القول بقدم العالم مع أنه قول باطل إلا أنه لا يلزم منه نفي وجود الله ، وذلك أن قدم العالم إنما ينفي تفرد الصانع بصفة القدم لا وينفي الصانع نفسه ، فيحتاج نفي الصانع إلى أمر زائد على إثبات قدم العالم ، وهو ما لا يثبت بمجرد نفي حدوث العالم ، فبطل بهذا قول الزميل الملحد : "أن إثبات وجود الخالق رهين إثبات حدوث العالم" .

    كما أن المقولة تضمنت مغالطة أخرى وهي دعوى الحصر لأدلة وجود الله في دليل واحد هو حدوث العالم ، وهذه مخالفة لحقيقة ما لدى المؤمنين من أدلة أخرى غير هذا الدليل بغض النظر عن قبول الملحد أو رفضه لها كدليل الفطرة ، والدليل الغائي ، ودلالة المعجزات على وجود الله ، ونحوها من الأدلة التي لا تحتاج إلى إثبات حدوث العالم ليصح الاستدلال بها ، وهذا يكذب دعوى الارتهان والحصر في ما زعمه الزميل ، وإلا فهو مطالب بدليل الحصر المزعوم وهو ما ننتظره منه إن كان يملك دليلا عليه .

    يضاف إلى ما سبق أن عدم ثبوت حدوث العالم لا يلزم منه نفي وجود الله من جهة أخرى غير ما تقدم ، وهي أن عدم ثبوت الدليل لا يستلزم نفي المدلول كما هو معلوم عند أهل المعرفة والاختصاص ، فلو أن جاهلا زعم أن الأرض مسطحة غير كروية لأنه لم يجد دليلا على كروية الأرض مثلا فإنه بذلك لا يصحح قوله بأن الأرض مسطحة ، إذ عدم علمه بالدليل لا يستلزم عدم المدلول ، وبهذا تتضح المغالطة الثالثة في مقولة الزميل الملحد : "أن إثبات وجود الخالق رهين إثبات حدوث العالم" ، لأن عدم ثبوت حدوث العالم هو عدم لدليل معين لا لجنس الأدلة الدالة على وجود الله ، كما أنه في صورة أخرى من الاستدلال عدم لدليل على حدوث العالم ، ولا يلزم منه عدم المدلول وهو حدوث العالم نفسه ، فتكون هناك مرحلتان من النقض لتلك الدعوى :
    المرحلة الأولى وهي القريبة أن حدوث العالم دليل وعدم هذا الدليل لا يستلزم عدم المدلول وهو صانع العالم .

    والمرحلة الأطول هي أن دعوى عدم حدوث العالم هو ادعاء لعدم الدليل على الحدوث ، وعدم هذا الدليل لا يستلزم عدم حدوث العالم ، فلا يكون دليلا على عدم صانع العالم من باب أولى .

    وهذا الجواب وإن كان فيه طول اقتضاه بيان ما أسس عليه الزميل مناظرته وكونها قد تضمنت مغالطات عديدة إلا أن الزميل الملحد إن كان له اختصاص بهذا الأمر فلن يصعب عليه تقبل هذا الرد فضلا عن فهمه وإدراكه ، وعلى هذا فأقترح على الزميل الملحد أن يعيد صياغة عبارته القائلة : "أن إثبات وجود الخالق رهين إثبات حدوث العالم" لتكون خالية من المغالطات الثلاث التي سبق بيانها ، وأرجو أن يطالع الزميل الملحد ما ذهب إليه الفلاسفة القائلون بقدم الصانع وقدم العالم في نفس الوقت ، وهي قضية كلامية مشهورة كانت سجالا مستمرا في علم الفلسفة وعلم الكلام ، وكان للمسلمين فضل كبير في تخليص الفكر من الأصول الباطلة التي بني عليها القول بقدم العالم .


    يعني إن أنا أثبت قدم العالم

    لم يعد العالم في حاجة إلى موجد ، و بالتالي بطل ما به تتعلقون
    هذا مجرد تفسير من الزميل الملحد للمقولة السابق فينسحب عليه الرد السابق تماما ، ونؤكد على أن بطلان دليل واحد لا يستلزم بطلان كل دليل ، ومن أراد إنكار وجود الله تعالى فالأمر يحتاج منه إلى إنكار كل دليل يستدل به على وجود الله ، فلو بطل ألف دليل وصح دليل واحد لكان كافيا في إثبات المدلول ، فكيف والأدلة أكثر من أن تحصى وتحصر ؟!
    وبهذا يتبين الخلل في العبارة من حيث الحصر المخالف للواقع ، وهو ما ينبغي أن يتنزه عنه كل أحد لا سيما من كان متكلما فيما هو مختص به عارف به ، أما الجهال فلا شك أن الزميل الملحد يوافقني على أن لا حيلة للعاقل معهم .


    أما سؤالي فهو :

    أنتم تقولون الله خلق العالم

    صح

    و العالم محدث

    و الله قديم
    صحيح ، ونوافقك عليه وعلى كل حق تقوله ، فالحكمة كما علمنا الإسلام هي ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق الناس بها حرصا عليها .

    فوجه تسائلي هو لا بد أن يخلق الله العالم بقدرة
    نعم لا بد أن يخلق الله العالم بقدرة ، وهذا فيه إثبات صفة القدرة لله تعالى .

    فهل هذه القدرة قديمة أم محدثة

    فأن قلتم قديمة أثبتم قدم العالم و كفيتم أنفسكم


    و إن قلتم أنها حادثة فكيف حدثت له : يعني هل كان عاجزا ثم حدثت له قدرة ؟؟؟؟؟
    طبعا السؤال كان يمكن أن يكون أفضل من هذا ، إذ لو كان لدى الزميل الملحد معرفة جيدة بلوازم القول بقدم العالم أو حدوثه لما اختار الحديث عن القدرة ولاختار مسئلة مشهورة من المسائل الفلسفية المشهورة في هذا الباب ، ولو اختارها لكان الجواب حاضرا أيضا وحاسما في نفس الوقت، ولكن العجب يتملكني من اختيار الزميل الملحد لهذا الوجه الضعيف من السؤال ، ولكن لا عجب في الحقيقة عند التأمل ، وعلى كل حال فهذا جواب السؤال وهو مربط الفرس من النقاش وبؤرة الحوار التي طرحها العضو الملحد .

    إن القدرة صفة لله تعالى كما سبق ذكره مستخرجا من كلام الزميل الملحد نفسه أيضا ، واتصاف الله عز وجل بالقدرة اتصاف أزلي ، أي أن الله عز وجل لم يكن في وقت غير قادر ثم حدثت له هذه الصفة ، وإنما كان الله منذ الأزل موصوفا بالقدرة منزها عن العجز .

    وهنا نأتي عند مسألة مهمة وهي أن تعلق القدرة التامة بمقدورها لا يكون إلا عند وجود الإرادة الجازمة ، فإذا قدرنا عدم وجود معلول ما، فيكون السبب أحد أمرين : إما عدم القدرة أو ضعفها ، وإما عدم توجه الإرادة الجازمة لإيجاد ذلك المقدور .
    وعلى هذا فيكون نفي القدرة وإثبات العجز بمجرد عدم المقدور غير صحيح ، لاحتمال أن يكون السبب هو عدم توجه الإرادة الجازمة لإيجاد الفعل .

    ومعنى هذا أن الذات القادرة قدرة تامة قد لا يصدر عنها الفعل لا لعجزها عنه وإنما لعدم توجه إرادتها إليه ، فيكون نفي العجز في هذه الحالة باطلا ، وهو ما ينطبق على ما ذكره الزميل الملحد تماما .

    وهنا يتضح لنا أيضا أن قدم قدرة الله تعالى لا يستلزم قدم العالم ، لأن قدرة الله تعالى وإن كانت قديمة أي كان موصوفا بها منذ القدم إلا أن تعلق القدرة بخلق العالم لم يكن قديما وإنما كان حادثا ذلك أن الله يفعل ما يريد متى شاء وكيف شاء لكماله سبحانه وتعالى ، وعلى هذا يكون خلق العالم بقدرة قديمة في زمن متأخر عن الأزل مثبتا لحدوث العالم لا لقدمه كما ظن الزميل الملحد ، ومما يقرب هذا إلى العقل وهو قريب أصلا ، أن الإنسان القادر على الكتابة إذا ترك الكتابة زمنا ثم كتب ، لا يقال أنه كان عاجزا عن الكتابة ثم اكتسب القدرة عليها ، بل هو ممتلك القدرة على الكتابة في ذلك الوقت وقبله إلا أن إرادته لم تتوجه للكتابة إلا في ذلك الزمن المتراخي ، فلو زعم زاعم أنه كان قبل أن يكتب ما كتبه كان عاجزا عن الكتابة لكان ذلك جهلا وخرقا بينا من قائله ، ولا أظن الزميل الملحد يخالف في هذا ، فمن باب أولى أن لا يوصف الله عز وجل بالعجز قبل خلق العالم لما ذكرناه، فثبت أن الله عز وجل كان قادرا على خلق العالم وإنما شاء الله عز وجل إحداث العالم في وقت دون وقت ، فلا يصح بذلك نفي قدرته سبحانه تعالى ولا القول بقدم العالم ، وهو المطلوب إثباته.

    ولو قلنا إن الله خلق العالم بقدرة قديمة أو حادثة لما دل ذلك على قدم العالم ولا على إثبات العجز ولا على إنكار وجود الله تعالى :

    إذ لو قلنا أن الله خلق العالم بقدرة قديمة ، لم يلزم من ذلك قدم العالم ، لأن الخلق يعني الإيجاد من عدم ، وهذا يبطل قدم العالم ضرورة ، ولأن حدوث العالم لم يكن في الأزل ، وإنما تعلقت القدرة القديمة بخلق العالم عندما شاء الله ذلك في وقت دون وقت ، فلم يحصل المقدور عن القدرة التامة إلا بعد أن توجهت إلي إيجاده الإرادة الجازمة في وقت دون وقت ، وهذا ينفي حدوث العالم في الأزل ، فيكون نافيا لقدم العالم أيضا.

    ولو قلنا أن الله خلق العالم بقدرة حادثة ، فيكون المعنى أن تلك القدرة نوع من أنواع قدرة الله تعالى ، لا أنها هي جميع قدرة الله تعالى ، فلا يلزم من نفي البعض نفي الكل ، فلا يثبت العجز قبلها كما هو مدعى الزميل الملحد .وهذا الوجه الأخير على تقدير أن الله خلق العالم بقدرة حادثة وأن القدرة لها أنواع ، وإن كان الصحيح أن قدرة الله واحدة قديمة عامة شاملة يكون بها كل شيء ، وأن تعلقها بالحادثات يكون حيث أراد الله وشاء، متى شاء وكيف شاء .

    وخلاصة الأمر أن إيجاد العالم كان بقدرة وإرادة ، فأما القدرة فهي قدرة واحدة قديمة ، وأما الإرادة فهي مشيئة الله عز وجل التي اقتضت إحداث العالم في وقت دون وقت ، وتأخر المعلول مع وجود القدرة التامة جائز إذا لم تتوجه الإرادة لإيجاد المعلول ، وسبق توضيح ذلك بمثل الكاتب القادر على الكتابة رغم تأخر الكتابة لعدم توجه إرادته إليها .



    وفي نهاية هذا الجواب إن كان الزميل الملحد يرى القول بقدم العالم ، فسأكون شاكرا له إن تفضل بالجواب على ما سأطرحه عليه من أسئلة حول قدم العالم بعد أن يتفضل بالتعقيب على ردي .
    التعديل الأخير تم 07-28-2007 الساعة 04:03 AM

  5. افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    تأملت ما ذكره الزميل الملحد في سؤاله ، فوجدت فيه أمورا ضمنتها جوابي عليه ، وهذه هي مع الجواب على سؤاله:

    في هذه العبارة أمران :
    الأول : دعوى علم الجميع بتلك المقولة .
    الثاني : دعوى أن إثبات وجود الله رهين بإثبات حدوث العالم ، ومعنى الارتهان هنا هو التلازم عند الثبوت والتنافي ، فكما أن ثبوت حدوث العالم يثبت وجود الله ، فكذلك حسب هذه المقولة يكون نفي حدوث العالم نفيا لوجود الله .

    وكلا الأمرين خطأ محض ، يعرفه كل من له اختصاص ودراية بهذا الشأن ، فليس جميع من تكلم في هذه المسألة كان عنده أن وجود الخالق رهين بإثبات حدوث العالم ، إذ أنه قد اجتمع القول بقدم الخالق وقدم العالم عند بعض الفلاسفة كأرسطو والفارابي وابن سينا ونحوهم ممن يزعم قدم العالم وقدم صانعه بدعوى تلازم العلة والمعلول في القدم ، وهذا وإن كان خطأ بينا وضلالا بعيدا إلا أنه يبطل ما ادعاه الزميل الملحد من دعوى علم الجميع بمقولته التي قالها . وهذا يبطل أول سؤاله ويتبعه باقيه فيما يأتي .

