مشاهدة تغذيات RSS

أدناكم عِلما

يا أيها الملحد: الكون بكل ما فيه مسخر لخدمة البشر

تقييم هذا المقال
اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسين اليحياوي مشاهدة المشاركة
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله تعالى من شرور انفسنا وسيئات أعمالنا أما بعد :
أحببت أن أجمع هذا الموضوع واضعه في هذا المنتدى الطيب، لأشير إلى نقطة لطالما حاول الملاحدة إنكارها والهروب من إلزاماتها
قضية أن الكون بكل ما فيه مسخر لخدمتنا نحن البشر.

كل ما في الكون مسخر لخدمة البشر

إنه لمن المدهش حقا أن يكون هذا الكون الشاسع الهائل بكل ما فيه من أجرام سماوية، ومخلوقات أرضية، مسخر تسخيرا خاصا لخدمتنا نحن البشر.

لقد كانت هذه الفكرة سائدة في الأوساط الأوربية في القرن السابع عشر قبل ظهور الثورة العلمية، فقد اعتبروا الإنسان مركز الكون، وعلى إثر الثورة الأوربية، تغيرت هذه النظرة للإنسان بعد نظريات لابلاس ونيوتن وغيرهم، ليجعلوا من الإنسان موجودا حقيرا في هذا الكون الهائل الشاسع، ويجعلوا من كوكب الأرض كوكبا تافها، كتفاهة حبة الرمل إذا ما قورنت بشواطئ البحار.

وجاءت بعدها الفيزياء الحديثة لتهدم وتنقض أفكار القرنين الماضية، وتضع بين أيدينا نظرة أكثر علمية وأكثر دقة لهذا الكون البديع.

وسأترك الحديث لهم، أساطين علماء الغرب، ليشرحوا لنا كيف تحولت تلك النظرة للإنسان وأعادت له سيادته وتمركزه الغائي للكون.

يقول مؤلف كتاب العلم من منظوره الجديد :«وهكذا بعد أن كان الإنسان يعتبر مخلوقاً يسكن كوكباً متواضعاً يدور حول نجم لا شأن له في مجرة تحوى 100 مليار نجم آخر، أصبح الآن يقوم بدور المشارك في مسرحية كونية عظيمة ، هذا إلى جانب جميع الأحداث الكونية بدءاً بالانفجار العظيم فصاعداً كانت قد صممت بحيث تسمح بوجود مخلوقات واعية في مكان ما من الكون المتمدد وفي حقبة من حقب تاريخه . كل هذه أدلة تحمل في طياتها الإقناع الكافي بنشوء تصور كوني جديد للعالم. فالنظرة القديمة هي في سبيل إفساح المجال أمام نظرة جديدة تركز على الإنسان بوصفه مراقباً ومشاركاً واعياً وتفرد للعقل وللعمليات الذهنية مكانة تضاهي مكانة العالم المادي.[1]«

