ان ارتد وهو لايعلم فكيف يرجع للاسلام ؟

[محمد ابو كريم]

احد الافاضل طرح هذا الموضوع فى ملتقى فقهى لكن لم يجد من يجيبه ولاهميته طرحته فى هذا المنتدى وظنى ان معظم من فيه من المشتغلين والمهتمين بالعقيده والسؤال هو

معلوم ان من ارتد متعمدا ان اراد الرجوع للاسلام يلزمه النطق بالشهادتين ولكن هناك من يرتد ولايدرى انه مافعله او قاله كفرا ارتد به عن الاسلام مثل الهازل فقد اجمع اهل العلم ان من قال كلمة من المكفرات هازلا فقد ارتد والاشكال هنا انه ربما كان هذا الشخص لايدرى ان ماقاله مكفرا وهو باعتباره مسلم يصلى ويقرا القرآن ويردد الاذان ونحوه وهى عبادات مشتمله على الشهادتين فهل اعمال الطاعه تعتبر عودة للاسلام ام لابد من الاتيان بالشهادتين بنية الرجوع للاسلام
فان قيل لابد من الاتيان بالشهادتين بنيه الرجوع قلنا الرجل لايعلم انه ارتد وربما صار من العباد ايظل طوال عمره فى عباده ولايدرى انه كافر
وان قيل الاعمال الصالحة تعتبر عودة للاسلام قلنا كيف وقد تعلمنا ان عمل الكافر محبط غير مقبول

ارجو المعاونة فى رد هذا الاشكال


وهذا رابط الموضوع لصاحبه الاصلى




http://feqhweb.com/vb/t16746.html

[ماكـولا]

وان قيل الاعمال الصالحة تعتبر عودة للاسلام قلنا كيف وقد تعلمنا ان عمل الكافر محبط غير مقبول

الاعمال الصالحة تعتبر عودة للاسلام بالنسبة لمن جهل عظيمة ما وقع فيه , وهي باعتبار توبة لما اقدم , ولما قام من قلبه من الخشية والانابة والاقبال والندم العام , والدعاء , وطلب المغفرة من الذنوب جميعها , ما علم منها وما لم يعلم , وكان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم كما عند في البخاري في الادب المفرد " اللهم اني أسألك من الخير كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأعوذ بك من الشر كله عاجله وآجله ما علمت منه وما لم أعلم وأسألك الجنة وما قرب إليها من قول أو عمل وأعوذ بك من النار وما قرب إليها من قول أو عمل " , وفي رواية يقول " اللهم اغفر لي ما علمت وما لم أعلم " , وكان من دعائه ان يقول " اللهم اغفر لي ما أسررت وما أعلنت " كما عند النسائي .

والكفر الذي يؤاخذ به العبد في مثل هذه الحالة لا بُدّ فيه من ادرك لمقام ما اقترفه من جريرة التعدي بالاستهزاء بالله ورسله وشعائره , حتى يؤاخذ به ؛ فلا يُشترط جهالته بالعاقبة , فقد قال الله " يا أيها الذين آمنوا لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون "
قال الطبري " وقوله( أن تحبط أعمالكم ) يقول: أن لا تحبط أعمالكم فتذهب باطلة لا ثواب لكم عليها، ولا جزاء برفعكم أصواتكم فوق صوت نبيكم، وجهركم له بالقول كجهر بعضكم لبعض.... وقوله( وأنتم لا تشعرون ) يقول: وأنتم لا تعلمون ولا تدرون. " , وهذا يدل على ان الحبوط حبوطان ! حبوط كلي , وحبوط جزئي , فالحبوط الكلي؛ هو الحبوط الكفري المخرج من الملة , والحبوط الجزئي هو ؛ الحبوط العملي , كمثل قوله صلى الله عليه وسلم "من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله " , وما كان في معناه .
وقد نقل القرطبي في تفسيره " قال الزجاج: " أن تحبط أعمالكم " التقدير لان تحبط، أي فتحبط أعمالكم، فاللام المقدرة لام الصيرورة، وليس قوله: " أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون " بموجب أن يكفر الانسان وهو لا يعلم، فكما لا يكون الكافر مؤمنا إلا باختياره الايمان على الكفر، كذلك لا يكون المؤمن كافرا من حيث لا يقصد إلى الكفر ولا يختاره بإجماع , كذلك لا يكون الكافر كافرا من حيث لا يعلم."

وقد علق الحافظ بن حجر في الفتح مسألة على قوله تعالى "وانتم لا تشعرون" واجاب عنها , فقال " فإن قيل قوله : ( وأنتم لا تشعرون ) يقتضي المؤاخذة بالعمل الذي لا قصد فيه . فالجواب أن المراد وأنتم لا تشعرون بالإحباط لاعتقادكم صغر الذنب ، فقد يعلم المرء الذنب ولكن لا يعلم أنه كبيرة ، كما قيل في قوله " إنهما ليعذبان وما يعذبان في كبير " أي : عندهما ، ثم قال " وإنه لكبير " أي : في نفس الأمر . وأجاب القاضي أبو بكر بن العربي بأن المؤاخذة تحصل بما لم يقصد في الثاني إذا قصد في الأول ؛ لأن مراعاة القصد إنما هو في الأول ثم يسترسل حكم النية الأولى على مؤتنف العمل وإن عزب القصد خيرا كان أو شرا . والله أعلم . "

ويؤيد هذا قوله صلى الله عليه وسلم " وإن أحدكم ليتكلم بالكلمة من سخط الله ما يظن أن تبلغ ما بلغت فيكتب الله عليه بها سخطه إلى يوم يلقاه " , وفي رواية وهو موافق لتعليل المستهزئين من الركب في قوله "يا رسول الله انّا كُنّا نتحدث حديث الركب .." فكان النبي صلى الله عليه وسلم يرد عليهم بقوله " قل أبالله وآياته ورسوله كنتم تستهزؤون "
فالظاهر انهم يعلمون انه من الاستهزاء بشعار الله واياته الا انهم لا يظنون انها بلغت بهم ما بلغت من الكفر ! .
وعلى هذا التفصيل تتضح الرؤية .
والله اعلم .