    هذا فيما يتعلق بحكاية الإجماع أو ما يوهم الإجماع على العلم بمدعاه ، وأما المقولة نفسها فإنها باطلة من حيث دعوى الحصر التي تضمنتها ، فإن القول بقدم العالم مع أنه قول باطل إلا أنه لا يلزم منه نفي وجود الله ، وذلك أن قدم العالم إنما ينفي تفرد الصانع بصفة القدم لا وينفي الصانع نفسه ، فيحتاج نفي الصانع إلى أمر زائد على إثبات قدم العالم ، وهو ما لا يثبت بمجرد نفي حدوث العالم ، فبطل بهذا قول الزميل الملحد : "أن إثبات وجود الخالق رهين إثبات حدوث العالم" .
    بداية مشكور الزميل ناصر الشريعة على هذه المداخلة الجميلة
    و كل الذي أستطيع قوله أن ما قاله الزميل صحيح
    بل صحيح مئة بالمئة
    فقط ، هناك ملا حظة صغيرة : كلامك يا ناصر الشريعة صحيح لو أن الذي فهته من كلامي هو المقصود
    فأنا ذكرت منذ البداية ، النقطة الفاصلة بين ما أقصده و بين ما أنت بصدد الحديث عنه
    سألني الزميل أحمد منصور عن تعريف القديم ، فكان جوابي ما يلي :

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن الراوندي مشاهدة المشاركة
    أما التعريف
    فالقدم الذي أتحدث عنه هو نفس القدم الذي تثبتونه لله
    يعني الأول الذي لا أول له ، بعبارة أخرى لم يسبقه عدم
    و هنا أتسائل عن جدوى الكلام الذي تتحدث عنه لو أخذت تعريفي بعين الإعتبار
    بل لو تأملت لرأيت أنك تجيب عن قول الفلاسفة
    و كلامهم في واد و ما أقصده في واد
    فالفلاسفة كما ذكرت لم يكونوا يريدوا نفي الصانع
    فهم تحدثوا عن قدم الكون بتعلة تلازم العلة مع المعلول ، فهم قالوا أن مادة العالم قديمة و أسموها بالهيولي
    و قالوا عن الله أنه المحرك الأول ، ولم يكونوا يقصدوا قيام الكون بذاته
    كذلك تحدثوا عن الإخراج بالقوة ، و القدم النوعي و غيره .....
    لكنهم لم يكونوا يقصدون نفي الصانع
    الخلاصة أخي العزيز
    ضع في حسبانك تعريفي ، و أحكم هل يستقيم ما قلته أم لا
    لا تتسرع ، فهنا يصح لفظ الإرتهان و يصح لفظ الجميع

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    كما أن المقولة تضمنت مغالطة أخرى وهي دعوى الحصر لأدلة وجود الله في دليل واحد هو حدوث العالم ، وهذه مخالفة لحقيقة ما لدى المؤمنين من أدلة أخرى غير هذا الدليل بغض النظر عن قبول الملحد أو رفضه لها كدليل الفطرة ، والدليل الغائي ، ودلالة المعجزات على وجود الله ، ونحوها من الأدلة التي لا تحتاج إلى إثبات حدوث العالم ليصح الاستدلال بها ، وهذا يكذب دعوى الارتهان والحصر في ما زعمه الزميل ، وإلا فهو مطالب بدليل الحصر المزعوم وهو ما ننتظره منه إن كان يملك دليلا عليه .
    نحن نتحدث هنا عن الأدلة المادية ، أما المعجزة و الفطرة فلا شأن لي بها
    أما دليل الحصر ، فصحيح
    لأن كل الأدلة المادية التي تحاولون إقناع الناس بها تدور في فلك دليل الحدوث
    فأنتم دائما تحاولون إلزام العامي بقولكم من خلق الكون
    إذا ثبت أن الكون يقوم بذاته و قديم لم يعد في حاجة لخالق

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    يضاف إلى ما سبق أن عدم ثبوت حدوث العالم لا يلزم منه نفي وجود الله من جهة أخرى غير ما تقدم ، وهي أن عدم ثبوت الدليل لا يستلزم نفي المدلول كما هو معلوم عند أهل المعرفة والاختصاص ، فلو أن جاهلا زعم أن الأرض مسطحة غير كروية لأنه لم يجد دليلا على كروية الأرض مثلا فإنه بذلك لا يصحح قوله بأن الأرض مسطحة ، إذ عدم علمه بالدليل لا يستلزم عدم المدلول ، وبهذا تتضح المغالطة الثالثة في مقولة الزميل الملحد : "أن إثبات وجود الخالق رهين إثبات حدوث العالم" ، لأن عدم ثبوت حدوث العالم هو عدم لدليل معين لا لجنس الأدلة الدالة على وجود الله ، كما أنه في صورة أخرى من الاستدلال عدم لدليل على حدوث العالم ، ولا يلزم منه عدم المدلول وهو حدوث العالم نفسه ، فتكون هناك مرحلتان من النقض لتلك الدعوى :
    المرحلة الأولى وهي القريبة أن حدوث العالم دليل وعدم هذا الدليل لا يستلزم عدم المدلول وهو صانع العالم .

    والمرحلة الأطول هي أن دعوى عدم حدوث العالم هو ادعاء لعدم الدليل على الحدوث ، وعدم هذا الدليل لا يستلزم عدم حدوث العالم ، فلا يكون دليلا على عدم صانع العالم من باب أولى .

    وهذا الجواب وإن كان فيه طول اقتضاه بيان ما أسس عليه الزميل مناظرته وكونها قد تضمنت مغالطات عديدة إلا أن الزميل الملحد إن كان له اختصاص بهذا الأمر فلن يصعب عليه تقبل هذا الرد فضلا عن فهمه وإدراكه ، وعلى هذا فأقترح على الزميل الملحد أن يعيد صياغة عبارته القائلة : "أن إثبات وجود الخالق رهين إثبات حدوث العالم" لتكون خالية من المغالطات الثلاث التي سبق بيانها ، وأرجو أن يطالع الزميل الملحد ما ذهب إليه الفلاسفة القائلون بقدم الصانع وقدم العالم في نفس الوقت ، وهي قضية كلامية مشهورة كانت سجالا مستمرا في علم الفلسفة وعلم الكلام ، وكان للمسلمين فضل كبير في تخليص الفكر من الأصول الباطلة التي بني عليها القول بقدم العالم .
    في كلامك مغالطات
    الله و قضية وجوده ليت بديهية ، فأنتم مطالبون بالدليل لا نحن
    و بالتالي الكلام الصواب أن تقول الله غير موجود حتى يثبت العكس
    و بقية كلامك تمنطق لا معنى له ، إذا وضعت في اعتبارك القدم الذي أتحدث عنه

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    هذا مجرد تفسير من الزميل الملحد للمقولة السابق فينسحب عليه الرد السابق تماما ، ونؤكد على أن بطلان دليل واحد لا يستلزم بطلان كل دليل ، ومن أراد إنكار وجود الله تعالى فالأمر يحتاج منه إلى إنكار كل دليل يستدل به على وجود الله ، فلو بطل ألف دليل وصح دليل واحد لكان كافيا في إثبات المدلول ، فكيف والأدلة أكثر من أن تحصى وتحصر ؟!
    وبهذا يتبين الخلل في العبارة من حيث الحصر المخالف للواقع ، وهو ما ينبغي أن يتنزه عنه كل أحد لا سيما من كان متكلما فيما هو مختص به عارف به ، أما الجهال فلا شك أن الزميل الملحد يوافقني على أن لا حيلة للعاقل معهم .
    أعيد الله غير موجود حتى يثبت العكس
    الخلاصة : أنك تطول كثيرا و تردد كلام الكتب و الغاية جعل الخصم يمل
    و لكني إجيبك بجواب واحد فقط
    لو أنك أخذت بالإعتبار تعريفي هل يصح كلامي أم لا ؟؟؟؟؟

    أما قضية القدرة و قدمها و حدوثها
    لم لا تلخص
    و لكني أجيبك بسؤال واحد فقط على هذه القضية
    و أريد منك جواب واضح
    أنت قلت :
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    وخلاصة الأمر أن إيجاد العالم كان بقدرة وإرادة ، فأما القدرة فهي قدرة واحدة قديمة ، وأما الإرادة فهي مشيئة الله عز وجل التي اقتضت إحداث العالم في وقت دون وقت ، وتأخر المعلول مع وجود القدرة التامة جائز إذا لم تتوجه الإرادة لإيجاد المعلول ، وسبق توضيح ذلك بمثل الكاتب القادر على الكتابة رغم تأخر الكتابة لعدم توجه إرادته إليها .
    و سؤالي هو : هل إرادة الله الجازمة
    و التي اقتضت حدوث العالم في وقت دون وقت
    هل هي إرادة قديمة أم حادثة ؟؟؟؟
    فإن كانت قديمة ثبت قدم متعلقها و هو العالم
    وإن كانت حادثة
    كيف يكون الله محلا للحوادث ؟؟؟؟
    أما أن تقول الله يفعل ما يشاء وقت ما يشاء فأجب به المسلمين لا الملحدين
    و في الأخير قياسك قدرة العبد على قدرة الرب خطأ
    لأن قضية تأخر الفعل حتى وقوع الإرادة الجازمة في العبد معقولة
    لأن قدرة العبد كإرادته حادثة
    أما الله فلا
    فقد افترضتم قدم قدرته
    فلم تفترضون حدوث إرادته في وقت دون وقت

  6. #6

    افتراضي

    بداية مشكور الزميل ناصر الشريعة على هذه المداخلة الجميلة
    أشكرك أيضا على ملاحظتك جمال المداخلة ، ولكن أجمل من ذلك أن يتبع شكرك نقد علمي يستفاد منه ، وهو ما أسفت على عدم وروده في تعقيبك ، وسوف أبين حقيقة ذلك في تضاعيف ما يأتي من الرد .

    وقد اطلعت على ردك فوجدتك قد ذهبت تدافع عن مقولتك التي بينتُ ما فيها من المغالطات عوضا عن تراجعك عنها ، زاعما أن مرادك منها غير الذي فهمته عنك ، وبنيتَ ذلك على تعريفك القديم بأنه غير المسبوق بالعدم وهو أمر ما كنت أفهم خلافه حتى يخفى علي من قولك ، وقلت أن الفلاسفة الذين ذكرت قولهم لا ينكرون الصانع بينما تنكره أنت وهو فرق لا يحتاج منك إلى أن تتعب نفسك في تسويده فما زعم أحد غير ذلك ، ثم عدت ثانية لتقول :
    فهنا يصح لفظ الإرتهان و يصح لفظ الجميع
    ! هكذا دعوى يبرء منها كل برهان، ويرفضها كل عارف بمقالات المتكلمين والفلاسفة في أمر العالم وقدمه وحدوثه.
    فأول حديثي كان في نفي التلازم الذي زعمته معلوما للجميع بين قدم العالم ووجود الله ، فبينت لك عدم هذا التلازم الذي ادعيته وحكيت لك قول من ذهب من الفلاسفة إلى القول بقدم الله وقدم العالم كأرسطو والفارابي وابن سينا وغيرهم ونحن رغم إبطالنا هذا القول إلا أننا لا بد أن نكون منصفين صادقين حين نخبر عن أمر أو نحكم عليه .

    والقدم عند هؤلاء الفلاسفة هو كالقدم عندك ما لا يسبقه العدم ، فانظر كيف أن نقطتك الفاصلة المزعومة غير فاصلة ، بل واصلة بين مفهومك ومفهومهم للقدم ورغم ذلك كانوا خارجين عن ما زعمته من العلم بمدعاك الذي حكيت علم الجميع به دون تدقيق ولا تحقيق ، وهذا ما لا يسوغ في نقاش اشترطت له ما اشترطت من الاختصاص ثم لم توف به .

    فهؤلاء جملة من الفلاسفة منهم معلمهم الأول والثاني أرسطو والفارابي وغيرهما على خلاف قولك ، فصرت مطالبا الآن أن تصحح دعواك علم الجميع ليكون علم بعضٍ ، ويكون في ذلك علم غيرهم بنقيض دعواك ، فلا تنتفع من عبارتك بشيء إلا توهين قولك على كل حال ، وبهذا يتبين ردي على قولك : "و هنا أتسائل عن جدوى الكلام الذي تتحدث عنه لو أخذت تعريفي بعين الإعتبار"

    وكما ترى فأنا أحتج عليك بنقض هؤلاء الفلاسفة لزعمك التلازم في النفي بين قدم العالم ووجود الله مع أن القدم عندهم كالقدم عندك ، فيكون من الخطأ البين والفهم غير السليم تعقيبك علي بقولك :"بل لو تأملت لرأيت أنك تجيب عن قول الفلاسفة "! فأنا ما أجبت عن قولهم وإنما استدللت به على نقض حكاية علم الجميع بدعواك ، لأبين عدم صدق مقولتك من حيث التعميم الخاطئ ، وقد تبين هذا بحمد الله تعالى ، ولا أظن موقفا سيكون أشرف لك من الاعتراف بالخطأ فإنها فضيلة ، ولكن أين أهلها ؟

    وإذا كنت قد عرفت القديم بأنه غير المسبوق بالعدم فكذلك هو تعريفه مع من ذكرتهم لك من الفلاسفة ، وأما الفرق الثاني الذي أوردته من أنهم لا ينكرون الصانع بينما تنكره أنت ، فهذا الفرق لا يصحح دعواك علم الجميع بالتنافي بين قدم العالم ووجود الله، بل يؤكد أنهم لا يرون هذا التنافي الذي تدعيه ويكذب التعميم الذي توسعت فيه توسعا لا حظ له من الصدق عند التحقيق. ثم أنه ليس كل من أنكر وجود الله أنكره لأجل إثباته قدم العالم ، فهناك ممن ينكر وجود الله من يقول بحدوث العالم ويرجع حدوثه إلى الصدفة ، ولا يقبل القول بقدم العالم لما يلزمه من لوازم كثيرة باطلة يستحيل التخلص منها .

    فرجع القول إلى أن قدم العالم لا ينفي وجود الله عند كل أحد كما تدعي ، بل هناك من زعم قدم العالم مع إثبات وجود الصانع ، وهذا وهن لدعواك وضعف بين فيها .

    وفي هذا رد على قولك :
    "الخلاصة أخي العزيز
    ضع في حسبانك تعريفي ، و أحكم هل يستقيم ما قلته أم لا
    لا تتسرع ، فهنا يصح لفظ الإرتهان و يصح لفظ الجميع"

    فأنى يصح قولك بعد أن طبقنا من قبل وبعد تعريفك القديم وملاحظة الفرق بين الإثبات والنفي للصانع عندك وعند أولئك الفلاسفة؟!إلا إن شئت أن تبالغ في المكابرة على نحو قول أحدهم : عنز ولو طارت!

    فأما إن أردت أن تترك المكابرة إلى ما هو حري بكل مريد للحق فخذ مقالتي وانقدها نقدا على وزانها ، فتضع أمام كل حجة نقدا يوازيها ، وعند كل دعوى منك برهانا يصححها ، ولا ترد على مفصل بمجمل ، ولا تعرض عن شيء من الحجة ذكرته إلى غيرها ، فهذا الإعراض من الأمراض التي تضيع فائدة النقاشات وتلغي الهدف منها ، ولا يصح إن أردت أن تفيد وتستفيد أن تسلكه وتتخذه أسلوبا في الحوار ، وبئس الأسلوب لا سيما إن غَرِيتَ به .