ويقول أندرو كونواي ايغي أحد أشهر علماء الطبيعة في أوائل القرن العشرين

«ففي علم وظائف الأعضاء تدل خياشيم الأسماك على أسبقية الماء، كما تدل أجنحة الطيور ورئات الإنسان على أسبقية الهواء، وتدل أعين الإنسان على أسبقية الضوء، كما يدل حب الاستطلاع العلمي على أسبقية الوقائع، وكما تدل الحياة على أسبقية القانون الطبيعي اللازم لنشأتها. وإنني أتساءل الآن: أفلا يدل التدبر العميق والتفكير الصافي والشجاعة العظمى والواجب الأعظم والإيمان الكبير والحب العميق أقول أفلا يدل كل أولئك على شيء سابق؟ من الحماقة أن نظن أن أعمق الأفكار والعواطف والأعمال التي نشاهدها في الإنسان لا تدل على شيء سابق. إنها تدل على أسبقية وجود عقل علوي. إنها تدل على وجود خالق يتجلى في خبرة أولئك الذين لا يضعون الحواجز في طريق عقولهم عند البحث عن العقل الأسمى أو الخالق الأعلى»[2].
ويشير ستيفن هوكنغ، أحد أعظم عباقرة القرن الواحد والعشرين، وهو لا يزال على قيد الحياة يشير إلى المبدأ الإنساني لدى تصديه للتساؤل عن مبررات القول إن الكون يتمدد بمعدل السرعة المناسب تماماً لتفادي انهيار آخر فيقول« إن التفسير الوحيد الذي نستطيع أن نقدمه يستند إلى رأي طرحه ديك 1961 وكارتر 1970، وهو أن هناك ظروفاً معينة ضرورية لتطور كائنات حية عاقلة: ففي كل الأكوان الممكن تصورها لن توجد كائنات تشاهد الكون إلا حيث تتوفر هذه الظروف. ولذلك يقتضي وجودنا أن تكون للكون خواص معينة. ومن ضمن هذه الخواص في ما يبدو وجود نظم متماسكة بفعل الجاذبية كالنجوم والمجرات، وفترة زمنية متطاولة تكفي لحدوث تطور بيولوجي. فلو كان الكون يتمدد ببطء مفرط لما كانت له هذه الخاصية الثانية لأنه كان سينهار سريعاً من جديد. ولو كان يتمدد بسرعة مفرطة لكانت المناطق التي تزيد كثافتها عن المتوسط زيادة طفيفة، أو التي تكون سرعة تمددها أقل بقليل، ستظل تتمدد إلى ما لا نهاية بحيث لا تشكل نظماً متماسكة. وهكذا يبدو أن الحياة ممكنة لا لشيء إلا لأن الكون يتمدد بالسرعة المطلوبة بالضبط لتفادي انهيار آخر.
ونخلص من ذلك إذاً إلى أن خواص الكون ووجودنا، كليهما، نتيجتان لتمدد الكون بمعدل السرعة الحرجة تماماً. وحيث إننا لم نكن نستطيع أن نشاهد العالم في شكل آخر، لو لم نكن هنا، فإن في وسع المرء أن يقول إن توحد خواص الكون هو، بمعنى ما، نتيجة مترتبة على وجودنا»[3]
حسب قول ستفين هوكنغ فإن النظرة القديمة أصبحت متجاوزة، ذلك أنها كانت تعتبر أن أي شيء في الكون يفضي إلى الحياة هو من باب الصدفة، وأن الكون، سواء أكان له معنى أم لم يكن، كان على أي حال سيظهر إلى حيز الوجود ويجري مجراه حتى لو كانت الظروف الثابتة والأولية تحول إلى الأبد دون تطور الحياة والوعي. فالحياة جاءت اتفاقاً وهي طارئة على آلية الكون
أما البديل فهو أن ننظر إلى الكون على أنه يستهدف الحياة والإنسان. «وهذا يتطابق مع ما يطلق عليه كارتر اسم «المبدأ الإنساني القوي» الذي يقول إن الكون وبالتالي الثوابت الجوهرية التي يتوقف عليها لابد من أن يكون بحيث يسمح بقبول مراقبين داخلة في مرحلة ما»[4].

إن خواص المادة، على أصغر نطاق وعلى الكون كله، تبدو مناسبة للحياة ملائمة مدهشة، وتوجد على ذلك شواهد كثيرة، بل إن حدوث أدنى زيادة أو نقصان في الكمية الثابتة يجعل من الحياة في كل حالة أمراً مستحيلاً.

وسأعرض بعضا من هذه الشواهد التي تؤكد أن كل ما في الكون مسخر لخدمة الإنسان.



* * *



زمن الكون وضخامته شرطان أساسيان لوجودنا[5]:

أي معنى يمكن استخلاصه من الحديث عن «الكون» ما لم يكن هناك أحد واعياً لوجوده، إنه التساؤل الذي طرحه ويلر، ثم أردف قائلا :ولكن الوعي يتطلب الحياة، والحياة أياً كان تصورنا لها، تتطلب عناصر ثقيلة، وعملية إنتاج عناصر ثقيلة من الهيدروجين الأصلي تتطلب احترافاً نووياً حرارياً، وهذا أمر يتطلب بدوره طبخاً في باطن النجم يستغرق مدة تساوي عدة مرات حاصل ضرب الرقم 10 في نفسه 9 مرات من السنين. ولكن لكي يمر على الكون مثل هذه المدة من الزمن فلابد من أن يكون له، وفقاً للنسبية العامة، امتداد في المكان يقرب مما يقطعه الضوء في حاصل ضرب الرقم 10 في نفسه 9 مرات من السنين. فلماذا يكون العالم إذاً بهذه الضخامة؟ لأننا موجودون فيه، إنه قلب مذهل لتصور النظرة القديمة، فضخامة الكون تعتبر سبباً في جعل الحياة ممكنة.

ويشير جورج غرينشاين إلى أن الكون لو لم يكن بالصفات التي هو عليها الآن لما كانت هناك حياة يقول: «الفضاء الشاسع الموجود في السماء هو شرط أساسي لوجودنا»[6] .