    وبما أنك مصر على مقولتك رغم ما فيها من أغلاط بينة ، فلا بد حينئذ أن تورد برهان تلك الدعوى التي ادعيتها وحاميت عنها، فتثبت التلازم بين قدم العالم ووجود الله في النفي والإثبات ، ولا شك أن مطالبتك بالبرهنة على ما أسست عليه كلامك من صميم النقاش وهو من النقاط الفاصلة حقا ، وإلا فإن دليلك يكون قاصرا عن الإفادة لمدعاك .

    ولنجعل لهذا السؤال رقما حتى تعرف ما أطالبك به ولا يكون خافيا عليك :

    س1 : ما البرهان على التلازم بين قدم العالم ووجود الله نفيا وإثباتا بحيث يكون إثبات قدم العالم مستلزما لنفي وجود الله؟ مع ردك على ما ذكرته سابقا من أن :
    " القول بقدم العالم مع أنه قول باطل إلا أنه لا يلزم منه نفي وجود الله ، وذلك أن قدم العالم إنما ينفي تفرد الصانع بصفة القدم لا وينفي الصانع نفسه ، فيحتاج نفي الصانع إلى أمر زائد على إثبات قدم العالم ، وهو ما لا يثبت بمجرد نفي حدوث العالم " ؟

    ورغم أني قد بينت لك أن طريق إثبات وجود الله لا ينحصر بإثبات حدوث العالم كما تدعيه أنت ، وعددت لك نماذج من تلك الأدلة وفي سائر المنتدى كثير منها على أرقى ما يكون الاستدلال وأنصعه ، إلا أنك قابلت ذلك بزعمك أنها ليست أدلة مادية! وإن الأدلة المادية عندنا تنحصر في إثبات حدوث العالم !وهذا قول ينقض بعضه بعضا ، ويأتي بعضه على بنيان بعض ، فكونها أدلة كاف في الاستدلال بها سواءا كانت مادية أو غير ذلك ، وزعمك أنها ليست مادية لا يخرجها عن جنس الأدلة التي يستدل بها ، هذا على تقدير أنها ليست مادية ، فكيف إذا كانت مادية ، كمعجزات الأنبياء الحسية عند من شاهدها أو تواتر عنده خبرها ، والتواتر حجة قد ترفضها أنت ولكن يقبلها كثير من العقلاء شئت أم أبيت .
    ثم أنك أغفلت الأدلة العقلية على وجود الله ومنها الدليل الغائي ودليل العناية ، والإعجاز القرآني ، والإعجاز في السنة النبوية ، وأغفلت الأدلة الحسية التي تثبت استجابة الله لدعاء من دعاه ، ودليل الفطرة في نفس كل إنسان على وجود الله بحيث لا يمكنه أن يقطع عنه هذه الفطرة مهما سترها بكفره وغطاها بجحده للحق .
    كلها أدلة لا تتوقف على إثبات حدوث العالم ، وتدل على وجود الله عز وجل .

    هذا مع العلم أن الاستدلال على وجود الله بحدوث العالم أو الإنسان طريق عقلي صحيح مع تجنب بدع المتكلمين وضلالات الفلاسفة ، وهو برهان قرآني سمعي عقلي لا يجحده إلا مكابر ، ومن قال بقدم العالم فقد ورط نفسه وأوقعها في حيرة وتيه ، ويكفي لبيان هذه الحيرة أن يكلف بالدفاع عن هذا القول ولا يمكنه ذلك إلا بالتزام لوازم باطلة تزيده إحراجا وتلقيه في موضع الازدراء عند كل عاقل.

    وأدلة وجود الله منها ما هو واضح لكل أحد بمجرد سماعه وتصوره ، ومنها ما يحتاج إلى دقة فهم وسعة معرفة ، ولهذا لا يصح قولك أننا "(دائما) نحاول إلزام (العامي)بقولكم من خلق الكون" فلا اختصاص للعامي بهذا الدليل دون العالم ، ولا هو ديدن أحد مع العوام ، وثبوت وجود الله تعالى بين لأكثر الناس ولا يجحده إلا قلة من الناس ، وهؤلاء الذين يحتاج إلى سوق الأدلة لهدايتهم إلى الحق ، وأما العوام فما يرونه من قدرة الله ورحمته في هذا الكون كاف لديهم على وجود الله تعالى ، مع ما يقرأونه من آيات الله في كتابه العظيم وفي كونه الفسيح .

    إذا تبين هذا ، عُلم أن معرفتك بأدلة وجود الله يعوزها الإطلاع والإنصاف ، وصرت مطالبا إن أردت أن تصحح دعوى الإلحاد أن تناقش كل دليل من الأدلة على وجود الله أعجبك أو لم يعجبك ، هذا إن أردت البحث حقا ، أما مجرد التكذيب والجحد فهذا أمر يتنافس فيه الجهال فيغلبون به من هم أعلم الناس وأعقلهم ، وبئس الفوز ما تفرد به أهل الجهالة!

    وأما قولك :
    "إذا ثبت أن الكون يقوم بذاته و قديم لم يعد في حاجة لخالق" فأما إثبات أن الكون يقوم بذاته فهذا لا يكفي لإثباته أن يكون العالم قديما ، لأن القديم ما لم يسبق بالعدم ، وهذا الحد لا ينفي بمجرده تعدد القدماء وهو قول على بطلانه قد قال به طائفة من الفلاسفة وبعضهم أوصلها إلى خمس قدماء ومنهم من جعلهم اثنين وهكذا .فجمعك القدم مع ثبوت قيام الكون بذاته جمع بين مختلفين ، فلا يلزم من إثبات القدم إثبات قيام الكون بنفسه ، لأن هناك من يخالفك ويزعم أن العالم وإن كان قديما إلا أنه لا يقوم بذاته ، لأنه عندهم معلول لعلة قديمة ، مقارن لها منذ الأزل ، وهو قول رغم بطلانه إلا أنه يبين ما يرد عليك من الاعتراضات ، وهذا يعني أنك مطالب بجواب ثلاثة أسئلة :

    س2: مالبرهان على أن الكون يقوم بذاته ؟
    س3: مالبرهان على التلازم بين قدم العالم وقيامه بذاته ؟
    س4: مالبرهان على أن كل قديم فإن قدمه يكون من نفسه لا من غيره؟

    وأرجو أن تتحفنا بذكر البراهين التي تستند إليها عبارتك القائلة :"إذا ثبت أن الكون يقوم بذاته و قديم لم يعد في حاجة لخالق" إن كان لها برهان حسب ما هو موضح في الأسئلة الثلاثة أعلاه؟


    نأتي الآن إلى ردك على ما ذكرته من أن عدم الدليل لا يستلزم عدم المدلول ، حيث أني سقته في معرض بيان أن عدم ثبوت حدوث العالم لا ينفي بقية الأدلة الدالة على وجود الله ، كما لا ينفي بمجرده وجود الله عز وجل ، وهو أمر واضح ، إلا أن الزميل الملحد اقتبسه ليرد بقوله : "في كلامك مغالطات" فما هي المغالطة في كلامي فضلا عن أن تكون مغالطات؟!

    فما كان إلا أن قال ضمن كلام له : "الله و قضية وجوده ليت بديهية ، فأنتم مطالبون بالدليل لا نحن"
    فأما بدهية وجود الله فهو أمر لم أتحدث عنه لا في ما اقتبسته ولا فيما لم تقتبسه مع أني لا أرى ما ينفي ذلك .
    وأما أننا مطالبون بالدليل فنعم ، ولكن أنتم مطالبون بالرد على آلاف الأدلة دليلا دليلا فهل تجد في نفسك القدرة والاستعداد على ذلك ؟
    وعندها تفهم أن عدم دليل واحد لا يسلتزم منه عدم وجود الله ، فلأجل إثبات وجود الله تعالى يكفي دليل واحد وإن لم تقتنع بألف دليل .
    ولكن الزميل الملحد زاد في نغمة طنبوره فقال : "و بالتالي الكلام الصواب أن تقول الله غير موجود حتى يثبت العكس
    "

    عجبا..أيكون الكلام الصواب!! هو كما تزعم أن الله غير موجود حتى يثبت العكس ! فما هذا إلا كلام من ألغى عن عقله الفكر في أدلة وجود الله تعالى حتى خلي عنها وصار عقله شيئا غير العقل يحمل فوق الكتفين عبئا وثقلا دون نفع ، أما من فطره الله على توحيده ولم تعم بصيرته عن رؤية آيات الله في الكون وأعمل عقله وفكره في عظيم ما يرى ويسمع فيقول : كل ما سوى الله فان معدوم حتى يتفضل الله عليه بالوجود .
    وفي كل شيء له آية .. تدل على أنه الواحد

    بل إن الله هو الدليل على الوجود ، فلولا الله لما وجد شيء ولا كان لأحد أن يستدل على شيء.

    هذا مع أن حديثنا كان في أمر غير ما رددت به علي ، فقاعدة أن عدم الدليل لا يستلزم عدم المدلول لا تعني استلزام وجود المدلول من باب أولى ، فاعتراضك لا محل له ولا مدخل في هذه المسألة ، وكان الأولى بك أن تبرهن على زعمك أن عدم الدليل على حدوث العالم يستلزم عدم وجود الله ، وهو ما قد أشبعنا القول في إبطاله ، فأين منك البرهنة على دعواك ، وما أرخص الدعاوى ، وإلا فهات جواب هذا السؤال :

    س5: ما هو البرهان على أن عدم الدليل على حدوث العالم يستلزم عدم وجود الله ؟


    وأما قولك : "و بقية كلامك تمنطق لا معنى له ، إذا وضعت في اعتبارك القدم الذي أتحدث عنه"
    فاقتبس لي من كلامي الذي تشير إليه ما سميته تمنطقا! لا معنى له ! على اعتبارك المذكور ، وأنا كفيل بأن أبين لك أنه كلام منطقي له معنى نفيس ، ودع التعلق بتعريف القديم فقد اخلولق عذرك وبلي دون أن يكون فيه زيادة علم ولا فائدة.فقد سقنا الكلام كله من أوله إلى آخره على معنى أن القديم ما لم يسبقه عدم ، فكان ماذا ؟!


    قولك : "الخلاصة : أنك تطول كثيرا و تردد كلام الكتب و الغاية جعل الخصم يمل
    و لكني إجيبك بجواب واحد فقط
    لو أنك أخذت بالإعتبار تعريفي هل يصح كلامي أم لا ؟؟؟؟؟"
    لا يصح كلامك .
    وما اضطرني لأن أطيل إن أطلت إلا بغية إفهامك وإفادة القارئ
    .
    ولم أسق في كلامي نقلا واحدا عن كتاب حتى يكون تطويلي ترديدا للكتب ، ولو شئت ذلك لكان فيه توثيقا لقولي وتأكيدا له إن لم يكن لك فلغيرك وهذا مما لا يعاب به بل يمدح.

    وما كان قصدي أن أصيبك بالملل لأنك إن مللت فملل القارئ سيكون أشد وهذا ما لا يحسن أن يوقع المرء فيه من يحاوره أو يقرأ له ، لكن لعل مللك هو لشيء غير ما زعمته من تطويل لا حقيقة له .ولو كان في ردي السابق طولا كحال ردي هذا لما كان يعيب الحق والصواب أن يتسع مجاله ويطنب صاحبه في القول ، فإن لصاحب الحق مقالا، ودونك ردي بطوله استخرج منه باطلا أو خطأ وإني على استعداد لأن أرجع عنه ، فهذه فضيلة لا يتأخر عنها إلا من سفه نفسه.

    على أني كنت آمل وقد رأيتك تشترط في هذا الحوار تلك الشروط أن تكون قارئا نهما دقيقا ناقدا ، فإذا بتعقيباتك أسطرا معدودة ليس فيها دليل يناقش ولو حذفت منها الدعاوى التي تدعيها لما بقي لك إلا وصفك لكلامي بأنه لا معنى له وتمنطق ، وأن في كلامي مغالطات دون أن تناقشها وتنقدها ! ثم يبقى من قولك تكرار ممل لتعريف معروف قد اخلولق وبلي وتهتكت خيوطه وامحت ألوانه، وأشياء أخرى ليست ذات شأن .

    كان ينبغي أن أعرف أن صدرك يضيق بالمناقشة الموسعة، وبصرك يكل من قراءة الردود المفصلة ، وأنها بدل أن تبعثك على النقد والفكر تصيبك بالملل وتضجرك جدا !! فهل كان من المناسب وأنت في هذه الحال أن تأتي بجلبة لتتحدى وتناظر ثم بعد رد واحد إذا بك قد ذهبت نفسك وتهالكت قواها وصرت تشتكي مللا وتستنكر عدم كتابة ملخصات تغنيك عن القراءة الموعبة المطولة؟!

    ومن أعجب ما قرأت في ردك قولك : "أما قضية القدرة و قدمها و حدوثها
    لم لا تلخص"

    ثم تنقل بعدها بأسطر قليلة جدا اقتباسا من كلامي الذي أوله : " وخلاصة الأمر أن إيجاد العالم كان بقدرة وإرادة ، فأما القدرة فهي قدرة واحدة قديمة"

    فياللعجب!كيف تسألني لم لا ألخص قضية القدرة ، ثم تنقل عني تلخيصي لها والسؤال وتلخيصي أمام بصرك يفقأن العينين!


    ==

    ونأتي الآن إلى السؤال الذي طرحه الملحد بعد أن أجبناه بقولنا : " وخلاصة الأمر أن إيجاد العالم كان بقدرة وإرادة ، فأما القدرة فهي قدرة واحدة قديمة ، وأما الإرادة فهي مشيئة الله عز وجل التي اقتضت إحداث العالم في وقت دون وقت ، وتأخر المعلول مع وجود القدرة التامة جائز إذا لم تتوجه الإرادة لإيجاد المعلول ، وسبق توضيح ذلك بمثل الكاتب القادر على الكتابة رغم تأخر الكتابة لعدم توجه إرادته إليها ."

    فكان رده هو أنه سيجيب علي بسؤال ، ثم ذكره كما سيأتي.

    وهذا السؤال هو في الحقيقة تعديل من الزميل الملحد لحجته ومحاولة لرقع خرقها ، فإنه كان ينبغي عليه من البداية أن يجعل سؤاله عن الإرادة وليس عن القدرة ، فأمر القدرة من الصعب له أن يتعلق به ، فما أن بينت الرد عليه حتى تخلى عنه الملحد فورا ، وانتقل إلى موضوع الإرادة ، وبهذا يتبين أن الإلحاد لا يستطيع أن يقف موقف الدفاع عن شيء أبدا ، فلا يملك الملحد إلا أن يسأل ويهاجم ، ولو وجه له سؤال صغير أو هجوم يسير لضاق به أمر الدفاع عن نفسه وسدت عليه المنافذ وأصبح كالذي يتنفس من ثقب الإبرة ، بينما المسلم يرحب بكل سؤال ويفتح مصراعي النقاش لكل محاور ، ولا يجد غضاضة في أن يكون هو المجيب وغيره السائل ، ولا أن يدافع عن إسلامه ، فصاحب الحق لا يشقى بالحق الذي معه إذا شقي صاحب الباطل بباطله .

    لقد غير الملحد سؤاله ، أو اكتشف أن سؤاله قاصر ناقص ضعيف الأركان لا بد أن يدعم بسؤال آخر وإلا سقط به ، فقال :
    "و سؤالي هو : هل إرادة الله الجازمة
    و التي اقتضت حدوث العالم في وقت دون وقت
    هل هي إرادة قديمة أم حادثة ؟؟؟؟"

    ثم قسم الجواب ورده عليه فقال :
    "فإن كانت قديمة ثبت قدم متعلقها و هو العالم
    وإن كانت حادثة
    كيف يكون الله محلا للحوادث ؟؟؟؟"

    ولم ينس أن يقول لي محذرا متحكما في الجواب :
    "أما أن تقول الله يفعل ما يشاء وقت ما يشاء فأجب به المسلمين لا الملحدين"
    وسيكون ردي للعقلاء مفصلا ثم سأتبعه بالتلخيص تحقيقا لرغبة الزميل الملحد في قراءة الملخصات.

    فقول الزميل الملحد :
    "فإن كانت قديمة ثبت قدم متعلقها و هو العالم" قد نوزع فيه ، فإن هناك من الفلاسفة والمتكلمين من قال بعدم لزوم مقارنة المراد للإرادة ، وجوزوا تأخر المراد عنها ، ولم يقولوا بلزوم وقوع الفعل عند توفر الإرادة الجازمة والقدرة التامة ، وهو خلاف الصواب ، ولكن المقصود ذكر النزاع في هذه المقولة ، فيصير الزميل الملحد مطالبا بالبرهان على دعواه ثبوت قدم العالم إن كان مرادا بإرادة قديمة.
    ثم أن هذا لو ثبت ، فإنما يكون دعوى أخرى يدعيها الزميل الملحد وهو أن العالم معلول قديم لإرادة قديمة لا أنه قائم بنفسه مستغنى عن علته ، وهو نقيض ما يريد الملحد الوصول إليه .ويكون نهاية أمره أن العالم معلول مقارن لعلته ، وهذا باطل ، وإلا فأين البرهان على صحة مقارنة المعلول لعلته عقلا؟ وهناك أسئلة كثيرة نوجد أن نطرحها على الزميل الملحد إذا أراد أن يستمر في التزام الاحتجاج لقدم العالم وعدم حدوثه ، فإن كان مستعدا لمناقشتها فسوف أطرحها عليه ، وأنا أنتظر رده على هذا العرض كما هو المفترض في الحوارات المتبادلة بين طرفين.

    وقول الملحد : "وإن كانت حادثة
    كيف يكون الله محلا للحوادث "

    ومعلوم أن لفظ الحوادث قد يطلق على المخلوقات البائنة المنفصلة عن الله عز وجل وهذه ينزه الله عن أن تحل به ، ويطلق أيضا على أفعال الله وصفاته الاختيارية ، وهي كمالات يتصف الله بها وليس في ذلك ما يستلزم نفي قيامها بالله عز وجل ، فالله فعال لما يشاء فيحيي ويميت ، ويعز ويذل ، ويرحم ويغفر ، ويرضى ويغضب ، وهي صفات وأفعال تقوم بذات الله تعالى ولا يلزم منها نقص بل هي من الكمال الواجب لله تعالى ، ومن ذلك أن يريد إيجاد شيء ثم يريد إعدامه ، فليس في ذلك ما ينكر ولا يترتب عليه نقص ولا محذور .

    وعلى هذا فإن القول بأن الله أوجد العالم بإرادة حادثة لا يستلزم قيام شيء من المخلوقات في ذات الله تعالى ، وإنما هي أفعال الله وتنوعها وتجددها لا محذور فيه .

    فهذا الجواب على تقدير أن الله خلق العالم بإرادة قديمة أو إرادة حادثة ، وأما جوابنا الذي نعتقده فهو أن الله عز وجل لم يزل مريدا بإرادات متعاقبة ، فنوع الإرادة قديم وأما إرادة الشيء المعين فإنما يريده في وقته .


    وهنا نص عزيز نفيس سأذكره لأهميته ولما فيه من عظيم الفائدة لكل مسلم :
    يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى في تفسير أول سورة أقرأ كما في مجموع الفتاوى (16/ 305 وما بعدها ) :
    " و القول الرابع أنه لم يزل مريدا بإرادات متعاقبة فنوع الإرادة قديم و أما إرادة الشيء المعين فإنما يريده فى و قته .

    و هو سبحانه يقدر الأشياء و يكتبها ثم بعد ذلك يخلقها فهو إذا قدرها علم ما سيفعله و أراد فعله في الوقت المستقبل لكن لم يرد فعله فى تلك الحال فإذا جاء و قته أراد فعله فالأول عزم و الثاني قصد .

    وهل يجوز و صفه بالعزم فيه قولان أحدهما المنع كقول القاضي أبى بكر و القاضي أبى يعلى و الثاني الجواز و هو أصح فقد قرأ جماعة من السلف : {فإذا عزمت فتوكل على الله }بالضم . و فى الحديث الصحيح من حديث أم سلمة: ( ثم عزم الله لي) و كذلك فى خطبة مسلم : (فعزم لي ).

    و سواء سمي (عزما) أو لم يسم فهو سبحانه إذا قدرها علم أنه سيفعلها فى وقتها و أراد أن يفعلها فى وقتها فإذا جاء الوقت فلا بد من إرادة الفعل المعين و نفس الفعل و لابد من علمه بما يفعله.

    ثم الكلام في علمه بما يفعله هل هو العلم المتقدم بما سيفعله؟
    و علمه بأن قد فعله هل هو الأول؟

    فيه قولان معروفان و العقل و القرآن يدل على أنه قدر زائد ، كما قال (لنعلم ) فى بضعة عشر موضعا . و قال ابن عباس : إلا لنرى .

    و حينئذ فإرادة المعين تترجح لعلمه بما في المعين من المعنى المرجح لإرادته فالإرادة تتبع العلم و كون ذلك المعين متصفا بتلك الصفات المرجحة إنما هو فى العلم و التصور ليس فى الخارج شيء .

    و من هنا غلط من قال المعدوم شيء ) حيث أثبتوا ذلك المراد فى الخارج و من لم يثبته شيئا في العلم أو كان ليس عنده إلا إرادة واحدة و علم واحد ليس للمعلومات و المرادات صورة علمية عند هؤلاء فهؤلاء نفوا كونه شيئا فى العلم و الإرادة و أولئك أثبتوا كونه شيئا فى الخارج .

    وتلك الصورة العلمية الإرادية حدثت بعد أن لم تكن و هي حادثة بمشيئته و قدرته كما يحدث الحوادث المنفصلة بمشيئته و قدرته فيقدر ما يفعله ثم يفعله .

    فتخصيصها بصفة دون صفة و قدر دون قدر هو للأمور المقتضية لذلك فى نفسه. فلا يريد إلا ما تقتضي نفسه إرادته بمعنى يقتضي ذلك و لا يرجح مرادا على مراد إلا لذلك .

    و لا يجوز أن يرجح شيئا لمجرد كونه قادر فإنه كان قادرا قبل إرادته و هو قادر على غيره فتخصيص هذا بالإرادة لا يكون بالقدرة المشتركة بينه و بين غيره .

    و لايجوز أيضا أن تكون الإرادة تخصص مثلا على مثل بلا مخصص. بل إنما يريد المريد حد الشيئين دون الآخر لمعنى فى المريد و المراد لابد أن يكون المريد إلى ذلك أميل، و أن يكون فى المراد ما أوجب رجحان ذلك الميل .

    و القرآن و السنة تثبت القدر ، و تقدير الأمور قبل أن يخلقها ، و أن ذلك في كتاب، و هذا أصل عظيم يثبت العلم و الإرادة لكل ما سيكون ، و يزيل إشكالات كثيرة ضل بسببها طوائف فى هذا المكان فى مسائل العلم و الإرادة ". انتهى بتمامه.

    ففي هذا النص النفيس العزيز ، بيان أن الله لم يزل مريدا بإرادات متعاقبة ، وأن نوع الإرادة قديم وأما إرادة الشيء المعين فإنما يريده في وقته ، وأن الإرادة تتبع العلم ، والتخصيص يكون تابعا للعلم .

    وفي منهاج السنة النبوية بحث مطول في أكثر من مائة صفحة في الرد على من قال بقدم العالم مع النقد الدقيق لطرق الرد على القائلين بقدم العالم ، وبيان الأخطاء التي وقع فيها المبتدعة في استدلالهم على من قال بقدم العالم ، وكذلك في مواضع عديدة من درء تعارض العقل والنقل الكلام على مناهج وطرق الاستدلال في مسألة قدم العالم وحدوثه .


    وبهذا يتبين خطأ قول الزميل الملحد :
    "و في الأخير قياسك قدرة العبد على قدرة الرب خطأ
    لأن قضية تأخر الفعل حتى وقوع الإرادة الجازمة في العبد معقولة
    لأن قدرة العبد كإرادته حادثة
    أما الله فلا
    فقد افترضتم قدم قدرته
    فلم تفترضون حدوث إرادته في وقت دون وقت"

    فليس صحيحا أننا قسنا قدرة العبد على قدرة الرب ، لأن هذا النوع من القياس باطل فلا يصح قياس الخالق بالمخلوق ولا المخلوق بالخالق ، وإنما هي قضية عقلية وهي أن الفعل لكي يقع من فاعله المختار لا بد أن يكون بقدرة وإرادة ، فإذا كانت القدرة تامة والإرادة جازمة والفعل مقدورا ممكنا فما الذي يمنع تخلفه ، وما ذكرناه من مثل الكتابة إنما هو مثل للتوضيح لا للقياس ، فإن الأمر ثابت لكل فاعل مختار دون حاجة لأن نستدل على وجوده في الله بوجوده في المخلوق.

    ثم أننا لم نفترض حدوث إرادة الله في وقت دون وقت ، لأننا لم نقل أن الله له إرادة واحدة حتى تسأل عن حدوثها في وقت دون وقت ، وإنما لم يزل الله مريدا بإرادات متعاقبة ، واختصاص كل إردة حادثة بشيء تابع للعلم ، ومعنى قدم قدرة الله تعالى أنه لا يكون في وقت من الأوقات غير قادر على شيء من الممكنات ، بل هو قادر علي إيجادها منذ الأزل وفي كل وقت ، ولا يختص شيء من مقدوراته بقدرة تختلف عن مقدوراته الأخرى ، بل هي قدرة عامة شاملة محيطة بكل ممكن ، وهذا معنى قدم قدرة الله تعالى ، وهو كقدم علم الله تعالى منذ الأزل ، فلا يكون في وقت من الأوقات غير عالم بشيء ثم يكون عالما به وهكذا .


    فيكون خلاصة هذا الرد:
    أن الزميل الملحد لم يجب عن الاعتراضات التي أوردتها على رده السابق جوابا علميا مفصلا وهو ما أنتظره منه إن كان يريد الاستمرار في الحوار .
    وأن خلق الله للعالم كان بقدرة قديمة ، وإرادة متجددة وأن هذا من قيام أفعال الله وصفاته الاختيارية بذاته وهو أمر مسلم لا إشكال فيه وهو موافق للكتاب والسنة وللعقل والفطرة وهو معتقد أهل السنة والجماعة بخلاف من جحد ذلك من المبتدعة .
    وأن الله عز وجل لم يزل مريدا بإرادات متعاقبة ، وأنه لم يكن معطلا عن أفعاله ثم صار فاعلا بل هو لم يزل فعالا بمشيئته يفعل بمشيئته شيئا بعد شيء ، وهذا أكمل من أن يكون أوجد كل شيء دفعة واحدة ثم صار معطلا عن الفعل والإرادة كما يزعم المعطلة ومن قال بقدم العالم .



    أخيرا :
    كنت أتمنى بعد أن تأخر رد زميلي الملحد هذا التأخر أن يكون قد رجع إلي برد مفصل على ما ذكرته يستفيد منه مناقشه وقارئه ، ولكني أسفت على أن أملي قد خيبه ما قرأته من عجالة الرد التي كتبها وهي مما لا يتصور صدورها ممن يشترط في الحوار أن يكون بين أهل الاختصاص دون غيرهم ، فإذا كان هذا نهاية وكده فعلى الاختصاص وأهله السلام ، وأرجو أن أجد نقدا مفصلا وبراهين وأدلة في رد زميلي الملحد حتى يستمر الحوار علميا منهجيا ، لا سطورا تنثر - بين اقتباساته لكلامي - لا تفي بجدية الحوار ولا أهميته.
    التعديل الأخير تم 07-31-2007 الساعة 07:00 AM

  7. #7

    افتراضي

    الزميل ابن الراوندى ..

    أحياناً يكون الصراخ معبراً عن حجم الصارخ ..
    وأحايين أخرى نرى أن حجم الحروف المكتوبة أكبر من قدرة الكاتب
    وفى كلّ من الحالين لا نعتبر فى الحكم إلا ما يقدمه الكاتب باحدى يديه من كلمات نقيس بها فهمه وعقله !!


    طلبتَ يا زميل المناظرة فأفردنا لك مكاناً وهيأنا لك متكئاً وألزمنا محاورك بمتابعة الموضوع والاطلاع على فحواه ..
    ومن ثم اقتطع محاورك بدوره وقتاً ثميناً واستفرغ طاقته كى يأتيك بردود وتفصيلات وشروح تقوم عليها براهينه ويدعم بها كلامه ..
    فإن رأيت أن كل ذلك لم يكن مقصدك من البداية وأنك أردت بتحديك المدوى عقد مناظرة "تيك أواى" فلا بأس !
    ونعتذر عن سوء فهمك ، وسنقدم اعتذارنا لمحاورك على جهده المهدر
    وسنوفر لك الحوار المناسب لقدراتك أو لطلبك الذى تفرضه طبيعة ردودك !