* * *



الروابط داخل الذرة يجب أن تكون على ما هي عليه كي تصبح الحياة ممكنة[7]:

يبين الفيزيائي فريمان دايسن كيف أن القوى التي تربط بين النيوترونات والبروتونات في نواة الذرة لابد من أن تكون حتى هي على ما هي عليه كيما تصبح الحياة ممكنة، يقول: «لو أن القوى النووية كانت أقوى بقدر طفيف مما هي عليه لوجد الدبروتون، ولا تحد كل الهيدروجين المودة في الكون تقريباً، متحولاً إلى دبروتونات أو نوى أثقل، ولكان الهيدروجين عنصراً نادراً، وتعذر وجود نجوم كالشمس تعيش طويلاً باحتراق الهيدروجين في قلوبها احتراقاً بطيئاً. ومن جهة أخرى، لو كانت القوى النووية أضعف بقدر ملحوظ مما هي عليه الآن لما أمكن احتراق الهيدروجين مطلقاً، ولما كنت هناك عناصر ثقيلة، وبالتالي لما وجدت الحياة. فإذا كان تطور الحياة، كما يبدو مرجحاً، يتطلب نجماً كالشمس يزود طاقة بمعدل ثابت طوال مليارات السنين فمعنى ذلك أن شدة القوى النووية كان لابد لها من أن تنحصر في نطاق السنين فمعنى ذلك أن شدة القوى النووية كان لابد لها من أن تنحصر في نطاق ضيق نوعاً ما لجعل الحياة ممكنة.

وأيضا لو تبدلت القوانين بحيث لا تتوقف الإلكترونيات عن استبعاد بعضها بعضاً لما بقيت أي عملية من العمليات الكيماوية الأساسية التي نعرفها

وبعد أن استعرض دايسن هذا النمط العريض ينتهي إلى أن ذلك يدل على غاية مستهدفة، لا على الصدفة، قائلاً: «كلما ازددت دراسة للكون وفحصاً لتفاصيل هندسية وجدت مزيداً من الأدلة على أن الكون كان يعرف بطريقة ما أننا قادمون».

لقد أكد العلماء أن كل ما في الكون من أول لحظات الانفجار الكبير إلى سرعة توسع الكون إلى طريقة الترابط بين الذرات إلى غيرها من العوامل كلها كانت مساعدة ميسرة لوجود حياة على كوكب واحد، هو كوكب الأرض، ويجب أن ننظر إلى الكون على أنه يستهدف الحياة والإنسان.
والكون الذي يستهدف ظهور الإنسان يستلزم بداهة وجود تدبير يوجهه، لأن المادة لا تستطيع من تلقاء نفسها أن تهدف إلى أي شيء، ومن هنا فالنظرة الجديدة تقود مرة أخرى إلى الاعتقاد بوجود مدبر يوجه الكون بأكمله وجميع نواميس الطبيعة وجميع خواص المادة إلى هدف، إنه الله سبحانه وتعالى.
إن نظريات نيوتن وجميع الأجزاء الأخرى من الفيزياء الكلاسيكية التي صيغت على نسقها انطلقت من الافتراض القائل إن المرء يستطيع أن يصف العالم من غير التحدث عن الله أو عن أنفسنا، أي أننا نعيش في عالم ليس وراءه مدبر يدبره، ولكن النظرة الجديدة تبين أن العكس هو الصحيح في كلتا الحالتين، فالانفجار العظيم والمبدأ الإنساني كلاهما يشير إلى وجود مدبر حكيم عليم في كل أطراف الكون.
فإذا تأمل الإنسان بفكره وعقله في بعض جزئيات هذا العالم المسخر لمصالحه والتي عليها استقرار حياته، كفاه ذلك دليلاً واضحا، وحجة بينة على أن هذا العالم مخلوق لخالق، حكيم قدير عليم قد قدر هذا العالم، فأحسن تقديره، ونظمه فأتقن تنظيمه.



هاقد أكدت لنا العلوم الحديثة أن الكون فعلا مسخرا تسخيرا كاملا لخدمة البشر، فهل سنرى في الحوارات القادمة مشاغبات من طرف الملاحدة في هذه القضية ... أتمنى أن يتحلى زملاؤنا بالموضوعية وقبول الحق

جمع وترتيب أبو عمر الأنصاري




---------------------------------

[1] العلم من منظوره الجديد - ص 12

[2] الله يتجلى في عصر العلم - كريسى موريسون - ج 2 ص 156

[3] العلم من منظوره الجديد - ص 61

[4] المرجع السابق – ص 61 - 62

[5] المرجع السابق ص 63

[6] مقال النظام الدقيق في الكون - هارون يحيى – موقع الإعجاز العلمي في القرآن والسنة

[7] ينظر العلم من منظوره الجديد 62 - 63

أرسل "يا أيها الملحد: الكون بكل ما فيه مسخر لخدمة البشر" إلى Google أرسل "يا أيها الملحد: الكون بكل ما فيه مسخر لخدمة البشر" إلى Digg أرسل "يا أيها الملحد: الكون بكل ما فيه مسخر لخدمة البشر" إلى del.icio.us أرسل "يا أيها الملحد: الكون بكل ما فيه مسخر لخدمة البشر" إلى StumbleUpon

التصانيف
غير مصنف

التعليقات

شبكة اصداء