    أمامك فرصة واحدة لتقدم لنا اختيارك ممثلاً بالقيمة التى سيحملها ردك القادم ..


    شكراً لتفهمك
    وكمان وردة
    الملحدون حمقى إلى أن يثبت أنه لا عكس !!

  8. افتراضي

    السلام عليكم
    أما بعد ، فيا إخوة أنا في بلد غير بلدي
    يعني لا يمكنني الدخول إلا عبر مقاهي الإنترنت
    و قريبا سأعود لبلدي
    و أعدك بالرد على كل كلمة تكتبها
    بما أنك لا تريد الإختصار
    أرجو من الإدارة مراعاة موقفي

  9. افتراضي

    أنا أحب البساطة و لا أريد التعقيد
    و العضو ناصر يريدني أن أكتب مجلدات لتبيين ما أعتقده
    و لكني الآن كما وضحت لا أستطيع
    و أعدك يا ناصر بالرد على كل كلمة
    في انتظار ذلك
    هذا ردي البسيط
    و أريد جواب بسيط كبساطة السؤال
    دون تعقيدات

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    ولنجعل لهذا السؤال رقما حتى تعرف ما أطالبك به ولا يكون خافيا عليك :

    س1 : ما البرهان على التلازم بين قدم العالم ووجود الله نفيا وإثباتا بحيث يكون إثبات قدم العالم مستلزما لنفي وجود الله؟ مع ردك على ما ذكرته سابقا من أن :
    " القول بقدم العالم مع أنه قول باطل إلا أنه لا يلزم منه نفي وجود الله ، وذلك أن قدم العالم إنما ينفي تفرد الصانع بصفة القدم لا وينفي الصانع نفسه ، فيحتاج نفي الصانع إلى أمر زائد على إثبات قدم العالم ، وهو ما لا يثبت بمجرد نفي حدوث العالم " ؟
    أما جوابك فهو سهل لو تأملت ما قلته
    العالم قديم كالقدم الذي تصفونه لله
    يعني هو في غير حاجة لشيء يوجده
    فإن قلت هو في حاجة
    قلت هو كذلك في تعريفكم لقدم الله
    يعني سأسألك بطريقة أخرى
    هل وجود إلاه واحد يعني عدم إلاه آخر نفيا و اثباتا
    نعم أم لا
    جوابك لي هو جواب لك من باب أولى

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    س2: مالبرهان على أن الكون يقوم بذاته ؟
    س3: مالبرهان على التلازم بين قدم العالم وقيامه بذاته ؟
    س4: مالبرهان على أن كل قديم فإن قدمه يكون من نفسه لا من غيره؟
    هي نفس البراهين التي تستعملونها لله
    أتدري لماذا
    لأني ألزمتك بتعريفي
    فكل ما تلزمني به من براهين في الكون
    ألزمك به في الله

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    س5: ما هو البرهان على أن عدم الدليل على حدوث العالم يستلزم عدم وجود الله ؟
    إن كنت تقصد قدم الكون الذي تتحدث عنه فكلامك صحيح
    أما ما أقصده فلا ينطبق عليه
    لأن الكون إذا كان قدمه كقدم الله لم يعد في حاجة لخالق
    لأنه مستغن عن خالق
    أليس الله مستغن عن خالق ؟؟؟؟
    كذلك الكون ، فلا تلزمني لا علة و لا معلول
    لأني سألزمك به في الله

    أما قضية الإرادة و هل هي حادثة أم قديمة
    لم لا تلخص و تقول أنك ترمي :
    إلى حوادث لا أول لها
    الكون قديم بالنوع حادث بالأفراد
    و بالتالي أنا لن أقبل كلامك هذا حتى يكون عليه إجماع عليه عند المسلمين
    هل ما ذكرته عليه إجماع أم لا ؟؟؟؟؟
    إن كان لا و لا بد من لا
    فابحث عن دليل آخر لاأني سألزمك برد الأشاعرة عليكم

    و تذكر أن حديثي عن هل أن الله خلق الكون بقدرة قديمة أم حادثة
    لا يعني أني أعتقد هذا و إنما هو من باب إلزامكم بكلامكم لبيان بطلانه
    التعديل الأخير تم 08-01-2007 الساعة 08:06 PM

  10. #10

    افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ابن الراوندي مشاهدة المشاركة
    السلام عليكم
    أما بعد ، فيا إخوة أنا في بلد غير بلدي
    يعني لا يمكنني الدخول إلا عبر مقاهي الإنترنت
    و قريبا سأعود لبلدي
    و أعدك بالرد على كل كلمة تكتبها
    بما أنك لا تريد الإختصار
    أرجو من الإدارة مراعاة موقفي
    وعليكم .

    بدأت الآن مرحلة الاعتذارات المفاجئة وحكاية مقاهي الانترنت والشوق للعودة إلى البلد وقريبا يظهر لنا فلم هندي يستدر الدموع من العيون !! فهلا عرفت الإدارة ومن يحاورك بأزمتك قبل أن تأتي متحديا من يناظرك !
    وهل كتابتك من مقاهي الانترنت عذر ، فلم لا تحفظ المقالة في قرص أو تطبعها وتعود إلى بيتك وتكتب ردك على كل نقطة مهمة وتجيب على كل سؤال واعتراض ، ثم لا تحتاج عند دخول المقهى إلا إلى نسخ ردك ولصقه في المنتدى ؟ أم أن الأفكار والردود لا تمطر إلا في المقاهي ؟!

    لو كنت أعلم أنك ستكون هكذا لما رضيت في حوارك وتضييع وقتي مع من يعجز عن الرد بعذر سمج من نوع أنا لا أكتب إلا في المقاهي!! فلم تناظر إذن وأنت مسافر ولا تكتب إلا في المقاهي! رغم أن لا عذر من ترك الرد بعد ما بينته من إمكانية الكتابة في أي مكان على راحتك ثم ترسل ما كتبت عبر المقهي في دقائق محدودة معدودة .

    فإذا كنت مصرا على عذرك فلا فائدة من مناقشة من يرفض أن يرد محاوره على كل نقطة يراها حقيقة بالرد والمناقشة ، ومتى عدت إلى بلدك وصرت قادرا على المناقشة دون عذر من تلك الأعذار فحينها تعال واطلب المناظرة ودع التعذر بما لا عذر فيه .

  11. #11

    افتراضي

    أنا أحب البساطة و لا أريد التعقيد
    و العضو ناصر يريدني أن أكتب مجلدات لتبيين ما أعتقده
    و لكني الآن كما وضحت لا أستطيع
    و أعدك يا ناصر بالرد على كل كلمة
    في انتظار ذلك
    هذا ردي البسيط
    و أريد جواب بسيط كبساطة السؤال
    دون تعقيدات
    وأين التعقيدات ؟! هل صعب عليك فهم ما تقرأ وأنت من تشترط أن لا يحاورك إلا أهل الاختصاص حتى لا يضحك الناس عليه ، فما بالك الآن صرت ترى في الرد ما هو معقد على فهمك عسير عليك معرفته ، ولو كنت من أهل الاختصاص لما كان شيء مما قلت غريبا عليك جديدا على ما قرأت وعرفت. وما كتبته لا تعقيد فيه إلا أن يكون قارئه جاهلا به لا معرفة له بأصول هذه المسائل وفروعها وقد تقحم ما لا يطيقه عقله ولا يسمو إليه فكره ، ولو طالعت أي مرجع في هذه المسائل فكيف ستقول عما فيها إذا كان كلامي معقداً ؟! أم لا عهد لك بالمراجعة والبحث والقراءة فضلا عن الدراسة لما قاله المتخصصون في هذه المسائل ؟

  12. #12

    افتراضي

    أما جوابك فهو سهل لو تأملت ما قلته
    العالم قديم كالقدم الذي تصفونه لله
    يعني هو في غير حاجة لشيء يوجده
    فإن قلت هو في حاجة
    قلت هو كذلك في تعريفكم لقدم الله
    يعني سأسألك بطريقة أخرى
    هل وجود إلاه واحد يعني عدم إلاه آخر نفيا و اثباتا
    نعم أم لا
    جوابك لي هو جواب لك من باب أولى
    هذه ، وهذه :

    هي نفس البراهين التي تستعملونها لله
    أتدري لماذا
    لأني ألزمتك بتعريفي
    فكل ما تلزمني به من براهين في الكون
    ألزمك به في الله
    وهذه :
    إن كنت تقصد قدم الكون الذي تتحدث عنه فكلامك صحيح
    أما ما أقصده فلا ينطبق عليه
    لأن الكون إذا كان قدمه كقدم الله لم يعد في حاجة لخالق
    لأنه مستغن عن خالق
    أليس الله مستغن عن خالق ؟؟؟؟
    كذلك الكون ، فلا تلزمني لا علة و لا معلول
    لأني سألزمك به في الله
    كلها تلخص في كلمة واحدة أنك تزعم أن القدم هو الاستغناء عن الخالق ! أما لو كان القدم هو في الزمان بحيث لا يكون مسبوقا بالعدم فأنت تعترف بأن كلامي حينها صحيح بقولك : "إن كنت تقصد قدم الكون الذي تتحدث عنه فكلامك صحيح" وهذا الذي قصدته أنا وصححت أنت كل ما قلته على اعتباره ، فإنه هو معنى قدم الله أيضا ، فالقدم يعني عدم السبق بالعدم ، وهذا لا يستلزم عدم كونه معلولا قديما لعلة قديمة مقارنة لها في الأزل كما يقوله من يقوله من الفلاسفة كأرسطو وابن سينا والفارابي وهو قول رغم بطلانه الذي أكدناه مرارا إلا أنه ناقض لمدعاك .
    والخبر عن الله بأنه قديم ليس كالخبر عن الله بأنه هو الله ، لأن الله يتضمن جميع صفات الله عز وجل ، بينما القدم خبر عن صفة واحدة من صفات الله تعالى وهي أنه الأول ليس قبله شيء ، وأنت تظن أن كون الشيء قديما مع الله يجعله متصفا بجميع صفات الله ومنها أنه خالق لا مخلوق ، وهذا وجه المغالطة عندك ، وقد بينا أن دعواك منقوضة بدعوى غيرك فتحتاج إلى الرد عليها ببرهان وهذا ما لم تأت به حتى الآن .
    هذا كله إنما هو لو تنزلنا تنزلا وفرضنا أن العالم قديم فإنه لا يلزم منه عدم وجود الله ، فكيف والقول بقدم العالم قول سخيف لم يقل به إلا طائفة قليلة من الفلاسفة ، والعقلاء من جميع الملل وأئمة الفلاسفة على خلافه من قبل أرسطو ومن بعده ؟!

    وأكرر لك أن مفهوم القدم عندنا هو أن لا يكون الشيء مسبوقا بالعدم ، وليس معناه كما تظن شاملا لجميع ما نصف الله عز وجل به ، لأن تقدير قولك حينئذ أن العالم إله! وإذا ثبت أنه إله نفى ذلك وجود الله ، فهذا هو حاصل قولك وتصويره كاف في بيان بطلانه، وسبب الخطأ في قولك أنك ظننت أن معنى القدم شامل لكل ما يتصف الله عز وجل به ، وهو ما لا يفيده معنى القدم عندنا ، وهذا هو الذي علقت أنت التعريف به حسب ما عندنا ، فلا يتحصل مطلوبك على كل حال .
    التعديل الأخير تم 08-01-2007 الساعة 08:55 PM

  13. #13

    افتراضي

    أما قضية الإرادة و هل هي حادثة أم قديمة
    لم لا تلخص و تقول أنك ترمي :
    إلى حوادث لا أول لها
    الكون قديم بالنوع حادث بالأفراد
    و بالتالي أنا لن أقبل كلامك هذا حتى يكون عليه إجماع عليه عند المسلمين
    هل ما ذكرته عليه إجماع أم لا ؟؟؟؟؟
    إن كان لا و لا بد من لا
    فابحث عن دليل آخر لاأني سألزمك برد الأشاعرة عليكم

    أما تلخيصي فقد حكيته لك في ردي وهو :
    أن الله خلق العالم بقدرة قديمة وإرادة متجددة وأن المقتضي لاختصاص خلق الله شيئا في وقت دون وقت هو علم الله وحكمته .
    وأما ردك بأنك تشترط موافقة جميع فرق المسلمين على هذه المقولة فهو اشتراط يدل على عدم معرفتك بمعتقد أهل السنة والجماعة والذي أرد به عليك ، فأنا لا ألتزم الأصول الباطلة التي نشأت عليها الفرق الكلامية المبتدعة التي تأثرت بأصول الفلاسفة وضلالاتهم ، كتعطيل الله عز وجل عن أفعاله حتى أحدث العالم بعد زمن طويل من التعطيل ، على أن جميع فرق المسلمين عدا بعض المنتسبين إلى الفلسفة تنفي قدم العالم فلا تستطيع أن ترد بهم علينا في شيء إلا وأنت ترد على قولك بقدم العالم ، فإن القائل بقدم العالم محجوج مخصوم أين ما كان .

    واشتراطك أن يوافقنا غيرنا من ضلال المتكلمين هو ضعف في ردك وعجز عن نقض قولنا ، وإلا فأين ردك على ما قلناه من أن الله خلق العالم بقدرة قديمة وإرادة متجددة وأن المقتضي للاختصاص بخلق شيء في وقت دون وقت هو علم الله وحكمته ، وأن الله لم يزل مريدا بإرادات متعاقبة ، وأن نوع الإرادة قديم ، و أما إرادة الشيء المعين فإنما يريده فى و قته .

    أين ردك على هذا بغير التعلق بانحراف الأشاعرة والجهمية في مسائل كثيرة ألجأتهم إلى قول باطل هو تعطيل الله عن كمالاته في الأزل حتى أحدث العالم ، وهل تسلط القائلون بقدم العالم عليهم إلا بهذا !!

    وكان ينبغي أن تعرف أيها الزميل بمجرد تسجيلك في هذا المنتدى أنه خاص بمعتقد أهل السنة والجماعة فلا يصح أن تشترط علينا أن توافق أصولنا وأقوالنا ما قاله من يخالفنا في المعتقد ، هذا رغم أن كل فرقة من فرق المسلمين ترد على القائلين بقدم العالم بدلائلها وأصولها فلا تستفيد من الاحتجاج بهم شيئا في إثبات مدعاك .


    ثم أننا فوق ما سبق نتحداك أن تجيب على أسئلتنا في قدم العالم لو فرضناه قديما ، ولن تستطيع أن تدافع عن هذا القول بشيء يقبله أهل العقول فضلا عن أهل الاختصاص ، ولا زلت أنتظر ردك بالاستعداد على جواب أسئلتي ، بالإضافة إلى أسئلتي السابقة بعد تصحيح فهمك لمعنى القدم الذي عندنا وأنه ما لم يسبق بالعدم .

  14. افتراضي

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    وعليكم .

    بدأت الآن مرحلة الاعتذارات المفاجئة وحكاية مقاهي الانترنت والشوق للعودة إلى البلد وقريبا يظهر لنا فلم هندي يستدر الدموع من العيون !! فهلا عرفت الإدارة ومن يحاورك بأزمتك قبل أن تأتي متحديا من يناظرك !
    وهل كتابتك من مقاهي الانترنت عذر ، فلم لا تحفظ المقالة في قرص أو تطبعها وتعود إلى بيتك وتكتب ردك على كل نقطة مهمة وتجيب على كل سؤال واعتراض ، ثم لا تحتاج عند دخول المقهى إلا إلى نسخ ردك ولصقه في المنتدى ؟ أم أن الأفكار والردود لا تمطر إلا في المقاهي ؟!

    لو كنت أعلم أنك ستكون هكذا لما رضيت في حوارك وتضييع وقتي مع من يعجز عن الرد بعذر سمج من نوع أنا لا أكتب إلا في المقاهي!! فلم تناظر إذن وأنت مسافر ولا تكتب إلا في المقاهي! رغم أن لا عذر من ترك الرد بعد ما بينته من إمكانية الكتابة في أي مكان على راحتك ثم ترسل ما كتبت عبر المقهي في دقائق محدودة معدودة .

    فإذا كنت مصرا على عذرك فلا فائدة من مناقشة من يرفض أن يرد محاوره على كل نقطة يراها حقيقة بالرد والمناقشة ، ومتى عدت إلى بلدك وصرت قادرا على المناقشة دون عذر من تلك الأعذار فحينها تعال واطلب المناظرة ودع التعذر بما لا عذر فيه .
    بدون تعليق

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    وأين التعقيدات ؟! هل صعب عليك فهم ما تقرأ وأنت من تشترط أن لا يحاورك إلا أهل الاختصاص حتى لا يضحك الناس عليه ، فما بالك الآن صرت ترى في الرد ما هو معقد على فهمك عسير عليك معرفته ، ولو كنت من أهل الاختصاص لما كان شيء مما قلت غريبا عليك جديدا على ما قرأت وعرفت. وما كتبته لا تعقيد فيه إلا أن يكون قارئه جاهلا به لا معرفة له بأصول هذه المسائل وفروعها وقد تقحم ما لا يطيقه عقله ولا يسمو إليه فكره ، ولو طالعت أي مرجع في هذه المسائل فكيف ستقول عما فيها إذا كان كلامي معقداً ؟! أم لا عهد لك بالمراجعة والبحث والقراءة فضلا عن الدراسة لما قاله المتخصصون في هذه المسائل ؟
    بدون تعليق

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    كلها تلخص في كلمة واحدة أنك تزعم أن القدم هو الاستغناء عن الخالق ! أما لو كان القدم هو في الزمان بحيث لا يكون مسبوقا بالعدم فأنت تعترف بأن كلامي حينها صحيح بقولك : "إن كنت تقصد قدم الكون الذي تتحدث عنه فكلامك صحيح" وهذا الذي قصدته أنا وصححت أنت كل ما قلته على اعتباره ، فإنه هو معنى قدم الله أيضا ، فالقدم يعني عدم السبق بالعدم ، وهذا لا يستلزم عدم كونه معلولا قديما لعلة قديمة مقارنة لها في الأزل كما يقوله من يقوله من الفلاسفة كأرسطو وابن سينا والفارابي وهو قول رغم بطلانه الذي أكدناه مرارا إلا أنه ناقض لمدعاك .
    والخبر عن الله بأنه قديم ليس كالخبر عن الله بأنه هو الله ، لأن الله يتضمن جميع صفات الله عز وجل ، بينما القدم خبر عن صفة واحدة من صفات الله تعالى وهي أنه الأول ليس قبله شيء ، وأنت تظن أن كون الشيء قديما مع الله يجعله متصفا بجميع صفات الله ومنها أنه خالق لا مخلوق ، وهذا وجه المغالطة عندك ، وقد بينا أن دعواك منقوضة بدعوى غيرك فتحتاج إلى الرد عليها ببرهان وهذا ما لم تأت به حتى الآن .
    هذا كله إنما هو لو تنزلنا تنزلا وفرضنا أن العالم قديم فإنه لا يلزم منه عدم وجود الله ، فكيف والقول بقدم العالم قول سخيف لم يقل به إلا طائفة قليلة من الفلاسفة ، والعقلاء من جميع الملل وأئمة الفلاسفة على خلافه من قبل أرسطو ومن بعده ؟!

    وأكرر لك أن مفهوم القدم عندنا هو أن لا يكون الشيء مسبوقا بالعدم ، وليس معناه كما تظن شاملا لجميع ما نصف الله عز وجل به ، لأن تقدير قولك حينئذ أن العالم إله! وإذا ثبت أنه إله نفى ذلك وجود الله ، فهذا هو حاصل قولك وتصويره كاف في بيان بطلانه، وسبب الخطأ في قولك أنك ظننت أن معنى القدم شامل لكل ما يتصف الله عز وجل به ، وهو ما لا يفيده معنى القدم عندنا ، وهذا هو الذي علقت أنت التعريف به حسب ما عندنا ، فلا يتحصل مطلوبك على كل حال .
    مافيش فيدة
    سأعيد الشرح ببساطة أكثر عسى أن تفهم قصدي هذه المرة
    القدم الذي أتحدث عنه هو نفس القدم الذي تثبتونه لله
    ماذا يعني هذا ؟؟؟
    هل يعني أني أقصد أن الكون هو الله
    طبعا لا ، الذي أقصده هو أن الكون غير مسبوق بعدم
    يعني أنه غير معلول
    تدري لماذا ؟؟؟
    لأن افتراض شيء لا بداية له أو غير مسبوق بعدم يعني إخرجه عن دائرة الزمان فلا يوصف بقبل و لا بعد
    فالكون إن كان لم يسبقه عدم أو هو غير خاضع للزمان
    فهو في غير حاجة لخالق يخرجه من العدم إلى الإمكان
    و أنت لا زلت تفهم من كلامي هذا أن الكون يتمتع بصفة القدم مع الله و لا يلزم منه ضرورة نفي الله
    أقول هذه سفسطة لا داعي لها
    فوجود الرب مرهون بخلق العالم و إذا أثبتنا أن العالم لا يخلق بطل أن يوجد خالقه
    فهذه قضية تلازمية
    أما الفلاسفة فقالوا أن الكون مادته قديمة و صورته حادثة
    يعني أثبتوا قدما من ناحية و حدوثا من ناحية
    و بالتالي إثبات حدوث ما يدل دلالة لا لبس فيها على الإفتقار فيكون كلامهم عن احتياج العالم لخالق رغم قدمه صحيحا و لا تناقض فيه
    أما أنا فلم و لن أقول بقولهم لأن الكون قديم و لم و لن يطرأ عليه العدم
    أما تمنطقك بأن عدم الدلبل لا يعني عدم المدلول ، أقول هو قول صحيح لو كان المدلول بديهيا و الأدلة عليه متنوعة ، فبطلان واحد منها لا يعني عدم المدلول
    و أنا بدوري أسألك هنا : هل يصح هذا الكلام على وجود الله ، فنحن نتحدث عن شيء غيبي لا شيء محسوس

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناصر الشريعة مشاهدة المشاركة
    أما تلخيصي فقد حكيته لك في ردي وهو :
    أن الله خلق العالم بقدرة قديمة وإرادة متجددة وأن المقتضي لاختصاص خلق الله شيئا في وقت دون وقت هو علم الله وحكمته .
    وأما ردك بأنك تشترط موافقة جميع فرق المسلمين على هذه المقولة فهو اشتراط يدل على عدم معرفتك بمعتقد أهل السنة والجماعة والذي أرد به عليك ، فأنا لا ألتزم الأصول الباطلة التي نشأت عليها الفرق الكلامية المبتدعة التي تأثرت بأصول الفلاسفة وضلالاتهم ، كتعطيل الله عز وجل عن أفعاله حتى أحدث العالم بعد زمن طويل من التعطيل ، على أن جميع فرق المسلمين عدا بعض المنتسبين إلى الفلسفة تنفي قدم العالم فلا تستطيع أن ترد بهم علينا في شيء إلا وأنت ترد على قولك بقدم العالم ، فإن القائل بقدم العالم محجوج مخصوم أين ما كان .

    واشتراطك أن يوافقنا غيرنا من ضلال المتكلمين هو ضعف في ردك وعجز عن نقض قولنا ، وإلا فأين ردك على ما قلناه من أن الله خلق العالم بقدرة قديمة وإرادة متجددة وأن المقتضي للاختصاص بخلق شيء في وقت دون وقت هو علم الله وحكمته ، وأن الله لم يزل مريدا بإرادات متعاقبة ، وأن نوع الإرادة قديم ، و أما إرادة الشيء المعين فإنما يريده فى و قته .

    أين ردك على هذا بغير التعلق بانحراف الأشاعرة والجهمية في مسائل كثيرة ألجأتهم إلى قول باطل هو تعطيل الله عن كمالاته في الأزل حتى أحدث العالم ، وهل تسلط القائلون بقدم العالم عليهم إلا بهذا !!

    وكان ينبغي أن تعرف أيها الزميل بمجرد تسجيلك في هذا المنتدى أنه خاص بمعتقد أهل السنة والجماعة فلا يصح أن تشترط علينا أن توافق أصولنا وأقوالنا ما قاله من يخالفنا في المعتقد ، هذا رغم أن كل فرقة من فرق المسلمين ترد على القائلين بقدم العالم بدلائلها وأصولها فلا تستفيد من الاحتجاج بهم شيئا في إثبات مدعاك .


    ثم أننا فوق ما سبق نتحداك أن تجيب على أسئلتنا في قدم العالم لو فرضناه قديما ، ولن تستطيع أن تدافع عن هذا القول بشيء يقبله أهل العقول فضلا عن أهل الاختصاص ، ولا زلت أنتظر ردك بالاستعداد على جواب أسئلتي ، بالإضافة إلى أسئلتي السابقة بعد تصحيح فهمك لمعنى القدم الذي عندنا وأنه ما لم يسبق بالعدم .
    يعني تسفسط
    ألا تعلم أن أحد أعراض السفسطة الإجابة على غير السؤال
    أنا سئلتك هل ما قلته عليه إجماع عند المسلمين
    و أنت تتحدث عن شيء آخر
    و الأصل أن تقول هو إجماع عند السلفية أتباع ابن تيمية
    يعني أفراد
    أما الأشاعرة و هم السواد الأعظم أخرجتهم بقولك هذا من المسلمين
    و لذلك سأرد عليك بكلامهم ، الذي تأخذ منه ما تشاء من منطق و حجج عقلية و ترفض ماهو ناشء عن علومهم
    و هو أن الله يستحيل عليه التغير
    لأن كل متغير فهو حادث
    و هذا إفحامهم لكم فرد :
    منقول

    الرد على ابن تيمية في قوله بقيام الحوادث بالرب

    أما قوله بقيام الحوادث بذات الله تعالى فقد ذكره في كتابه الموافقة فقال ما نصه (1): " فمن أين في القرءان ما يدل دلالة ظاهرة على أن كل متحرك محدَث أو ممكن، وأن الحركة لا تقوم إلا بحادث أو ممكن، وأن ما قامت به الحوادث لم يخل منها، وأن ما لا يخلو من الحوادث فهو حادث " اهـ.

    وقال في موضع ءاخر منه ما نصه (2): "أما الشرع فليس فيه ذكر هذه الأسماء في حق الله لا بنفي ولا إثبات، ولم ينطق أحد من سلف الأمة وأئمتها في حق الله تعالى بذلك لا نفيًا ولا إثباتًا، بل قول القائل: إن الله جسم أو ليس بجسم، أو جوهر أو ليس بجوهر، أو متحيز أو ليس بمتحيز، أو في جهة أو ليس في جهة، أو تقوم به الأعراض والحوادث أو لا تقوم به ونحو ذلك كل هذه الأقوال محدثة بين أهل الكلام المحدث لم يتكلم السلف والأئمة فيها لا بإطلاق النفي ولا بإطلاق الإثبات " اهـ.

    وقال في المنهاج ما نصه: (3) :" فإنا نقول إنه يتحرك وتقوم به الحوادث والأعراض فما الدليل على بطلان قولنا؟ اهـ.

    قال أيضا ما نصه (4): "ومن قال: إن الخلق حادث كالهشامية والكرّامية قال: نحن نقول بقيام الحوادث به، ولا دليل على بطلان ذلك، بل العقل والنقل والكتاب والسنة واجماع السلف يدل على تحقيق ذلك، كما قد بسط في موضعه. ولا يمكن القول بأن الله يدير هذا العالم إلا بذلك، كما اعترف بذلك أقرب الفلاسفة إلى الحق كأبي البركات صاحب " المعتبر" وغيره" اهـ.

    وقال ما نصه (5): "بخلاف ما إذا قيل: كان قبل هذا الكلام كلام وقبل هذا الفعل فعل جائز عند أكثر العقلاء أئمة السنة، أئمة الفلاسفة وغيرهم" اهـ.

    ثم قال (6): "وأما إذا قيل: قال "كن" وقبل "كن" "كن"، وقبل "كن" "كن"، فهذا ليس بممتنع، فإن هذا تسلسل في ءاحاد التأثير لا في جنسه، كما أنه في المستقبل يقول "كن" بعد "كن"، ويخلق شيئا بعد شىء إلى غير نهاية" اهـ.

    وقال في المنهاج ما نصه (7): (فإن قلتم لنا: فقد قلتم بقيام الحرادث بالرب، قلنا لكم: نعم وهذا قولنا الذي دل عليه الشرع العقل"اهـ.

    ثم قال فيه ما نصه (8): (وقد أخذنا بما في قول كل من الطائفتين من الصواب وعدلنا عما يرده الشرع والعقل من قول كل منهما، فإذا قالوا لنا: فهذا يلزم منه أن تكون الحوادث قامت به قلنا: ومن أنكر هذا قبلكم؟ السلف الأئمة، ونصوص القرءان والسنة تتضمن ذلك مع صريح العقل وهو قول لازم لجميع الطوائف، ومن أنكره فلم يعرف لوازمه، ولفظ الحوادث مجمل فقد يراد به الأعراض والنقائص والله منزه عن ذلك، ولكن يقوم به ما شاءه ويقدر عليه من كلامه وأفعاله ونحو ذلك مما دل عليه الكتاب والسنة" اهـ.

    وقال أيضا ما نصه (9): "وأما قولهم: وجود ما لا يتناهى من الحوادث محال، فهذا بناء على دليلهم الذي استدلوا به على حدوث العالم وحدوث الأجسام، وهو أنها لا تخلو من الحوادث وما لا يخلو عن الحوادث فهو حادث، وهذا الدليل باطل عقلاً وشرعًا، وهو أصل الكلام الذي ذمه السلف والأئمة، وهو أصل قول الجهمية نفاة الصفات، وقد تبين فساده في مواضع " اهـ.

    ومعنى قوله قيام الحوادث بذات الله فهو أنه يعتقد أن الله تعالى تقوم به الحركة والسكون أي أنه متصف بالحركة والسكون الحادثين وشبه ذلك مما يقوم بذوات المخلوقين، ومن هنا يتضح قول الحافظ تقي الدين السبكي وغيره كما قدمنا أنه- أي ابن تيمية- جعل الحادث قديمًا والقديمُ حادثًا، ولم يوافق في قوله هذا أحدًا من أئمة الحديث إلا المجسمة.

    ومن العجب افتراء ابن تيمية هذا معرضا عن حجة إبراهيم المذكورة في القرآن من احتجاجه بقيام الحوادث بالقمر والكوكب والشمس على عدم ألوهيتهم، وبقيام دلائل الحدوث بهم وهو التحول من حال إلى حال.

    وقد اتبع ابن تيمية في عقيدته هذه الكرّامية شبرًا بشبر، وقد ذكر ابن التلمساني شيئًا من معتقداتهم الفاسدة التي تبنّاها ابن تيمية، فقال الشيخ شرف الدين بن التلمساني في شرح لمع الأدلة للجويني ما نصه (10): "وخالف إجماع الأمة طائفة نبغوا من سِجستان لقبوا بالكرامية نسبة إلى محمد بن كرّام، وزعموا أن الحوادث تطرأ يعني تتجدد على ذات الله، تعالى عن قولهم، وهذا المذهب نظير مذهب المجوس. ووجه مضاهاته لمذهب المجوس أن طائفة منهم تقول بقدم النور وحدوث الظلمة، وأن سبب حدوثها أن يَزْدَان فكَّر فكرة فَحَدَثَ منها شخص من أشخاص الظلمة فأبعده وأقصاه وهو هُرمز، وجميع الشر ينسب إليه. وكذلك الكرّامية تزعم أن الله تعالى إذا أراد إحداث محدَث أوجد في ذاته كافًا ونونًا وإرادة حادثة، وعن ذلك تصدر سائر المخلوقات المباينة لذاته " اهـ.

    وقال الإمام أبو المظفر الإسفراييني ما نصه (11): "ومما ابتدعوه- أي الكرَّامية- من الضلالات مما لم يتجاسر على إطلاقه قبلهم واحد من الأمم لعلمهم بافتضاحه هو قولهم: بأن معبودهم محل الحوادث تحدث في ذاته أقواله وإرادته وإدراكه للمسموعات والمبصرات، وسموا ذلك سمعًا وتبصرًا، وكذلك قالوا: تحدث في ذاته ملاقاته للصفحة العليا من العرش، زعموا أن هذه أعراض تحدث في ذاته، تعالى الله عن قولهم " اهـ.

    فتبين مما أوردناه أن ابن تيمية ليس له سلف إلا الكرامية ونحوهم، وليس كما يدعي أنه يتبع السلف الصالح، ومن المصيبة أن يأخذ مثل ابن تيمية بمثل هذه الفضيحة، فمذهبه خليط من مذهب ابن كرّام واليهود والمجسمة، نعوذ بالله من ذلك.

    وقد أجاب الإمام الحجة الإسفراييني في دحض هذه الفرية بقوله (12): "هو أن تعلم أن الحوادث لا يجوز حلولها في ذاته وصفاته لأن ما كان محلاً للحوادث لم يخل منها، وإذا لم يخل منها كان محدثًا مثلها، ولهذا قال الخليل عليه الصلاة والسلام (لاَ أُحِبُّ الآَفِلينَ) (سورة الأنعام/76)، بيَّن به أن من حلّ به من المعاني ما يغيره من حال إلى حال كان محدَثا لا يصح أن يكون إلهًا" اهـ.

    فيكون بهذا ما توسع به ابن تيمية في كتبه من تجويز قيام الحوادث به تعالى وحلولها فيه خارجًا عن معتقد أهل السنة والجماعة، أهل الحق.

    فائدة: قال سيف الدين الآمدي في كتاب غاية المرام (13) في علم الكلام ما نصه: "فالرأي الحق والسبيل الصدق والأقرب إلى التحقيق أن يقال: لو جاز قيام الحوادث به لم يخل عند اتصافه بها إما أن توجب له نقصًا أو كمالا أو لا نقص ولا كمال، لا جائر أن يقال بكونها غيرَ موجبة للكمال ولا النقصان فان وجود الشىء بالنسبة إلى نفسه أشرف له من عدمه، فما اتصف بوجود الشىء له وهو مما لا يوجب فوات الموصوف ولا فوات كمال له، وبالجملة لا يوجب له نقصًا فلا محالة أن اتصافه بوجود ذلك الوصف له أولى من اتصافه بعدمه لضرورة كون العدم في نفسه مشروفا بالنسبة إلى مقابله من الوجود، والوجود أشرف منه، وما اتصف بأشرف الأمرين من غير أن يوجب له في ذاته نقصًا تكون نسبة الوجود إليه مما يرجع إلى النقص والكمال على نحو نسبة مقابله من العدم، ولا محالة من كانت نسبته إلى ذلك وجود ذلك الوصف أشرف منه بالنسبة إلى عدمه، ولا جائز أن يقال : إنها موجبة لكماله، وإلا لوجب قدمها لضرورة أن لا يكون البارىء ناقصًا محتاجًا إلى ناحية كمال في حال عدمها، فبقي أن يكون اتصافه بها مما يوجب القول بنقصه بالنسبة إلى حاله قبل أن يتصف بها، وبالنسبة إلى ما لم يتصف بها من الموجودات، ومحال أن يكون الخالق مشروفًا أو ناقضا بالنسبة إلى المخلوق، ولا من جهة ما كما مضى" ا.هـ.


    منقول

    هذا هو قولهم أما الخلاصة التي أريد تبليغها للقارئ فهي :
    المسلمين يدعون أن وجود الله قضية خاضعة للعقل و أحكامه
    و يقولون الله خالق العقل و أحكامه
    فكيف يخضع الخالق لأحكام المخلوق
    و لذلك تناقض المسلمون فيما بينهم و لازم لهم التناقض
    يفترضون فرضا ثم يقولون بخلافه
    يقولون الله عالم غيب لا يخضع لقوانين العقل
    و بعد ذلك يحاولون حجاجك بأحكام العقل
    أقول الذي يجعل العقل حكما عليه أن يقبل به في كل الأحوال لا مرة بمرة
    التعديل الأخير تم 08-04-2007 الساعة 05:10 PM

  15. #15

    افتراضي

    رفض الزميل الملحد التعليق على ما لم يكن بحاجة للتعليق إليه وإنما كان بحاجة للوفاء بما كان واجبا عليه من الرد على الاعتراضات الواردة عليه والأسئلة الموجهة إليه ، وهذه أمور لا يجاب عنها بمقولة الدبلوماسيين " لا تعليق" ، بل أكدت هذه العبارة أن التعليق سيكون وبالا على قائله لا سامعه ، فكان نفي التعليق كتعلق الغريق بالقشة سواءا بسواء.

    ولننظر ما أتى به الزميل الملحد :
    مافيش فيدة
    سأعيد الشرح ببساطة أكثر عسى أن تفهم قصدي هذه المرة
    القدم الذي أتحدث عنه هو نفس القدم الذي تثبتونه لله
    ماذا يعني هذا ؟؟؟
    هل يعني أني أقصد أن الكون هو الله
    طبعا لا ، الذي أقصده هو أن الكون غير مسبوق بعدم
    نعم مفيش فايدة ! ليس لأن شرحك غير واضح وإنما لأنك لم تفهم حتى الآن أنني أتكلم معك على أساس أن القدم هو عدم السبق بالعدم منذ بداية النقاش ، فيكون محاولتك إيهام القارئ بأن تعريف القدم عندي هو غير التعريف الذي عندك أمرا مرفوضا ، ويكفي لبيان بطلانه ما سبق من قولي على سبيل المثال :
    وقد اطلعت على ردك فوجدتك قد ذهبت تدافع عن مقولتك التي بينتُ ما فيها من المغالطات عوضا عن تراجعك عنها ، زاعما أن مرادك منها غير الذي فهمته عنك ، وبنيتَ ذلك على تعريفك القديم بأنه غير المسبوق بالعدم وهو أمر ما كنت أفهم خلافه حتى يخفى علي من قولك
    فانظر أن ما زعمته أنت في هذا الاقتباس ورددته عليك قد عدت لتكرره ثانية فكان إعادة ردي عليك جوابا وافيا لا يحتاج إلى إحداث جديد رد على قديم زعمك .


    طبعا لا ، الذي أقصده هو أن الكون غير مسبوق بعدم
    يعني أنه غير معلول
    تدري لماذا ؟؟؟
    لأن افتراض شيء لا بداية له أو غير مسبوق بعدم يعني إخرجه عن دائرة الزمان فلا يوصف بقبل و لا بعد
    فالكون إن كان لم يسبقه عدم أو هو غير خاضع للزمان
    فهو في غير حاجة لخالق يخرجه من العدم إلى الإمكان
    نفي أن يكون العالم - رغم قدمه- معلولا يبطله من قال من الفلاسفة بخلاف ما بنيت عليه حجتك ، وواضح جدا أن اعتراضنا عليك بما قاله هؤلاء الفلاسفة إنما هو لإبطال مدعاك على كل تقدير ، فسواء قدرنا قدم العالم أو حدوثة فلا يلزم منه إنكار وجود الله تعالى ، وهذا لأنك زعمت الإجماع على العلم بذلك ، فأردنا أن نبين إنفرادك بدعوى الإجماع هذه وأنها منقوضة بقول من أثبت من الفلاسفة قدم العالم مع إنه عندهم معلول أزلي .
    ويمكنهم الرد على احتجاجك بالزمان بأن يقولوا أنه لا يمتنع أن يقدر أزلية المعلول مع علته فلا يقدر وقت إلا وكان المعلول مقارنا فيه لعلته ، والخضوع للزمان كلام لا معنى له عند التحقيق ، فإن تقدير أن يكون المعلول مع علته أزليا بحيث لا يقدر وقت إلا ويتصور فيه هذا الاقتران لا ينفي ان يكون العالم معلولا ، لأن التقدير أنه مقارن لعلته لا أنه هو العلة نفسها .
    فبهذا نكون قد ضربنا قولك بقول غيرك ، وأبطلنا دعوى الارتهان المزعوم الإجماع عليها دون تحقيق منك ، وهكذا تكون أقوال أهل الباطل ينقض بعضها بعضا .
    وأما قولنا نحن فإن بينك وبين إثبات قدم العالم خرط القتاد ، ولو التزمته فقد أوقعت نفسك في شر مأزق .

    و أنت لا زلت تفهم من كلامي هذا أن الكون يتمتع بصفة القدم مع الله و لا يلزم منه ضرورة نفي الله
    أقول هذه سفسطة لا داعي لها
    فوجود الرب مرهون بخلق العالم و إذا أثبتنا أن العالم لا يخلق بطل أن يوجد خالقه
    فهذه قضية تلازمية
    لا ، لم أفهم من كلامك ذلك ، لأن مرادك أنت أن العالم قديم قائم بنفسه غير معلول لغيره وأنه لا وجود لخالق للعالم ولا حاجة للعالم بأن يكون له خالقا لأنه قديم ! هذا هو ما أفهمه من كلامك لا ما نسبته لي من الفهم الخاطئ .
    وإنما كان ردي عليك بمقارنة قدم العالم لقدم الصانع حكاية لقول من قاله من الفلاسفة بعدما زعمتَ إجماع الناس على أن إثبات قدم العالم ينفي وجود الله ، فتنبه لهذا جيدا فقد كثر تردادك لخلافه مرارا !

    وأما أن هذه سفسطة لا داعي لها ، فكل سفسطة لا داعي لها وأولها القول بقدم العالم لأنها سفسطة حقيقية ، لكن غاب عنك أني لست من يقول بمقارنة قدم العالم لقدم الله لا على أنه معلول أزلي ولا على مقولة تعدد القدماء ، وإنما حكيت ما يعارض قولك من أقوال الفلاسفة كأرسطو والفارابي وابن سينا وغيرهم ، فإن شئت أن تجعلهم مسفسطين فهذا شأنك وشأنهم .

    وأما قولك : "فوجود الرب مرهون بخلق العالم و إذا أثبتنا أن العالم لا يخلق بطل أن يوجد خالقه
    فهذه قضية تلازمية "
    فهات البرهان على هذا التلازم المزعوم في أن نفي خلق العالم ينفي وجود الله ! فقد أطلت حقا في تأخرك عن إحضار برهان عليه ، وقد طالبتك به منذ أول النقاش ولم تفه به بعدُ!
    وهب أن العالم كله غير موجود أصلا ، فهل ينفي هذا عندنا وجود الله ؟! لا يا أيها الزميل ، فإن وجود الله عندنا لا يتوقف على وجود غيره ، فالله هو الغني الحميد ، وإذا أردت أن تنفي وجود الله فأنت بحاجة إلى أن تناقش كل دليل يدل على وجوده مناقشة علمية لا سفسطة فيها كما يفعل المسفسطين من الملاحدة ، وكيف لك أن تنكر جميع تلك الأدلة وأنت في نفسك دليل على وجود خالقك عند كل عاقل؟!
    {وفي الأرض آيات للموقنين . وفي أنفسكم أفلا تبصرون. وفي السماء رزقكم وما توعدون . فورب السماء والأرض إنه لحق مثل ما أنكم تنطقون}

    أما الفلاسفة فقالوا أن الكون مادته قديمة و صورته حادثة
    يعني أثبتوا قدما من ناحية و حدوثا من ناحية
    و بالتالي إثبات حدوث ما يدل دلالة لا لبس فيها على الإفتقار فيكون كلامهم عن احتياج العالم لخالق رغم قدمه صحيحا و لا تناقض فيه
    أما أنا فلم و لن أقول بقولهم لأن الكون قديم و لم و لن يطرأ عليه العدم
    هذا منك تقصير في حكاية الأقوال فقد حكيت بعض أقوال الفلاسفة وتركت قول من ينقض قوله قولك من القائلين بقدم العالم وأنه معلول أزلي ، وعلى قولك أن العالم قديم غير مسبوق بالعدم فتحتاج لإثبات استغناءه عن الله أن تثبت القدم للعالم أصلا وهو ما لم تستطع إثباته حتى الآن . وأن تثبت بعد ذلك تفرده بالقدم ، وأن تثبت امتناع القدم في المعلول إذا قدر مقدر مقارنته لعلته في الأزل .
    فتفضل بذكر براهينك وإثباتاتك وأرح نفسك من ثقل الدعاوى التي حملتها إياها .


    أما تمنطقك بأن عدم الدلبل لا يعني عدم المدلول ، أقول هو قول صحيح لو كان المدلول بديهيا و الأدلة عليه متنوعة ، فبطلان واحد منها لا يعني عدم المدلول
    و أنا بدوري أسألك هنا : هل يصح هذا الكلام على وجود الله ، فنحن نتحدث عن شيء غيبي لا شيء محسوس
    هذا ليس تمنطقا وإنما هو المنطق نفسه ، فعدم الدليل لا يستلزم عدم المدلول ، وتقييدك صحة هذا القول بأن يكون المدلول بديهيا وأن توجد أدلة أخرى عليه تقييد غير صحيح إذ قد يكون وجود الشيء الممكن غير بدهي ويكون عدم الدليل عليه غير دال على عدمه كما ظن من نفي وجود شمس غير شمسنا فعدم الدليل لم يستلزم هنا عدم المدلول رغم أن المدلول غير بدهي ولم تكن هناك أدلة أخرى عليه في ذلك الحين.

    وإنما التقييد الصحيح أنه لا يلزم من عدم الدليل عدم المدلول إلا إذا كان الدليل لازما من لوازم المدلول. فإنه عندها يكون عدم اللازم دليلا على عدم الملزوم ، ومثاله أن عدم الدليل على وجود صلاة سادسة مع توفر الدواعي على نقل ذلك دليل على عدم تلك الصلاة ، لأنه يلزم لو كانت هناك صلاة سادسة أن ينقل ذلك مع توفر الدواعي على نقله ، فلما عدم الدليل اللازم دل ذلك على عدم المدلول الملزوم .
    ومن هنا يتضح لك أن المخلوقات يلزم من وجودها وجود الخالق ، ولا يلزم من وجود الخالق وجود المخلوقات. وإذا كان لا يلزم من وجود الخالق وجود المخلوقات ، فكيف يلزم من عدم المخلوقات عدم الخالق أصلا !!
    وبهذا تعلم صحة ما ذكرناه عند تطبيقها في مسألة وجود الله ، فوجود الله سواءا كان بدهيا أو غير بدهي لا يلزم منه وجود غيره ، فضلا عن أن يكون عدم غيره عدما لوجود الله ! وحديثنا عن الغيبيات فيما يدل على صحته العقل والنقل لا يمنع من صحة قولنا أن عدم الدليل لا يستلزم عدم المدلول إلا إذا كان من لوازمه.



    يعني تسفسط
    ألا تعلم أن أحد أعراض السفسطة الإجابة على غير السؤال
    أنا سئلتك هل ما قلته عليه إجماع عند المسلمين
    و أنت تتحدث عن شيء آخر
    و الأصل أن تقول هو إجماع عند السلفية أتباع ابن تيمية
    يعني أفراد
    أما الأشاعرة و هم السواد الأعظم أخرجتهم بقولك هذا من المسلمين
    و لذلك سأرد عليك بكلامهم ، الذي تأخذ منه ما تشاء من منطق و حجج عقلية و ترفض ماهو ناشء عن علومهم
    و هو أن الله يستحيل عليه التغير
    لأن كل متغير فهو حادث
    و هذا إفحامهم لكم فرد :
    هذا من الزميل الملحد خروج عن الرد على ما استدللت به للتعلق بمقالات مبتدعة عند من ضل من المتكلمين ، ورغم أني لم أحتجْ في شيء مما أبطلت به قوله إلى الاحتجاج بالإجماع إلا أن الزميل الملحد أحدث شرطا غريبا ليتهرب عن الرد على حجج أهل السنة ، فاشترط أن يكون ما قلته مجمعا عليه عند جميع الفرق الإسلامية ، وهذا منه جهل أو تجاهل لحقيقة الاختلاف بين أصول أهل السنة وأصول الفرق المبتدعة ، وقد بينت ذلك فيما سلف إلا أن الزميل الملحد قد غري بالإعراض عن كثير مما كتبته كما بات واضحا عند المتتبع الناقد .

    فهب أيها الزميل الملحد أن ما قلته كله لم يجمع عليه أحد ولم يقل به أحد غيري فما ردك عليه بغير التعلق بما لا تراه مقبولا عندك أصلا وهو دعوى الإجماع ، وإن شئت أن تعتبر الإجماع حجة بيني وبينك فقد أبطلت قولك كله ، فلم يجمع أحد على قدم العالم ، ولم يجمع من قال بقدم العالم على عدم وجود الله ، وليس لديك إجماع على شيء مما ادعيته ، وجميع المسلمين مجمعون على إبطال قول الملاحدة وإن اختلفت مناهجهم في الرد عليكم ، وأما أن تأتي لترفض منهجي في الرد عليك وتعرض عنه بحجة أنه يخالف منهج فرقة أخرى من المسلمين فهذه حيلة العاجز .

    ولا عجب أن يبلغ بك الاضطراب مبلغه حين وجدت أن بضاعتك في الرد لا تروج عند أهل السنة وإنما تروج على من تلبس ببدعة الكلام وزل في بعض أصول الضلال كما وقع فيه من وقع من الأشاعرة ومن هم أشد ضلال من الأشاعرة من طوائف الجهمية ، فلما رأيت الرد عليك قد أتى على أصولك بالنقض والإبطال ، ولم تجد أصلا باطلا نوافقك عليه كما وافقتكم الجهمية على بعض أصولكم لجأت إلى حيلة رخيصة وهي الإعراض عن مناقشتي لإدخال الكلام الباطل الذي قاله الأشاعرة والأصول الباطلة التي اعتقدوها في مناقشتهم لحدوث العالم .

    ولكن هذا لا يروج على عاقل ، فإن شئت أن تناقش أشعريا فاذهب إليهم وناقشهم كما شئت ، أما نحن فكما ترى في شروط تسجيلك بالمنتدى نلتزم معتقد أهل السنة والجماعة ، فإن لم يعجبك ذلك فخذ معك بضاعتك المزجاة ، وإن أردت استمرار النقاش فهات الرد على ما نعتقده لا على ما لا نعتقده ولا نقبل به .

    ونحن لا نأخذ من الأشاعرة شيئا إنما نأخذ من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم ونستدل بالنقل الصحيح والعقل الصريح والفطرة القويمة ولا نبطل الأدلة المعتبرة ، ونأخذ الحكمة من كل أحد ونرد الباطل من كل أحد ، هذا هو منهج أهل السنة والجماعة إن أردت أن تعرفه.

    وأما ما ذهب إليه الأشاعرة أو غيرهم من إثبات حدوث العالم بالتغير والتركيب ونحو ذلك من الأدلة المبتدعة فهذه ناقشها معهم لا مع من أغناه الله عن أقوالهم بالحق الذي جاء به رسول الله صلى الله عليه وسلم واستقر في العقول الراجحة والفطر المستقيمة .

    ولهذا فأرجو من المشرف على الحوار أن يحذف البدعة الكلامية التي نقلها الزميل الملحد ولونها وكبرها لخروجها عن شروط التسجيل وشروط الحوار .

    فنحن إنما نناقش هنا إبطال دعوى الملحد أن العالم قديم مستغن عن الله ، لا الرد على بدع الجهمية وضلالاتهم وافتراءاتهم على أهل السنة والجماعة .

    ومسألة قيام الحوادث وحوداث لا أول لها كلها اصطلاحات حادثة مجملة ، والصواب أن ما يقوم بذات الله تعالى هو أفعاله وصفاته لا مخلوقاته ، وأن الله لم يكن معطلا عن فعله حتى أحدث العالم ، بل لم يزل فعال بمشيئته وقدرته وحكمته ، وكل ما سوى الله مخلوق حادث كائنا بعد أن لم يكن ، وهذا هو مراد أهل السنة والجماعة من دوام فاعلية الرب بمشيئته وحكمته مع كون كل ما سواه حادث بعد أن لم يكن ، وفي هذا رد على النص المنقول الذي اختلط على ناقله وخلط به على قارئه .

    هذا هو قولهم أما الخلاصة التي أريد تبليغها للقارئ فهي :
    المسلمين يدعون أن وجود الله قضية خاضعة للعقل و أحكامه
    و يقولون الله خالق العقل و أحكامه
    فكيف يخضع الخالق لأحكام المخلوق
    و لذلك تناقض المسلمون فيما بينهم و لازم لهم التناقض
    يفترضون فرضا ثم يقولون بخلافه
    يقولون الله عالم غيب لا يخضع لقوانين العقل
    و بعد ذلك يحاولون حجاجك بأحكام العقل
    أقول الذي يجعل العقل حكما عليه أن يقبل به في كل الأحوال لا مرة بمرة
    هذا مثال جيد على السفسطة في كلامك .
    فنحن لا نقول أن وجود الله خاضع للعقل وأحكامه ، وإنما نقول أن وجود الله يستدل عليه بأدلة كثيرة منها النقل والعقل والفطرة والحواس، واستعمال لفظة (الخضوع) هنا وفي قولك : (فكيف يخضع الخالق لأحكام المخلوق) فيه تلبيس على القارئ ومغالطة مرفوضة ، فالصحيح أن العقل يستدل به على وجود الله ، فلا يقال كيف يخضع الخالق لأحكام المخلوق وإنما يقال أن الخالق يستدل عليه بمخلوقاته ومنها العقل الذي خلقه في كل عاقل. أفهمت هذا ؟
    وبهذا يتبين لك أنه لا تناقض فيما زعمته ، وأن عبارتك المغالطية التالية :
    "يقولون الله عالم غيب لا يخضع لقوانين العقل
    و بعد ذلك يحاولون حجاجك بأحكام العقل"
    باطلة هي الأخرى ، لأننا لا نقول أن عالم الغيب لا يخضع لقوانين العقل وإنما نقول أن العقل له حدود في بحثه عن الغيب والشهادة ، فما كان خارجا عن نطاق تعقل العقل في الغيب والشهادة فينبغي أن يقف العقل عنده ، وما كان في طوقه وإمكانه فلا مانع من أن يبحث فيه العقل .
    إذن نحن إنما نعطي العقل المساحة التي يستطيع أن يكون فيها قادرا على الحكم ، وما لا يستطيع الحكم فيه فلا نجبره على الخوض فيه بالجهل الذي يرفضه العقل نفسه.

    الخلاصة :
    لم يرد الزميل الملحد حتى الآن على شيء من الأسئلة ولا أثبت شيئا من دعاويه بالبرهان المعتبر ولا غير المعتبر ، فنطالبه بأن يخصص ردا على هذه النقاط التي أعرض عنها جهلا أو تجاهلا .

    كرر الزميل الملحد ما سبق الرد عليه من مفهوم القدم ، وحكاية الارتهان المزعومة ، وأعرض عما حكيناه عن من قال بنقيض قوله .

    تهرب الزميل الملحد من مناقشة ما بيناه من معتقد أهل السنة والجماعة ، ليلزمنا بأن نناقشه بجميع ما يتعقده الأشاعرة من الباطل وإلا كنا عنده قد كفرنا الأشاعرة!! ، رغم أننا لم نحتج بشيء مما قالوه فضلا عن جميعه ،ولم نكفرهم ولا نقول بذلك أصلا ، وكان الإنصاف أن يناقش الزميل الملحد ما نقوله لا ما لا نقوله من بدع الجهمية .

    تلاعب الزميل الملحد بالألفاظ ليحاول إظهار أن المتناقض هم المسلمون وليس غيرهم ، وهو تلاعب مرفوض ، فالعقل وسيلة معتبرة ودليل يستدل به ولسنا نرد دليل العقل الصريح وإنما نرد ما كان العقل والنقل يرده ويبطله ، ومما يرده العقل التلاعب بالألفاظ كما يفعله الزميل الملحد .
    التعديل الأخير تم 08-07-2007 الساعة 12:49 AM

صفحة 1 من 2 12 الأخيرةالأخيرة

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المواضيع المتشابهه

  1. الفيزياء ووجود الخالق (2) : أدله وجود الخالق
    بواسطة صادق في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 14
    آخر مشاركة: 09-29-2011, 01:19 AM
  2. اثبات وجود الخالق - (ابن الراوندى وناصر الشريعة)
    بواسطة ابن الراوندي في المنتدى قسم الحوار عن المذاهب الفكرية
    مشاركات: 51
    آخر مشاركة: 05-15-2011, 02:50 AM
  3. سؤال: هل نحتاج اثبات لوجود الخالق
    بواسطة سيف العرب في المنتدى قسم الحوار العام
    مشاركات: 11
    آخر مشاركة: 07-14-2009, 05:47 PM
  4. اثبات وجود الله
    بواسطة سليمان الخراشي في المنتدى سليمان الخراشى
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 04-28-2005, 02:08 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

Bookmarks

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
شبكة اصداء